الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يكره وضع الحصى بالمساجد كما في مسجده صلى الله عليه وسلم زمنه، وبعده، ويحرم إخراج تراب المساجد، وإخراج طيبها، في الحل والحرم، لتبرُّك وغيره، لأنه انتفاع بالموقوف في غير جهته. قال أحمد: إذا أراد أن يستشفي بطيب الكعبة، لم يأخذ منه شيئًا، ويلزق عليها طيبًا من عنده، ثم يأخذه (1).
تتمة:
حد حرم مكة مات كل جهة عليه أنصاب، لم تزل معلومة، فلا حاجة لتسميتها. ويستحب المجاورة بمكة. وهي أفضل من المدينة لحديث عبد اللَّه بن عدي بن الحمراء، أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول، وهو واقف بالحزورة في سوق مكة:"واللَّه إنك لخير أرض اللَّه وأحب أرض اللَّه إلى اللَّه، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت"(2). رواه أحمد، وغيره. وقال الترمذي: حسن صحيح.
قال ابن عقيل: الكعبة أفضل من مجرد الحجرة، فأما والنبي صلى الله عليه وسلم فيها فلا واللَّه. ولا العرش، وحملته، والجنة، لأن بالحجرة جسدًا لو وزن به لرجح (3). وتضاعف الحسنة والسيئة، بمكان فاضل، وزمن فاضل، لقول ابن عباس (4). وسئل أحمد: هل تكتب السيئة أكثر من واحدة؟ قال: لا،
(1) المصدر السابق.
(2)
مسند أحمد (4/ 305) والترمذي، في المناقب، في فضل مكة (5/ 722) والنسائي، في السنن الكبرى، الحج (2/ 479) وفيه بالجرول، وابن ماجه، في المناسك باب فضل مكة (2/ 1037) وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. اهـ
(3)
نقله ابن مفلح في "الفروع"(3/ 491، 492).
(4)
ذكر ابن جماعة في "هداية السالك"(2/ 928): أن ابن عباس سئل عن مقامه بغير مكة، فقال:"مالي وبلد تضاعف فيها السيثات، كما تضاعف فيها الحسنات". فحمل ذلك من سمعه على مضاعفة السيئات بالحرم، ثم اختلفوا في تضعيفها، فقيل: كمضاعفة الحسنات =
إلا بمكة، لتعظيم البلد، ولو أن رجلًا بعدن وَهَمَّ أن يقتل عند البيت، أذاقه اللَّه من العذاب الأليم (1).
(و) حرم (صيد حرم المدينة) المشرفة، وتسمى طابة وطيبة (2)؛ للخبر (3)، والأولى ألا تسمى يثرب، وإن صاده وذبحه؛ صحت تذكيته،
= البحرم. وقيل: كمضاعفة الحسنات خارج الحرم.
قال ابن جماعة: وهذا حرجٌ منفيٌّ بما وضح من القرآن الكريم، قال تعالى -وهو أصدق القائلين- {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} .
وتعظيم الحرم ممكن بغير حرج التضعيف، فلا جرم قلنا بتعظيم الجناية في الحرم حتى غُلِّظت الدية على القاتل فيه. . إلى أن قال. وأكثر أهل العلم على أن السيئة لا تضاعف بمكة. اهـ
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد قال: رأيت عبد اللَّه بن عمرو بعرفة، ومنزله في الحل، ومسجده في الحرم. فقلت له: لم تفعل هذا؟ قال: لأن العمل فيه أفضل والخطيئة فيه أعظم. "الدر المنثور"(6/ 29).
(1)
"الفروع"(3/ 493) وقد جاء هذا من قول ابن مسعود. أخرجه ابن أبي شيبة، الحج، في حرمة البيت وتعظيمه (ص 284. 285 من الجزء المفقود) قال الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان" (5/ 95): وهذا ثابت عن ابن مسعود، ووقفه عليه أصح من رفعه. اهـ
(2)
ذكر في "معجم البلدان"(5/ 82، 83) أن للمدينة تسعة وعشرين اسمًا، ثم ساقها. وذكر السمهودي في "وفاء الوفاء"(1/ 8، 27) لها أربعة وتسعين اسمًا، ينظر لتحقيق ما ثبت من الأسماء:"الأحاديث الواردة في فضائل المدينة" للدكتور صالح الرفاعي (ص 31، 39).
