الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(ويشرع) أي: يجب أو يسن -كما يأتي- (سجود السهو) قال في "النهاية"(1): السهو في الشيء: تركه من غير علم، وعن الشيء: تركه مع العلم به (لزبادة في الصلاة) متعلق بـ: "يشرع"(ونقص) منها سهوًا. (و) يشرع -أيضًا- سجود السهو لـ (شكٍّ) في الجملة -كما يأتي تفصيله- فلا يشرع لكل شك بل ولا لكل زيادة أو نقص كما ستقف عليه (لا في عمد) لأن السجود يضاف إلى السهو فدل على اختصاصه به، والشرع إنما ورد به فيه، ولا يلزم من انجبار السهو به انجبار العمد، لوجود العذر في السهو (وهو) أي: سجود السهو (واجب لما تبطل) الصلاة (بتعمده) أي: تعمد فعله، كتعمد زيادة ركن فعلي ولو قدر جلسة الاستراحة، أو تعمد تركه كترك واجب من الواجبات (و) هو (سنة لإتيان بقول مشروع في غير محله) كقراءة الفاتحة جالسًا، وقراءة التحيات قائمًا، ونحو ذلك (سهوًا) فلو تعمد ذلك، لم يسجد له، ولا تبطل بتعمده؛ لأنه قول مشروع، لكن يكره له ذلك (و) هو (مباح لترك سنة) كترك قراءة السورة مع الفاتحة في غير آخرتي الرباعيات وآخرة مغرب، وكترك الزيادة على مرة في تسبيح الركوع والسجود، وترك القنوت في الوتر، ونحو ذلك (ومحله) أي: سجود السهو (قبل السلام ندبًا إلا) في صورة واحدة، وهي (إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فـ) ـإنَّ السجود يكون (بعده ندبًا)؛ لقصة ذي اليدين (2).
(1)(2/ 430).
(2)
وهي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم. فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى اثتين أخرين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع. أخرجه البخاري =
وكون سجود السهو قبل السلام أو بعده ندب؛ لأن الأحاديث وردت بكل من الأمرين، فلو سجد للكل قبل السلام أو بعده، جاز (وإن سلم قبل إتمامها) أي: الصلاة (عمدًا بطلت) صلاته، لأنه تكلم فيها، والباقي منها ركن أو أكثر، وهو يبطلها تركه عمدًا (وسهوًا) لم تبطل به، وله إتمامها؛ لأنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه فعلوه وبنوا على صلاتهم (1)، لأن جنسه مشروع فيها أشبه الزيادة فيها من جنسها (فإن ذكره (2) قريبًا) عرفًا، ولو خرج من المسجد، نصًّا (3)، أو شرع في صلاة أخرى فإنه يقطع التي شرع فيها مع قرب فصل، ويعود إلى الذي ترك، و (أتمها) أي: صلاته (وسجد) لسهوه؛ لحديث عمران بن حصين قال: "سلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول اللَّه؟ فخرج فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم" رواه مسلم (4).
(وإن) لم يذكر سهوه قريبًا حتى طال الزمن أو (أحْدَثَ) بطلت صلاته، لأن الحَدَثَ ينافيها، أو تكلم مطلقًا إمامًا كان أو غيره، عمدًا كان أو سهوًا أو جهلًا، طائعًا أو مكرهًا، فرضًا أو نفلًا، لمصلحتها أو لا، في صلبها أو بعد سلامه، قبل إتمامها سهوًا بطلت؛ لحديث:"إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" رواه مسلم (5).
= في كتاب السهو، باب من لم يتشهد في سجدتي السهو (2/ 66) وفي مواضع أخرى، ومسلم، كتاب المساجد (1/ 403) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(1)
ينظر: التعليق السابق في قصة ذي اليدين.
(2)
في "أخصر المختصرات": (فإن ذكر قريبًا).
(3)
كما في رواية ابن منصور. ينظر: "الإنصاف"(4/ 24).
(4)
مسلم، كتاب المساجد (1/ 404، 405).
