المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسنده (1). واللجة بفتح اللام وتشديد الجيم: اختلاط الأصوات (2). وعن - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ١

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في نواقض الوضوء

- ‌فصل في أحكام الغسل

- ‌فصل في التيمم

- ‌فصل في إزالة النجاسة الحكمية

- ‌فصل في الحيض

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل في الأذان

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في شروط الصلاة

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الأماكن التي لا تصح فيها [الصلاة]

- ‌باب صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وما يسن فيها وما يكره وما يتعلق بها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة التطوع

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في أوقات النهي

- ‌فصل في صلاة الجماعة وأحكامها وما يبيح تركها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

- ‌فصل في صلاة أهل الأعذار

- ‌فصل في صلاة المريض

- ‌فصل في القصر

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة الجمعة

- ‌تتمة:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل في صلاة العيدين وأحكامها

- ‌فصل في صلاة الكسوف

- ‌فصل في صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل في غسل الميت

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكفين الميت

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل في زكاة الخارج من الأرض

- ‌فصل في زكاة الأثمان

- ‌تتمة:

- ‌فصل زكاة الفطر

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الصيام

- ‌تتمة:

- ‌فصل فيما يفسد الصوم فقط، أو يفسده ويوجب الكفارة، وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في صوم التطوع

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌تتمة:

- ‌فصل في المواقيت

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في الفدية وبيان أقسامها وأحكامها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك

- ‌تتمة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل (أركان الحج أربعة)

- ‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌فائدة:

- ‌كتاب الجهاد

- ‌تتمة:

- ‌فصل في عقد الذمة

الفصل: بسنده (1). واللجة بفتح اللام وتشديد الجيم: اختلاط الأصوات (2). وعن

بسنده (1). واللجة بفتح اللام وتشديد الجيم: اختلاط الأصوات (2).

وعن أبي هريرة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن، رفع صوته وقال: آمين. رواه الدارقطني وحسنه، وصححه ابن حبان، والحاكم، وقال: إنه على شرط الشيخين (3). (في) صلاة (جهرية و) يجهر بها (غيرهما) أي: غير الإمام والمأموم، وهو المنفرد (فيما يجهر فيه) من الصلوات تبعًا لها.

‌تتمة:

يلزم جاهلًا بالفاتحة تعلمها، فإن لم يعرف إلا آية، كررها بقدر الفاتحة، لأنها بدل عنها، فإن لم يحسن آية، ولو من غير الفاتحة، حرم ترجمته عنه بلغة أخرى، لأن الترجمة عنه تفسير لا قراءة (4).

لزم من لا يحسن قرآنًا قول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر. لحديث رفاعة بن رافع: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علم رجلًا الصلاة فقال: "إن كان معك قرآن فاقرأه، وإلا فاحمد اللَّه وكبره وهلله". رواه أبو

(1) مسند الشافعي (ص 51)، وقد علقه البخاري مجزومًا به (1/ 189)، ووصله عبد الرزاق في "المصنف" عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أكان ابن الزبير يؤمن على إثر أم القرآن؟ (2/ 97)، وابن حزم في "المحلى" (3/ 341) من طريق عبد الرزاق. وينظر:"التلخيص"(1/ 253 ، 254).

(2)

"اللسان"(2/ 355)، و"القاموس"(ص 260).

(3)

الدارقطني، كتاب الصلاة، باب التأمين في الصلاة بعد فاتحة الكتاب والجهر بها (1/ 335)، وابن حبان كما في "الإحسان"، كتاب الصلاة (5/ 111، 112)، والحاكم، كتاب الصلاة، باب التأمين (1/ 223) وجاء نحو حديث أبي هريرة عن وائل بن حجر. قال ابن حجر في "التلخيص" (1/ 252): رواه أبو داود والدارقطني وابن حبان. . . وسنده صحيح وصححه الدارقطني. اهـ

(4)

في "شرح المنتهى"(1/ 181): "لا قرآن".

ص: 178

داود، والترمذي وحسنه (1)، فإن أيعرف هذا الذكر كله، وعرف بعضه، كرره بقدره، وإلا وقف بقدر قراءة الفاتحة.

(ويسن جهر إمام بقراءة) صلاة (صبح، وجمعة، وعيد، وكسوف، واستسقاء، وأولتي مغرب وعشاء. ويكره) الجهر (لمأموم، ويُخيَّر منفرد) في صلاة جهرية بين الجهر والإسرار.

(و) يخير (نحوه) أي نحو المنفرد، كالقائم لقضاء ما فاته بعد سلام إمامه بين الجهر والإسرار، وترك الجهر أفضل، لأن المقصود منه إسماع نفسه.

ويسر مصل بقراءة في قضاء صلاة جهر نهارًا اعتبارًا بزمن القضاء، ويجهر بها ليلًا في جماعة اعتبارًا برمن القضاء، ومصل نفلًا في ليل يراعي المصلحة في جهر وإخفات، فيسر مع من يتأذى بجهره، ويجهر مع من يأنس به.

وتحرم القراءة، ولا تصح الصلاة بقراءة تخرج عن مصحف عثمان (2). وكره أحمد قراءة حمزة (3)، . . . . . . . .

(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (1/ 538)، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في وصف الصلاة (2/ 100، 102) قال الترمذي: حديث رفاعة حديث حسن. اهـ

(2)

عن الإمام أحمد رواية أخرى أنها تجوز قراءتها والصلاة بها إذا صح السند. كقراءة عبد اللَّه بن مسعود وأبي بن كعب. واختارها ابن الجوزي، وابن تيمية.

ينظر: "الإنصاف"(3/ 469، 470)، و"كتاب التمام"(1/ 164)، و"مجموع الفتاوى"(13/ 398)، و"الفروع"(1/ 313).

(3)

هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الكوفي الزيات، مولى التيميين، أبو عمارة الإمام الحبر، أحد القراء السبعة. ولد سنة (80 هـ) قال الذهبي: حديثه لا ينحط عن رتبة الحسن. اهـ توفي سنة (156 هـ) ينظر: "سير أعلام النبلاء"(7/ 90)، و"غاية النهاية"(1/ 261)، و"معرفة القراء الكبار"(1/ 93).

