المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وتخييره بين الدينار ونصفه، كتخيير المسافر بين القصر والإتمام.   ‌ ‌تنبيه: وقد ذكر - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ١

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في نواقض الوضوء

- ‌فصل في أحكام الغسل

- ‌فصل في التيمم

- ‌فصل في إزالة النجاسة الحكمية

- ‌فصل في الحيض

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل في الأذان

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في شروط الصلاة

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الأماكن التي لا تصح فيها [الصلاة]

- ‌باب صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وما يسن فيها وما يكره وما يتعلق بها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة التطوع

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في أوقات النهي

- ‌فصل في صلاة الجماعة وأحكامها وما يبيح تركها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

- ‌فصل في صلاة أهل الأعذار

- ‌فصل في صلاة المريض

- ‌فصل في القصر

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة الجمعة

- ‌تتمة:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل في صلاة العيدين وأحكامها

- ‌فصل في صلاة الكسوف

- ‌فصل في صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل في غسل الميت

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكفين الميت

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل في زكاة الخارج من الأرض

- ‌فصل في زكاة الأثمان

- ‌تتمة:

- ‌فصل زكاة الفطر

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الصيام

- ‌تتمة:

- ‌فصل فيما يفسد الصوم فقط، أو يفسده ويوجب الكفارة، وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في صوم التطوع

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌تتمة:

- ‌فصل في المواقيت

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في الفدية وبيان أقسامها وأحكامها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك

- ‌تتمة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل (أركان الحج أربعة)

- ‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌فائدة:

- ‌كتاب الجهاد

- ‌تتمة:

- ‌فصل في عقد الذمة

الفصل: وتخييره بين الدينار ونصفه، كتخيير المسافر بين القصر والإتمام.   ‌ ‌تنبيه: وقد ذكر

وتخييره بين الدينار ونصفه، كتخيير المسافر بين القصر والإتمام.

‌تنبيه:

وقد ذكر في "الإنصاف"(1) أن الكمال دينار.

فإن قيل: فما معنى تشبيهه بتخيير المسافر بنت القصر والإتمام، مع أن القصر في السفر مباح أفضل من الإتمام. وهنا الكمال الدينار، فما معنى تشبيهه بذلك.

أجاب شيخنا -أيده اللَّه تعالى الشيخ محمد بن عبد اللَّه بن فيروز (2) - أنه لا يلزم منه كونُ المشبه كالمشبه به. انتهى. ثم ألقى اللَّه سبحانه وتعالى في روعي شاهدًا من القرآن العزيز، وهو قوله تعالى:{اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (3) إلخ فعلمت يقينًا صحة ما أجاب به شيخنا -حفظه اللَّه تعالى- (4) ثم وقفت بعد ذلك على قول أبي تمام (5) -رحمه اللَّه تعالى-:

(1)(2/ 378).

(2)

تقدمت ترجمته (ص 60).

(3)

سورة النور، الآية:35.

وينظر لبيان التشبيه في هذه الآية: "الجمان في تشبيهات القرآن" لابن ناقيا (ص 120)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (6/ 455). وينظر لزامًا:"اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم (ص 44).

(4)

ما ذكره شيخه، معروفٌ فقد ذكر شيخ الإسلام -كما في "الفتاوى"(26/ 198) - أن المشبه ليس كالمشبه به من كل وجه.

(5)

حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس الطائي. الشاعر المطبوع، أوحد عصره في ديباجة لفظه ونصاعة شعره، وحسن أسلوبه. ولد سنة 188 هـ وقيل 190 هـ ألف "الحماسة" و"فحول الشعراء"، و"الاختيارات من شعر الشعراء". كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب. مات سنة 231 هـ وقيل 232 هـ.

ينظر: "تاريخ بغداد"(8/ 248)، و"تهذيب تاريخ دمشق" لابن عساكر، و"تهذيب ابن بدران"(4/ 21)، و"وفيات الأعيان"(2/ 11)، و"الأغاني"(17/ 6227)، و"سير أعلام النبلاء"(11/ 63).

ص: 99

لا تُنكروا ضربي له من دونه. . . إلخ (1)

فحمدتُ اللَّه تعالى على فهم هذه الدقيقة، التي هي بإدامة شكر [و] حمد المنعم على الحقيقة خليقة.

والدينار هنا المثقال من الذهب (2) مضروبًا (3) أو لا. وتجزئ قيمته من الفضة فقط (4).

