المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ١

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في نواقض الوضوء

- ‌فصل في أحكام الغسل

- ‌فصل في التيمم

- ‌فصل في إزالة النجاسة الحكمية

- ‌فصل في الحيض

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل في الأذان

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في شروط الصلاة

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الأماكن التي لا تصح فيها [الصلاة]

- ‌باب صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وما يسن فيها وما يكره وما يتعلق بها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة التطوع

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في أوقات النهي

- ‌فصل في صلاة الجماعة وأحكامها وما يبيح تركها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

- ‌فصل في صلاة أهل الأعذار

- ‌فصل في صلاة المريض

- ‌فصل في القصر

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة الجمعة

- ‌تتمة:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل في صلاة العيدين وأحكامها

- ‌فصل في صلاة الكسوف

- ‌فصل في صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل في غسل الميت

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكفين الميت

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل في زكاة الخارج من الأرض

- ‌فصل في زكاة الأثمان

- ‌تتمة:

- ‌فصل زكاة الفطر

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الصيام

- ‌تتمة:

- ‌فصل فيما يفسد الصوم فقط، أو يفسده ويوجب الكفارة، وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في صوم التطوع

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌تتمة:

- ‌فصل في المواقيت

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في الفدية وبيان أقسامها وأحكامها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك

- ‌تتمة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل (أركان الحج أربعة)

- ‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌فائدة:

- ‌كتاب الجهاد

- ‌تتمة:

- ‌فصل في عقد الذمة

الفصل: ‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

يسن الاغتسال لدخولها، كما تقدم (1) و (يسن) دخولها (نهارًا) للخبر (2)(من أعلاهما) أي مكة من ثنية كَدَاء -بفتح الكاف والدال ممدود مهموز- والثنية طريق بين جبلين (3)، وسن خروج من أسفلها، من ثنية كُدي -بضم الكاف والتنوين- (4) عند ذي طوى.

(و) يسن دخول (المسجد) الحرام (من باب بني شيبة) وبإزائه الآن الباب المعروف بباب السلام، لحديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ارتفاع الضحى، وأناخ راحلته عند باب بني شيبة، ثم دخل" (5). رواه مسلم، وغيره.

(1)(ص 72).

(2)

روى البخاري، في الحج، بات دخول مكة نهارًا أو ليلًا (2/ 154) عن ابن عمر قال: بات النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى، حتى أصبح، ثم دخل مكة. وأخرجه مسلم، في الحج (2/ 919) أن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهارًا، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله.

قال في "الشرح الكبير"(9/ 74): ولا بأس بدخولها ليلًا ونهارًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ليلًا ونهارًا. رواه النسائي، كتاب المناسك، باب دخول مكة، وباب دخول مكة ليلًا (5/ 157، 158). اهـ

(3)

"القاموس"(1011).

(4)

"المصباح المنير"(2/ 724) وفيه أنها: بأسفل مكة بقرب شعب الشافعيين.

(5)

لم أجده هكذا في "صحيح مسلم" وإنما أخرج ابن خزيمة، في صحيحه (4/ 212، 214) عن جابر قال: دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم باب المسجد، فأناخ راحلته، ثم دخل المسجد.

وأخرج ابن خزيمة، في "صحيحه" في الحج، باب استحباب دخول المسجد من باب بني شيبة (4/ 208) والبيهقي، في الحج، باب دخول المسجد من باب بني شيبة (5/ 72) عن ابن عباس أن =

ص: 577

ويقول ما ورد، كما في دخول غيره من المساجد (1)(فإذا رأى البيت رفع يديه) نصًّا (2)، لحديث الشافعي، عن ابن جريح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه (وقال) بعد رفعهما (ما ورد)، ومنه: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، حيِّنا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تعظيمًا، وتشريفًا، وتكريمًا، ومهابة، وبرًا، وزد من عظمه، وشرفه، ممن حجه واعتمره، تعظيمًا، وتشريفًا، وتكريمًا، ومهابة، وبرًّا" (3). رواه الشافعي بإسناده، عن ابن جريج، مرفوعًا.

