الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في أحكام الغسل
(موجبات الغسل) الأحداث التي توجب الغسل باعتبار أنواعه (سبعة) إحداها (خروج المنيِّ من مخرجه) المعتاد ولو دمًا (بلذة) من غير نائم ومغمى عليه. وأما النائم ونحوه فبمجرد خروجه، ولو لم يجد لذة.
(و) الثاني من موجبات الغسل (انتقاله) أي المني، فيجب الغسل على الرجل لمجرد إحساس انتقال منيِّه عن صلبه. والمرأة بانتقاله من ترائبها، لأن الجنابة تباعد الماء عن مواضعه وقد وجد ذلك (1).
(و) الثالث [من](2) موجبات الغسل (تغييب حشفة) أو قدرها من
(1) هذا المذهب. وهو من المفردات.
وهناك رواية أخرى عن أحمد: لا غسل بالانتقال. قال في "الشرح الكبير"(2/ 86): وهو قول أكثر الفقهاء، وهو الصحيح -إن شاء اللَّه- لأن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم علق الاغتسال على رؤية الماء، بقوله:"إذا رأت الماء" وقوله: "إذا فضخت الماء فاغتسل" فلا يثبت الحكم بدونه. اهـ يظر: "المغني"(1/ 267) و"المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد"(1/ 162) وصلب الرجل: ظهرُهُ. قال تعالى عن الإنسان {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} . وترائب المرأة: ضلوع الصدر منها، الواحدة: تريبة.
وصورة انتقال المني من موضعه الذي سمَّى اللَّه في كلٍّ من الرجل والمرأة وعدم خروجه: أن تتحرك الشهوة لنظر أو مداعبة أو نحو ذلك، فيحسنُ الإنسان بانتقال المني من موضعه إلى موضع خروجه، ثم يقف المني قبل الخروج، إما لإمساك الرجل ذكره، أو لمرضٍ، أو نحو ذلك.
ينظر: "تاج العروس"(3/ 201) و"مفردات القرآن" للراغب (ص 165، 489) و"مهمات التعاريف" للمناوي (ص 459) و"روح المعاني في التفسير" للألوسي (30/ 97، 98) و"المغني" لابن قدامة (1/ 267) و "شرح منتهى الإرادات"(1/ 74).
(2)
ما بين معقوفين سقط من الأصل، والمثبت من "شرح المنتهى".
مقطوعها (في فرج) أصلي (أو دُبُر) لأنه فرج (ولو) كان الفرج (لبهيمة أو ميت) أو طير (1)(بلا حائل) لانتفاء التقاء الختانين مع الحائل، لأنه هو الملاقي للختان (2).
(1) ومثَّل بعضهم: بالسمكة. ينظر: "الإنصاف"(2/ 97) و"شرح منتهى الإرادات"(1/ 75) ومراد الفقهاء المبالغة في ذكر الصور الفروضة. وإن كان ذلك لا يوجد، أو قد يوجد نادرًا.
(2)
قال في "الإنصاف"(2/ 92): إن وجد حائل، مثل أن لفَّ عليه خرقة، أو أدخله في كيس لم يجب الغسل، على الصحيح من المذهب.
وقيل: يجب أيضًا. اهـ والخلاف فيما إذا لم ينزل، فإن أنزل وجب للإنزال، كما تقدم في الموجب الأول.
وقد وجد في هذا العصر غطاءٌ رقيق عازل، يوضع على الذكر حال الجماع، يستخدم غالبًا لعزل ماء الرجل عن المرأة تفاديًا للحمل.
وقد ذكر علماء المذاهب نصوصًا يستفاد منها حكم هذا العازل الجديد. ففي "روضة الطالبين" للنووي (1/ 82)، ولو لفَّ على ذكره خرقة فأولجه، وجب الغسل على أصح الأوجه. ولا يجب في الثاني. والثالث: إن كانت الخرقة خشنة -وهي: التي تمنع وصول بلك الفرج إلى الذكر، وتمنع وصول الحرارة من أحدهما إلى الآخر- لم يجب، وإلا وَجَبَ. اهـ وينظر:"الحاوي" للماوردي (1/ 258، 259) وذكر الزرقاني في "شرحه لخليل"(1/ 96)، والخرشي في "شرحه لخليل"(1/ 163) التفريق بين الحائل الكثيف، والحائل الخفيف. فأوجبوا الغسل مع الخفيفة، وهي عندهم: ما حصل معها اللذة. وينظر: "مواهب الجليل لشرح مختصر خليل"(1/ 449 - 450) فإن فيه نقولًا عن علماء المالكية في هذه المسالة.