(كفارة، وتباح المباشرة فيما دونه) أي الفرج لما روى عبد بن

(1) تكملة البيت:

. . . . . . . . . . . . .

مثلًا شرودًا في الندى والباسِ

فاللَّه قد ضرب الأقل لنوره

مثلًا من المشكاة والنبراسِ

وقبل هذين البيتين قوله:

إقدام عمرو في سماحة حاتم

في حلم أحنف في ذكاء إياس

والأبيات من قصيدة في مدح أحمد بن المعتصم. وهي في ديوان أبي تمام (ص 114) وللبيتين المذكورين قصة مشهورة. قال ابن كثير: "لا تصحُّ" كما في "البداية والنهاية"(10/ 301).

وما ذكره المؤلف هنا من فهم هذه الدقيقة، ليس له كبير فائدة.

(2)

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله: الدينار هو السِّكة من الذهب، ووزنه: مثقال ذهب، وهو بمقدار أربعة أسباع الجنيه السعودي؛ لأن الجنية المذكور ديناران إِلا ربعًا. اهـ من "الفتاوى (2/ 98).

(3)

قال شيخ الإسلام -كما في "الاختيارات"(ص 56) -: ويعتبر أن يكون مضروبًا.

(4)

لم يذكر المؤلف حكم إتيان الحائض لمن به شبق. وقد أجازه الفقهاء بشروط هي:

1 -

أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج.

2 -

أن يخاف تشقق أنثييه إن لم يطأ.

3 -

أن لا يجد مباحة غير الحائض.

4 -

أن لا يقدر على مهر حرة ولا ثمن أمة، ولو بزيادة كثيرة لا تجحف بماله لعدم تكرر ذلك.

ينظر: "حاشية عثمان على المنتهى"(1/ 101).

ص: 100

حميد (1)، وابن جرير (2) عن ابن عباس في قوله تعالى:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (3): أي اعتزلوا نكاح فروجهن (4). ولأن المحيض اسم لمكان الحيض، كالمقيل والمبيت، فيختص التّحريم به، ولهذا لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اصنعوا كل شيء إِلا النكاح". رواه مسلم (5).

ويسن ستر الفرج حين استمتاعه بما دونه، لحديث عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها خرقة. رواه أبو داود (6).

(1) عبد بن حميد بن نصر، الكِسيِّ، ويقال له: الكَشيِّ. إمام جليل القدر. ولد بعد السبعين ومائة. صنف "المسند"، و"التفسير الكبير"، وحدَّث عنه مسلم والترمذي والبخاري تعليقًا في "صحيحه". توفي سنة 249 هـ ينظر:"الأنساب" للسمعاني (11/ 108)، و"تهذيب الكمال"(18/ 524)، و"سير أعلام النبلاء"(2/ 235).

(2)

محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفر الطبري، المحدث الفقيه المقرئ المؤرخ النحوي المعروف المشهور. ولد سنة 224 هـ قال: الذهبي: أكثر الترحال، ولقي نبلاء الرجاله، وكان من أفراد الدهر علمًا وذكاءً وكثرة تصانيف. قلَّ أن ترى العيون مثله. صنف "التفسير"، و"التاريخ" و"تهذيب الآثار"، و"صريح السنة" وغيرها كثير. توفي سنة 310 هـ. ينظر:"تاريخ بغداد"(2/ 162)، و"معجم الأدباء" لياقوت (18/ 40) و"إنباه الرواة" للقفطي (3/ 89)، و"سير أعلام النبلاء"(14/ 267)، و"غاية النهاية في طبقات القراء" للجزري (2/ 106).

(3)

سورة البقرة، الآية:222.

(4)

ابن جرير في "تفسيره"(2/ 382). ونسبه السيوطي في "الدر النثور"(1/ 621) إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس في ناسخه، والبيهقي في "سننه"(1/ 309) اهـ ورواه ابن حزم في "المحلى"(2/ 248).

(5)

مسلم، في كتاب الحيض (1/ 246) عن أنس.

(6)

أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع (1/ 183 - 184) قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (2/ 31): إسناده جيد اهـ وينظر: "صحيح البخاري"، كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض (1/ 78)، ومسلم، كتاب الحيض (1/ 243).