(5)
مسلم، كتاب المساجد (1/ 381) من حديث معاوية بن الحكم السلمي.
وعن الإمام أحمد: . لا تبطل بيسير كلامٍ لمصلحتها (1)، ومشى عليه في "الإقناع" (2) لقصة ذي اليدين (3) (أو قهقه) بعد أن سلم قبل إتمامها (بطلت كفعلهما) أي: الحدث أو القهقهة (في صلبها) أي: الصلاة، لا إن نام فتكلم، أو سبق على لسانه حال قراءته؛ لأنه مغلوب على الكلام، أشبه ما لو غلط في القرآن، فأتى بكلمة من غيره، فلا تبطل بذلك (وإن نفخ) فبان حرفان (أو انتحب (4) لا من خشية اللَّه تعالى، أو تنحنح بلا حاجة فبان حرفان، بطلت) صلاته؛ لقول ابن عباس:"من نفخ في صلاته، فقد تكلم" رواه سعيد (5)، وعن أبي هريرة نحوه (6)، فإن كانت النحنحة لحاجة، لم تبطل صلاته ولو بأن حرفان.
قال المروذي (7): (كنت آتي أبا عبد اللَّه، فيتنحنح في صلاته؛ لأَعْلَمَ أنه
(1) ينظر: "الإنصاف"(4/ 30).
(2)
الإقناع (1/ 139) لكن عبارة الإقناع تدل على أن مؤلفه لا يرجح هذه الرواية. قال رحمه الله: (وإن تكلم يسيرًا لمصلحتها لم تبطل، والمنقح: بلى، ككلامه في صلبها).
(3)
تقدم ذكرها (ص 234).
(4)
النَّحْبُ: أشد البكاء. ينظر: "القاموس"(174).
(5)
نسبه إلى سعيد بن منصور: البهوتي في "شرح منتهى الإرادات"(1/ 213)، وهو في "مصنف عبد الرزاق" باب النفخ في الصلاة (2/ 189)، و"مصنف ابن أبي شيبة" في النفخ في الصلاة (2/ 264)، و"الأوسط" لابن المنذر (3/ 246)، ونقل في "المغني"(2/ 451، 452) عن ابن المنذر أنه قال: لا يثبت عن ابن عباس، ولا أبي هريرة رضي الله عنهما ينظر:"الأوسط" لابن المنذر (3/ 247).
(6)
عبد الرزاق، باب النفخ في الصلاة (2/ 189)، وابن المنذر في "الأوسط"(3/ 246) وتقدم في التعليق قبله تضعيف ابن المنذر لهذا الأثر.
(7)
هو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد اللَّه المرُّوذي. من أصحاب الإمام أحمد المقدَّمين. إمام فقيه محدث. ولد في حدود (200 هـ) له مسائل كثيرة عن الإمام أحمد. توفي سنة (275 هـ). ينظر: "طبقات الحنابلة"(1/ 65)، و"المقصد الأرشد" لابن مفلح (1/ 156)، و"سير أعلام النبلاء"(13/ 173).
يصلي) (1) ولا تبطل إن غلبه سُعَالٌ (2)، أو عطاس، أو تثاؤب، أو بكاءٌ، ولو بان حرفان. نص عليه في من غلبه البكاء (3).
ومصلٍّ نفلًا يجيب والديه، وتبطل به صلاته.
ويجوز إخراج زوجة من نفل؛ لحق زوجها.
(ومن ترك ركنًا غير التحريمة) أي: تكبيرة الإحرام سهوًا، كركوع أو سجود أو غيرهما (فذكره) أي: الركن المتروك (بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى) غير التي تركه منها (بطلت) الركعة المتروك منها (وصارت) الركعة (التي شرع في قراءتها مكانها) لأنه لا يمكنه استدراك المتروك لتلبسه، بفرض قراءة الركعة الأخرى، فلغت ركعته (وقبله) أي: قبل الشروع في قراءتها (يعود فيأتي به) أي: يلزمه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به؛ لأنه ركن لا يسقط بسهو ولا غيره، (و) يأتي (بما بعده) لأنه قد أتى به في غير محله؛ لأن محله بعد الركن المنسي.
