الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في صلاة التطوع
والتطوع في الأصل: فعل الطاعة (1). وشرعًا وعرفًا: طاعة غير واجبة (2). والنفل والنافلة: الزيادة (3)، والتنفل: التطوع (4)، وأفضلها ما سن جماعة، فلذلك قال:(آكد صلاة تطوع) صلاة (كسوف) لأنه صلى الله عليه وسلم فعلها، وأمر بها، في حديث أبي (5) مسعود المتفق عليه (6)(فاستسقاء) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستسقي تارة، ويترك أخرى، بخلاف الكسوف، فلم تترك صلاته عنده فيما نقل عنه، لكن ورد ما يدل على الاعتناء بالاستسقاء، حديث أبي داود عن عائشة:"أمر بمنبر فوضع له ووعد الناس يومًا يخرجون فيه"(7)(فتراويح) لأنها تسن في الجماعة (فوتر) لأنه يشرع له الجماعة بعد التراويح.
وهو سنة مؤكدة.
روي عن أحمد: من ترك الوتر عمدًا، فهو رجل سوء، لا ينبغي أن تقبل له شهادة (8). وليس هو بواجب. قال في رواية حنبل: الوتر ليس
(1) ينظر: "القاموس": (ص 962) و"التوقيف على مهمات التعاريف"(ص 182).
(2)
ينظر: "الروض المربع"(2/ 178) و"مفردات القرآن" للراغب (ص 530)، و"النظم المستعذب"(1/ 89).
(3)
ينظر: "تهذيب اللغة"(15/ 355).
(4)
ينظر: "التعريفات" للجرجاني (ص 315)، و"مفردات القرآن"(ص 530)، و"أنيس الفقهاء"(ص 105).
(5)
في الأصل (ابن) الصواب ما أثبته.
(6)
يأتي تخريجه في صلاة الكسوف (ص 365).
(7)
يأتي تخريجه في صلاة الاستسقاء (ص 369).
(8)
"الانتصار في المسائل الكبار"(2/ 489)، و"المغني"(2/ 594).
بمنزلة الفرض، فإن شاء قضى الوتر، وإن شاء لم يقضه (1). وذلك لحديث طلحة بن عبيد اللَّه: أن أعرابيًا قال: يا رسول اللَّه ماذا فرض اللَّه على عباده من الصلاة؟ قال: "خمس صلوات في اليوم والليلة". قال: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع" متفق عليه (2).
وأما حديث: "الوتر حق"(3) ونحوه (4)، فمحمول على تأكيد استحبابه، جمعًا بين الأخبار، إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الوتر واجبًا عليه، للخبر (5)(ووقته من صلاة العشاء) ولو مع جمع تقديم في وقت المغرب (إلى الفجر) الثاني، لحديث معاذ سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "زادني ربي
(1)"شرح منتهى الإرادات"(1/ 224).
(2)
البخاري، كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام (1/ 17)، ومسلم، كتاب الإيمان (1/ 41).
(3)
أحمد، في "المسند"(5/ 357)، وأبو داود، كتاب الوتر، باب فيمن لم يوتر (1/ 129) عن بريدة. قال النووي في "المجموع" (4/ 21): حديث بريدة في روايته عبيد اللَّه بن عبد اللَّه العتكي أبو المنيب، والظاهر أنه منفرد به، وقد ضعفه البخاري وغيره، ووثقه ابن معين وغيره، وادعى الحاكم أنه حديث صحيح. اهـ. وقال الحافظ في "بلوغ المرام" (ص 76): سنده ليِّن، وصححه الحاكم. اهـ
(4)
كحديث خارجة بن حذافة، قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات غداة، فقال:"إن اللَّه قد أمدكم بصلاة، وهي خير لكم من حُمْر النعم، وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر" رواه أبو داود والزمذي وابن ماجه. وسيأتي (ص 245).
