الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وما يسن فيها وما يكره وما يتعلق بها
(يُسن خروجه) أي المصلي (إليها) أي إلى الصلاة (متطهرًا) من الأحداث والأنجاس (بسكينة) بفتح السين وكسرها وتخفيف الكاف، أي طمأنينة وتأنٍّ في الحركات، واجتناب العبث (1)، (ووقار) أي: رزانة بغض الطرف، وخفض (2) الصوت، وعدم الالتفات (3)، لحديث أبي هريرة:"إذا سمعتم الإقامة، فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"(4). ولمسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة"(5).
ويقارب بين خطاه لتكثر حسناته، غير مشبك بين أصابعه. قال أحمد: فإن طمع أن يدرك التكبيرة الأولى، فلا بأس أن يسرع شيئًا، ما لم تكن
(1) ينظر: "لسان العرب"(13/ 213)، و"النهاية"(2/ 385)، و"مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار" للفتَّني (3/ 96)، و"المصباح المنير"(1/ 384، 385).
(2)
في الأصل: (وخفظ).
(3)
ينظر: "لسان العرب"(5/ 290)، و"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 87)، و"النظم المستعذب"(1/ 113)، و"المصباح المنير"(2/ 921)، و"التوقيف" (ص 730). قال القاضي عياض: الوقار بمعنى السكينة، ذكر على سبيل التأكيد. اهـ قال النووي: الظاهر أن بينهما فرقًا، وأن السكينة: التأني في الحركات واجتناب العبث، والوقار: في الهيئة كغض الطرف وخفض الصوت وعدم الالتفات. اهـ
"مشارق الأنوار"(2/ 293)، و"شرح مسلم"(5/ 100).
(4)
البخاري، كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار. . . (1/ 156)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 420) وهذا اللفظ للبخاري.
(5)
مسلم، كتاب المساجد (1/ 421).
عجلة تقبح (1). وفي "شرح العمدة" لشيخ الإسلام ما معناه: إن خشي فوت الجماعة أو الجمعة بالكلية، فلا ينبغي أن يكره له الإسراع، لأن ذلك لا ينجبر إذا فات. انتهى (2).
(مع قول ما ورد) ومنه: أن يقدم رجله اليسرى عند خروجه من بيته، ولو لغير الصلاة ثم يقول: آمنت باللَّه، اعتصمت باللَّه، توكلت على اللَّه، لا حول ولا قوة إلا باللَّه (3)، اللهم إني أعوذ بك أن أضِلّ أو أُضَلَّ، أو أزلّ أو أُزل، أو أظلِم أو أُظلَم، أو أجهَل أو يُجهَل علي (4).
وإذا أراد دخول المسجد قدم رجله اليمنى، وقال استحبابًا: "بسم اللَّه والصلاة والسلام على رسول اللَّه، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب
(1)"المغني"(2/ 116، 117)، و"الشرح الكبير"(3/ 395، 396) وتكملة قول أحمد: جاء الحديث عن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شيئًا إذا تخوفوا فوات التكبيرة الأولى. اهـ
(2)
"شرح العمدة"(2/ ق 233) وتكملة قول شيخ الإسلام: وقد علل صلى الله عليه وسلم الأمر بالسكينة بقوله: "فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" فمن لا يرجو إدراك شيء إذا مشى وعليه السكينة فلا يدخل في الحديث. اهـ
(3)
أخرج أحمد في "المسند"(1/ 65، 66) عن عثمان بن عفان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفرًا أو غيره، فقال حين يخرج: بسم اللَّه، آمنت باللَّه، اعتصمت باللَّه، توكلت على اللَّه، لا حول ولا قوة إلا باللَّه، إلا رزق خير ذلك المخرج، وصرف عنه شر ذلك المخرج" قال ابن القيم في "الوابل الصيب"(ص 132): حديث حسن. اهـ
(4)
أخرج أبو داود، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته (5/ 327) والترمذي، كتاب الدعوات (5/ 490) والنسائي، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من دعاء لا يستجاب (8/ 285) وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته (2/ 1278) عن أم سلمة قالت: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: "اللهم إني أعوذ بك أن أضِلّ أو أُضل، أو أَزِل أو أُزل، أو أَظلِم أو أُظْلَم أو أجهَل أو يُجهل علي" قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 156): هذا حديث حسن اهـ
رحمتك" ويقدم اليسرى خروجًا (1) ويقول مثل ما قال إلا أنه يقول: "أبواب فضلك" بدل "أبواب رحمتك" (2). ويقول -أيضًا-: "اللهم إني أعوذ بك من إبليس وجنوده" للخبر (3).
