الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعراق، وخراسان (1)، رواهما سعيد.
(وسن رباط) في سبيل اللَّه، لحديث سلمان مرفوعًا:"رباط ليلة في سبيل اللَّه خير من صيام شهر وقيامه، فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان"(2) رواه مسلم.
(وأقلُّه ساعة)، قال أحمد (3): يوم رباط، وليلة رباط، أو ساعة رباط. وسمي المقام بالثغور رباطًا، لأن هؤلاء يربطون خيولهم، وهؤلاء يربطون خيولهم، والثغر: كل مكان يخيف أهله العدو، ويخيفهم (4).
(وتمامه) أي الرباط (أربعون يومًا) رواه أبو الشيخ مرفوعًا (5)، وأفضله ما كان أشد خوفًا، وهو أفضل من المقام بمكة. والصلاة بالمساجد الثلاثة أفضل من الصلاة فيه.
تتمة:
تجب الهجرة على كل عاجز عن إظهار دينه، بمحل يغلب فيه حكم كفر، أو بدع مضلة، لقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ. . .} (6) الآية.
(1) سنن سعيد بن منصور (2/ 209، 210) وحديث ابن عمر أخرجه -أيضًا- أبو داود، في الجهاد، باب في التولي يوم الزحف (3/ 156) والترمذي، في الجهاد، باب ما جاء في الفرار من الزحف (4/ 215) وقال: حسن. وأثر عمر أخرجه -أيضًا- عبد الرزاق، كتاب الجهاد، باب الفرار من الزحف (5/ 252)، وابن أبي شيبة، (12/ 536).
(2)
مسلم، الإمارة (3/ 1520).
(3)
"الشرح الكبير"(10/ 28).
(4)
ينظر: "الكليات"(ص 328).
(5)
وأخرجه أيضًا الطبراني في الكبير (8/ 157) عن أبي أمامة وزاد: "ومن رابط أربعين يومًا لم يبع، ولم يشتر، ولم يحدث حدثًا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 290) وفيه أيوب بن مدرك، وهو متروك. ورواه ابن أبي شيبة (5/ 328) عن مكحول مرسلًا، بدون زيادة.
(6)
سورة النساء، الآية:97.
إن قدر عليها، لقوله تعالى:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ. . .} (1) إلى آخر الآية. وعنه صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من مسلم بين مشركين، لا ترى ناراهما"(2) رواه أبو داود والترمذي. أي لا يكون بموضع يرى نارهم به، ويرون ناره إذا أوقدت.
وسن هجرة لقادر على إظهار دينه، بنحو دار كفر، ليتخلص من تكثير الكفار، ويتمكن من جهادهم، وعلم مما تقدم: بقاء حكم الهجرة، لحديث:"لا تنقطع الهجرة بعد الفتح"(3) أي من مكة.
(وعلى الإمام منع مخذِّل) أي: منفر (4) للناس عن الغزو، ومزهدهم في القتل والخروج إليه، كقوله: الحر والبرد شديد، أو المشقة شديدة، أو لا تؤمن هزيمة الجيش (و) عليه منع (مرجف) كمن يقول: هلكت سرية المسلمين، ولا طاقة لهم بالكفار، ونحوه. وعليه منع مكاتب بأخبارنا، ومعروف بنفاق، وصبي ولو مميزًا، أو نساء إلا عجوزًا لسقي ماء ونحوه.
وتحرم استعانة بكافر، إلا لضرورة، أو بأهل الأهواء في شيء من أمور
(1) سورة النساء، الآية:98.
(2)
أبو داود، في الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود (3/ 104، 105) والترمذي، في السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين (4/ 155) عن جرير بن عبد اللَّه، بلفظ:"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، قالوا: يا رسول اللَّه ولم؟ قال: "لا ترايا ناراهما".
(3)
كذا ذكر المؤلف هذا الحديث. وهو خطأ. ونص سياق الحديث في "شرح المنتهى"(2/ 94): لحديث: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة. ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه أبو داود. وأما حديث: "لا هجرة بعد الفتح" أي مكة. اهـ وحديث: "لا تنقطع الهجرة حتى تطلع الشمس. . . " أخرجه أبو داود، في الجهاد، باب في الهجرة (3/ 7) عن معاوية وحديث:"لا هجرة بعد الفتح" أخرجه البخاري، الجهاد، باب فضل الجهاد (3/ 199) وغيره عن ابن عباس. ينظر لشرحه:"لعبرة مما جاء في الغزو والشهادة والهجرة" لصديق حسن (ص 220).