(5)
وهو: "ثلاث هنّ علي فريضة، وهن لكم تطوع: الوتر، وركعتا الضحى، وركعتا الفجر". رواه أحمد في "المسند"(1/ 231) والحاكم في "المستدرك"(1/ 300)، والدارقطني (2/ 21) من حديث ابن عباس. قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب منكر، ويحيى بن أبي حية ضعفه النسائي والدارقطني. اهـ وقال ابن الملقن في "الخلاصة" (1/ 178): إسناده ضعيف، ضعفه البيهقي وابن الجوزي. . . اهـ وذكر الحديث الغساني في كتابه "تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني"(ص 167) كما ذكره ابن الملقن في "خصائص الرسول"(76، 79) وضعف جميع طرقه.
صلاة، وهي الوتر، ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر" رواه أحمد (1)، ولمسلم: "أوتروا قبل أن تصبحوا" (2) وحديث: "إن اللَّه قد أمركم بصلاة، وهي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر، فصلوها فيما بين العشاء وطلوع الفجر" رواه أبو داود وغيره (3).
والوتر آخر الليل لمن يثق بنفسه أنه يقوم أفضل، لحديث:"من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل" رواه مسلم (4).
(وأقله) أي: الوتر (ركعة) لحديث ابن عمر وابن عباس -مرفوعًا-: "الوتر ركعة من آخر الليل" رواه مسلم (5)، ولقوله عليه الصلاة والسلام:"من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل" رواه أبو داود وغيره (6).
(1)"المسند"(5/ 242) وصححه السيوطي في "الجامع الصغير" مع شرحه الفيض (4/ 61).
(2)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين (1/ 519) من حديث أبي سعيد.
(3)
أبو داود، كتاب الوتر، باب استحباب الوتر (2/ 128) والترمذي، أبواب الوتر، ما جاء في فضل الوتر (2/ 314) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر (1/ 369) من حديث خارجة بن حذافة.
قال الترمذي: حديث خارجة: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب. اهـ وضعفه البخاري، وعبد الحق. ينظر:"خلاصة البدر المنير"(1/ 177).
(4)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين (1/ 520) عن جابر بن عبد اللَّه.
(5)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين (1/ 518).
(6)
أبو داود، كتاب الوتر، باب كم الوتر (2/ 132) والنسائي، كتاب قيام الليل، باب ذكر الاختلاف على الزهري (3/ 238)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع (1/ 376) من حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعًا:"الوتر حق فمن أحب أن يوتر بخمسِ فليفعل، ومن أحب. . . " إلخ. صححه الحاكم في "المستدرك"(1/ 302، 303) وقال الحافظ في "البلوغ"(ص 74): صححه ابن حبان، ورجح النسائي وقفه. وينظر:"التلخيص الحبير"(1/ 29).
ولا يكره الوتر بركعة لما تقدم (1)، ولثبوته -أيضًا- عن عشرة من الصحابة رضي الله عنهم ومنهم: أبو بكر (2)، وعمر (3)، وعثمان (4)، وعائشة (5).
(وأكثره) أي: الوتر (إحدى (6) عشرة) ركعة (مثنى مثنى) يسلم من كل ركعتين (ويوتر بواحدة) لحديث عائشة: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، ويوتر منها بواحدة" وفي لفظ: "يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة"(7).
وله أن يسرد عشرًا ثم يجلس، ويتشهد، ولا يسلم، ثم يأتي بالأخيرة، ويتشهد ويسلم. نص عليه الإمام (8)، والأولى أفضل، لأنها أكثر عملًا، لزيادة النية، والتكبير، والتسليم.
وإن أوتر بتسع، تشهد بعد ثامنة ولا يسلم، ثم يأتي بالتاسعة ويتشهد ويسلم -كما تقدم؛ لحديث عائشة -وسئلت عن وتر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كنا نُعد له سواكه وطهوره فيبعثه اللَّه ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر اللَّه
(1) في حديث أبي أيوب السابق في التعليق قبله.
(2)
ابن أبي شيبة في "المصنف"، كتاب الصلاة، من كان يوتر بركعة (2/ 292).
(3)
ذكره عنه ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 177) ولفظه أن ابن عمر قال: الوتر ركعة، ويقول: كان ذلك وتر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر.
(4)
عبد الرزاق في "المصنف" في الصلاة، باب كم الوتر؟ (3/ 24) وابن أبي شيبة، كتاب الصلاة، من كان يوتر بركعة (2/ 292، 293) وابن المنذر في "الأوسط"(5/ 178).