ويجلس في المسجد مستقبل القبلة، لأن خير المجالس ما استقبل القبلة (4). ويكره استدبار القبلة في. . . . . . .
(1) لما روى الحاكم في "المستدرك"(1/ 218) عن أنس بن مالك أنه قال: من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى. قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي. اهـ
(2)
أخرج الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما يقول عند دخول المسجد (2/ 127)، وابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات (1/ 253) عن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول: "بسم اللَّه، والسلام على رسول اللَّه، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك" وإذا خرج قال: "بسم اللَّه، والسلام على رسول اللَّه، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" هذا لفظ ابن ماجه.
قال الترمذي: حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل. اهـ وفي "صحيح مسلم"، كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 494) عن أبي حميد أو عن أبي أسيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج فلفيقل: اللهم إني أسألك من فضلك".
وأخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيما يقوله الرجل عند دخول المسجد (1/ 318)، وابن ماجه، باب الدعاء عند دخول المسجد (1/ 254) وفيه:"إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل. . . ".
(3)
ابن السني، في "عمل اليوم والليلة"، باب ما يقول إذا قام على باب المسجد (ص 80) عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحدكم إذا أراد أن يخرج من المسجد تداعت جنود إبليس، وأجلبت واجتمعت، كما تجتمع النحل على يعسوبها، فإذا قام أحدكم على باب المسجد، فلفيقل: اللهم إني أعوذ بك من إبليس وجنوده، فإنه إذا قالها لم يضره". قال الألباني في "ضعيف الجامع"(ص 197): ضعيف جدًا. اهـ
(4)
لحديث ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أكرم المجالس استقبل به القبلة". رواه الطبراني في "الأوسط"(9/ 165) وفي إسناده حمزة بن أبي حمزة، قال في "المجمع" (8/ 59): =
المسجد (1)، ولأنه يحدث النسيان. ولا يخوض في حديث الدنيا. ولا يجلس حتى يصلي ركعتين تحتية المسجد، إن لم يكن وقت نهي، ويجزئ عنها راتبة وفريضة.
(و) يسنّ (قيام إمام، فغير مقيم) للصلاة (إليها) أي للصلاة (عند قول مقيم: قد قامت الصلاة) لفعله عليه الصلاة والسلام. رواه ابن أبي أوفى (2)، ولأنه دعاء إلى الصلاة فاستحبت المبادرة إليها عنده. قال ابن المنذر: أجمع على هذا أهل الحرمين (3). وأما المقيم فيأتي بالإقامة كلها قائمًا، كما تقدم. ثم يسوي إمام الصفوف استحبابًا بمنكب وكعب، فيلتفت عن يمينه فيقول: استووا رحمكم اللَّه (4)، وعن يساره كذلك.
وسن تكميل صفوف أول فأول، لحديث: "لو يعلم الناس ما في
= وهو متروك. اهـ
وفي "الأوسط" -أيضًا- (3/ 183) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن لكل شيء سيدًا، وإن سيد المجالس قبالة القبلة" قال السخاوي في "المقاصد الحسنة"(ص 77): وسنده حسن. اهـ
(1)
قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يتساندوا إلى القبلة قبل صلاة الفجر. رواه أبو بكر النجاد. ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية"(3/ 391).
(2)
الطبراني في "الكبير" -كما في "مجمع الزوائد"(2/ 5)، والبيهقي في "الكبرى" كتاب الصلاة، باب من زعم أنه يكبر قبل فراغ المؤذن من الإقامة (2/ 22) من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قال بلال: قد قامت الصلاة، نهض فكبر. قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 5): رواه الطبراني في "الكبير" من طريق حجاج بن فروخ، وهو ضعيف جدًا. اهـ ورمز السيوطي لضعفه في "الجامع"(5/ 153).
(3)
لم أقف عليه في كتاب "الإجماع"، و"الأوسط". وقد نقله عن ابن المنذر في "الشرح الكبير"(3/ 401).