فلو ذكر الركوع وقد جلس، أتى به وبما بعده (و) إن لم يذكر ما تركه إلا (بعد السلام (4) فـ) ـذلك (كترك ركعة) كاملة، فيأتي بركعة، ويسجد للسهو قبل السلام. نص عليه (5) في رواية حرب (6) إن لم يطل فصل، أو يحدث، أو يتكلم؛ لأن الركعة بترك ركنها لغت فصار وجودها كعدمها،
(1) ينظر: "المغني"(2/ 452)، و"الشرح الكبير"(4/ 45).
(2)
السعال هو: إخراجٌ يصاحبه صفير للهواء من الرئتين، قد ينتج البلغم أو قد يكون جافًّا. "موسوعة صحة العائلة"(ص 132)، وينظر:"القاموس"(ص 1311).
(3)
ينظر: "المغني"(2/ 453) وهي من رواية مهنا.
(4)
في "أخصر المختصرات"(ص 117): (سلامٍ).
(5)
ينظر: "الإنصاف"(4/ 53).
(6)
هو: حرب بن إسماعيل بن خلف الكَرْماني. من أصحاب الإمام أحمد، علَّامة فقيه. له "مسائل" كبيرة عن الإمام أحمد. توفي سنة (280 هـ) ينظر:"طبقات الحنابلة"(1/ 154)، و"سير أعلام النبلاء"(13/ 244)، و"تهذيب تاريخ دمشق" لابن بدران (4/ 108).
فكأنه سلم عن ترك ركعة.
(وإن نهض) مصلٍّ (عن) ترك (تشهد أولٍ ناسيًا) لما تركه (لزمـ) ـه رجوعه) إليه إن ذكر قبل أن يستتم قائمًا؛ ليتدارك الواجب، ويتابعه مأموم ولو اعتدل (وكره) رجوعه (إن استتم قائمًا) لحديث المغيرة بن شعبة -مرفوعًا-:"إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائمًا فليجلس، فإن استتم قائمًا، فلا يجلس، وليسجد سجدتين" رواه أبو داود وابن ماجه (1) وأقل أحوال النهي الكراهة.
(وحرم) رجوعه (وبطلت) صلاته (إن) رجع بعد أن (شرع في القراءة) و (لا تبطل) برجوعه (إن نسي أو جهل) تحريم رجوعه؛ لحديث: "عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان"(2) ومتى علم تحريم ذلك وهو في التشهد، نهض ولم يتمه (ويتبع مأموم) إمامًا في قيامه ناسيًا؛ لحديث:"إنما جعل الإمام ليؤتم به"(3) ولما قام صلى الله عليه وسلم عن التشهد، قام الناس معه (4)، وفعله جماعة
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب من نسي أن يتشهد وهو جالس (1/ 629)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (1/ 381) قال أبو داود عقبه: وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث. اهـ
وقد أخرجه أبو داود -أيضًا- في الموضع السابق، والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيًا (2/ 201) عن زياد بن علاقة قال:"صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين. قلنا: سبحان اللَّه. قال: سبحان اللَّه، ومضى، فلما أتم صلاته سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ وصححه بهذا اللفظ: النووي في "المجموع"(4/ 122)، وينظر:"إرواء الغليل" للألباني (2/ 109).
(2)
أخرجه ابن ماجه في طلاق المكره من كتاب الطلاق 1/ 659، وانظر نصب الراية 2/ 64 - 66.
(3)
أخرجه البخاري في باب الصلاة في السطوح 1/ 106، وفي باب إنما جعل الإمام من كتاب الأذان 1/ 176، ومسلم في باب ائتمام المأموم من كتاب الصلاة 1/ 308.
(4)
البخاري، في السهو، باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة (2/ 65)، ومسلم، كتاب المساجد (1/ 399) عن عبد اللَّه بن بحينة قال: "صلى لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم =