الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصلاة
الصلاة لغة: الدعاء (1). قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (2) أي ادعُ لهم. وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرًا فليطعم، وإن كان صائمًا فليصلِّ"(3).
وشرعًا: أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم. للخبر (4). سميت صلاة لاشتمالها على الدعاء، مشتقة من الصلوين، تثنية صلا،
(1) ينظر: "تهذيب اللغة"(12/ 236)، و"القاموس"(ص 1681).
(2)
سورة التوبة، الآية:103.
(3)
مسلم، كتاب الصيام (2/ 805 - 806)، وأبو داود، كتاب الصيام، باب في الصائم يدعى إلى وليمة (2/ 828)، والترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة (3/ 141) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه واللفظ لأبي داود.
(4)
وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء (1/ 49 - 50)، والترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور (1/ 8) عن علي رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا الحديث أصحُّ شيء في هذا الباب وأحسن. اهـ وقد أشار الترمذي إلى أن في إسناده: عبد اللَّه بن محمد بن عقيل. قال: وهو صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث عبد اللَّه بن محمد بن عقيل. قال محمد -يعني البخاري-: وهو مقارب الحديث. اهـ قال البغوي: حديث حسن. وقال الرافعي: حديث ثابت وقد صحح إسناده: النووي في "المجموع"(3/ 289) وقال في "الخلاصة": حديث حسن. وفال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(2/ 322)، سنده صحيح. اهـ ورمز السيوطي لحسنه في "الجامع" فيض القدير (5/ 527).
ينظر: "نصب الراية"(1/ 384 - 385)، و"خلاصة البدر المنير"(1/ 111)، و"إرواء الغليل"(2/ 9).
كعصى، وهما عرقان من جانبي الذنب أو عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، لأن رأس المأموم عند صلوي إمامه (1).
وفرضها بالكتاب، والسنة، والإجماع (2)، وكان في ليلة الإسراء (3) بعد بعثه عليه الصلاة والسلام بنحو خمس سنين (4).
وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين.
(تجب) الصلوات (الخمس) وفي اليوم والليلة (على كل مسلم) ذكر أو أنثى أو خنثى، حُرٍّ أو عبدٍ أو مُبعَّضٍ (مكلف) أي: بالغ عاقل (إِلا حائضًا ونفساء) فلا تجب عليهما، كما تقدم (5)، وإلا لأمرتا بقضائها.
(ولا تصح) أي الصلاة (من مجنون) لعدم النية، ولا تجب عليه؛ لأنه ليس من أهل التكليف، أشبه الطفل. ولا على الأبله (6) الذي لا يفيق.
(1)"المطلع"(ص 46).
(2)
أما الكتاب فقول اللَّه تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} . وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إِلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه. وإقام الصلاة. . . " الحديث. وأما الإجماع، فقد أجمع المسلمون إجماعًا قطعيًّا على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة.
ينظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص 24)، و"الإفصاح"(1/ 100)، و"المغني"(2/ 5 - 6)، و"الشرح الكبير"(2/ 6)، و"شرح الزركشي"(1/ 460 - 461).
(3)
البخاري، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء (1/ 91 - 92)، ومسلم، كتاب الإيمان (1/ 148 - 149) عن أنس بن مالك.
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري شرح صحيح البخاري"(2/ 307): أجمع العلماء على أن الصلوات الخمس إنما فرضت ليلة الإسراء. اهـ
(4)
ينظر: "شرح مسلم" للنووي (2/ 209)، و"تفسير القرطبي"(10/ 210)، و"فتح الباري" لابن حجر (7/ 203)، و"فتح الباري" لابن رجب (2/ 304 - 308)، و"حدائق الأنوار" لابن الربيع (1/ 381).
(5)
(ص 97، 108).
(6)
الأبله هنا: هو الذي لا عقل له. ينظر: "اللسان"(13/ 477).
(ولا) تصح الصلاة من (صغير غير مميز) وأما من المميز فتصح، وهو من بلغ سبع سنين (وعلى وليِّه) أي ولي المميز (أمره بها) أي الصلاة (لـ) تمام (سبع) سنين (وضربه على تركها لعشر) سنين تامَّة. لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع". رواه أحمد، وأبو داود (1). والأمر والتأديب لتمرينه عليها حتى يألفها ويعتادها، فلا يتركها. وأما وجوب تعليمه إياها والطهارة، فلتوقف فعلها عليه، فإن احتاج إلى أجرة، فمن مال الصغير، فإن لم يكن، فعلى من تلزمه نفقته.
(ويحرم تأخيرها) أي الصلاة عن وقت الجواز -وهو الوقت المختار فيما له وقتان- (إلى وقت الضرورة) لأنه تارك للواجب، مخالف للأمر، ولئلا تفوت فائدة التأقيت (إِلا) لعذر، كـ (من) يباح (له الجمع) من مريضٍ ومسافرٍ ونحوهما (بنية) في وقت الأولى إذا نواه تأخيرًا، (و) إِلا من (مشتغل بشرط لها) أي الصلاة (يحصل قريبًا) كمن بسترته خرق وليس عنده غيرها، واشتغل بخياطته حتى خرج الوقت، ونحو ذلك، فلا إثم عليه، بل ذلك واجب. فإن كان تحصيل الشرط بعيدًا صلى على حسب حاله ولم يؤخر، ويجوز له تأخير فعلها في الوقت مع العزم عليه، فإن لم يعزم على فعلها فيه أثم، ما لم يظن مانعًا من فعلها في الوقت، كموت، وقتل، وحيض فيتعين أول الوقت؛ لئلا تفوته بالكلية، أو أداؤها.