(4)
قال في "حاشية ابن قاسم"(2/ 8): والأولى ترك زيادة: رحمكم اللَّه. لعدم ورودها. اهـ
النداء والصف الأول" إلخ (1)، وسُنَّ المراصَّة (2)، وسد خلل الصفوف. ويمين الإمام والصف الأول للرجال أفضل، وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وعكسه النساء.
(فيقول) مصلٍّ إمامًا (3) كان أو غيره (اللَّه أكبر) ولا تنعقد الصلاة بغيرها. نصًّا (4)، لحديث أبي حميد الساعدي: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة استقبل القبلة، ورفع يديه وقال: اللَّه أكبر. رواه ابن ماجه، وصححه ابن حبان (5).
وليس قبل تكبيرة الإحرام دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه. يقولها (وهو قائم في فرض) مع القدرة على القيام، بخلاف النفل فلا يشترط له قيام (رافعًا يديه) استحبابًا مع ابتداء التكبير، ممدودتي الأصابع مضمومتهما، مستقبلًا ببطونهما القبلة. ويكون الرفع (إلى حذو منكبيه) بفتح الميم وكسر الكاف: مجمع عظم العضد والكتف (6)، فإن أتى به غير قائم، أو ابتدأه أو أتمه غير قائم صحت صلاته نفلًا، لأن ترك القيام يفسد الفرض.
(1) تكملة الحديث: "ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه" الحديث. البخاري كتاب الأذان، باب فضل التهجير إلى الظهر (1/ 159)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 325) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أي: التصاق بعض المأمومين ببعض. "شرح منتهى الإرادات"(1/ 173).
(3)
في الأصل: "إمام" وهو خطأ.
(4)
"شرح منتهى الإرادات"(1/ 173) لكن لم يذكر في "الإنصاف"(3/ 407) أنها منصوص عليها. وكذا في "كشاف القناع"(1/ 330).
(5)
ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب افتتاح الصلاة (1/ 264)، وابن حبان -كما في "الإحسان"- كتاب الصلاة، باب صفة الصلاة (5/ 178، 179).
(6)
في الأصل: الكف. والتصحيح من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 175) ينظر: "المطلع"(ص 70).
(ثم يقبض بيمناه كوع يسراه) استحبابًا لما روى قبيصة بن هلب عن أبيه (1) قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه. رواه الترمذي، وحسَّنه، وقال: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والتابعين ومَنْ بعدهم (2). (ويجعلهما) أي يديه (تحت سرته) لقول علي: من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة. رواه أحمد وأبو داود (3). ومعناه: ذل بين يدي اللَّه عز وجل (4).
(و) يسن أن (ينظر) في (مسجده) أي موضع سجوده (في كل صلاته) لقول أبي هريرة: كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة. فلما نزل: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} (5) رمقوا (6) بأبصارهم إلى موضع سجودهم (7). ولأنه أخشع للمصلي وأكف لبصره، إلا إذا كان خائفًا من عدو، أو خاف ضياع ماله، فينظر إلى تلك الجهة للحاجة
(1) في الأصل: "عن جده" والتصحيح من "سنن" الترمذي، و"سنن" ابن ماجه، و"تحفة الأشراف" للمزي (9/ 73). ينظر: التعليق الآتي.
(2)
الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة (2/ 32)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة (1/ 266) عن هُلْبٍ الطائي. قال الترمذي: حديث هلب حديث حسن. اهـ
(3)
المسند (1/ 110)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (1/ 480) قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (2/ 341): والذي روي عن علي تحت السرة، لم يثبت إسناده. تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو متروك. اهـ وضعفه النووي في "المجموع"(3/ 313).
(4)
في الأصل "ذل بين يدي عز" والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 176).
(5)
سورة المؤمنون، الآية:2.
(6)
رمق الشيء ببصره ويرامقه: إذا أتبعه بصره يتعهده وينظر إليه ويراقبه. ينظر "اللسان"(10/ 126). و"القاموس"(1146).
(7)
لم أر في "الدر المنثور"(6/ 83) أثرًا لأبي هريرة في هذه الآية. وإنما جاء نحو ذلك من قول ابن سيرين. أخرجه ابن جرير الطبري (18/ 2) وينظر: "الدر المنثور"(6/ 83، 84).
