الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في صلاة الكسوف
(وتسن صلاة كسوف) وهو ذهاب ضوء أحد النيرين، أي: الشمس والقمر، أو ذهاب بعضه، فتصلى، لحديث المغيرة بن شعبة: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم. فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا اللَّه، وصلوا حتى تتجلى"(1) متفق عليه. فتصلى بلا خطبة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة دون الخطبة.
والكسوف والخسوف بمعنى، يقال: كسفت الشمس وخسفت، بضم أولهما، وفتحه (2). ووقتها من ابتدائه إلى التجلي، ولا تقضى إن فاتت، كاستسقاء، ونحوه، ولا يشترط لها، ولا للاستسقاء إذن الإمام، وفعلها بمسجد جماعة أفضل، لقول عائشة: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فقام وكبر، وصف الناس وراءه (3). متفق عليه.
(1)"الإنصاف"(5/ 382)، وفيه: قيل له: تفعله أنت؟ قال: لا. اهـ
والتعريف هو: قَصْدُ الرجل مسجد بلده، يوم عرفة، للدعاء، والذكر.
ينظر: "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 643).
(2)
ذكر البيهقي في "السنن" كتاب الحج، باب التعريف بغير عرفة (5/ 118) عن قتادة عن الحسن قال: أول من صنع ذلك ابن عباس اهـ
ينظر: "الشرح الكبير"(5/ 382) و"اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 643).
وقد جاء عن بعض السلف أنه محدث، قاله الحكم، وحماد، وإبراهيم النخعي، ذكره البيهقي عنهم في "السنن"(5/ 118).
(3)
البخاري، كتاب الكسوف، باب الدعاء في الخسوف (2/ 30)، ومسلم، كتاب الكسوف، (2/ 630).
ويجوز للصبيان حضورها، كغيرهم، وتصلى (ركعتين كل ركعة بقيامين وركوعين) طويلين (و) يسن (تطويل سورة، و) تطويل (تسبيح، وكون أول كل) من قيامين وركوعين (أطول) من الثاني، يقرأ في الركعة الأولى جهرًا، ولو كانت في كسوف الشمس، بفاتحة الكتاب، وسورة طويلة من غير تعيين، ثم يركع طويلًا، فيسبح، ثم يرفع رأسه، فيسمِّع ويحمد جهرأ، ثم يقرأ الفاتحة -أيضًا- وسورة، ويطيل قيامه، وهو دون الأول، ثم يركع أيضًا ويطيل ركوعه، وهو دون الأول، ثم يرفع، ويسمع ويحمد، ولا يطيله كالجلوس بين السجدتين، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يصلي الركعة الثانية كالأولى، لكن دونها في كل ما يفعل، ثم يتشهد ويسلم. لحديث جابر: كسفت الشمس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر، فصلى بأصحابه رضي الله عنهم فأطال القيام، حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام، فصنع نحو ذلك، فكانت أربع ركعات وأربع سجدات (1). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود.
ولا تعاد الصلاة إن فرغت قبل التجلي، بل يذكر ويدعو، وإن تجلى فيها أتمها خفيفة، لحديث:"فصلوا، وادعوا، حتى ينكشف ما بكم"(2) متفق عليه. ويذكر ويدعو وقت نهي، ولا يُصلى فيه، لعموم أحاديث النهي.
ويستحب عتق في كسوف الشمس، لحديث أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في كسوف
(1) أحمد في "المسند"(3/ 374، 382)، ومسلم، كتاب الكسوف، (2/ 623، 624)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من قال أربع ركعات (1/ 697).
(2)
تقدم من حديث المغيرة بن شعبة.
الشمس (1). متفق عليه.
وإن أتى في كل ركعة بثلاث، أو أربع، أو خمس ركوعات، فلا بأس، لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا: صلى ست ركعات بأربع سجدات (2)، وما بعد الركوع الأول في كل ركعة، سنة، لا تدرك به الركعة، لأنه روي من غير وجه عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الكسوف بركوع واحد (3)، ولهذا يصح فعلها كنافلة، ولا يصلى لآية غير الكسوف، كظلمة نهارًا، أو ضياء ليلًا، إلا لزلزلة دائمة، فيصلى لها كصلاة الكسوف، نصًّا (4)، لفعل ابن عباس، رواه سعيد، والبيهقي (5).
ومتى اجتمع كسوف وجنازة، قُدِّمت جنازة.
(1) البخاري، كتاب الكسوف، باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس (2/ 28، 29) ولم أقف عليه في "صحيح مسلم".
(2)
مسلم، كتاب الكسوف، (2/ 623، 624).
(3)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب من قال: يركع ركعتين (1/ 704) عن النعمان بن بشير والنسائي، كتاب الكسوف، ما قبل باب قدر القراءة في صلاة الكسوف (3/ 146) وباب الأمر بالدعاء في الكسوف (3/ 152 - 153) عن أبي بكرة.
(4)
"الشرح الكبير"(5/ 405).
(5)
البيهقي، كتاب صلاة الخسوف، باب من صلى في الزلزلة بزيادة عدد الركوع والقيام قياسًا على صلاة الخسوف (3/ 343) من طريق عبد اللَّه بن الحارث، عن ابن عباس، أنه صلى في زلزلة بالبصرة، فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع، فسجد، ثم قام في الثانية، ففعل كذلك، فصارت صلاته ست ركعات، وأربع سجدات، ثم قال ابن عباس: هكذا صلاة الآيات.