ص: 101

(والمبتدأة) أي في زمن يمكن أن يكون حيضًا، وهي التي رأت الدم، ولم تكن حاضت (تجلس) أي: تدع الصلاة والصيام ونحوهما بمجرد رؤيته، سواء كان أحمر أو أصفر أو كدرًا (أقله) أي: أقل الحيض يومًا وليلة (ثم تغتسل) بعده، سواء انقطم لذلك أم لا (وتصلي) وتصوم، لأن ما زاد على أقله يحتمل الاستحاضة، فلا تترك الواجب بالشك، ولا تصلي قبل الغسل لوجوبه للحيض (فإن لم يجاوز حيضها أكثره) أي الحيض، بأن انقطع لخمسة عشر فما دون (اغتسلت أيضًا إذا انقطع) وجوبًا، لصلاحية أن يكون حيضًا، (فإن تكرر ثلاثًا) في ثلاثة أشهر ولم يختلف (فهو حيض) أي صار عادة لها، تنتقل إليه، فتجلس جميعه في الشهر الرابع، لتيقنه حيضًا و (تقضي ما وجب فيه) من نحو صوم رمضان، وقضائه، ونذر، وطواف، ونحوه لأنا تبيَّنَّا فساده، لكونه في الحيض (وإن أيست قبله) أي: قبل تكراره ثلاثًا، (أو لم يعد) الدم إليها، (فلا) تقضي، لأنا لم نتحقق كونه حيضًا، والأصل براءتها.

(وإن جاوزه) أي: جاوز دم مبتدأةٍ أكثر حيض (فـ) هي (مستحاضة) لأنه لا يصلح أن يكون حيضًا (1).

(1) ما ذكره المؤلف في المبتدأة هو المذهب. نصَّ عليه الإمام أحمد، وعليه جمهور الأصحاب. وعن الإمام أحمد ثلاث روايات أخر:

الأولى: تجلس غالب الحيض ستًا أو سبعًا. نقلها عنه ابنه صالح.

الثانية: تجلس عادة نسائها.

الثالثة: تجلس ما تراه من الدم، ما لم يجاوز أكثر الحيض. اختارها ابن قدامة في "المغني".

واختار شيخ الإسلام: أن المبتدأة تجلس ما تراه من الدم ما لم تصر مستحاضة.

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: الصحيح -والذي لا يمكن للنساء العمل بسواه- أن المبتدأة إذا جاءها الدم في زمن يمكن أن يكون حيضًا فإنها تجلس إلى أن ينقطع، فهو حيض كله ولا يحتاج أن تنظر إلى أن يتكرر. اهـ

ينظر: "الروايتين والوجهين" للقاضي أبي يعلى (1/ 101)، و"المستوعب"(1/ 375)، =

ص: 102

والاستحاضة سيلان الدم في غير زمن الحيض من عرق، يقال له: العاذل -بالذال المعجمة- وقيل: المهملة، من أدنى الرحم دون قعره (1)؛ لأن المرأة لها فرجان: داخل بمنزلة الدبر، منه الحيض، وخارج بمنزلة الأليتين منه الاستحاضة.

والمستحاضة من جاوز دمها أكثر الحيض. والدم الفاسد أعم من الاستحاضة. (تجلس المتميز إن كان) ثم تمييز (2) لأنها لا تخلو من حالين:

إما أن تكون مميزة أو لا. فإن كانت مميزة، كمن رأت بعض دمها ثخينًا وبعضه رقيقًا، أو بعضه أسود وبعضه أحمر، أو بعضه منتنًا وبعضه غير منتن (وصلُح) ضم اللام وفتحها؛ أي الثخين أو الأسود أو المنتن أن يكون حيضًا بأن لم ينقص عن أقله، ولم يجاوز أكثره (في الشهر الثاني) متعلق بـ (تجلس)، أو تدع زَمَنَهُ الصوم والصلاة ونحوهما مما يشترط له الطهارة، فإذا مضى اغتسلت وفعلت ذلك، لحديث عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيْش إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما ذلك دم عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي". متفق عليه (3). ولو لم يتوال (4) بأن كانت ترى يومًا أسود، ويومًا أحمر إلى

= و"المغني"(1/ 408)، و"الإنصاف"(2/ 399)، و"الاختيارات"(ص 57)، و"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم"(2/ 99).

(1)

"المطلع"(ص 41)، و"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 44)، و"الزاهر"(ص 49)، و"النظم المستعذب"(1/ 45).