ص: 179

والكسائي (1)، لما فيهما من الكسر، والإدغام، والتكلف، وزيادة المد (2)، وأنكرها السلف كسفيان بن عيينة (3)(4)، ويزيد بن

(1) هو علي بن حمزة بن عبد اللَّه بن فيروز الأسدي مولاهم الكوفي، أبو الحسن. الإمام، شيخ القراء والعربية، وأحد القراء السبعة. توفي سنة (189 هـ) عن سبعين سنة في أصح الأقوال. ينظر:"سير أعلام النبلاء"(9/ 131)، و"غاية القراء"(1/ 535)، و"معرفة القراء"(1/ 100).

(2)

ينظر: "كتاب التمام" لابن أبي يعلى (1/ 162)، و"طبقات الحنابلة"(1/ 74، 75، 146، 147، 179، 208، 229)، و"الشرح الكبير"(3/ 470)، و"المبدع"(1/ 445)، و"معونة أولي النهي" (1/ 716). قال الموفق في "المغني" (2/ 165): ونقل عنه -أي: أحمد- التسهيل في ذلك، وأن قراءتهما في الصلاة جائزة. . . اهـ وقال ابن مفلح في "الفروع" (1/ 312): وعن أحمد ما يدلُّ على أنه رجع عن الكراهة. اهـ ونقل السخاوي في كتابه "جمال القراء وكمال الإقراء"(2/ 473): أن الفضل بن زياد كان يصلي بأحمد بقراءة حمزة فما نهاه عن شيء منها. اهـ وفي "طبقات الحنابلة"(1/ 325) في ترجمة: محمد بن الهيثم المقرئ. قال: سألت أحمد: ما تكره من قراءة حمزة؟ قال: الكسر والإدغام. فقلت له: حدثنا خلف بن تميم قال: كنت أقرأ على حمزة، فمر به سفيان الثوري فجلس إليه، وسأله عن مسألة. فقال له: يا أبا عمارة، أما القرآن والفرائض فقد سلمناهما لك. قال أحمد: أنتم أهل القرآن، وأنتم أعلم به.

قال الوالد السعيد -يعني القاضي أبا يعلى والده- في "نقل القرآن ونظمه": فظاهر هذا الرجوع عن الكراهة. والذي عليه أصحابنا: الكراهة. وكراهته ليس يخرجها عن أن تكون قراءة مأثورة، لكن غيرها من اللغات أفصح وأظهر. اهـ

قال الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال"(1/ 605): قلت: قد انعقد الإجماع بأخرةٍ على تلقي قراءة حمزة بالقبول، والإنكار على من تكلم فيها. . اهـ

(3)

سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون، مولى محمد بن مزاحم. الإمام الكبير حافظ العصر، شيخ الإسلام. ولد بالكوفة سنة (107 هـ) اتفقت الأئمة على الاحتجاج بابن عيينة لحفظه وأمانته. توفي سنة (198 هـ)

ينظر: "تهذيب الكمال" للمزي (11/ 177)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (7/ 270)، و"سير أعلام النبلاء"(8/ 454)، و"تذكرة الحفاظ"(1/ 262)، و"غاية النهاية في طبقات القراء"(1/ 308).

(4)

في كتاب "جمال القراء" للسخاوي (2/ 472): قال هشام بن عمار صاحب ابن عامر: =

ص: 180

هارون (1)(2)، وغيرهما (3).

وعنه: والإدغام الكبير (4) لأبي عمرو بن العلاء (5)، واختار قراءة

= حدثنا جنادة بن محمد، سمعت سفيان الثوري يقول: لا تصلوا خلف من يقرأ بقراءة حمزة.

قال السخاوي (2/ 473): فأما ما روي عن سفيان بن عيينة فإن جنادة بن محمد غير معروف عند أهل الحديث، وقد كان هشام بن عمار يروي عن سفيان بن عيينة، فكيف روى عن هذا الرجل المجهول عنه. وإن صح أن سفيان قال ذلك فهو محمول عند أهل العلم على أن سفيان سمع من غير حمزة قراءة عزاها القارئ إلى حمزة، فأنكر ما فيها من الإفراط وتجاوز الحد. اهـ

(1)

هو يزيد بن هارون بن زاذي، أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي. الإمام القدوة الحافظ، شيخ الإسلام. ولد سنة (118 هـ) قال أبو حاتم: يزيد ثقة إمام لا يسأل عن مثله. توفي سنة (206 هـ).

ينظر: "تهذيب الكمال"(32/ 261)، و"سير أعلام النبلاء"(9/ 358).

(2)

قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(1/ 605): وكان يزيد بن هارون نهى عن قراءة حمزة.

رواه سليمان بن أبي شيخ وغيره عنه. وقال أحمد بن سنان القطان: كان يزيد بن هارون يكره قراءة حمزة كراهية شديدة. اهـ

(3)

كعبد الرحمن بن مهدي، وأبي بكر بن عياش، وعبد اللَّه بن إدريس. ينظر:"إغاثة اللهفان" لابن القيم (1/ 161)، و"جمال القراء"(2/ 472).

(4)

الإدغام: أن تصل حرفًا ساكنًا بحرف مثله من غير أن تفصل بينهما بحركة أو وقف، فيرتفع اللسان بالحرفين ارتفاعة واحدة.

والإدغام الكبير: سمي كبيرًا لأنه أكثر من الصغير، ولما فيه من تصيير المتحرك ساكنًا، وليس ذلك في الإدغام الصغير، ولما فيه من الصعوبة. وهو مما انفرد به أبو عمرو.

ينظر: "كتاب الإقناع في القراءات السبع" لأبي جعفر ابن الباذش المتوفى سنة 540 هـ (1/ 164 ، 195).

(5)

هو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان التميمي، المقرئ النحوي البصري الإمام، شيخ القراء والعربية، ولد سنة 70 هـ. =

ص: 181

نافع من رواية إسماعيل بن جعفر عنه، ثم قراءة عاصم.

وإن كان في قراءة زيادةُ حرفٍ فهي أفضل لأجل عشر حسنات، نقله حرب.

و{مَالِكِ} أحب إلى أحمد من {ملك} . (ثم يقرأ بعدها) أي بعد الفاتحة (سورة في) صلاة (الصبح من طوال المفصل) وهو من "ق" إلى "عم"، (و) يقرأ في (المغرب من قصاره) أي: المفصل، وهو من الضحى إلى آخر القرآن، (والباقي) وهو الظهر والعصر والعشاء (من أوساطه) وهو من "عم" إلى "الضحى"، ولا يكره أن يقرأ بأقصر من ذلك لعذر كمرض وسفر وغلبة نعاس ونحوه، وإلا كره بقصاره في صلاة فجر لا بطواله في صلاة مغرب، نص عليه (1) للخبر أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بالأعراف (2).