(5)
ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 179).
(6)
في الأصل (أحد) والصواب ما أثبته. وهو على الصواب في "أخصر المختصرات"(ص 118).
(7)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين (1/ 508).
(8)
ينظر: "الإنصاف"(4/ 115).
ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعناه" (1).
وإن أوتر بسبع ركعات أو بخمس سردهن، فلا يجلس إلا في آخرهن، لحديث ابن عباس في صفة وتره صلى الله عليه وسلم:"ثم توضأ، ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن" رواه مسلم (2).
وعن أم سلمة: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام وكلام" رواه أحمد ومسلم (3).
(وأدنى الكمال) في الوتر (ثلاث) ركعات (بسلامين) بأن يصلي ثنتين ويسلم، ثم ركعة ويسلم؛ لأنه أكثر عملًا، وكان ابن عمر:"يسلم من ركعتين حتى يأمر ببعض حاجته"(4).
ويجوز أن يصلي الثلاث بسلام واحد، قال أحمد: إن أوتر بثلاث، لم يسلم فيهن، لم يضيق عليه عندي (5). يقرأ في الأولى من الثلاث بعد الفاتحة بـ {سَبِّحِ} ، وفي الثانية بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؛ لحديث أبي بن كعب:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهن في وتره"
(1) مسلم، كتاب صلاة المسافرين (1/ 513).
(2)
هذا اللفظ عند أبي داود، كتاب الصلاة، باب في صلاة الليل (2/ 95)، وقد أخرج الحديث: البخاري في الوتر، باب ما جاء في الوتر (2/ 12) ومسلم، كتاب صلاة المسافرين (1/ 525 ، 531).
(3)
ليس الحديث في "صحيح مسلم" وقد نسبه ابن قدامة في "المغني"(2/ 591) إلى ابن ماجه، وهو في "المسند"(6/ 290، 310، 321)، والنسائي، كتاب قيام الليل، باب كيف الوتر بخمس (3/ 239) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع (1/ 376).
(4)
البخاري، في الوتر، باب ما جاء في الوتر (2/ 12).
(5)
ينظر: "شرح منتهى الإرادات"(1/ 226).
رواه أبو داود (1).
(ويقنت) في الأخيرة من وتره (بعد الركوع ندبًا) لأنه صح عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة (2)، وأنس (3) وابن عباس (4). وعن عمر وعلي أنهما كانا يقنتان بعد الركوع. رواه أحمد والأثرم (5).
ولو كبر ورفع يديه بعد القراءة وقنت قبل الركوع جاز -أيضًا- لحديث أُبيّ بن كعب مرفوعًا: "كان يقنت في الوتر قبل الركوع" رواه أبو داود (6)، وعن ابن مسعود -مرفوعًا- مثله رواه أبو بكر
(1) أبو داود، كتاب الوتر، باب ما يقرأ في الوتر (2/ 132)، والنسائي، كتاب قيام الليل، باب نوع آخر من القراءة في الوتر (3/ 244) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر (1/ 370).
(2)
مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 467).
(3)
البخاري، الوتر، باب القنوت قبل الركوع وبعده (2/ 14) ومسلم، كتاب المساجد (1/ 468).
(4)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الصلوات (2/ 143) قال النووي في "المجموع" (3/ 502): إسناده حسن أو صحيح. اهـ
تنبيه: الأحاديث السابقة كلها واردة في الصلاة المفروضة. والاستدلال بها هنا إنما هو عن طريق قياس النافلة على الفريضة. و"قيام الليل" لابن نصر، ينظر:"مختصر قام الليل" للمقريزي.
(5)
"المسند"(3/ 166) عن أنس بن مالك أنه سئل: هل قنت عمر؟ قال: "نعم ومن هو خير من عمر: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الركوع".
والرواية عن علي رضي الله عنه أخرجها البيهقي، كتاب الصلاة، باب من قال يقنت في الوتر بعد الركوع (3/ 39) عن أبي عبد الرحمن السلمي، أن عليًّا رضي الله عنه "كان يقنت في الوتر بعد الركوع" وقد جاء عنهما رضي الله عنهما رواية أخرى أن الوتر قبل الركوع. ينظر:"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 312) و"إرواء الغليل"(2/ 164).