دفعًا للضرر (1).
(ثم) يستفتح فـ (يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك (2) ولا إله غيرك) رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3)، وعن أبي سعيد مثله. رواه الترمذي، والنسائي (4). ورواه أنس -أيضًا- (5)
(1) لحديث سهل بن الحنظلية قال: ثوب بالصلاة فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلى وهو يلتفت إلى الشعب. رواه أبو داود. قال: وكان أرسل فارسًا إلى الشعب يحرس. ينظر: "منار السبيل"(1/ 95)، و"فتح الباري" (2/ 235) على قول البخاري: باب هل يلتفت لأمرٍ ينزل به. . .
قال في "الإنصاف"(3/ 424): قال القاضي: ينظر إلى موضع سجوده إلا حال إشارته في التشهد، فإنه ينظر إلى سبابته. اهـ
قال النووي في "شرح مسلم"(5/ 81): والسنة -يعني حال التشهد- أن لا يجاوز بصره إشارته، وفيه حديث صحيح في سنن أبي داود. اهـ
(2)
تعالى جدك: علا جلالك وارتفعت عظمتك.
ينظر: "الزاهر"(64)، و"النهاية"(1/ 244)، و"المطلع"(ص 71).
(3)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك (1/ 490)، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (2/ 11)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب افتتاح الصلاة (1/ 265) عن عائشة رضي الله عنها.
وقد ضعف الترمذي، وأبو داود حديث عائشة هذا، وصححه الحاكم وأقره الذهبي في "المستدرك"(1/ 235)، وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 245)، رجال إسناده ثقات، لكن فيه انقطاع. وصححه أحمد شاكر في "شرح الترمذي"(2/ 11، 12)، والألباني في "الإرواء"(2/ 50، 51).
(4)
الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (2/ 9، 11)، والنسائي، كتاب الافتتاح، باب نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة (2/ 132)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب افتتاح الصلاة (1/ 264) عن أبي سعيد رضي الله عنه قال الترمذي: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب. . . وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد. . . وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث. اهـ
(5)
الدارقطني، كتاب الصلاة، باب دعاء الاستفتاح بعد التكبير (1/ 300).
وعمل به عمر بين يدي أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1)، فلذلك اختاره إمامنا، وجوز الاستفتاح بغيره مما ورد.
ومعنى قول: سبحانك: أي تنزيهًا لك عما لا يليق بك من الرذائل والنقائص. ومعنى اللهم: يا اللَّه، حذفت ياء النداء، وعوض عنها الميم. وبحمدك: أي: وبحمدك سبحتك. وتبارك اسمك: أي كثرت بركاتك، وهو مختص به تعالى، ولذلك لم يتصرف [منه مستقبل، ولا اسم فاعل](2)، وتعالى جدك: أي: ارتفع قدرك وعظم. وقال الحسن: الجد: الغنى (3)، فيكون المعنى ارتفع غناك عن أن يساوي غنى أحدٍ من خلقك. ولا إله غيرك: أي: لا إله يستحق أن يُعبد وتُرجى رحمته وتُخاف سطوته غيرك.
(ثم يستعيذ) فيقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، لقوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} (4) أي: إذا أردت القراءة. وتحصل الاستعاذة بكل ما أدى معناها، لكن ما ذكرناه أولى، ومعنى أعوذ: ألجأ (5). والشيطان اسم لكل متمرِّدٍ عاتٍ (6).
(1) مسلم، كتاب الصلاة (1/ 299) غير أنه لم يصرح أنه قاله في الاستفتاح. وأخرجه الدراقطني في "السنن"(1/ 299، 300) من أوجه، وفيه التصريح بأنه قاله قي الاستفتاح. وقال: هذا صحيح عن عمر. اهـ وقال الحاكم (1/ 235): وقد صحت الرواية فيه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقوله اهـ قال الذهبي في "التلخيص": وصح عن عمر أنه كان يقوله إذا افتتح الصلاة. رواه الأسود عنه، وقد أخطأ من رفعه عنه. اهـ وينظر:"المجموع" للنووي (3/ 320).
(2)
في الأصل: "لم يتصرف ومنه مضارع والاسم فاعل" والتصحيح من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 177)، و"معونة أولي النهى"(1/ 694).