والسورة وإن قصرت أفضل من بعض سورة، وتجزئ آية، إلا أنه يستحب أن تكون طويلة.

وحرم تنكيس الكلمات، وتبطل الصلاة به، لا تنكيس السور والآيات، بل يكره ذلك.

وقال الشيخ تقي الدين: ترتيب الآيات واجب، لأنه ثبت بالنص (3)، وترتيب السور بالاجتهاد، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة،

= ينظر: "سير أعلام النبلاء"(6/ 457).

(1)

"الإنصاف"(3/ 463).

(2)

النسائي، كتاب الافتتاح، باب القراءة في المغرب بـ (آلمص) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين. وفي النسائي -أيضًا- عن زيد بن ثابت، قال النووي في "المجموع" (3/ 383) عن حديث عائشة: إسناده حسن. اهـ

(3)

أخرج الإمام أحمد بإسناد حسن -كما قال السيوطي في "الإتقان 1/ 60"- عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت جالسًا عند رسول اللَّه إذ شخص ببصره ثم صوبه، ثم قال: "أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضح من هذه السورة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ =

ص: 182

لكن لما اتفقوا على المصحف زمن عثمان، صار مما سنَّه الخلفاء الراشدون، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب اتباعها (1). انتهى (2).

ويكره الاقتصار على الفاتحة في الفرض أو النفل إلا في الأخيرتين من الرباعيات وثالثة المغرب، ولا يكره تكرار سورة في ركعتين، لحديث أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم كرَّر سورة الزلزلة في ركعتين (3). قلت: والذي يظهر -واللَّه أعلم- أنه صلى الله عليه وسلم إنما كررها لسبب فضلها، لأنه ورد فيها أنها تعدل نصف القرآن (4)، وهو صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على طلب الفضائل (5).

= وَالْإِحْسَانِ. . .} [النحل: 90] الآية. والنصوص في ذلك كثيرة استقصاها السيوطي في "الإتقان"(1/ 60، 61) قال: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبه في ذلك. اهـ

(1)

أخرج أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة (5/ 13، 14، 15)، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (5/ 44، 45)، وابن ماجه في المقدمة (1/ 15، 16، 17) عن العرباض بن سارية رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ وقال الحاكم في "المستدرك"(1/ 96): حديث صحيح ليس له علة. اهـ وصححه شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 579)، وقال ابن كثير في "تحفة الطالب" (ص 163): صححه الحافظ أبو نعيم، والدغولي. وقال شيخ الإسلام الأنصاري: هو أجود حديث في أهل الشام وأحسنه. اهـ

(2)

نقله في "الفروع"(1/ 311)، وينظر:"مجموع الفتاوى"(13/ 409 وما بعدها).

(3)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين (1/ 510، 511) عن معاذ بن عبد اللَّه الجهني أن رجلًا من جهينة أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} في الركعتين كلتيهما. فلا أدري أنسي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدًا.

قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(2/ 254): وليس في إسناده مطعن بل رجاله رجال الصحيح، وجهالة الصحابي لا تضر عند الجمهور وهو الحق. اهـ

(4)

الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في إذا زلزلت (5/ 165، 166) من حديث ابن عباس ومن حديث أنس. وكلاهما ضعفه الترمذي. ينظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(رقم 1342).

(5)

هذا استظهار ضعيف. ولو صح لكان التكرار -أيضًا- لسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ونحوها =

ص: 183

ولا يكره تفريق السورة في ركعتين، لحديث عائشة مرفوعًا: كان يقرأ البقرة في ركعتين. رواه ابن ماجه (1).

ولا يكره جمع سور في ركعة، لما في "الموطأ" عن ابن (2) عمر، أنه كان يقرأ في المكتوبة سورتين في كل ركعة (3)(ثم يركع) حال كونه (مكبرًا رافعًا يديه) ندبًا، لحديث أبي قلابة، أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ورفع يديه، ويحدث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صنع هكذا. متفق عليه (4). وهو مذهب أبي بكر، وعلي، وابن عمر، وجابر، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن الزبير، وغيرهم من الصحابة وأكثر أهل العلم (5). (ثم يضعهما) أي يديه (على ركبتيه) حال كونهما (مفرجتي الأصابع ويسوي ظهره) فيمده ويجعل رأسه حياله (6)، فلا يرفعه عنه ولا يخفضه (ويقول) في ركوعه:(سبحان ربي العظيم) لحديث عقبة بن عامر قال: لما نزلت: "فسبح باسم ربك العظيم"(7) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم" فلما

= مما ثبت فيه مزيد فضيلة. والصواب أن فعله صلى الله عليه وسلم ذلك لبيان الجواز. ينظر: "نيل الأوطار"(2/ 254)، و"بذل المجهود في حل أبي داود"(5/ 32).

(1)

لم أجده في ابن ماجه. وقد ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 274) وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات. اهـ وعزاه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(1/ 141) إلى أبي يعلى. وهو في "مسند أبي يعلى"(8/ 320، 321)، و"المقصد العلي في زوائد أبي يعلى" للهيثمي (رقم 405).

(2)

في الأصل: (أبي عمر) والتصويب من "الموطأ".

(3)

الموطأ، كتاب الصلاة، باب القراءة في المغرب والعشاء (1/ 79).

(4)

البخاري، كتاب الأذان، باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع (1/ 180)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 293).

(5)

ينظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 234، 235)، و"المغني"(2/ 172).

(6)

حياله: أي قبالته. ينظر: "اللسان"(11/ 196)، و"المطلع"(ص 75).

(7)

سورة الواقعة، الآيتان: 74، 96.

ص: 184

نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (1) قال: "اجعلوها في سجودكم". رواه أبو داود، وابن ماجه، وغيرهما (2)، والأفضل عدم الزيادة عليه، فإن زادوا: بحمده، فلا بأس (3).

وحكمة التخصيص أن الأعلى أفعل تفضيل بخلاف العظيم، والسجود غاية في التواضع لما فيه من وضع الجبهة وهي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام، ولهذا كان أفضل من الركوع، لقوله صلى الله عليه وسلم:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"(4) فجعل (5) الأبلغ مع الأبلغ، والمطلق مع المطلق.