(6)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر (2/ 135) معلقًا. ورواه موصولًا: النسائي، قيام الليل، ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبي في الوتر (3/ 235) وابن ماجه، إقامة الصلاة، باب ما جاء في القنوت قبل الركوع وبعده (1/ 374). =
الخطيب (1). (2)
وروى الأثرم عن ابن مسعود: "أنه كان يقنت في الوتر، وكان إذا فرغ من القراءة كبر ورفع يديه، ثم قنت، فيرفع يديه إلى صدره مبسوطتين وبطونهما نحو السماء"(3) ولو كان مأمومًا؛ لحديث سلمان -مرفوعًا-: "إن اللَّه يستحي أن يبسط العبد يديه، يسأله فيهما خيرًا فيردهما خائبتين" رواه الخمسة إلا النسائي (4)، وعن مالك بن يسار -مرفوعًا-:"إذا سألتم اللَّه، فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها" رواه أبو
= قال الحافظ في "التخليص"(2/ 19): ورواه البيهقي من حديث أبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس، وضعفها كلها، وسبق إلى ذلك: ابن حنبل، وابن خزيمة، وابن المنذر. قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه عن النبي عنيه شيء، ولكن عمر كان يقنت. اهـ
(1)
هو أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، أبو بكر. الإمام الحافظ الناقد. ولد سنة (392 هـ) له مصنفات كثيرة منها "تاريخ بغداد" و"الكفاية" في مصطلح الحديث، و"الفقيه والمتفقه" توفي سنة (463 هـ)، ينظر:"سير أعلام النبلاء"(18/ 270) و"البداية والنهاية" لابن كثير (12/ 101، 103) و"النجوم الزاهرة"(5/ 87، 88).
(2)
قال الحافظ ابن حجر في "الدراية"(1/ 193): أخرجه ابن أبي شيبة، والدارقطني. وفيه أبان، وهو متروك. وأخرجه الخطب من وجه آخر ضعيف. وأخرجه الطبراني من وجه آخر صحيح لكن موقوفًا: أن ابن مسعود كان لا يقنت في شيء من الصلوات إلا في الوتر، قبل الركوع. اهـ
(3)
لم أقف عليه، لعدم وجود كتاب الأثرم. وقد أخرج ابن أبي شيبة في كتاب الصلاة، مرت قال القنوت في النصف من رمضان (2/ 305، 306) عن إبراهيم قال: عبد اللَّه لا يقنت السنة كلها في الفجر، ويقنت في الوتر كل ليلة قبل الركوع. ينظر: التعليق السابق و"إرواء الغليل"(2/ 169).
(4)
المؤلف تابع: البهوتي في "شرح منتهى الإرادات"(1/ 226) وهو تابع ابن النجار الفتوحي في "معونة أولي النهى"(2/ 21) وهذا خطأ. وإنما أخرج الحديث: أبو داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء (2/ 165)، والترمذي، كتاب الدعوات، باب (5/ 556، 557)، وابن ماجه، في الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء (2/ 1271). قال الترمذي: حسن غريب. اهـ ينظر: "جامع الأصول"(4/ 152).
داود (1).
ويقول جهرًا: اللهم إنا نستعينك ونسهديك، ونستغفرك -أي نطلب منك العون والهداية والمغفرة- ونتوب إليك، ونؤمن؛ أي: نصدق بك- ونتوكل عليك -أي: نعتمد ونظهر عجزنا- ونثني عليك الخير -أي: نصفك به كله ونمدحك، والثناء في الخير خاصة، وبتقديم النون على الثاء يستعمل في الخير والشر (2) - ونشكرك ولا نكفرك -أي لا نجحد نعمتك ونسترها لاقترانه بالشكر- اللهم إياك نعبد -قال البيضاوي (3): العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، ولا يستحقها (4) إلا اللَّه، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده لمولاه- ولك نصلي ونسجد -لا لغيرك وإليك نسعى ونحفد -بفتح النون وكسر الفاء وبالدال المهملة، أي نسرع ونبادر (5) - نرجوا -أي نؤمل- رحمتك -أي سعة عطائك- ونخشى عذابك -أي نخافه، قال تعالى:{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)} (6) - إن عذابك الجد -بكسر الجيم أي: الحق لا اللعب (7) - بالكفار ملحق -بكسر الحاء على المشهور، أي: لاحق، وبفتحها على معنى أن اللَّه يلحقه الكفار (8).