(3)
ابن جرير الطبري في "تفسيره"(29/ 104).
(4)
سورة النحل، الآية:98.
(5)
"المطلع"(ص 71).
(6)
"المطلع"(ص 72).
(ثم يبسمل سًّرا) أي: يقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم، لحديث نعيم المجمر، أنه قال: صليت وراء أبي هريرة، فقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأشبهكم صلاة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
والبسملة آية من القرآن، لما روى (2) ابن المنذر بسنده (3) أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وعدها آية (4). . . وهي فاصلة بين كل سورتين، سوى براءة فيكره (5) ابتداؤها [بها](6) لنزولها بالسيف (7).
ولا تكتب أمام الشعر ولا معه. قال القاضي: لأنه يشوبه الكذب والهجو غالبًا (8)، وتستحب في ابتداء جميع الأفعال، وفي أوائل الكتب.
ولا يسن الجهر بالاستفتاح، ولا بالتعوذ، ولا بالبسملة في الصلاة، لحديث أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يستفتحون الصلاة بالحمد للَّه
(1) النسائي، كتاب الافتتاح، باب قراءة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم (2/ 134). قال الخطيب البغدادي في كتابه "الجهر بالبسملة" -كما في مختصره للذهبي (ص 166) ضمن مجموع ست رسائل للذهبي-: هذا حديث ثابت صحيح. اهـ وينظر: طرق الحديث في كتاب ابن عبد البر "الإنصاف فيما بين علماء المسلمين في قراءة بسم اللَّه الرحمن الرحيم من الاختلاف"(ص 249 - 257).
(2)
في الأصل: "روي عن" والتصحيح من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 177).
(3)
في الأصل: "سنده" والتصحيح من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 177).
(4)
"الأوسط"(3/ 119، 120) من حديث أم سلمة: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم اللَّه الرحمن الرحيم، فعدها آية.
(5)
في الأصل: "فيكون" والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 177).
(6)
سقط ما بين المعقوفين من الأصل، وأثبته من "شرح المنتهى"(1/ 177).
(7)
آية السيف هي الآية التاسعة من سورة براءة {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. . .} [التوبة: 29] الآية.
(8)
ينظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 305)، و"كشاف القناع"(1/ 336).
رب العالمين. متفق عليه (1). ومعناه: أن الذي يسمعه منهم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ، كما يدل عليه قوله فيما رواه قتادة: فلم أسمع أحدًا منهم يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم (2). وفي لفظ: فكلهم يخفي بسم اللَّه الرحمن الرحيم (3).
وعُلِمَ مما تقدم أن البسملة ليست آية من أول الفاتحة، ولا غيرها من السور، لحديث:"قال اللَّه تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد للَّه رب العالمين. . . ". الحديث رواه مسلم (4)، فلو كانت آية عدها وبدأ بها، ولحديث:"سورة هي ثلاثون آية شفعت لقارئها ألا وهي تبارك الذي بيده الملك"(5). وهي ثلاثون آية سوى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
(ثم يقرأ الفاتحة مرتبة متوالية) تامة، يقف على كل آية، كقراءته صلى الله عليه وسلم (6). وهي أفضل سورة، قاله الشيخ تقي
(1) البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير (1/ 181)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 299).
(2)
مسلم، كتاب الصلاة (1/ 299).
(3)
أخرجه ابن خزيمة، كتاب الصلاة، باب ذكر الدليل أن أنسًا. . . (1/ 250)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 203)، وأبو أحمد الحاكم في "شعار أهل الحديث" (ص 42) بلفظ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. كان يُسِرُّ ببسم اللَّه الرحمن الرحيم. وأبو بكر وعمر. وينظر:"الإنصاف" لابن عبد البر (ص 228).
(4)
مسلم، كتاب الصلاة (1/ 296) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه.
(5)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب عدد الآي (2/ 119، 120)، والترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة الملك (5/ 164)، وابن ماجه، كتاب الأدب، باب ثواب القرآن (2/ 1244) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ
(6)
البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب مدِّ القراءة (6/ 112) عن أنس أنه سئل: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدًّا. ثم قرأ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم يمدُّ ببسم اللَّه، =
الدين (1). وقال عليه الصلاة والسلام فيها: "أعظم سورة في القرآن، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيه". رواه البخاري (2).