ويقول: الحمد للَّه رب العالمين كثيرًا، كما هو أهله، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، والحمد للَّه الذي بلغني بيته، ورآني أهلًا، والحمد للَّه على كل حال، اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام، وقد جئتك لذلك، اللهم تقبل مني، واعف عني، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت. ذكره الأثرم، وإبراهيم الحربي (4). ويرفع بذلك صوته، لأنه ذكر مشروع، أشبه التلبية.

= رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما قدم في عهد قريش، فلما دخل مكة دخل من هذا الباب الأعظم.

قال البيهقي: روي عن ابن عمر مرفوعًا في دخوله من باب بني شيبة. . . وإسناده غير محفوظ. اهـ

(1)

من ذلك ما رواه مسلم، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 494): عن أبي حميد أو أبي أُسيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج، فليقل: "اللهم إني أسالك من فضلك".

(2)

"الإنصاف"(9/ 75).

(3)

ترتيب مسند الشافعي (1/ 339) دون قوله: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام" فلم أجده في "ترتيب مسند الشافعي" قال البيهقي: هذا منقطع، وله شاهد مرسل عن سفيان الثوري عن أبي سعيد الشامي عن مكحول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة، فرأى البيت، رفع يديه وكبر وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام. . إلخ. ثم روى هذه الجملة عن عمر بن الخطاب وعن سعيد بن المسيب.

(4)

ذكر هذا الدعاء ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن"(ص 275) وإليه نسبه الكناني في =

ص: 578

(ثم طاف) حال كونه (مضطبعًا) استحبابًا، في كل أسبوعه، نصًّا (1)، بأن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر، لما روى أبو داود، وغيره، عن يعلى بن أمية، أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعًا (2). وروي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة، فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى (3).

وإذا فرغ من طوافه أزاله. ويطوف (للعمرة المعتمر، و) يطوف (للقدوم) وهو الورد (غيره) أي غير المعتمر، وهو المفرد، والقارن، فتستحب البداءة بالطواف لداخل المسجد الحرام، وهو تحية الكعبة، وتحية المسجد الصلاة، وتجزئ عنها ركعتا الطواف، لحديث جابر: حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا (4). وعن عائشة: حين قدم مكة توضأ، ثم طاف بالبيت (5). متفق عليه. وروي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن عمر، وغيرهم (6)(ويستلم الحجر الأسود) أي يمسحه بيده اليمنى، والاستلام من السلام، وهو التحية، وأهل اليمن

= "هداية السالك"(2/ 730).

ينظر: "الشرح الكبير"(9/ 78).

(1)

"شرح المنتهى"(2/ 50).

(2)

أبو داود، في المناسك، باب الاضطباع في الطواف (2/ 444) والترمذي، في الحج، باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعًا (3/ 205) وابن ماجه، في الحج، باب الاضطباع (2/ 984) وقال الترمذي: حسن صحيح.

(3)

أبو داود، في المناسك، الاضطباع في الطواف (2/ 444).

(4)

مسلم، في الحج، (2/ 887) في حديث طويل.

(5)

البخاري، في الحج، باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة (2/ 163) ومسلم، في الحج (2/ 907).

(6)

ينظر: صحيح مسلم (2/ 907).

ص: 579

يسمون الحجر الأسود: المحيا، لأن الناس يحيونه بالاستلام. وروى الترمذي مرفوعًا:"إنه نزل من الجنة أشد بياضًا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم"(1).

ويبتدئ الطواف منه، لفعله عليه السلام (2) (ويقبِّله) بلا صوت يظهر للقُبلة. لحديث عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل الحجر، ووضع شفتيه عليه يبكي طويلًا، ثم التفت، فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي، فقال:"يا عمر هاهنا تسكب العبرات"(3). رواه ابن ماجه. ويسجد عليه لفعل ابن عمر، وابن عباس (4). فإن شق استلامه، وتقبيله، لنحو زحام، لم يزاحم، واستلمه بيده، وقبَّلها، روي عن ابن عمر، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وأبي سعيد (5). لما روى ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم استلمه، وقبل يده (6). رواه مسلم.