وقال العيني في "البناية"(1/ 275): ولو لفَّ على ذكره خرقة، إن كان يجد حرارة الفرج، يجب، كإدخال ذكر الأقلف، وإلا فلا. اهـ وهذا كلام "تنوير الأبصار" قال في "رد المحتار" لابن عابدين (1/ 303): قوله (إن وجد لذة الجماع) أي بأن كانت الخرقة رقيقة بحيث يجد حرارة الفرج واللذة. قوله (وإلا لا) أي ما لم ينزل. . . وقال بعضهم: يجب لأنه يسمى مولجًا. وقال بعضهم: لا يجب. وظاهر القولين الإطلاق. اهـ
فتبين بذلك اتفاق جمهور العلماء على أن الحائل إذا كان رقيقًا وجب الغسل، وسائر أحكام الوطء. وهذا هو الصحيح، قال الشيخ ابن قاسم في "الحاشية" (1/ 274): وهو ظاهر قوله =
(و) الرابع (إسلام كافر) ولو مرتدًّا، ذكرًا أو أنثى أو خنثى، حديث قيس بن عاصم، أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر. رواه أحمد، وغيره (1).
(و) الخامس (موت) لقوله صلى الله عليه وسلم: "اغسلنها"(2)، وذلك تعبدًا لا من حدث، لبقاء سببه، ولا عن نجاسة، لتعذر طهارة عين النجاسة (3).
(و) السادس (حيض) ويأتي حكمه في بابه، وانقطاعه شرط لصحة الغسل.
(و) السابع خروج دم (نفاس) فلا غسل لولادة عرت منه (4)، ولا
= صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الختانان. . . " اهـ
فعلى ذلك يجب الغسل بعد الجماع بالحائل الرقيق المانع المصنوع من البلاستيك ونحوه، ولو لم ينزل. فإن أنزل وجب الغسل للإنزال. واللَّه أعلم.
(1)
أخرجه أحمد في "المسند"(5/ 61)، وأبو داود، الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل (1/ 251)، والترمذي، الصلاة، باب ما ذكر في الاغتسال عندما يسلم الرجل (2/ 502)، والنسائي، الطهارة، ذكر ما يوجب الغسل وما لا يوجبه، غسل الكافى إذا أسلم (1/ 109)، وقد صحح الحديث ابن السكن -كما في نيل الأوطار (1/ 281) - وينظر:"إرواء الغليل"(1/ 163).
(2)
أخرجه البخاري في الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر (2/ 73)، ومسلم في الجنائز (2/ 646) عن أم عطية رضي الله عنها والضمير في قوله:"اغسلنها" يرجع إلى ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تقع في شيء من روايات البخاري مسماة، وجاء في صحيح مسلم أنها زينب أم أمامة. وقيل غير ذلك. ينظر:"فتح الباري" لابن حجر (3/ 128).
(3)
ويستثنى من ذلك: شهيد المعركة والمقتول ظلمًا. وسيأتي في الجنائز (ص 392).
(4)
قد يوجد ذلك. قال الماوردي في "الحاوي الكبير"(1/ 537): وقد يوجد هذا كثيرًا في النساء الأكراد. اهـ وأورد الماوردي (1/ 535) أحاديث في ذلك لكنها أحاديث غريبة. نبه على ذلك النووي في "المجموع"(2/ 522) وانظر: "المجموع"(2/ 150)، وذكر الصفتي المالكي في "حاشيته على ابن تركي" (ص 71): أن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما لقبت بالزهراء، لأنها لم تحض أصلا، وكانت إذا ولدت لم ينزل منها دم. فهي زهراء أي طاهرة، =
يحرم بها وطءٌ، ولا يفسد بها صوم، والولد طاهر، ومع الدم يجب غسله.