(2)

بأن كان بعض دمها ثخينًا أو أسود أو منتنًا، وبعضه رقيقًا أو أحمر أو غير منتن. ينظر:"كشف المخدرات"(ص 48).

(3)

البخاري، كتاب الحيض، باب الاستحاضة (1/ 79)، ومسلم، كتاب الحيض (1/ 262).

(4)

في الأصل: (يتوالى) والصواب ما أثبته، لأنها مجزومة بحذف حرف العلة.

ص: 103

خمسة عشر يومًا فما دون، ثم أطبق الأحمر، فتضم الأسود بعضه إلى بعض وتجلسه، وما عداه استحاضة، وكذا لو رأت يومًا أسود، وستة أحمر، ثم يومًا أسود، ثم ستة أحمر، ثم يومًا أسود، ثم أطبق الأحمر، فتجلس الثلاثة زمن الأسود، أو لم يتكرر فتجلس زمن الأسود الصالح في أول شهر وما بعده، ولا تتوقف على تكراره، وتجلسه -أيضًا- ولو انتفى التوالي والتكرار معًا؛ لأن التمييز أمارة في نفسه، فلا يحتاج إلى ضم غيره إليه.

وتثبت العادة بالتمييز إذا تكرر ثلاثة أشهر، فتجلسه في الرابع، وإن لم يكن متميزًا.

الحال الثاني: أن تكون غير مميزة، وإليه الإشارة بقوله:(وإلا) أي وإن لم يكن بعض دمها ثخينًا أو أسود أو منتنًا، وصلح حيضًا، بأن كان كله على صفة واحدة، أو الأسود منه ونحوه دون اليوم والليلة، أو جاوز الخمسة عشر، فتجلس (أقل الحيض) من كل شهر؛ لأنه اليقين (حتى تتكرر استحاضتها) ثلاثة أشهر؛ لأن العادة لا تثبت بدونه، كما تقدم (1).

(ثم غالبه) أي غالب الحيض: ستًا أو سبعًا، باجتهاد في حال الدم، لحديث حمنة بنت جحش قالت: يا رسول اللَّه: إني أستحاض حيضة شديدة كبيرة، قد منعتني الصوم والصلاة. فقال:"تحيضي في علم اللَّه ستًّا أو سبعًا، ثم اغتسلي"(2). رواه أحمد وغيره (3).

(1)(ص 103).

(2)

تقدم تخريجه (ص 95) وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 439).

(3)

هذا آخر الكلام على المبتدأة. وخلاصة ذلك أن لها أحوالًا ثلاثة:

الأولى: أن لا يجاوز دمها أكثر الحيض.

حكمها: تجلس الأقل حتى يتكرر ثلاثًا ثم تنتقل إلى المتكرر.

الثانية: أن يجاوز دمها أكثر الحيض، وهي المستحاضة فلا تخلو: إما أن تكون غير مميزة.

حكمها: تجلس الأقل حتى يتكرر ثم تنتقل إلى الغالب.

الثالىة: وإما أن تكون -المستحاضة- مميزة. =

ص: 104

(ومستحاضة معتادةٌ تقدِّم عادتها) ولو كان لها تمييز صالح (1)، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة، إذ سألته عن الدم:"امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي". رواه مسلم (2). ولأن العادة أقوى، لكونها لا تبطل دلالتها، بخلاف نحو اللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته.

ولا تجلس ما نقصته عادتها قبل استحاضتها، فإذا كانت عادتها ستة أيام فصارت أربعة، ثم استحيضت، جلست الأربعة فقط، وإن لم يتكرر النقص.

(ويلزمها) أي: المستحاضة (ونحوها) ممن حدثُه دائم، كمن به سلس بول، أو مذي، أو ريح، أو جرح لا يرقى دمه أو رعاف دائم (غسل المحلِّ) الملوث لإزالته عنه (وعصبه) أي فعل ما يمنع الخارج حسب الإمكان من

= حكمها: تجلس التمييز الصالح من غير تكرار.

ينظر: "حاشية عثمان على المنتهى"(1/ 107): هذا كله تفريع على المذهب. وقد تقدم أن الراجح بالنسبة للمبتدأة أنها تجلس بمجرد ما ترى الدم ما لم تكن مستحاضة ينظر (ص 102).

(1)

إذا كانت المستحاضة لها عادة تعرفها، ولم يكن لها تمييز، فإنها تجلس العادة بلا نزاع. وإن كان لها تمييز يصلح أن يكون حيضًا، ولم يكن لها عادة، أو كان لها عادة ونسيتها: عَمِلَتْ بالتمييز بلا نزاع.