(1) الترمذي، الحج، باب ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام (3/ 217) عن ابن عباس وقال: حسن صحيح.

(2)

ففي حديث جابر أخرجه مسلم (2/ 893) أن رسول صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة، أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا.

(3)

ابن ماجه، المناسك، باب استلام الحجر (2/ 982) من حديث ابن عمر، قال البوصيري في "الزوائد" في إسناده محمد بن عون الخراساني ضعفه ابن معين، وأبو حاتم وغيرهما.

(4)

أخرجه الطيالسي (1/ 32) ومن طريقه البيهقي، في الحج، باب السجود عليه (5/ 74) وأخرجه -أيضًا- الحاكم، كتاب المناسك (1/ 455) وعند الجميع عمر، بدل ابن عمر.

(5)

أخرج الشافعي (ترتيب مسند الشافعي 1/ 343) وعبد الرزاق قال الحاكم: صحيح الإسناد. اهـ (5/ 40) والبيهقي، في الحج، باب تقبيل اليد بعد الاستلام (5/ 75) عن عطاء قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، وابن عمر رضي الله عنهم إذا استلموا الحجر قبلوا أيديهم قال ابن جريج فقلت لعطاء: وابن عباس، قال: وابن عباس حسبت كثيرًا.

(6)

في "صحيح مسلم"(2/ 924) عن نافع، قال: رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعله. ولم أره عن ابن عباس.

ص: 580

فإن شق استلامه بيده، استلمه بشيء، وقبَّله، روي عن ابن عباس موقوفًا (1). (فإن شق) عليه استلامه بشيء أيضًا (أشار إليه) بيده أو بشيء، لحديث البخاري عن ابن عباس قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير، فلما أتى الحجر أشار إليه بشيء في يده، وكبر (2)؛ ولا يقبله أي ما أشار به.

ويستقبل الحجر الأسود بوجهه (ويقول) كلما استلمه، أو أشار إليه (ما ورد) ومنه: بسم اللَّه، واللَّه أكبر، اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، لحديث عبد اللَّه بن السائب، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك عند استلامه (3).

ثم يجعل البيت عن يساره، لأنه صلى الله عليه وسلم طاف كذلك، وقال:"خذوا عني مناسككم"(4) وليقرب جانبه الأيسر للبيت، فأول ركن يمر به يسمى

(1) لم أجد من خرجه، وقد أخرج مسلم، في الحج (2/ 927) عن أبي الطفيل، يقول: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن.

(2)

البخاري، الحج، باب من أشار إلى الركن، وباب التكبير عند الركن، وباب المريض يطوف راكبًا (2/ 162، 166).

(3)

لم أقف عليه من حديث السائب.

وقد أخرج البيهقي في الحج، باب ما يقول عند استلام الركن (5/ 76) عن ابن عمر. . . ثم يدخل مكة ضحى، فيأتي البيت، فيستلم الحجر، ويقول: باسم اللَّه، واللَّه أكبر. وأخرج -أيضًا- عن الحارث عن علي رضي الله عنه كان إذا مرَّ بالحجر الأسود، فرأى عليه زحامًا، أستقبله، وكبَّر، وقال: اللهم تصديقًا بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي: وروي من وجه آخر عن أبي إسحاق عن الحارث، عن علي أنه كان يقول إذا استلم الحجر: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، واتباعًا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، ثم ساق إسناده به.

قال في "خلاصة البدر المنير"(2/ 9): الحارث الأعور كذاب. اهـ

وذكر المحب الطبري في "القرى"(ص 307) عن ابن جريج قال: أخبرت إن بعض أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول اللَّه، كيف نقول إذا استلمنا؟ قال: قولوا: باسم اللَّه، واللَّه أكبر، إيمانًا باللَّه، وتصديقًا لإجابة محمد صلى الله عليه وسلم. أخرجه الشافعي.

(4)

مسلم، كتاب الحج (2/ 943) عن جابر بلفظ:"لتأخذوا مناسككم".

ص: 581

الشامي، وهو جهة الشام، ثم الغربي، وهو جهة المغرب، ثم اليماني، جهة اليمن.