(4)
بهامش الأصل: لعله: (مفند) وهو كذلك في "شرح منتهى الإرادات"(2/ 103).
المسلمين، لأنهم دعاة، واليهود والنصارى لا يدعون إلى أديانهم.
(وعلى الجيش) أي: يلزمهم (طاعته) أي: طاعة الإمام، أو الأمير، برأيه وقسمته الغنيمة، وإن خفي عليه صواب عرفوه، ونصحوه، لقوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1)، ولحديث:"من أطاعني فقد أطاع اللَّه، ومن عصاني فقد عصى اللَّه، ومن عصى أميري فقد عصاني"(2). رواه النسائي، ولحديث:"الدين النصيحة"(3)(و) عليهم (الصبر معه) لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} (4). وقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (5). ولأنه من أقوى أسباب النصر والظفر.
(وتمُلك الغنيمةُ باستيلاء عليها) ولو (في دار حرب) لأن الاستيلاء التام سبب الملك، وقد وجد، لثبوت أيدينا عليها حقيقة، ولزوال ملك كفار عنها، لأنه لا ينفذ عتقهم لعبد منها، والملك لا يزول إلى غير مالك.
ويجوز قسمتها بدار الحرب، وبيعُها، فلو غلب عليها العدو بمكانها فمن مال مشتر فرط أو لا، لحديث:"الخراج بالضمان"(6)، وشراء الأمير لنفسه منها، إن وكل من يُجهل أنه وكيله، صح، وإلا حرم، للمحاباة، وتضم غنيمة سرايا الجيش إلى غنيمته.
(1) سورة النساء، الآية:59.
(2)
سنن النسائي، البيعة باب الترغيب في طاعة الإمام (7/ 154) عن أبي هريرة وفيه زيادة:"ومن أطاع أميري فقد أطاعني".
وأخرجه -أيضًا- البخاري، في الجهاد، باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به (4/ 8)، ومسلم، في الإمارة (3/ 1466).
(3)
مسلم، في الإيمان (1/ 74).
(4)
سورة آل عمران، الآية:200.
(5)
سورة البقرة، الآية:153.
(6)
يأتي في البيوع (ص 680).
ويبدأ في قسم بدفع سلب إلى مستحقه، ثم بأجرة جمع (1) وحفظها وحملها، ثم يخمس الباقي على خمسة أسهم (فيُجعل خُمسها خمسة أسهم) أيضًا (سهم للَّه ولرسوله) صلى الله عليه وسلم مصرفه كالفيء في مصالح المسلمين (وسهم لذوي القربى: وهم بنو هاشم و) بنو (المطلب) بن عبد مناف، دون غيرهم من بني عبد مناف، لحديث جبير بن مطعم قال:"لما قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب، بقيت أنا وعثمان بن عفان، فقلنا: يا رسول اللَّه، أما بنو هاشم، فلا ننكر فضلهم، لمكانك الذي وضعك اللَّه به منهم، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة؟ ! فقال: "إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد"، وشبك بين أصابعه (2). رواه أحمد، والبخاري.
ولا يستحقه منه مولى لهم، ولا من أمه منهم دون أبيه، يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنهم يستحقون بالقرابة، كالميراث، غنيهم وفقيرهم فيه سواء، لعموم الآية (3)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي أقاربه كلهم وفيهم الغني، كالعباس (وسهم لليتامى الفقراء) وهم من مات أبوه ولم يبلغ، لحديث:"لا يتم بعد احتلام"(4) واعتبر فقرهم، لأن الصرف إليهم لحاجتهم، ويسوى فيه بين ذكرهم وأنثاهم (وسهم للمساكين) أي: أهل الحاجة، فيدخل فيهم الفقراء (وسهم لأبناء السبيل) فيعطون، كما يعطون في زكاة.
(1) أي: جمع الغنيمة. "شرح المنتهى"(2/ 113).
(2)
أحمد (4/ 81) والبخاري، في فرض الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام (4/ 56) وفي المغازي، باب غزوة خيبر (5/ 79).
(3)
(4)
أبو داود، في الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم (3/ 293) عن علي بن أبي طالب.
(وشرُط في) سهم (من يسهم له: إسلام) لأنه عطية من اللَّه تعالى، فلا حق لكافر فيه، كزكاة.