وإن كان لها عادة وتمييز، فتارة يتفقان ابتداءً وانتهاءً، فتجلسهما بلا نزاع. وتارة يختلفان، إما بمداخلة بعض أحدهما في الآخر، أو مطلقًا. فالمذهب أنها تجلس العادة، وعليه جماهير الأصحاب، وهو الذي جرى عليه المؤلف هنا.

وعن الإمام أحمد رواية أخرى: تقدِّم التمييز، وهو اختار الخرقي، وعليه لا فرق بين أن يكون أكثر من العادة أو أقل.

قال شيخ الإسلام: والمستحاضة تردُّ إلى عادتها، ثم إلى تمييزها، ثم إلى غالب عادات النساء. اهـ

ينظر: "المقنع"(ص 21)، و"الشرح الكبير"(2/ 412)، و"الإنصاف"(2/ 412)، و"الاختيارات"(ص 58)، و"حاشية الشيخ سليمان بن عبد اللَّه على المقنع"(1/ 91).

(2)

مسلم، في كتاب الحيض (1/ 264).

ص: 105

حشوه بقطن وشده بخرقة طاهرة.

وتستثفر (1) المستحاضة إن أكثر دمها بخرقة مشقوقة الطرفين تشدُّها على جنبيها ووسطها على الفرج، فإن لم يمكن شدُّه كباسور، وناصور، وجرح لا يمكن شدُّه، صلى على حسب حاله.

(و) يلزم المستحاضة، ومن حدثه دائم (الوضوء لكل صلاة إن خرج شيء) لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة:"وتتوضأ عند كل صلاة". رواه أبو داود وغيره (2).

(ونية الاستباحة) أي: يلزم المستحاضة، ومن حدثه دائم أن ينوي بوضوئه الاستباحة؛ لأن الحدث دائم فلا ينوي رفعه.

(وحرم وطؤها) أي المستحاضة (إِلا من خوف زنًا) منها أو منه، لقول عائشة: المستحاضة لا يغشاها زوجها (3). فإن خاف أو خافته، أبيح وطؤها

(1) هو أن تشدَّ فرجها بخرقة عريضة أو قطنة تحتشي بها وتُوثق طرفها في شيء تشده على وسطها، فتمنع سيلان الدم.

مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. اهـ من "لسان العرب"(4/ 105).

(2)

أبو داود، كتاب الطهارة، باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر (1/ 208) عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده. وأخرجه الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة (1/ 220) وابن ماجة، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدَّت أيام أقرائها. . . (1/ 204).

قال: أبو داود عقبه: ضعيف لا يصح. وقال الترمذي: تفرد به شريك عن أبي اليقظان. قال: وسألت محمدًا -يعني البخاري- عن اسم جدِّ عديٍّ فلم يعرفه. وذكرت له قول يحيى بن معين أن اسمه دينار فلم يعبأ به. اهـ

وأبو اليقظان هو: عثمان بن عمير البجلي الكوفي. اتفق الحفاظ على تضعيفه. وقال أحمد والبخاري: منكر الحديث. وقال الحافظ: ضعيف، واختلط، وكان يدلس، ويغلو في التشيع. اهـ

ينظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 75)، و"تقريب التهذيب"(ص 326).

(3)

ابن أبي شيبة، كتاب النكاح، في المستحاضة من كره أن يأتيها زوجها (4/ 278)، =

ص: 106

ولو لواجد الطول خلافًا لابن عقيل (1). وكذا إن كان به

= والدارقطني، كتاب الحيض (1/ 219)، والبيهقي، كتاب الحيض، باب صلاة المستحاضة واعتكافها (1/ 329) وقد رواه بعض الرواة عن شعبة موقوفًا على الشعبي. ورجَّح ذلك البيهقي إِلا أن الإمام أحمد لم يجعل ذلك علة في وصمه إلى عائشة "العلل" (3/ 304). ينظر:"فتح الباري" لابن رجب (2/ 180 - 181).