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء (2/ 165) ورمز السيوطي لحسنه في "الجامع الصغير"(-فيض القدير- 1/ 369).
(2)
ينظر: "الصحاح" للجوهري: (6/ 2296، 2501)، و"لسان العرب"(14/ 124)، و"المطلع"(ص 92، 93).
(3)
في تفسيره (1/ 33).
(4)
في الأصل (ولا يستحقه) والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 227).
(5)
"النهاية"(1/ 456)، و"المطلع"(ص 93).
(6)
سورة الحجر، الآيتان: 49، 50.
(7)
"المطلع"(ص 93، 94).
(8)
"المطلع"(ص 94).
قال الخلال: سألت ثعلبًا (1) عن مُلحِق ومُلحَق؟ فقال: العرب تقولهما جميعًا (2). وهذا القنوت من أوله إلى هنا مروي عن عمر، وفي أوله:"بسم اللَّه الرحمن الرحيم" وفي آخره: "اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك"(3) وهما سورتان في مصحف أبي. قال ابن سيرين (4): كتبهما أبي في مصحفه (5). إلى (6) قول: "ملحق" زاد غير واحد: ونخلع ونترك من يكفرك (7).
(اللهم اهدني في من هديت) أي: ثبتني على الهداية أو زدني منها، وهي: الدلالة والبيان، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ
(1) أبو العباس أحمد بن يحيى بن يسار، المعروف بثعلب. العلامة المحدث، إمام النحو، ولد سنة (200 هـ)، ألف "اختلاف النحويين"، و"القراءات"، و"معاني القرآن"، وله "مجالس ثعلب" توفي (291 هـ). ينظر:"تاريخ بغداد"(5/ 204)، و"معجم الأدباء"(5/ 102)، و"إنباه الرواة"(1/ 138).
(2)
"الشرح الكبير"(4/ 129)، وينظر:"الزاهر" لابن الأنباري (1/ 166)، و"تهذيب اللغة"(4/ 58)، و"لسان العرب":(10/ 327) و"تاج العروس"(26/ 349) ولم ينقل أحد منهم قول ثعلب هذا.
(3)
ابن أبي شيبة، كتاب الصلاة، ما يدعو به في قنوت الفجر (2/ 314) وعبد الرزاق، في الوتر، باب القنوت (2/ 110، 111) والبيهقي، كتاب الصلاة، باب دعاء القنوت (2/ 210، 211) وصححه. ينظر: "التلخيص الحبير"(2/ 25)، وقد روي مرفوعًا مرسلًا من حديث خالد بن أبي عمران. رواه أبو داود في "المراسيل"(ص 118).
(4)
أبو بكر، محمد بن سيرين الأنصاري، البصري: كان فطنًا، حسن العلم بالفرائض، والقضاء، والحساب، ورعًا، أديبًا. ينسب له كتاب "تعبير الرؤيا". (ت 110 هـ). "سير أعلام النبلاء"(4/ 606 - 622)، و"الأعلام"(6/ 154).
(5)
"الشرح الكبير"(4/ 129). وقد أطال السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 695، 698) في ذكر الآثار في إثبات أن ذلك في مصحف أبي بن كعب، ولم يذكر قول ابن سيرين هذا.
(6)
في "الشرح الكبير"(4/ 129): (يعني إلى قوله) فهذه العبارة ليست من قول ابن سيرين.
(7)
ينظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 695).
مُسْتَقِيمٍ} (1) وأما قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (2) فهي من اللَّه التوفيق والإرشاد (3).
(وعافني في من عافيت) من الأسقام والبلايا (4)، والمعافاة: أن يعافيك اللَّه من الناس، ويعافيهم منك.
(وتولني في من توليت) الولي: ضد العدو (5). من تليت الشيء إذا اعتنيت به، [ونظرت فيه](6) كما ينظر الولي في مال اليتيم؛ لأن اللَّه ينظر في أمر وليه بالعناية، ويجوز أن يكون من: وليت الشيء إذا لم يكن بينك وبينه واسطة، بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين اللَّه تعالى حتى يصير في مقام المراقبة (7) والمشاهدة (8)، وذلك مقام الإحسان (9).