والواجب من التسبيح مرة، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر عددًا فيما سبق. وسن تكريره (ثلاثًا) في قول عامة أهل العلم (6) (وهو أدنى

(1) سورة الأعلى، الآية:1.

(2)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (1/ 542)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (1/ 287)، وأحمد (4/ 155)، والدارمي، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع (1/ 241)، وابن حبان -الإحسان- (5/ 225)، والحاكم (2/ 477، 478)، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. وأقره الذهبي.

(3)

المذهب أن الأفضل قول: سبحان ربي العظيم فقط. وعن الإمام أحمد: الأفضل قول: سبحان ربي العظيم وبحمده. وحديث عقبة بن عامر دليل على الثاني، إذ قد ورد في بعض ألفاظه عند أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال: "سبحان ربي الأعلى وبحمده"، ثلاثًا. وإذا سجد قال:"سبحان ربي الأعلى وبحمده"، ثلاثًا. قال أبو داود بعده: هذه الزيادة (وبحمده) نخاف ألا تكون محفوظة. اهـ وقال النووي في "المجموع"(3/ 413): وفي رواتها مجهول. اهـ ينظر: "التلخيص الحبير"(1/ 258)، و"المغني"(2/ 179)، و"الإنصاف"(3/ 480، 481).

(4)

مسلم، كتاب الصلاة (1/ 350) عن أبي هريرة.

(5)

أي في حديث عقبة بن عامر. ينظر: "شرح منتهى الإرادات"(1/ 184)، و"معونة أولي النهي"(1/ 724).

(6)

"معونة أولي النهي"(1/ 725)، و"الإنصاف"(3/ 481)، و"شرح منتهى الإرادات" =

ص: 185

الكمال) حديث عون (1) عن ابن مسعود مرفوعًا: "إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم، وذلك أدناه. وإذا سجد فليقل: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا وذلك أدناه". رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، لكنه مرسل (2) كما ذكره الإمام البخاري في "تاريخه"(3) لأن عونًا لم يسمع من ابن مسعود، لكن عضده قول الصحابي، وفتوى أكثر أهل العلم (4). وأعلاه لإمام ومأموم عشر مرات، لما روي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي كصلاة عمر بن عبد العزيز، فحزروا (5) ذلك بعشر

= (1/ 184).

(1)

في الأصل (عوف) والتصحيح من مصادر الحديث.

(2)

هذا التخريج منقول من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 184)، و"الشرح" نقله من "مختصر المنذري لسنن أبي داود"(1/ 422، 423) ومعنى قوله: مرسل. أي منقطع. وهذا على قول من قال: إن المرسل ما سقط راوٍ من إسناده فأكثر من أي موضع كان. وهو اصطلاح لبعض المحدثين المتقدمين. ينظر: "شرح ألفية العراقي" للعراقي (1/ 144، 146)، و"فتح المغيث"(1/ 156)، و"توضيح الأفكار" للصنعاني (1/ 283)، و"عون المعبود شرح سنن أبي داود"(3/ 141).

(3)

"التاريخ الكبير"(1/ 405).

(4)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود (1/ 550) والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود (2/ 46، 47)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب التسبيح في الركوع والسجود (1/ 287، 288). قال أبو داود: هذا مرسل. عون لم يدرك عبد اللَّه. اهـ

وقال الترمذي: حديث عبد اللَّه ليس إسناده بمتصل، عون بن عبد اللَّه بن عتبة لم يلق ابن مسعود. والعمل على هذا عند أهل العلم. . اهـ

وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي"(2/ 119، 120): ومع عدم اتصال السند، فيه: إسحاق بن يزيد الهذلي وهو مجهول. . . اهـ ثم ذكر المباركفوري شواهد هذا الحديث وقال: والظاهر أن هذه الأحاديث بمجموعها تصلح أن يستدل بها على استحباب أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات. واللَّه أعلم. اهـ

(5)

حزروا: قدروا وفرضوا. ينظر: "اللسان"(4/ 185)، و"القاموس"(479).

ص: 186

تسبيحات (1).

وأعلى الكمال لمنفرد العرف (2). وكذا سبحان ربي الأعلى في سجوده، حكمه حكم الركوع (3).

(ثم يرفع رأسه و) يرفع (يديه معه) إلى حذو منكبيه فرضًا كانت الصلاة أو نفلًا، صلى قائمًا أو جالسًا، إذ هو من تمام الصلاة، حيث شرع (قائلًا) إمام ومنفرد:(سمع اللَّه لمن حمده) مرتبًا وجوبًا، لحديث ابن عمر المتفق عليه في صفة [صلاة] (4) النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: إذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك -أي رفع يديه إلى حذو منكبيه- وقال: سمع اللَّه لمن حمده (5)

(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود (1/ 551)، والنسائي، كتاب التطبيق، باب عدد التسبيح في السجود (2/ 224، 225) قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(2/ 275): رجال إسناده كلهم ثقات إلا عبد اللَّه بن إبراهيم بن عمر بن كيسان أبو يزيد الصنعاني. قال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ وضعفه الألباني في "إرواء الغليل"(2/ 65) بوهب بن مانوس. ونقل عن ابن القطان أنه قال عنه: مجهول الحال. اهـ

تنبيه: ساق المؤلف الحديث تبعًا لـ "معونة أولي النهي"(1/ 726) وهو خطأ. وصواب الاختصار أن يقال: "إن عمر بن عبد العزيز كان يصلي كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فحزروا. . . " ونص الحديث من السنن: عن وهب بن مانوس. قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء أحد بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى -يعني عمر بن عبد العزيز. . . الحديث.

(2)

أي: المتعارف في موضعه. "شرح منتهى الإرادات"(1/ 184).

(3)

أي حكم تسبيح الركوع فيما يجب، وأدنى الكمال وأعلاه. "شرح منتهى الإرادات"(1/ 184).

(4)

ما بين معقوفين سقط من الأصل. والتصحيح من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 185).

(5)

البخاري، كتاب الأذان، باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى (1/ 179)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 292) وليس عند مسلم:"سمع اللَّه لمن حمده".

ص: 187

[ومعنى: "سمع اللَّه لمن حمده"](1): تقبله وجازاه عليه.

(وبعد انتصابه) قليلًا من الركوع يقول: (ربنا ولك الحمد، ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد) أي: بعد السماء والأرض، كالكرسي وغيره، مما لا يعلم قدره إلا اللَّه تعالى. والمعنى: حمدًا لو كان أجسامًا لملأ ذلك. وإثبات واو "ولك" أفضل نصًّا (2)، للاتفاق عليه (3). و"ملء" يجوز نصبه على الحال، ورفعه على الصفة. والمعروف في الأخبار "السموات" لكن قال الإمام وأكثر الأصحاب بالإفراد (4). (و) يقول (مأموم: ربنا ولك الحمد فقط) لحديث أنس، وأبي هريرة مرفوعًا:"إذا قال الإمام سمع اللَّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد". متفق عليه (5)، فاقتصر على أمرهم يقول: ربنا ولك الحمد، فدل على أنه لا يشىرع لهم غيره.

(ثم يكبر) من غير رفع يدين (ويسجد على الأعضاء السبعة) الجبهة، والأنف، واليدين، والرجلين، والركبتين (فيضع ركبتيه) أولًا بالأرض (ثم يديه) لحديث وائل بن حجر قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. رواه أبو داود وغيره (6)

(1) ما بين معقوفين سقط من الأصل. وهو من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 185).

(2)

ينظر: "الإنصاف"(3/ 488).

(3)

في "شرح المنتهى"(1/ 185): للاتفاق عليه من رواية ابن عمر وأنس وأبي هريرة. ولأنه أكثر حروفًا.

(4)

ينظر: "الإنصاف"(3/ 488).

(5)

البخاري، كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة (1/ 179)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 309، 310).

(6)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه (1/ 524)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود (2/ 36)، والنسائي، كتاب التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده (2/ 206، 207)، =

ص: 188

(ثم) يضع (جبهته وأنفه) فإن عجز عن سجود بالجبهة، لم يلزمه بغيرها من الأعضاء، لأنها الأصل فيه، وغيرها تبع لها، ويومئ عاجز عن السجود بالجبهة غاية ما يمكنه وجوبًا، لحديث:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(1). ولا يجزئ وضع بعض أعضاء السجود فوق بعض (وسن كونه) أي: المصلي (على أطراف أصابعه) أي: أصابع رجليه في حال سجوده، (و) سن (مجافاة) رجل (عضديه عن جنبيه، و) مجافاة (بطنه عن فخذيه) وفخذيه عن ساقيه، لحديث عبد اللَّه بن بحينة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنِّح (2) في سجوده حتى يرى وضح (3) إبطه. متفق عليه (4)، إلا أن يؤذي من إلى جنبيه فيجب تركه لحصول الإيذاء المحرم.

(و) سن (تفرقة ركبتيه) في سجوده، لما في حديث أبي حميد: وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه (5). (ويقول:

= وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب السجود (1/ 286).

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. لا نعرف أحدًا رواه مثل هذا عن شريك -أحد رجال السند- اهـ وصححه هذا الحديث -أيضًا- ابن حبان والحاكم وأومأ إلى أنه على شرط مسلم. وقال الخطابي: هو أثبت من حديث تقديم اليدين وهو أرفق بالمصلى في المشكل ورأي العين. ينظر: "خلاصة البدر المنير"(1/ 132).

(1)

تقدم (ص 156).

(2)

يجنح: أي: يرفع ساعديه في السجود ولا يفترشهما ويجافيهما عن جانبيه، ويعتمد على كفيه، فيصيران له مثل جناحي الطائر. ينظر:"النهاية"(1/ 305)، و"اللسان"(2/ 430).

(3)

وضح إبطه: أي: البياض الذي تحته. والوضح: البياض من كل شيء. ينظر: "اللسان"(2/ 634).

(4)

البخاري، كتاب الصلاة، باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود (1/ 102)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 356).

(5)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة (1/ 471)، وأشار في "إرواء الغليل" (2/ 80) إلى أن هذه الزيادة محتملة للتحسين. اهـ ينظر: "جزء حديث أبي حميد الساعدي في =

ص: 189

سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، وهو أدنى الكمال) كما تقدم (1).

(ثم يرفع) من السجود حالة كونه (مكبرًا ويجلس) بين السجدتين (مفترشًا) بأن يبسط رجله اليسرى، ويجلس عليها، وينصب يمناه، ويخرجها من تحته، ويثني أصابعها نحو القبلة، ويجعل بطونها (2) على الأرض، ويبسط يديه على فخذيه مضمومتي الأصابع. قال الأثرم: تفقدت أبا عبد اللَّه، فوجدته يفتح أصابع رجله اليمنى، ويستقبل بها القبلة (3). انتهى. (ويقول) بين السجدتين:(رب اغفر لي ثلاثًا. وهو أكمله) إمامًا كان أو غيره.

(ويسجد الثانية كذلك) أي كالأولى (ثم ينهض مكبرًا معتمدًا على ركبتيه بيديه، فإن شق ذلك فبالأرض (4)) أي يعتمد على الأرض بيديه (فيأتي بمثلها) أي بمثل الركعة الأولى (غير النية و) غير (التحريمة، و) غير (الاستفتاح) فلا يعيده، لأن محله الأولى فقط، (و) غير (التعوذ إن كان تعوذ) أولًا، وإلا تعوذ فيها (ثم يجلس) بعد فراغه من الثانية (مفترشًا) كجلوسه بين السجدتين (وسن وضع يديه على فخذيه وقبض الخنصر (5) والبنصر (6) من يمناه وتحليق إبهامهما مع الوسطى وإشارته بسبابتها) أي: يده اليمنى (في تشهد، و) في (دعاء عند ذكر اللَّه تعالى مطلقًا) أي: في التشهد وفي غير الصلاة.

= صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" للشيخ محمد بازمول (ص 46، 47).

(1)

(ص 185).

(2)

أي: بطون الأصابع.

(3)

ينظر: "الشرح الكبير"(3/ 520)، و"معونة أولي النهي"(1/ 743)، و"شرح المنتهى"(1/ 188).

(4)

في الأصل: فالأرض. والمثبت من "أخصر المختصرات"(ص 113).

(5)

الِخنصِر بكسر الخاء والصاد: الأصبع الصغرى. ينظر: "المطلع"(ص 79).

(6)

البِنصِر بكسر الباء والصاد: الأصبع التي تلي الخنصر. ينظر: "المطلع"(ص 79).

ص: 190

(و) سن (بسط) يده (اليسرى) في التشهد فلا يقبض من أصابعها شيئًا (ثم يتشهد) وجوبًا، ويسر به استحبابًا (فيقول: التحيات للَّه) جمع تحية، أي: العظمة، روي ذلك عن ابن عباس (1). وعن أبي عمرو (2): الملك والبقاء (3). وعن ابن الأنباري (4): السلام (5). وجُمِعَ لأن ملوك الأرض يحيون بتحيات مختلفة.

(والصلوات) قيل: الخمس. وقيل المعلومة في الشرع. وقيل: الرحمة. وقال الأزهري: العبادات كلها (6). وقيل: الأدعية، أي هو المعبود بها (7).

(والطيبات) أي: الأعمال الصالحة، روي ذلك عن ابن عباس (8). أو من الكلام. قاله ابن الأنباري (9). (السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته) جمع بركة، وهي النماء والزيادة. (السلام علينا) أي الحاضرين من إمام ومأموم وملائكة. (وعلى عباد اللَّه الصالحين) جمع صالح، والصالح القائم بحقوق اللَّه تعالى، وحقوق عباده، والمكثر من العمل الصالح بحيث

(1) ذكره في "المغني"(2/ 232).

(2)

هو أبو عمرو ابن العلاء، تقدمت ترجمته (ص 181).

(3)

ذكره في "المغني"(2/ 232).

(4)

هو أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار ابن الأنباري. الإمام الحافظ اللغوي، المقرئ النحوي. ولد سنة (272 هـ) ألف كتاب "الزاهر في معاني كلمات الناس"، و"غريب الحديث"، و"شرح المفضليات"، و"شرح السبع الطوال" وغيرها. توفي سنة (328 هـ) ينظر:"تاريخ بغداد"(3/ 181)، "طبقات الحنابلة"(2/ 69، 73)، "الأنساب"(1/ 355)، و"سير أعلام النبلاء"(15/ 274).

(5)

ذكره في "المغني"(2/ 232). وينظر: "لسان العرب"(14/ 216).

(6)

"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"(ص 65).

(7)

ينظر: "المطلع"(ص 79، 80).

(8)

ذكره في "المغني"(2/ 232).

(9)

"الزاهر في معاني كلمات الناس"(1/ 155).

ص: 191

لا يعرف منه غيره (1)، ويدخل فيه النساء، ومن لا يشاركه في صلاته، لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فإنكم إذا قلتموها، أصابت كل عبد صالح للَّه في السماء والأرض"(2). (أشهد أن لا إله إلا اللَّه) أي: أخبر بأني قاطع بالوحدانية، ومن خواص لا إله إلا اللَّه أن حروفها كلها جوفية ليس فيها حرف شفوي، لأن المراد به الإخلاص، فيأتي بها من خالص (3) جوفه وهو القلب لا من الشفتين، وكل حروفها مهملة دالة على التجرد من كل معبود سوى اللَّه تعالى. (وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) لحديث ابن مسعود قال: كنا إذا جلسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على اللَّه من عباده، السلام على جبرائيل، السلام على فلان. فسمعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"إن اللَّه هو السلام، فإذا جلس أحدكم فليقل: التحيات. . . إلخ. قال: ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو به"(4). وفي لفظ: علمني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن (5). قال الترمذي: هو أصح حديث في التشهد. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين (6). وليس في المتفق عليه حديث غيره. رواه -أيضًا- ابن عمر (7)، . . . . . . . . . . .

(1) ينظر: "المطلع"(ص 80، 81).

(2)

البخاري، كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة (1/ 202)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 301، 302) عن ابن مسعود.

(3)

في الأصل: خلاص. والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 190).

(4)

تقدم تخريجه قبل تعليقة واحدة.

(5)

البخاري، كتاب الاستئذان، باب الأخذ باليدين (7/ 136)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 302).

(6)

الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التشهد (2/ 81، 82).

(7)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشهد (1/ 593، 594) وقال الدارقطني في "سننه"(1/ 351): إسناده صحيح. اهـ

ص: 192

وجابر (1)، وأبو هريرة (2)، وعائشة (3). ويترجح بأنه اختص بأنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يعلمه الناس. رواه أحمد (4).

(ثم ينهض) قائمًا (في) صلاة (مغرب ورباعية) كظهر (مكبرًا) لأنه انتقال إلى قيام فأشبه القيام من السجود الأولى (5)(ويصلي الباقي) من صلاته، وهو ركعة من مغرب، وركعتان من رباعية (كذلك) أي كالركعتين الأول، إلا أن قراءته هنا تكون (سرًّا) ويكون (مقتصرًا على الفاتحة) للأخبار الصحيحة (6).

(ثم يجلس) للتشهد الثاني (متوركًا) بأن يفترش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ويخرجهما من تحته عن يمينه ويجعل إليتيه على الأرض (7). لقول أبي حميد في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم: فإذا كان في الرابعة أفضى إلى الأرض بوركه اليسرى، وأخرج قدميه من ناحية واحدة. رواه أبو داود (8).

(1) النسائي، كتاب التطبيق، باب نوع آخر من الشهد (2/ 243)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الشهد (1/ 292) من حديث أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن جابر. وهو حديث ضعيف. ينظر:"التلخيص الحبير"(1/ 283، 284)، و "نصب الراية"(1/ 421)، و"المجموع"(3/ 457).

(2)

أخرجه أبو بكر بن مردويه بإسناد صحيح. كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 286).

(3)

مالك في "الموطأ"(1/ 91).

(4)

"المسند"(1/ 376) عن عبد اللَّه بن مسعود.

(5)

في "شرح المنتهى"(1/ 190): من سجود الأولى.

(6)

كحديث أبي قتادة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، ويسمعنا الآية أحيانًا. ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب. متفق عليه.

(7)

ينظر: "أساس البلاغة"(2/ 502)، و"التوقيف"(ص 214)، و"المطلع"(ص 84).

(8)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب من ذكر التورك في الرابعة، وفي باب افتتاح الصلاة (1/ 468، 469، 490). قال المنذري "المختصر"(1/ 357): وفي إسنادها عبد اللَّه بن =

ص: 193

وخُص التشهد الأول بالافتراش، والثاني بالتورك خوف السهو، ولأن الأول خفيف والمصلي بعده يبادر للقيام بخلاف الثاني، فليس بعده عمل، بل يسن مكثه لنحو تسبيح ودعاء.