(1)

هو: علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي، أبو الوفاء الحنبلي، الشيخ العالم البحر، ولد سنة 431 هـ قال الذهبي: كان يتوقد ذكاء، وكان بحر معارف، وكنز فضائل اهـ ألف كتاب "الفنون" وهو أزيد من أربعمائة مجلد. توفي سنة 513 هـ. ينظر:"طبقات الحنابلة"(2/ 259)، و"المقصد الأرشد"(2/ 245)، و"المنهج الأحمد"(2/ 252)، و"الدر المنضد"(1/ 237)، و"غاية النهاية في طبقات القراء"(1/ 556 - 557)، و"سير أعلام النبلاء"(19/ 443) وينظر قول ابن عقيل المذكور في "الإنصاف"(2/ 470).

قال الزركشي: أنها مع خوف العنت -وهو الزنا- فلا نزاع في حلِّ وطء المستحاضه. . . وأما مع أمن ذلك فروايتان:

إحداهما: يجوز. لما روي عن عكرمة عن حمنة أنها كانت تستحاض، فكان زوجها يجامعها. وأن أم حبيبة كانت تستحاض وكان زوجها يغشاها. رواهما أبو داود. وعن ابن عباس أنه أباح وطأها [رواه الدارمي، وعبد الرزاق] ثم إن أم حبيبة كانت تحت عبد الرحمن بن عوف -كذا في مسلم- وقد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم الاستحاضة فبينها لها ولم يذكر لها تحريم الجماع، ولو كان حرامًا لبينه لها.

والثانية -وهو المشهورة عند الأصحاب- لا يجوز، لقوله تعلى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} فمنع سبحانه من الوطء معللًا بكونه أذًى وهذا أذى.

وعن عائشة: المستحاضة لا يغشاها زوجها. . . .

قال الزركشي: والذي يظهر الأول، إذ الآية لا دليل فيها، إذ دم الاستحاضة غير دم الحيض. كما نص عليه صاحب الشريعة. ولا يلزم من كون دم الحيض أذى أن يكون غيره من الدماء أذى. وما روي عن عائشة فقد قال البيهقي: الصحيح أنه من قول الشعبي. اهـ ينظر: "الزركشي على الخرقي"(1/ 435) و"الشرح الكبير"(2/ 469)، و"الكافي"(1/ 106)، و"الإنصاف"(2/ 469)، و"بدائع الفوائد"(4/ 94)، و"فتح الباري" لابن رجب (2/ 179 - 183).

ولبيان حكمة التشريع في إباحة وطء المستحاضة دون الحائض ينظر: "إعلام الموقعين" لابن =

ص: 107

شَبَق (1) شديد يخاف معه تشقق أنثييه.

وحيث حرم، فلا كفارة فيه؛ لأنه أخف من الحيض، ومدته تطول بخلاف الحيض، ولأن وطء الحائض قد يتعدى إلى الولد فيكون مجذومًا (2).

(وأكثر مدة النفاس) وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل له. مأخوذ من التنفس، وهو الخروج من الجوف. أو من نفس اللَّه كربته، أي فرَّجها (3).

وعرفًا: دم ترخيه الرحم مع ولادة، وقبلها بيومين أو ثلاثة، بإمارةٍ على الولادة، كالتألم وإلا فلا تجلسه عملًا بالأصل (4).

(أربعون يومًا) قال الترمذي (5): أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا، إِلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فتغتسل وتصلي (6).

= القيم (2/ 54، 134).

(1)

الشبق: شدَّة الشهوة. ينظر: "لسان العرب"(15/ 171)، و"المغرب في ترتيب المعرب"(ص 244).

(2)

المجذوم الذي به جذام، وهو تشقق الجلد وتقطع اللحم وتساقطه. والفعل منه جذم. ينظر:"المُغرب في ترتيب المعرب"(ص 78).

(3)

ينظر: "أنيس الفقهاء"(ص 65 - 66)، و"المغرب" (ص 461) وقيل مأخوذ من النَّفْس وهو الدم. وينظر:"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 45) وقيل: من التنفس وهو التشقق والانصداع. وينظر: "المطلع"(ص 42).

(4)

ينظر: "شرح منتهى الإرادات"(1/ 116)، و"الروض المربع"(1/ 447)، و"كشف المخدرات"(ص 49).

(5)

سنن الترمذي (1/ 258).

(6)

هذا المذهب. ودليله حديث أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة. وصححه الحاكم وابن السكن. وضعفه ابن حزم وابن القطان. قال ابن الملقن في "الخلاصة"(1/ 83): والحق صحته. قال الخطابي: أثنى البخاري على هذا الحديث. اهـ وحسّنه النووي في "المجموع"(2/ 525) =

ص: 108