(وبارك لي) البركة: الزيادة أو حلول الخير الإلهي في الشيء (10) (فيما
(1) سورة الشورى، الآية:52.
(2)
سورة القصص، الآية:36.
(3)
ينظر: "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 835، 836). وقوله: "الإرشاد" هو بمعنى الدلالة. فاستبداله بكلمة "الإلهام" هو الصواب. قال في "تاج العروس": (28/ 501): الدليل: ما يستدل به، وأيضًا: الدَّالُّ، وقيل: هو المرشد، وما به الإرشاد. . . اهـ
(4)
"المطلع"(ص 94).
(5)
"الصحاح" للجوهري: (6/ 2529).
(6)
ما بين المعقوفين سقط من الأصل، ومن "شرح منتهى الإرادات"(1/ 227)، وأثبتها من أصل "شرح منتهى الإرادات":"معونة أولي النهى شرح المنتهى"(2/ 24).
(7)
المراقبة: استدامة علم العبد باطلاع الرب عليه في جميع أحواله. قاله الجرجاني في "التعريفات"(ص 223)، وينظر:"معجم مصطلحات الصوفية"(ص 160).
(8)
المشاهدة: رؤية الحق ببصر القلب من غير شبهةٍ كأنه رآه بالعين. قاله التهانوي في "كشاف اصطلاح الفنون"(1/ 740)، وينظر:"معجم المصطلحات الصوفية"(ص 163).
(9)
وهو: أن تعبد اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. كما ثبت ذلك في حديث عمر بن الخطاب -الطويل- أخرجه البخاري (1/ 22)، ومسلم (1/ 39).
(10)
ينظر: "القاموس": (ص 1204)، و"التوقيف" (ص 125) وفيه: هي ثوب الخير =
أعطيت) أي: أنعمت به. والعطة: الهبة (1).
(وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك) أي: أنه لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، فإنه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد (إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت) رواه أحمد، ولفظه له، وتكلم فيه أبو داود، ورواه الترمذي وحسنه من حديث الحسن بن علي قال: علمني النبي صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهم اهدني. . . " إلى "وتعاليت" وليس فيه: "ولا يعز من عاديت"(2) ورواه البيهقي وأثبتها فيه (3) وجَمَعَ، والرواية بالإفراد، ليشارك الإمام المأموم (4) ويعِز بكسر العين، قال بعضهم (5):
وقل إذا كنت في ذكر القنوت ولا
…
يعزُّ يا ربِّ مَنْ عاديتَ مكْسُورا
(اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك) أظهر العجز والانقطاع، وفزع إليه منه، فاستعاذ به منه.
= الإلهي في الشيء. اهـ
(1)
ينظر: "الصحاح": (6/ 2430) و"القاموس"(ص 1692).
(2)
"المسند"(1/ 199، 200) وأبو داود، الوتر، باب القنوت في الوتر (2/ 133، 134) والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في القنوت في الوتر (2/ 328، 329) والنسائي، قيام الليل، باب الدعاء في الوتر (3/ 248) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في القنوت في الوتر (1/ 372) قال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر شيئًا أحسن من هذا. اهـ وصححه الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على سنن الترمذي" (2/ 329). وينظر:"إرواء الغليل"(2/ 172).
(3)
البيهقي، كتاب الصلاة، باب دعاء القنوت (2/ 209).
(4)
عبارة "معونة أولي النهى"(2/ 25): والرواية إفراد الضمير، وجمعها المصنفون، لأن الإمام يستحب له أن يشارك المأموم في الدعاء. اهـ
(5)
لم أقف عليه.
(لانحصي ثناءً عليك) أي: لا نطيقه.
(أنت كما أثنيت على نفسك) اعتراف بالعجز عن الثناء، ورَدٌّ إلى المحيط علمه بكل شيء، جملة وتفصيلًا.
ورى الخمسة عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في آخر وتره: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" ورواته ثقات (1).