وإن سجد لسهو بعد السلام في ثلاثية أو رباعية تورك في تشهد سجوده، وفي ثنائية [و](1) وتر يفترش.

(فيأتي بالتشهد الأول) كما تقدم (ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم) أي إبراهيم وآله (إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)

لحديث كعب بن عجرة قال: قلنا: يا رسول اللَّه قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: "اللهم صلِّ على محمد. . . إلخ". متفق عليه (2).

(وسن أن يتعوذ) من أربع (فيقول: أعوذ باللَّه من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات) أي: الحياة والموت (ومن فتنة المسيح الدجال) لحديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فليتعوذ باللَّه من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال". رواه مسلم وغيره (3). والمسيح بالحاء المهملة على المعروف (4).

= لهيعة. وفيه مقال. اهـ

(1)

ما بين معقرفين ليس في الأصل. وأضفته من "كشاف القناع"(1/ 363).

(2)

البخاري، كتاب الأنبياء، باب (4/ 118)، ومسلم، كتاب الصلاة (1/ 305).

(3)

مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 412). وقد رواه البخاري دون ذكر التشهد، في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر (2/ 103).

(4)

ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(2/ 318) أن بعضهم قال بالخاء المعجمة في الدجال. ونسب قائل ذلك إلى التصحيف. اهـ ينظر: "مجمل اللغة"(3/ 830، 831)، و"اللسان"(2/ 594، 595)، و"المصباح المنير"(2/ 786)، و"المطلع"(83، 84).

ص: 194

وسن -أيضًا- أن يقول: (اللهم إني أعوذ بك من المأثم (1) و) من (المغرم (2)) لما في "الصحيحين"(3) من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم ومن المغرم".

وإن دعا بما ورد في القرآن نحو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} (4) فلا بأس به.

أو دعا بما ورد في السنة نحو: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت. فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" متفق عليه من حديث الصديق حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به. قال: "قل". . . فذكره (5).

أو دعا بما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم كحديث (6) ابن

(1) المأثم: الأمر الذي يأثم به الإنسان. أو هو الإثم نفسه، وضعًا للمصدر موضع الاسم. ينظر:"النهاية"(1/ 24)، و"اللسان"(12/ 6).

(2)

المغرم: مصدر وضع موضع الاسم. ويريد من مغرم الذنوب والمعاصي. وقيل: المغرم كالغُرْم وهو الدَّين، ويريد به ما استدين فيما يكرهه اللَّه، أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه. فأما دين احتاج إليه، وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه. ينظر:"النهاية"(3/ 363)، و"اللسان"(12/ 436).

(3)

البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام (1/ 202)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 412).

(4)

سورة البقرة، الآية:201.

(5)

البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام (1/ 203)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء (4/ 2078).

(6)

في الأصل (لحديث)، والمثبت من "شرح المنتهى"(1/ 192)، و"معونة أولي النهي"(1/ 756).

ص: 195

مسعود [موقوفًا](1)، وذهب إليه أحمد (2). قال ابنه عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في سجوده: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصن وجهي عن المسألة لغيرك (3).

أو دعا بأمر الآخرة، لعموم حديث أبي هريرة -السابق- (4) وقوله صلى الله عليه وسلم:"أما السجود، فأكثروا فيه الدعاء"(5). ولم يعين لهم ما يدعون به، فدل على إباحته لهم جميع الدعاء إلا ما خرج منه بدليل، ولقوله صلى الله عليه وسلم في قنوته:"اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة"(6).

ولا تبطل -أيضًا- بقوله: لعنه اللَّه، عند ذكر الشيطان. ولا بتعويذ نفسه بقرآن لحمى ونحوها، ولا يقول: بسم اللَّه، للدغ عقرب.

(وتبطل) الصلاة (بدعاء بأمر الدنيا) نحو: اللهم ارزقني جارية حسناء، أو طعامًا طيبًا، ونحو ذلك، مما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها،

(1) ما بين معقوفين من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 192) وفي الأصل (مرفوعًا) وهو خطأ. والموقوف عند المحدثين: ما قصر على الصحابة قولًا كان أو فعلًا أو نحوهما، ولم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ينظر:"شرح ألفية العراقي" للعراقي (1/ 123)، و"فتح المغيث"(1/ 123)، و"تدريب الراوي"(1/ 184)، وأثر ابن مسعود المشار إليه أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 206، 207)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 296) عن ابن مسعود أنه كان يعلمهم التشهد ثم يقول:"اللهم إني أسألك من الخير كله، ما علمت منه وما لم أعلم. . . " إلخ

(2)

"المغني"(2/ 234، 235).

(3)

"المغني"(2/ 236).

(4)

تقدم (ص 193). والشاهد منه ورد في رواية النسائي (3/ 58) وفيه: "إذا تشهد أحدكم فليتعوذ باللَّه من أربع. . . ثم يدعو لنفسه بما بدا له".

(5)

مسلم، كتاب الصلاة (1/ 348) عن ابن عباس بلفظ:"فأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم".

(6)

البخاري، كتاب الأذان، باب يهوي بالتكبير حين يسجد (1/ 194، 195).

ص: 196

لحديث: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن". رواه مسلم (1).

وتبطل إن دعا لشخص معين بكاف الخطاب لغير النبي (2) صلى الله عليه وسلم (ثم يقول عن يمينه، ثم عن يساره) استحبابًا: (السلام عليكم ورحمة اللَّه) والأولى أن لا يزيد، لحديث سعد بن أبي وقاص قال: كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم[يُسَلِّمُ](3) عن يمينه وعن يساره حتى يُرى بياض خده. رواه مسلم (4).

ويكون تسليمه [مرتبًا](5)(معرفًا) بأل (وجوبًا) ولا يجزئ: سلام

(1) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 381، 382). وما ذكره المؤلف هو المذهب. وعن الإمام أحمد رواية أخرى أنه يجوز الدعاء بحوائج دنياه وملاذها. اختاره ابن قدامة كما في "المغني"(2/ 237). ينظر: "الإنصاف"(3/ 556)، و"الشرح الكبير"(3/ 558).