(وسُنَّ) الغسل (لـ) صلاة (جمعة) في يومها لذكرٍ حَضَرَها ولو لم تجب عليه، لحديث أبي سعيد -مرفوعًا- "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وقوله صلى الله عليه وسلم:"من جاء منكم [الجمعة] فليغتسل" متفق عليهما (1)، وقوله:"واجب" أي: متأكد الاستحباب، ويدل على عدم وجوبه ما روى الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي (2).
وسُنَّ الغسل لغسل ميت، (و) لصلاة (عيدٍ) لحاضرها، لحديث ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى. رواه ابن ماجه (3).
= لأن اللَّه طهَّرها من دم الحيض والنفاس. اهـ
فائدة: أشار العلماء قديمًا إلى ما يعرف الآن بالعملية القيصرية، وبينوا حكم الولادة بها.
قال ابن الهمام في "شرح فتح القدير"(1/ 186): . . . لو وَلَدَتْ من قبَلِ سُرَّتها، بأن كان ببطنها جرح، فانشقت وخرج الولد منها، تكون صاحبة جرح سائل، لا نفساء، وتقضي به العدة. وتصير الأمة أمَّ ولدٍ به. . . اهـ
(1)
أخرجهما البخاري في الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة (1/ 212)، ومسلم في كتاب الجمعة (2/ 579 - 580).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 15 - 16)، وأبو داود في الطهارة، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة (1/ 250)، والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة (2/ 369)، والنسائي في الجمعة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة (3/ 94) قال الترمذي: حسن صحيح. اهـ وإنما يصحح هذا الحديث من حمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال، كما هو مذهب ابن المديني. ينظر:"التلخيص الحبير"(2/ 72).
(3)
أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الاغتسال في العيدين (1/ 417) قال في "الزوائد" -المطبوع مع السنن-: هذا إسناد فيه جبارة بن المغلس، وهو ضعيف. وحجاج بن تميم ضعيف أيضًا. اهـ وينظر:"سنن البيهقي" =
(و) سُنَّ الغسل لصلاة (كسوف و) لصلاة (استسقاء) قياسًا على الجمعة والعيد، بجامع الاجتماع لهما.
(و) سُنَّ الغسل لإفاقةٍ من (جنون، وإغماء لا احتلام فيهما) لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل للإغماء. متفق عليه (1). ولأنه لا يأمن أن يكون احتلم ولم يشعر. والجنون في معناه بل أبلغ، فإن أنزل فالغسل واجب.
(و) سُنَّ الغسل لـ (استحاضة لكل صلاة) لأمره صلى الله عليه وسلم به أمَّ حبيبة لما استحيضت، فكانت تغتسل لكل صلاة. متفق عليه (2).
(و) سُنَّ الغسل لـ (إحرام، و) لـ (دخول مكة و) لدخول (حرمها) أي
(3/ 278) وقد ضعفه -أيضًا- الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 87) لكن جاءت الآثار الصحيحة عن السلف في إثبات الغسل للعيدين. ففي "المصنف" لابن أبي شيبة (2/ 181)، والفريابي في "أحكام العيدين"(ص 79) عن نافع أن ابن عمر كان يغتسل للعيدين. إسناده صحيح. وثبت عن عليٍّ ذلك من قوله -أخرجه اليهقي في "سننه"(3/ 278) وينظر -أيضًا- "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (5/ 49)، و"أحكام العيدين"(ص 78 - 97)، و"مصنف" عبد الرزاق (3/ 308 - 310).
(1)
أخرجه البخاري في الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به (1/ 168)، ومسلم في الطهارة (1/ 311) عن عائشة رضي الله عنها في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
أخرجه البخاري في الحيض، باب عرق الاستحاضة (1/ 84)، ومسلم في الحيض (1/ 263) عن عائشة، أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فسألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأمرها أن تغتسل. فقال:"هذا عرقٌ" فكانت تغتسل لكل صلاة.
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 427): هذا الأمر بالاغتسال مطلق فلا يدل على التكرار، فلعلها فهمت طلب ذلك منها بقرينة، فلهذا كانت تغتسل لكل صلاة. وقال الشافعي: إنما أمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعًا، وكذا قال الليث بن سعد في روايته عند مسلم. وإلى هذا ذهب الجمهور. اهـ
وقد وقع في "سنن أبي داود" كتاب الطهارة، باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة (1/ 204) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة، وحُمِل على هذا الندب. ينظر:"فتح الباري"(1/ 427).