(ويرمُل الأفقي) أي غير المحرم من مكة أو قربها، وغير الراكب، وغير حامل معذور، وغير النساء (في هذا الطواف) خاصة، فيسرع المشي، ويقارب الخطى، في ثلاثة أشواط، ثم يمشي أربعة أشواط بلا رمل، حديث عائشة (1). ورواه عنه أيضًا جابر، وابن عباس، وابن عمر. بأحاديث متفق عليها (2). قال ابن عباس: ورمل النبي صلى الله عليه وسلم في عُمَرِه كلها، وفي حجه، وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء من بعده (3). رواه أحمد.

ويكون الرمل من الحجَر إلى الحجر، لحديث ابن عمر، وجابر (4). ولا يُقضى رَمَلٌ في الأربعة أشواط، لأنه هيئة فات موضعها، فسقط، كالجهر في الركعتين الأوليين من مغرب وعشاء، ومن لم يتمكن من الرمل، مع الدنو من البيت، للزحام، وأمكنه الرمل إن طاف في حاشية الناس، فالرمل له أولى من الدنو من البيت بلا رمل، وتأخير الطواف للرمل، أو للدنو من البيت، أولى من التقديم، ليأتي به على الوجه الأكمل.

وكلما حاذى الحجر، والركن اليماني، استلمهما ندبًا، لحديث ابن عمر: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني، والحجر في طوافه. قال نافع: كان ابن عمر يفعله (5). رواه أبو داود، لكن لا يقبل إلا

(1) لم أقف عليه.

(2)

حديث ابن عباس وابن عمر، في البخاري، في الحج، باب كيف كان بدء الرمل، وباب الرمل في الحج (2/ 161) ومسلم في الحج (2/ 920، 922) وأما حديث جابر، فرواه مسلم في حديث طويل (2/ 887).

(3)

مسند أحمد (1/ 225).

(4)

أخرجه مسلم، في الحج (2/ 921).

(5)

أبو أبو داود، المناسك، باب استلام الأركان (2/ 440) بل في البخاري، الحج، باب الرمل في الحج والعمرة (2/ 160)، ومسلم، في الحج (2/ 924) عن ابن عمر: ما تركت =

ص: 582

الحجر الأسود، فإن شق استلامهما أشار إليهما.

ولا يسن استلام الركن الشامي، ولا الغربي، لقول ابن عمر: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر الأسود، والركن اليماني (1). ويقول كلما حاذى الحجر: اللَّه أكبر. فقط، لحديث ابن عباس: طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير، وكلما أتى الركن أشار بيده، وكبر (2).

ويقول بين الركن اليماني وبين الحجر: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. لحديث أحمد، في "المناسك" عن عبد اللَّه بن السائب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقوله (3). وعن أبي هريرة، مرفوعًا:"وُكِّل به -يعني الركن اليماني- سبعون ألف ملك، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، قالوا: آمين"(4).

ويقول في بقية الأشواط: اللهم اجعله حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، رب اغفر وارحم، واهدني السبيل الأقوم، وتجاوز عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم. وكان عبد الرحمن بن عوف يقول: رب قني شح نفسي (5). ويَذْكُرَ، ويدعو بما أحب، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقرأ

= استلام هذين الركنين، اليماني والحجر، منذ رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستلمهما لا في شدة ولا رخاء.

(1)

البخاري، كتاب الحج، باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين (2/ 163) ومسلم، في الحج (2/ 924).

(2)

تقدم تخريجه (ص 581).

(3)

أبو داود، كتاب المناسك، باب الدعاء في الطواف (2/ 448) قال الحاكم في "المستدرك" (1/ 455): صحيح. وأقره الذهبي.

(4)

ابن ماجه، في المناسك، باب فضل الطواف (2/ 985) قال الكناني "هداية السالك" (2/ 834): إسناده ضعيف. اهـ

(5)

نسبه في "هداية السالك"(2/ 835): لابن المنذر.

ص: 583

القرآن، لحديث "الطواف بالبيت صلاة، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير"(1).