قال الترمذي: لا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئًا أحسن من هذا (2)، وله أن يزيد ما شاء مما يجوز به الدعاء في الصلاة.
قال المجد: فقد صح عن عمر: "أنه كان يقنت بقدر مائة آية"(3)(ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم) لحديث الحسن بن علي السابق، وفي آخره:"وصل اللَّه على محمد" رواه النسائي (4).
(1) أبو داود، كتاب الوتر، باب القنوت في الوتر (2/ 134) والترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء الوتر (5/ 361) والنسائي، كتاب قيام الليل، باب الدعاء في الوتر (3/ 248، 249) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في القنوت في الوتر (1/ 373). وأحمد (1/ 96، 118) قال الترمذي: حسن غريب. اهـ وينظر: "إرواء الغليل"(2/ 175).
(2)
كلام الترمذي هذا إنما هو على حديث الحسن بن علي -السابق- ينظر تخريجه (ص 253).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" في الصلاة، باب القنوت (3/ 112).
(4)
النسائي، قيام الليل، باب الدعاء في الوتر (3/ 248) من طريق عبد اللَّه بن علي عن الحسن بن علي. . . به، وقد صحح هذه الزيادة النووي في "المجموع"(3/ 499)، فتعقبه الحافظ في "التلخيص"(1/ 264) بأن إسنادها منقطع، إذ عبد اللَّه بن علي بن الحسين لم يدرك الحسن بن علي. اهـ قال العز بن عبدالسلام -كما في "فتاويه" (ص 392) -: ولم تصح الصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القنوت. اهـ
وقد روى إسماعيل بن إسحاق في كتابه "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"(رقم 107) عن أبي حليمة معاذٍ أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت.
وذكر ابن القيم من مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة عليه آخر القنوت. ينظر: "جلاء =
وعن عمر: "الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم" رواه الترمذي (1).
(ويؤمن مأموم) على قنوت إمامه إن سمعه؛ لحديث ابن عباس (2)(ويجمع إمام الضمير) فيقول: اللهم إنا نستعينك، اللهم اهدنا. . . إلخ، ويفرد منفرد كما تقدم (3)(ويمسح الداعي وجهه بيديه مطلقًا) في الوتر وغيره، كخارج الصلاة، لعموم حديث عمر:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه" رواه الترمذي (4)، ولقوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس:"فإذا فرغت فامسح بهما وجهك" رواه أبو داود وابن ماجه (5).
= الأفهام" (ص 512) ط مشهور حسن آل سلمان.
(1)
الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 356).
قال ابن كثير في "مسند عمر بن الخطاب"(1/ 176): هذا إسناد جيد. اهـ أما السخاوي فقال في "القول البديع"(ص 223): وفي سنده من لا يعرف. اهـ إشارة إلى جهالة أبي قرة الأسدي الذي روى هذا الحديث، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب.
(2)
ونصه: قال: "قنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، في دبر كل صلاة إذا قال: "سمع اللَّه لمن حمده" من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سليم، على رعل وذكوان وعصيَّة، ويؤمن من خلفه" أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الصلاة (2/ 143) وهو حديث صحيح.
(3)
(ص).
(4)
الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء في رفع الأيدي عند الدعاء (5/ 463). قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به وهو قيل الحديث، وقد حدَّث عنه الناس. . . اهـ وقال ابن مفلح في "الفروع" (1/ 414): رواه الترمذي من رواية حماد بن عيسى وهو ضعيف. اهـ وحسنه الحافظ في "البلوغ"(ص 312) بالشواهد.
(5)
أبو داود، كتاب الوتر، باب الدعاء (2/ 163، 164) وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء (2/ 1272) قال أبو داود عقبه: روي هذا الحديث من غير وجه عن =
ويرفع يديه إذا أراد السجود نصًّا، لأن القنوت مقصود في القيام، فهو كالقراءة، ذكره القاضي (1).
وكره قنوت في غير وتر حتى فجر، روي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء (2)، لحديث مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: يا أبت إنك قد صليت خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة نحو خمس سنين، أكانوا يقنتون في الفجر؟ قال:"أي بني مُحْدَث" قال الترمذي: حسن صحيح. رواه أحمد وابن ماجه والنسائي، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم (3).