كما أن آية الكرسي أعظم آية، لحديث مسلم (3).
والفاتحة ركن في كل ركعة، لحديث أبي قتادة مرفوعًا: كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورتين، ويطول الأولى ويقصر الثانية، ويُسْمع الآية أحيانًا، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب (4).
وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي". متفق عليه (5) ولحديث أبي سعيد مرفوعًا: "لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب"(6). وعنه وعن عبادة: أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة. رواهما إسماعيل بن سعيد الشالنجي (7). (8)
= ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم.
(1)
"مجموع الفتاوى"(17/ 14، 17).
(2)
البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فاتحة الكتاب (6/ 103).
(3)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 556) عن أبي بن كعب رضي الله عنه.
(4)
البخاري، كتاب الأذان، باب القراءة في الظهر (1/ 185)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 333).
(5)
البخاري في باب الأذان للمسافر من كتاب الأذان 1/ 162، ومسلم في باب استحباب رفع اليدين من كتاب الصلاة 1/ 301.
(6)
أخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب القراءة خلف الإمام (1/ 274). قال في "الزوائد" -المطبوع مع السنن-: ضعيف. اهـ وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 247): إسناده ضعيف.
(7)
هو: إسماعيل بن سعيد الشالنجي الكسائي الجرجاني، أبو إسحاق. العالم العلامة. ألف كتاب "ترجمة البيان" على ترتيب الفقهاء، ردَّ به على أهل الرأي، وقد كان أول أمره على مذهبهم. توفي سنة (230 هـ) وقيل:(246 هـ).
ينظر: "تاريخ جرجان"(ص 141)، و"طبقات الحنابلة"(1/ 104)، و"المنهج الأحمد"(2/ 73، 74)، و"المقصد الأرشد"(1/ 261).
(8)
نسبه إليه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق"(2/ 860).
(وفيها) أي الفاتحة (إحدى عشرة تشديدة) أولها: اللام في اللَّه، وآخرها: تشديدتا الضَّالين، ويكره الإفراط في التشديد والمد. وإن ترك غير مأموم واحدة من تشديداتها لزمه استئناف الفاتحة لتركه حرفًا منها، لأن الحرف المشدد أقيم مقام حرفين، هذا إذا فات محلها وبَعُدَ عنه، بحيث يُخِلُّ بالموالاة، أما لو كان قريبًا منه، فأعاد الكلمة، أجزأه ذلك، كمن نطق بالكلمة على غير الصواب ثم أتى بها على وجهه. وإن ليَّنها ولم يحققها على الكمال، فلا إعادة، وإن ترك ترتيبها عمدًا أو سهوًا، لزمه استئنافها، لأن ترك الترتيب مخل بالإعجاز، أو قطعها بسكوت طويل، أو ذكرِ دعاءٍ غير مشروع، أو قرآنٍ كثير، لزمه استئنافها إن عمد ذلك، فلو كان سهوًا عفي عن ذلك.
(وإذا فرغ) من الفاتحة (قال آمين) بفتح الهمزة مع المد في الأشهر، ويجوز القصر والإمالة، وهي اسم فعل بمعنى استجب، وقيل: هي اسم من أسمائه تعالى، وهي مبنية على الفتح كـ "ليت" وتسكن عند الوقف (1). فلو شدد ميمها بطلت صلاته، لأنها تفسير كلامًا أجنبيًّا فيبطلها عمده وسهوه وجهله، مع أن بعضهم (2) حكاه لغة فيها.
(يجهر بها) أي بآمين (إمام ومأموم معًا) استحبابًا، لحديث أبي هريرة مرفوعًا:"إذا أمن الإمام فأمنوا، فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له". متفق عليه (3). ولعطاء (4): كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين. ومن خلفهم، حتى إن للمسجد للجة. رواه الشافعي
(1)"المطلع"(ص 74)، و"الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري (1/ 161)، و"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص 67)، و"النهاية"(1/ 72).
(2)
كالقاضي عياض وغيره. ذكره في "المطلع"(ص 74).
(3)
البخاري، كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين (1/ 190)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 307).
(4)
كذا بالأصل. وفي "شرح المنتهى"(1/ 179): استحبابًا لقول عطاء.