ولا يجزئ الطواف عن حامل معذور، إلا أن ينوي وحده، أو ينويا جميعًا عنه، وحكم سعي راكبًا كطواف، فلا يجزئه إلا لعذر. وإن طاف على سطح المسجد، توجه الإجزاء، كصلاته إليها، ويجزئ طواف في المسجد من وراء حائل، ولا يجزئ خارجه، أو منكسًا، أو على جدار الحجر -بكسر الحاء- فلا يجزئه، لقوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2) والحجر منه، لحديث عائشة مرفوعًا:"هو من البيت"(3). رواه مسلم.

وكذا لو طاف على شاذَروان الكعبة -بفتح الذال المعجمة- وهو ما فضل عن جدارها (4)، فلا يجزئه لأنه من البيت، فإذا لم يطف به، لم يطف بكل البيت، وإن مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح طوافه. وإن طاف طوافًا ناقصًا، أو طاف بلا نية، فلا يجزئه، لحديث:"إنما الأعمال بالنيات"(5). وكالصلاة، أو طاف محدثًا، أو نجسًا -أيضًا- فلا يجزئه، لحديث:"الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه"(6) ولقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة حين حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت"(7)،

(1) الترمذي، في الحج، باب ما جاء في الكلام في الطواف (3/ 284) من حديث ابن عباس.

(2)

سورة الحج، الآية:29.

(3)

مسلم، في الحج (2/ 871).

(4)

هو الذي ترك من عرض الأساس خارجًا، ويسمى تأزيرًا، لأنه كالإزار للبيت. "المصباح المنير"(1/ 418).

(5)

تقدم تخريجه (ص 53).

(6)

تقدم تخريجه (ص 584).

(7)

البخاري، في الحيض، باب الأمر بالنفساء إذا نفسن، وباب تقضي الحائض المناسك كلها. . . (1/ 77، 79) وفي الحج باب تقضي الحائض المناسك كلها (2/ 171) وفي مواضع أخرى. ومسلم، في الحج (2/ 873).

ص: 584

ويلزم الناس انتظار حائض فقط إن أمكن، ويسن فعل سائر المناسك على طهارة.

وإن طاف محرم فيما لا يحل لمحرم لبسه، صح طوافه، لعود النهي لخارج. ويبتدئ الطواف لحدث فيه تعمَّده، أو سبقه، بعد أن يتطهر، كالصلاة، ويبتدئه لقطع طويل، عرفًا، لأن الموالاة شرط فيه، كالصلاة، ولأنه عليه السلام والى طوافه وقال:"خذوا عني مناسككم"(1)، وإن كان قطعه يسيرًا، أو أقيمت صلاة، أو حضرت جنازة، وهو فيه، صلى، وبنى.

ويبتدئ الشوط من الحَجَر، فلا يعتد ببعض شوط قطعه، قاله أحمد (2). وكذا السعي، وعلم مما سبق أنه يشترط لطواف: عقل، ونية، وستر عورة، وطهارة من حدث، لغير طفل لا يميز، وطهارة من خبث، وإكمال السبع، وجعل البيت فيه عن يساره، وكونه ماشيًا مع قدرة، والموالاة بينه، وابتداؤه من الحجر الأسود بحيث يحاذيه، وكونه في المسجد وخارج البيت جميعه.

(فإذا فرغ) من طوافه (صلى ركعتين) نافلة، والأفضل كونهما (خلف المقام) أي مقام إبراهيم، لحديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم وفيه: ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (3)، فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين. الحديث، رواه مسلم (4). ولا يشرع تقبيله، ولا مسحه، كصخرة بيت المقدس، ويقرأ فيها بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وسورة الإخلاص، بعد الفاتحة للخبر (5).

(1) تقدم تخريجه (ص 581).

(2)

"الشرح الكبير"(2/ 53).

(3)

سورة البقرة، الآية:125.

(4)

صحيح مسلم، الحج (2/ 887).

(5)

ففي حديث جابر عند مسلم (2/ 888) كان يقرأ في الركعتين {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .

ص: 585

وتجزئ مكتوبة عنها (ثم يستلم الحجر) ويسن عوده إلى الحجر (الأسود) بعد الصلاة، فيستلمه، نصًّا (1)، لفعله عليه السلام، ذكره جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم (2).

ويسن الإكثار من الطواف ليلًا ونهارًا، وهو للغريب أفضل من الصلاة بالمسجد الحرام، وله جمع أسابيع، بركعتين لكل أسبوع، وفعلته عائشة، والمسور بن مخرمة (3)، ولا تعتبر الموالاة بين الطواف والركعتين، لأن عمر صلاهما بذي طوى (4)، وأخرت أم سلمة الركعتين حين طافت راكبة، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (5)، والأولى أن يركع لكل أسبوع ركعتين عقبه.

ولطائف تأخير سعيه عن طوافه، بطواف، وغيره، فلا تجب الموالاة بينهما، ولا بأس أن يطوف أول النهار، ويسعى آخره (ويخرج إلى الصفا من بابه فيرقاه) أي الصفا (حتى يرى البيت فـ) يستقبله و (يكبِّر ثلاثًا، ويقول ما ورد)، فيقول ثلاثًا:"الحمد للَّه على ما هدانا، لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، لحديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم: ثم

(1)"شرح منتهى الإرادات"(2/ 54).

(2)

تقدم في الحديث قبله.

(3)

رواه عبد الرزاق، الحج، باب قرن الطواف (5/ 64، 66) عن المسور. وأثر عائشة ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول"(3/ 184).

(4)

البخاري، في الحج، باب الطواف بعد الصبح والعصر (2/ 166) معلقًا، ووصله مالك في الموطأ، احج، باب الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف (2/ 368) وعبد الرزاق، الحج، باب الطواف بعد العصر والصبح (5/ 63).

(5)

البخاري، في الحج، باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد (2/ 165) قال لها رسرل اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون، ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت.

ص: 586

خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا، قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (1) فبدأ بما بدأ اللَّه به، فبدأ بالصفا، رقى عليه، حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحَّد اللَّه، وكبَّر (2)، وقال: وذكر ما تقدم، ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات، لكن ليس فيه:"يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير"(3) ويدعو بما أحب، لحديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه، حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد اللَّه ويدعو بما شاء أن يدعو (4). رواه مسلم.

ولا يلبي، لعدم نقله (ثم ينزل) من الصفا (ماشيًا إلى العلم الأول) وهو الميل الأخضر في ركن المسجد، فإذا صار بينه وبينه نحو ستة أذرع (فيسعى) ماش سعيًا (شديدًا إلى) العلم (الآخر) ميل أخضر بفناء المسجد، حذاء دار العباس (ثم يمشي ويرقى المروة) مكان معروف (ويقول) مستقبلًا القبلة (ما قاله على الصفا) من تكبير، وتهليل، ودعاء.

ويجب استيعاب ما بينهما، فيلصق عقبه بأصلهما في ابتدائه بكل منهما، ويلصق -أيضًا- أصابعه بما يصل إليه من كل منهما، والراكب يفعل ذلك بدابته، فمن ترك شيئًا مما بينهما، ولو دون ذراع، لم يجزه سعيه.

(ثم ينزل) من المروة (فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، إلى الصفا، يفعله سبعًا، ويحسب ذهابه) سعية (ورجوعه) سعية، يفتتح بالصفا، ويختم بالمروة، للخبر (5)، فإن بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك

(1) سورة البقرة، الآية:158.

(2)

مسلم، الحج (2/ 888) في حديث جابر وقد تقدم ذكره مرارًا مجزءًا.

(3)

لفظ: "يحيي ويميت" رواه أبو داود المناسك باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 459) والنسائي، في الحج، باب القول بعد ركعتي الطواف (5/ 235) وابن ماجه، في المناسك، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 1023)

(4)

مسلم، الجهاد والسير (2/ 1407).

(5)

مسلم (2/ 888) عن جابر.

ص: 587

الشوط، ويكثر من الدعاء، والذكر فيما بين ذلك.