(3)
أخرج البخاري، في الزكاة، باب خرص التمر (2/ 132) ومسلم، في الفضائل (4/ 1785) في حديث طويل عن أبي حميد الساعدي حتى أشرفنا على المدينة فقال: هذه طابة. . . الحديث. وفي "صحيح مسلم" -أيضًا- كتاب الحج (2/ 1007) عن جابر بن سمرة مرفوعًا: "إن اللَّه سمى المدينة طابة"، وأما تسمية المدينة بطيبة فجاء في حديث تميم الداري الطويل، أخرجه مسلم، في الفتن (4/ 2264)، وفي حديث زيد بن ثابت في "مسلم" (2/ 1007) مرفوعًا:"إنها طيبة، وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة".
جزم به في "الإقناع"(1).
(و) حرم (قطعُ شجره وحشيشه) لحديث: "إن إبراهيم حرّم مكة، ودعا لأهلها، وإني حرّمت المدينة، كما حرم إبراهيم مكة، ودعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة"(2). متفق عليه (لغير حاجة علف وفتب ونحوهما) كالمساند، والحرث، مما تدعو إليه الحاجة، لحديث أحمد، عن جابر بن عبد اللَّه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم المدينة قالوا: يا رسول اللَّه، إنا أصحاب عمل، وأصحاب نضح، وإنا لا نستطيع أرضًا غير أرضنا، فرخِّص لنا. فقال:"القائمتان، والوسادة، والعارضة، والمسدّ (3)، وأما غير ذلك فلا يعضد"(4) رواه أحمد. والقائمتان اللتان تنصب البكرة عليهما، والعارضة هي التي بين القائمتين، والمسدّ عود البَكَرة.
(1)(1/ 378).
(2)
البخاري، في البيوع، باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده (3/ 22، ومسلم، في الحج (2/ 991) عن عبد اللَّه بن زيد رضي الله عنه.
(3)
في الأصل، و"شرح المنتهى" (2/ 48) وكثير من كتب المذهب: المسند. بزيادة النون. وهو خطأ.
والمسد: مرود البكرة، وهي: خشبة أو حديدة مستديرة، في وسطها محور تدور عليه، وهو المسد، وبعضهم يسمى المحور: مرودًا إذا كان من حديد. ينظر: "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان"(9/ 68) و"غريب الحديث" لإبراهيم الحربي (2/ 519) و"لسان العرب"(3/ 191 ، 4/ 80).
(4)
لم أقف عليه، وقد نسبه في "وفاء الوفاء"(1/ 111) إلى ابن زبالة.
وقد أخرج الطبراني في الكبير (17/ 18) والخطابي في "غريب الحديث"(1/ 672) من طريق كثير بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في قطع المسد، والقائمتين، والمنجدة" هذا لفظ الخطابي.
قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 304): رواه الطبراني في الكبير، وفيه كثير بن عبد اللَّه المزني، وهو متروك. اهـ
وعن علي مرفوعًا: "المدينة حرمها ما بين عير إلى ثور، لا يختلى خلالها، ولا ينفر صيدها، ولا يصلح أن تقطع منها شجرة، إلا أن يعلف الرجل بعيره"(1) رواه أبو داود.
ومن أدخلها صيدًا، فله إمساكه، وذبحه، نصًّا (2)، لحديث:"يا أبا عمير ما فعل النغير؟ "(3) -بالغين المعجمة- هو طائر صغير، كان يلعب به، متفق عليه (ولا جزاء) فيما حرم من ذلك. قال أحمد: لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أحدًا من أصحابه، حكموا فيه بجزاء (4).
وحرمها: بريدٌ في بريد، نصًّا (5)، وهو ما بين ثور، وهو: جبل صغير، يضرب لونه إلى الحمرة، بتدوير، وهو خلف أحد من جهة الشمال. وعَير، وهو: جبل مشهور بالمدينة، لحديث علي المتقدم (6)، وذلك ما بين لابتيها، لحديث أبي هريرة مرفوعًا:"ما بين لابتيها حرام"(7) متفق عليه، واللابة الحَرَّة، وهي: أرض تركبها حجارة سود.
(1) أبو داود، المناسك، باب في تحريم المدينة (2/ 530، 532) عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه"المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور". وعن قتادة، عن أبي حسان عن علي رضي الله عنه:"لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها .. " ولفظ: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور" أخرجه مسلم في الحج، وأخرجه البخاري، فضائل المدينة، باب حرم المدينة (2/ 221) بلفظ:"المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا .. ".
(2)
"الشرح الكبير"(9/ 64).
(3)
البخاري، في الأدب، باب الإنبساط إلى الناس، وباب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل (7/ 102، 119) ومسلم، في الآداب (3/ 1692).
(4)
"الفروع"(3/ 487، 488).
(5)
المصدر السابق (3/ 489).
(6)
(ص 577).
(7)
البخاري، في فضائل المدينة، باب حرم المدينة، وباب لابتي المدينة (2/ 221) ومسلم، في الحج (2/ 1000).