مكة، (و) لـ (وقوف بعرفة) روي ذلك عن علي، وابن مسعود (1)، (و) لـ (طواف زيارة) وهو طواف الإفاضة (و) لطواف (وداع) للبيت، (و) لـ (مبيت بمزدلفة، و) لـ (رمي جار) في كل يوم من أيام الرمي.
(وتنقض المرأة شعرها لـ) غسل (حيض) وجوبًا، لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"إذا كنت حائضًا خذي ماءك وسدرك وامتشطي" ولا يكون المشط إِلا في شعر غير مضفور، وللبخاري "انقضي شعرك وامتشطي"(2).
(1) أثر علي رضي الله عنه أخرجه الشافعي في "الأم"(1/ 265)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3/ 49) وفي "السنن الكبرى"(3/ 278).
وأثر ابن مسعود، نسبه إليه ابن أبي عمر في "الشرح الكبير"(2/ 123) ولم أقف على من أخرجه. وقد أخرج مالك في "الموطأ"(1/ 322) عن ابن عمر أنه كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشية عرفة. وينظر:"المصنف" لابن أبي شيبة (4/ 67 - 68) ما ذكر في الغسل يوم عرفة في الحج. و"المصنف" لعبد الرزاق (3/ 308) باب الاغتسال في يوم العيد.
(2)
أخرجه البخاري في الحيض، باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض، وباب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض (1/ 81)، ومسلم في الحج (2/ 870 - 872). وما ذكره المؤلف من وجوب نقض الحائض شعرها للغسل هو رواية عن أحمد، وعنه رواية أخرى أنه لا يجب النقض. اختارها ابن قدامة، وابن عبدوس، وابن عقيل، وغيرهم. لما في "صحيح" مسلم أن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول اللَّه إني امرأة أشد ظفر رأسي أفأنقضه للحيض والجنابة؟ قال: "لا إنما يكفيك أن تفرغي عليك ثلاث حفنات، ثم قد طهرت".
وفي "صحيح مسلم" -أيضًا- (1/ 260) أن عبد اللَّه بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن. فقالت عائشة: يا عجبًا لابن عمرو هذا! يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن. أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن! لقد كنت أغتسل أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من إناء واحد. ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات".
فعلى هذا يحمل حديث عائشة الذي ذكره المؤلف على الاستحباب، جمعًا بين الأدلة. ينظر:"المغني"(1/ 298)، و"شرح الزركشي على الخرقي"(1/ 322)، و"الشرح الكبير" =
(و) تنقضه لـ (نفاس)، و (لا) تنقضه لى (جنابة إذا روَّت أصوله)، فيعفى عن نقضه فيها؛ لأنه يكثر فيشق ذلك فيه، بخلاف الحيض والنفاس.
(وسُنَّ توضؤ بمُدٍّ) من ماءٍ بمدِّه صلى الله عليه وسلم (1)، لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع. متفق عليه (2).
(و) سُنَّ (اغتسال بصاع) وهو أربعة أمداد (3).
(وكره إسراف) في وضوء وغسل، وهو الزيادة الكثيرة، ولو على نهر
= (2/ 139) و"شرح منتهى الإرادات"(1/ 82)، و"فتح الباري" للحافظ ابن حجر (1/ 418).
(1)
مقدار المُدّ رطلٌ وثلث الرطل بالعراقي. ينظر: "المغني"(1/ 293)، و"الروض المربع"(1/ 344). والرطل يساوي تسعين مثقالًا. فالمد يساوي عشرون ومائة مثقال. ومقدار المد بالغرامات -مبني على الخلاف في وزن المثقال إذا كان من الشعير- فمن جعل وزن المثقال = 3.5 جرامًا فالمد = 3.5 × 120= 420 جرامًا. ومن جعل وزن المثقال = 3.60 فالمد = 432 جرامًا.
ومقدار المد باللز: نصف لتر و 5/ 13 غرامًا تقريبًا.
والصاع يساوي من المثاقيل: ثمانون وأربعمائة مثقال.
وزنته بالجرامات: إما ثمانون وستمائة وألف، على قول من جعل المد عشرين وأربعمائة جرام.
وإما ثمانية وعشرون وسبعمائة وألف جرام، على قول من جعل المد اثنين وثلاثين وأربعمائة جرام.
ومقداره باللتر: لترين و 54 غرامًا. واللَّه أعلم.
ينظر: "الروض المربع" تعليق د. عبد اللَّه الطيار (1/ 344)، و"المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلّقة بها" للكردي (ص 220)، و"الفقه الإسلامي وأدلته" للزحيلي (1/ 379).
(2)
أخرجه البخاريَ في الوضوء، باب الوضوء بالمد (1/ 58)، ومسلم في الحيض (1/ 258).
(3)
ينظر: "المغني"(1/ 293)، و"الروض المربع"(1/ 344).
جار، لحديث ابن ماجة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ، فقال:"ما هذا السرف؟ " فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: "نعم وإن كنت على نهر جارٍ"(1).
ولا يكره إسباغ في وضوء أو غسل بدون ما ذكر لحديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يَسعُ (2) ثلاثة أمداد أو قريبًا من ذلك. رواه مسلم (3). والإسباغ تعميم العضو بالماء، بحيث يجري عليه فلا يكفي مسحه.
(وإن نوى) مغتسل (بالغسل رفع الحدثين) أي: الأكبر والأصغر (أو لحدث وأطلق) فلم يقيده بالأكبر ولا بالأصغر (ارتفعا)(4) بخلاف لو عيَّنَ واحدًا منهما، فلا يرتفع غيره.
(وسُنَّ لجنب) لم يغتسل في الحال (غسل فرجه، والوضوء لأكل، وشرب، ونوم، ومعاودة وطءٍ) لما روى في المتفق عليه، أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم: يرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد"(5). (والغسل لها) أي لما ذكر من الأكل، والشرب، والنوم، ومعاودة الوطء
(1) أخرجه ابن ماجة في الطهارة، باب ما جاء في القصد في الوضوء، وكراهية التعدي فيه (1/ 147) قال في "زوائد ابن ماجة" -المطبوع مع السنن- (1/ 147): إسناده ضعيف لضعف حيي بن عبد اللَّه وابن لهيعة. اهـ
(2)
في الأصل: (وايسع) والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 82).
(3)
في كتاب الحيض (1/ 256).
(4)
لقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة، فإذا اغتسل يجب أن لا يمنع منها. وقد أجمع العلماء على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسيًا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ينظر:"الشرح الكبير"(2/ 149، 150).
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثمّ ينام (1/ 75)، ومسلم في كتاب الحيض (1/ 248، 249).
(أفضل) لأنه أزكى وأطيب وأطهر، كما رواه أحمد وأبو داود رضي الله عنه حديث أبي رافع (1).
(وكُره نوم جنب بلا وضوء) لمخالفته للسنة.
تذنيب: قد تقرر أن الوضوء يسنُّ بالمد، والغسل بالصاع، وحررت الصاع بأنه أربعة أمداد. فتحتاج إلى تحرير المد وهو بالمثاقيل: مائة وعشرون مثقالًا، وبالأرطال: رطل وثلث بالعراقي، والرطل العراقي بالدراهم: مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، إذا عرفت ذلك عرفت مقدار (2) بقية الأرطال.
(1) أخرجه الإمام أحمد (6/ 391)، وأبو داود في الطهارة، باب الوضوء لمن أراد أن يعود (1/ 149)، وابن ماجة في الطهارة وسننها، باب فيمن يغتسل عن كل واحدة غسلًا (1/ 194) قال أبو داود عقب الحديث: وحديث أنس أصح من هذا. اهـ قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 149 - 150): طعن فيه أبو داود. اهـ قال السهارنفوري في "بذل المجهود"(2/ 184): وليس بطعن في الحقيقة؛ لأنه لم ينف عنه الصحة. قال النسائي: ليس بينه وبين حديث أنس اختلاف، بل كان يفعل هذا مرة وذاك أخرى. اهـ
وحديث أنس، هو قوله: طاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على نسائه ذات يومٍ في غسل واحد. أخرجاه في الصحيحين.
(2)
في الأصل: (مقداره).