(2)

قال في "الإنصاف"(3/ 558): قولًا واحدًا. اهـ فإذا لم يأت في الدعاء بكاف الخطاب فعن أحمد روايات: الأولى -وهي الصحيح من المذهب- يجوز الدعاء في الصلاة لشخص معين. الثانية: لا يجوز. الثالثة: التفريق بين النفل والفرض فيجوز في نفل. الرابعة: يكره. ينظر: "الإنصاف"(3/ 558، 559).

(3)

ما بين معقوفين سقط من الأصل. والمثبت من "صحيح مسلم".

(4)

مسلم، كتاب المساجد (1/ 409).

وقول المؤلف: الأولى أن لا يزيد. فيه نظر. فقد جاء في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. وعن شماله: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. رواه أبو داود. قال الحافظ في "البلوغ"(ص 65): بإسنادٍ صحيح. اهـ وفي حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "السلام عليكم ورحمة اللَّه، عن يمينه. السلام عليكم، عن يساره" رواه أحمد والنسائي. وصححه الألباني في "صفة الصلاة"(188).

قال في "شرح المنتهى"(1/ 193): الأولى أن لا يزيد وبركاته لعدم وروده في أكثر الأخبار، لكنه لا يضر لفعله صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود من حديث وائل. اهـ

(5)

ما بين معقوفين ليس في الأصل. وهو في "أخصر المختصرات"(ص 114).

ص: 197

عليكم، ولا سلامي عليكم، ولا سلام اللَّه عليكم، ولا عليكم السلام، ولا السلام عليهم، لأن الأحاديث قد صحت بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:"السلام عليكم"(1) ولم ينقل عنه خلافه. وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"(2).

وسن التفاته عن يساره أكثر من التفاته عن يمينه، لحديث عمار -مرفوعًا-: كان يسلم عن يمينه حتى يُرى بياض خده الأيمن، وإن سلم عن يساره يُرى بياض خده الأيمن والأيسر. رواه يحيى بن محمد بن صاعد (3) بإسناده (4).

وسن -أيضًا- حذف السلام، وهو: أن لا يطيله (5)، لقول أبي هريرة: حذف السلام سنة. وروي مرفوعًا، رواه الترمذي وصححه (6).

(1) تقدم (ص 196).

(2)

تقدم (ص 175).

(3)

هو: يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب. الإمام الحافظ المجود الثقة، محدث العراق. ولد سنة (228 هـ) صنف:"السنن في الفقه"، و"القراءات"، و"مسند ابن أبي أوفى" و"مسند أبي بكر الصديق" وغيرها. توفي سنة (318 هـ).

ينظر: "تاريخ بغداد"(14/ 231)، و"تاريخ ابن عساكر"(18/ 89 أ)، و"سير أعلام النبلاء"(14/ 501)، و"هداية العارفين"(2/ 517).

(4)

أخرجه من طريق ابن صاعد: الدارقطني في "سننه"(1/ 356) قال العظيم آبادي في "التعليق المغني على الدراقطني"(1/ 356، 357): رواته كلهم محتج بهم. اهـ

(5)

حذف السلام: تخفيفه، وترك الإطالة فيه، وعدم مدِّه. ينظر:"النهاية"(1/ 356) و"لسان العرب"(9/ 40)، و"القاموس"(1032)، و"سنن الترمذي"(2/ 94).

(6)

الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن حذف السلام سنة (2/ 93، 94) موقوفًا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقد روي هذا الحديث مرفوعًا، كما ذكر المؤلف: أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب حذف التسليم (1/ 610) وذكر أبو داود عقبه ما يدل على ضعف رفع هذا الحديث. وصحح الدارقطني في "العلل"(9/ 247) كونه موقوفًا. قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 142، 143): وهو لا يصح لا موقوفًا هكذا، ولا مرفوعًا كما ذكره أبو داود، من أجل أنه في حاليه من رواية قرة بن عبد الرحمن بن حَيْوئيل، =

ص: 198

وسن جزمه (1) لقول النخعي (2): السلام جزم والتكبير جزم (3).

وسن -أيضًا- نيته به لخروج من الصلاة، لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة.

(وامرأة كرجل) في جميع ما تقدم، لشمول الخطاب لها في قوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(4). إلا في صور ذكرها بقوله: (لكن تجمع نفسها) في نحو ركوع وسجود، فلا تسن لها المجافاة، لحديث يزيد (5) بن أبي حبيب، أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ على امرأتين تصليان فقال:"إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى بعض فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل". رواه أبو داود في "مراسيله"(6) ولأنها عورة، فالأليق لها الانضمام.

= وهو ضعيف، ولم يخرج له مسلم محتجًا به، بل مقرونًا بغيره. . . اهـ

(1)

الجزم هو القطع. ومعنى قول إبراهيم: أنهما لا يمدان ولا يعرب أواخر حروفهما، لكن يسكن فيقال: اللَّه أكبر. السلام عليكم ورحمة اللَّه. كذا قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 270) وتبعه في "لسان العرب"(12/ 97) وقد تعقب ذلك الحافظ ابن حجر بقوله: وفيما قالوه نظر، لأن استعمال لفظ الجزم في مقابل الإعراب اصطلاح حادث لأهل العربية فكيف تحمل عليه الألفاظ النبوية -يعني على تقدير الثبوت- وجزم بأن المراد بحذف السلام وجزم التكبير: الإسراع به. اهـ "التلخيص الحبير"(1/ 239) ونقله عنه تلميذه السخاوي في "الأجوبة المرضية"(1/ 379).

(2)

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي. الإمام الحافظ فقيه العراق، أحد الأعلام. توفي آخر سنة (95 هـ). ينظر:"سير أعلام النبلاء"(4/ 520)، و"تذكرة الحفاظ"(1/ 73).

(3)

ذكره عنه الترمذي في "سننه"(2/ 95).

(4)

تقدم (ص 175).

(5)

في الأصل: (زيد) تبعًا لشرح منتهى الإرادات (1/ 193) والصواب ما أثبته. ينظر: "المراسيل" لأبي داود (ص 118)، وهو أبو رجاء، يزيد بن أبي حبيب، الأزدي، من صغار التابعين، كان من الرواة الثقات. (ت 128 هـ). ينظر:"سير أعلام النبلاء"(6/ 31).

(6)

"المراسيل" لأبي داود (ص 118).

ص: 199