(1) أحمد (2/ 187)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (1/ 332) قال النووي في "رياض الصالحين" (ص 151): حديث حسن. رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ ورمز السيوطي لصحته في "الجامع" - فيض القدير (5/ 521).
وينظر: "التلخيص الحبير"(1/ 195)، و"خلاصة البدر المنير"(1/ 92)، و"إرواء الغليل"(1/ 266).
(وجاحدها) أي: الصلاة (كافر) أي: من جحد وجوبها، فهو كافر، أي: مرتد (1)، لأنه مكذب للَّه ورسوله، وإجماع الأمة.
وكذا لو تركها تهاونًا أو كسلًا إذا دعاه إمام أو نائبه لفعلها وأبى حتى تضايق وقت التي بعدها، بأن يدعى للظهر مثلًا فيأبى حتى يتضايق وقت العصر عنها، فيقتل كفرًا، لقوله عليه الصلاة والسلام:"بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة". رواه مسلم (2). ولقوله: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". رواه أحمد وغيره (3)، ولقوله:"أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة"(4). قال أحمد: كل
(1) قال ابن هبيرة في "الإفصاح"(1/ 101): وأجمعوا على أن كل من وجبت عليه الصلاة من المخاطبين بها، ثم امتنع من الصلاة جاحدًا لوجوبها فإنه كافر، ويجب قتله ردة. اهـ
(2)
مسلم، كتاب الإيمان (1/ 88) عن جابر، بلفظ "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".
(3)
أحمد (5/ 346)، والترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة (5/ 14) والنسائي، كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة (1/ 231 - 232)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة (1/ 342) عن بريدة.
قال الترمذي: حسن صحيح غريب. اهـ وقال الحاكم في "المستدرك"(1/ 7): صحيح الإسناد، لا تعرف له علة بوجه من الوجوه. . . اهـ وقال العراقي في "أماليه": حديث صحيح. ورمز السيوطي لصحته. ينظر: "فيض القدير" للمناوي (4/ 395).
(4)
أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(1/ 174)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 155 - 156)، وتمام في "فوائده" كما في "الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام"(2/ 325)، والضياء المقدسي في "المختارة"(4/ 410) عن أنس بن مالك. وفي إسناده ثواب بن جحيل، بيَّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 471)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(6/ 122 - 123)، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 158) في حرف الثاء والمثناة، وروى له هذا الحديث، وليس فيه ذكر الصلاة.
قال العقيلي في "الضعفاء"(2/ 163): لا يروى هذا من وجه يثبت. اهـ ينظر -أيضًا- "لسان الميزان" لابن حجر (3/ 60)، قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (4/ 319): =
شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء (1). وقال عمر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (2). وقال علي: من لم يصل فهو كافر (3).
وقال عبد اللَّه بن شقيوق: لم يكن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة (4). ولا قتل ولا تكفير قبل الدعاية، ولم يقتل بترك الأولى لأنه لا يُعلم أنه عزم على تركها إِلا بخروج وقتها، فإذا خرج
= الحديث صحيح على كل حاله، فإن له شواهد كثيرة. . . اهـ
من ذلك ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 363)، وابن أبي شيبة (4/ 93)، والخرائطي (1/ 178)، والطبراني في "الكبير"(9/ 153، 361) والبيهقي في "سننه" -كتاب الوديعة- (6/ 289) والخطيب في "تاريخ بغداد"(12/ 80) من طريق شداد بن معقل عن ابن مسعود أنه قال: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة. وهو موقوف له حكم الرفع، لأنه لا يقال بالرأي.
وشداد بن معقل ذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 357)، وقال: الحافظ في "التقريب"(ص 206): صدوق له ذكر في البخاري. اهـ
وذكر البخاري له في "التفسير" باب من قال لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إِلا ما بين الدفتين (6/ 106) حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس. . . إلخ
وقد تابع شدادًا أبو الزعراء عبد اللَّه بن هانئ، أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 102)، والطبراني في "الكبير" (9/ 412). قال: البخاري في أبي الزعراء: لا يتابع على حديثه. اهـ وثقه ابن حبان في "الثقات"(5/ 14) وابن سعد في "الطبقات"(6/ 171)، والعجلي في "الثقات"(ص 498)، واقتصر الحافظ في "التقريب"(ص 269) على توثيق العجلي.
(1)
"الصلاة" لابن القيم (ص 22).
(2)
مالك في "الموطأ"(1/ 40) وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 150)، وابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل"(ص 479)، وعبد اللَّه بن أحمد في "المسالك"(1/ 192 - 193)، وإسناده صحيح. قال: ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 283): ثبت عن عمر. اهـ
(3)
ابن أبي شيبة في "كتاب الإيمان"(ص 42).
(4)
الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة (5/ 14) قال: النووي في "رياض الصالحين"(ص 440): إسناده صحيح. اهـ
علم تركه لها، لكنها فائتة لا يقتل بها، فإذا ضاق وقت الثانية وجب قتله.
ويستتاب ثلاثة أيام بلياليها، فإن تاب بفعلها مع إقرار الجاحد لوجوبها به خُلي سبيله، وإلا ضربت عنقه بالسيف، لحديث:"وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة". رواه مسلم (1).
(1) مسلم، كتاب الصيد والذبائح (3/ 1548) عن شداد بن أوس.