وعن سعيد بن جبير قال: أشهد أني سمعت ابن عباس يقول: "إن القنوت في صلاة الفجر بدعة" رواه الدارقطني (4).
وأما حديث أنس: "ما زال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا" رواه أحمد وغيره (5)، ففيه. . . . . . . .
= محمد بن كعب، كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف -أيضًا- اهـ.
(1)
ينظر: "الإنصاف"(4/ 132).
(2)
ابن أبي شيبة في "المصنف" كتاب الصلاة، من قال لا يقنت في الفجر (2/ 308 - 311).
(3)
أحمد في "المسند"(3/ 472، 6/ 394) والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت (2/ 252، 253) والنسائي، كتاب التطبيق، في ترك القنوت (2/ 204) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر (1/ 393). قال الترمذي: حسن صحيح. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. اهـ
(4)
الدارقطني، كتاب الوتر، باب صفة القنوت وبيان موضعه (2/ 41). قال البيهقي في "سننه" (2/ 214): لا يصح. . . وقد روينا عن ابن عباس أنه قنت في صلاة الصبح. اهـ
(5)
"المسند"(3/ 162) وعبد الرزاق في الصلاة، باب القنوت (3/ 110) والدارقطني، الصلاة، باب صفة القنوت وبيان موضعه (2/ 39)، والبيهقي، الصلاة، باب الدليل أنه لم يترك أصل القنوت (2/ 201) والخطيب البغدادي في كتاب "القنوت" له، -كما في "التنقيح" لابن عبد الهادي (2/ 1075 - 1078) - والحافظ ابن أبي موسى في كتاب "القنوت" له -كما في "التنقيح" -أيضًا- (2/ 1079).
مقال (1)، ويحتمل أنه أراد به طول القيام، فإنه يسمى قنوتًا (2).
فإن نزل بالمسلمين نازلة سوى الطاعون فيسن أن يقنت إمام الوقت خاصة، وهو الإمام الأعظم، واختار جماعة: أو نائبه (3)، في جميع الصلوات سوى الجمعة، فيكفي الدعاء في آخر الخطبة، ويجهر بالقنوت في صلاة جهرية. وأما الطاعون فلا يقنت لنزوله، لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس (4) ولا غيره، ولأنه شهادة (5) فلا يسأل رفعه.
(1) ضعفه ابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 464) وأعله بأبي جعفر الرازي، واسمه عيسى بن ماهان اهـ. ولما نقل البيهقي عن الحاكم -في كتابه "الأربعين"- أنه صحح إسناد الحديث، تعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" -بهامش "سنن البيهقي" (2/ 201) - فقال: كيف يكون إسناده صحيحًا وراويه عن الربيع: أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي متكلم فيه، قال ابن حنبل والنسائي: ليس بالقوي. وقال أبو زرعة: يهم كثيرًا. وقال الفلاس: سيء الحفظ. وقال ابن حبان: يحدث بالمناكير عن المشاهير. اهـ وقد أطال الشيخ الألباني في بيان ضعف هذا الحديث بل نكارته. ينظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(3/ 384، 388) ولبيان حال أبي جعفر: "تهذيب التهذيب" لابن حجر (4/ 503).
(2)
ينظر: "مفردات القرآن"(ص 685)، و"لسان العرب":(2/ 73)، قال تعالى:{حَوَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] وفي صحيح مسلم (1/ 520) عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت" ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في "القنوت".
(3)
هي رواية أخرى عن أحمد. اختارها: القاضي وغيره. ينظر: "الإنصاف"(4/ 136).
(4)
وقع سنة ثمان عشرة زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعَمواس، بفتح أوله وثانيه. وقال الزمخشري: بكسر أوله، في فلسطين بالقرب من بيت المقدس، ومنها كان ابتداء الطاعون في أيام عمر بن الخطاب، ثم فشا في أرض الشام. ينظر:"معجم البلدان"(4/ 157) و"العبر" للذهبي (1/ 21) و"بذل الماعون في فضل الطاعون" لابن حجر (361).
(5)
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لطاعون شهادة لكل مسلم" رواه البخاري، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون (7/ 22) ومسلم، كتاب الإمارة (3/ 1522) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.