قال الإمام: كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة قال: رب اغفر وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم (1). وقال صلى الله عليه وسلم:"إنما جُعل رمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة؛ لإقامة ذكر اللَّه عز وجل"(2). قال الترمذي: حسن صحيح.

ويشترط للسعي نية، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات"(3)، ويشترط له موالاة، قياسًا على الطواف.

ويشترط كونه بعد طواف نسك، ولو مسنونًا، كطواف القدوم، لأنه صلى الله عليه وسلم سعى بعد طواف، وقال:"خذوا عني مناسككم"(4). فلو سعى بعد طوافه، ثم علمه بلا طهارة، أعاد، ولا يسن السعي بعد كل طواف، ويسن موالاة بين الطواف والسعي، بأن لا يفرق بينهما طويلًا، وتسن له طهارة من حدث وخبث، وسترة، ولا يسن فيه اضطباع، نصًّا (5)، والمرأة لا ترقى الصفا ولا المروة، ولا تسعى سعيًا شديدًا، لأنها عورة.

وتسن مبادرة معتمر بالطواف والسعي، لفعله صلى الله عليه وسلم.

(ويتحلل متمتع لا هدي معه بتقصير شعره) لأن عمرته تمت بالطواف

(1) أخرجه البيهقي، الحج، باب الخروج إلى الصفا والمروة والسعي بينهما والذكر عليهما (5/ 95) دون قوله:"واعف عما تعلم" وقال: هذا أصح الروايات في ذلك عن ابن مسعود. اهـ وقد رواه مرفوعًا: رواه الطبراني في "الأوسط" وقال الهيثمي في "المجمع"(3/ 248): وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس. اهـ ورواه البيهقي (5/ 95) عن ابن عمر موقوفًا. وقد نقل ذلك عن الإمام أحمد في "الشرح الكبير"(9/ 130).

(2)

الترمذي، في الحج، باب ما جاء كيف ترمى الجمار (3/ 237) وقال: حسن صحيح، ورواه -أيضًا- بنحوه أبو داود، في المناسك، باب في الرمل (2/ 447).

(3)

تقدم تخريجه (ص 53).

(4)

تقدم (ص 581).

(5)

"الفروع"(3/ 505).

ص: 588

والسعي والتقصير، ليحلق رأسه للحج (ومن معه هدي) تحلل (إذا حج) لحديث ابن عمر: تمتع الناس مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فلما قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة، قال:"من كان معه هدي فإنه لا يحل من شيء أحرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر، وليُحلل"(1) متفق عليه.

ومن معه هدي أدخل الحج على العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا، والمعتمر غير المتمتع، يحل سواء كان معه هدي، أو لا، في أشهر الحج، أو غيرها. وإن ترك الحلق أو التقصير في عمرته، ووطئ قبله، فعليه دم، وعمرته صحيحة.

روي أن ابن عباس سئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصِّر. قال: من ترك من مناسكه شيئًا، أو نسيه، فليرق دمًا، قيل: فإنها موسرة، قال فلتنحر ناقة (2).

(والمتمتع يقطع التلبية إذا أخذ في الطواف) وكذا المعتمر، لحديث ابن عباس مرفوعًا: كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر (3). قال الترمذي: حسن صحيح. ولا بأس بها سًّرا في طواف القدوم، نصًّا (4)، قال الموفق: ويكره الجهر بها، لئلا يخلط على الطائفين (5). وكذا السعي بعده.

(1) البخاري، في الحج، باب من ساق البدن معه (2/ 181) ومسلم، في الحج (2/ 901).

(2)

البيهقي، الحج، باب المعتمر لا يقرب امرأته (5/ 172).

(3)

الترمذي، في الحج، باب ما جاء متى تقطع التلبية في العمرة (3/ 252)، وقال: حسن صحيح. وأخرجه -أيضًا- بنحوه أبو داود، في المناسك، باب متى يقطع المعتمر التلبية (2/ 406) بلفظ:"يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر"، وقال: رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفًا.

(4)

"الإنصاف"(9/ 143).

(5)

"شرح المنتهى"(2/ 56).

ص: 589