ومن فيه سببان فأكثر، ممن يستحق من الخمس، أخذ بها (ثم يقْسمُ) إمامٌ (الباقي) بعد ما ذكر (بين من شهد الوقعة) أي: الحرب، لقصد قتال، قاتل أو لم يقاتل، أو بعث في سرية، أو لمصلحة، كرسول، ودليل، ونحوهما، فيقسم (للراجل) ولو كافرًا (سهمٌ، وللفارس على فرس عربي) ويسمى: العتيق (ثلاثة) أسهم، سهم له، وسهمان لفرسه، لحديث ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم: سهمان لفرسه، وسهم له (1). متفق عليه.
(و) للفارس (على) فرس (غيره) أي: غير العربي، كالهجين: وهو ما أبوه فقط عربي، أو مقرف: وهو ما أمه فقط عربية، أو برذون: وهو ما أبواه نبطيان (2)(اثنان) سهم له، وسهم لفرسه، لحديث مكحول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفرس العربب سهمين، وأعطى الهجين سهمًا (3). رواه سعيد.
(ويُقسم لحرٍّ) لا لعبد لم يأذن له سيده في غزو، ولعصيانه (مسلم) فلا يقسم لكافر لم يأذن له الأمير. مكلَّف، فلا يقسم لصبي ولا مجنون، لأنهما لا يصلحان لقتال (ويرضخ لغيرهم) أي غير من يقسم له، وهو: العطاء دون السهم، لمن لا سهم له من الغنيمة، فيرضخ لمميز، وعبد، وخنثى، وامرأة، على ما يراه الإمام أو نائبه، ولا يرضخ الكافر.
(1) البخاري، في الجهاد، باب سهام الفرس (3/ 218) وفي المغازي، باب غزوة خيبر (5/ 79) ومسلم، في الجهاد (3/ 1383).
(2)
ينظر (ص 817).
(3)
في السنن المطبوع (2/ 279) حديث 276 عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض للفرس منهم سهمين، وللراجل سهمًا.
وأخرج ابن أبي شيبة (12/ 402) عن خالد بن معدان قالى: أسهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للعراب سهمين، وللهجين سهمًا.
(وإذا فتحوا) أي الغزاة (أرضًا بالسيف، خُيِّرَ الإمام بين قسمها) بين الغانمين، كمنقول فيه (و) بين (وقفها على المسلمين) بلفظ يحصل به الوقف (ضاربًا عليها خراجًا مستمرًا يؤخذ ممن هي في يده) من مسلم، وذمي، هو أجرتها كل عام. الثانية: ما جُلُّوا عنها، خوفًا منا، وحكمها كالأولى. الثالثة: المصالح عليها، وهي نوعان: فما صولحوا على أنها لنا، ونقرها معهم بالخراج، فهي كالعنوة في التخيير. والثاني: ما صولحوا على أنها لهم، ولنا الخراج عنها، فهي كجزية، إن أسلموا، أو انتقلت إلى مسلم؛ سقط (1)، ويقرون فيها بلا جزية، لأنها ليست بدار إسلام. ويجب على الإمام فعل الأصلح، ويرجع في خراج، وفي جزية، إلى تقديره.
(وما أُخذ من مشرك بلا قتال كجزية وخراج وعُشر) تجارة من حربي، ونصفه من ذمي. وما ترك من كفار فزعًا، أو ترك عن مسلم، أو كافر لا وارث له (فيءٌ) من فاء الظل، إذا رجع نحو المشرق، سمي به المأخوذ من الكفار، لأنه رجع منهم إلى المسلمين، قال اللَّه تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} (2) الآية.
ومصرف الفيء (لمصالح المسلمين، وكذا خمسُ خمس الغنيمة) يصرف في مصالح المسلمين -أيضًا- لعموم نفعها، ودعاء الحاجة إلى تحصيلها، ويبدأ بالأهم فالأهم من سد ثغر، وكفاية أهله، وحاجة من يدفع عن المسلمين، ثم بالأهم فالأهم، من سد بثق، أي: المكان المنفتح من جانب النهر (3). ومن كراء نهر، أي: تنظيفه مما يعوق الماء عن جريه. ومن عمل قنطرة، ورزق قضاة، وغير ذلك.
(1) أي خراجها. "شرح المنتهى"(2/ 119).
(2)
سورة الحشر، الآية:7.
(3)
"المصباح المنير"(1/ 50).