المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ١

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في نواقض الوضوء

- ‌فصل في أحكام الغسل

- ‌فصل في التيمم

- ‌فصل في إزالة النجاسة الحكمية

- ‌فصل في الحيض

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل في الأذان

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في شروط الصلاة

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الأماكن التي لا تصح فيها [الصلاة]

- ‌باب صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وما يسن فيها وما يكره وما يتعلق بها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة التطوع

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في أوقات النهي

- ‌فصل في صلاة الجماعة وأحكامها وما يبيح تركها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

- ‌فصل في صلاة أهل الأعذار

- ‌فصل في صلاة المريض

- ‌فصل في القصر

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة الجمعة

- ‌تتمة:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل في صلاة العيدين وأحكامها

- ‌فصل في صلاة الكسوف

- ‌فصل في صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل في غسل الميت

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكفين الميت

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل في زكاة الخارج من الأرض

- ‌فصل في زكاة الأثمان

- ‌تتمة:

- ‌فصل زكاة الفطر

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الصيام

- ‌تتمة:

- ‌فصل فيما يفسد الصوم فقط، أو يفسده ويوجب الكفارة، وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في صوم التطوع

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌تتمة:

- ‌فصل في المواقيت

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في الفدية وبيان أقسامها وأحكامها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك

- ‌تتمة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل (أركان الحج أربعة)

- ‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌فائدة:

- ‌كتاب الجهاد

- ‌تتمة:

- ‌فصل في عقد الذمة

الفصل: ‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

(الأقرأ العالمُ فِقْهَ صلاِته، أولى من الأفقه) فقط، لجمعه بين المزيتين في القراءة والفقه، ثم يليه الأجود قراءة الفقيه لحديث:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه تعالى"(1) ثم يليه الأقرأ جودة، وإن لم يكن فقيهًا، إن كان يعرف فقه صلاته حافظًا للفاتحة، للحديث المذكور، ولحديث ابن عباس:"ليؤذن لكم خياركم، وليؤمَّكم أقرؤكم"(2) رواه أبو داود.

وإنما قُدِّمَ الأقرأ جودة على الأكثر قرآنًا، لأنه أعظم أجرًا لحديث:"من قرأ القرآن فأعربه، فله بكل حرف عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة"(3) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه (4). ثم مع الاستواء في الجودة يُقدَّم الأكثر قرآنًا الأفقه، لجمعه

(1) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (1/ 465) عن أبي مسعود البدري.

(2)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة (1/ 396)، وابن ماجه، الأذان، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين (1/ 240) وفي إشاده حسين بن عيسى الحنفي، ضعيف لا يحتج به، ينظر "الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي (2/ 766).

(3)

لم أقف عليه في الترمذي. وقد أخرج البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 241) عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعًا: "من قرأ القرآن فأعرب قراءته كان له بكل حرف منه عشرون حسنه، ومن قرأ بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات" وضعَّف إسناده المعلق على "الشعب".

وروي عن عمر بن الخطاب نحو ذلك مرفوعًا. أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 241 - 242) والرازي في "فضائل القرآن"(ص 143) وفي إسناده نوح بن أبي مريم أبو عصمة الجامع، متروك الحديث. ينظر "الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي (7/ 2506).

(4)

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في: "فضائل القرآن" ص (208، 209)، بنحوه =

ص: 305

الفضيلتين، ثم يليه الأكثر قرآنًا الفقيه، ثم يليه قارئ أفقه، ثم يليه قارئ فقيه، ثم قارئ عالم فقه صلاته من شروطها، وأركانها، وواجباتها، ومبطلاتها ونحوها، ثم قارئ لا يعلم فقه صلاته، بل يأتي بها عادة فتصح إمامته، ثم إن استووا في عدم القراءة (1) قُدِّم أفقه وأعلم بأحكام الصلاة، ثم إن استووا في القراءة والفقه قُدِّم أكبر سنًّا، لحديث مالك بن الحويرث مرفوعًا:"إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم" متفق عليه (2).

ولأنه أقرب إلى الخشوع، وإجابة الدعاء، ثم مع الاستواء في السن -أيضًا- أشرف، وهو القرشي، إلحاقًا للإمامة الصغرى بالكبرى، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"الأئمة من قريش"(3) وقوله: "قدِّموا قريشًا ولا تَقَدَّمُوها"(4)، فتقدم بنو هاشم على غيرهم، لمزيتهم بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم. ثم مع الاستواء في الشرف -أيضًا- الأقدم هجرة بنفسه، لحديث أبي مسعود البدري مرفوعًا: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنًّا، ولا يؤمنَّ الرجل الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على

= عنهما.

(1)

في الأصل: "القرآن" والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 255).

(2)

تقدم تخريجه (ص 118).

(3)

أحمد في "المسند"(3/ 129)، والبيهقي، جماع أبواب صلاة الإمام وصفة الأئمة، باب من قال: يؤمهم ذو نسب إذا استووا في القراءة والفقه (3/ 121)، قال أبو نعيم في "الحلية" (3/ 171): حديث مشهور ثابت من حديث أنس. اهـ، وقال الحافظ في "التلخيص" (4/ 42): وإسناده حسن.

(4)

الشافعي في "المسند"، (ص 278)، والبيهقي في "المعرفة"(1/ 154) عن الزهري بلاغًا. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 637) عن عبد اللَّه بن السائب، وعن عتبة بن غزوان، وعن جبير بن مطعم، وعن سهل بن أبي حثمة.

ص: 306

تكرمته إلا بإذنه" (1) رواه مسلم.

وسبق بإسلام، كسبق بهجرة. ثم مع الاستواء فيما تقدم، يقدم الأتقى والأورع، لقوله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (2)، ولأن مقصود الصلاة الخضوع، ورجاء إجابة الدعاء، والأتقى والأورع أقرب إلى ذلك، قال القشيري (3) في "رسالته" (4): الورع: اجتناب الشبهات. ثم يقرع، إن استووا في كل ما تقدم، وتشاحوا، فمَنْ قرع صاحبه فهو أحق، قياسًا على الأذان.

وصاحب البيت الصالح للإمامة ولو عبدًا، أحق بالإمامة ممن حفره في بيته، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يُؤَمَّنَّ الرجل في بيته"(5).

وإمام المسجد الراتب الصالح للإمامة ولو عبدًا، أحق بالإمامة فيه.

ولا تكره إمامة عبد في غير جمعة وعيد، وحر أولى بالإمامة من عبد، ومبعَّض أولى من عبد، وحاضر، وبصير، وحضري، ومتوضئ، أولى من ضدهم.

وتكره إمامة غير الأولى بلا إذنه غير إمام مسجد راتب، وصاحب بيت فتحرم.

(ولا تصح) الصلاة (خلف فاسق)، سواء كان فسقه بالاعتقاد، أو الأفعال المحرمة، لقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا

(1) مسلم، الصلاة (1/ 465).

(2)

سورة الحجرات، الآية:13.

(3)

أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري. زاهد معروف، عالم، ولد سنة (376 هـ) له:"الرسالة" و"لطائف الإشارات" وغيرها. توفي سنة (465 هـ).

ينظر: "تاريخ بغداد"(11/ 83) و"البداية والنهاية"(12/ 107) و"طبقات الشافعية"(3/ 6243) و"سير أعلام النبلاء"(18/ 227).

(4)

(2/ 156).

(5)

أبو داود، الصلاة، باب من أحق بالإمامة (1/ 391).

ص: 307

يَسْتَوُونَ (18)} (1)، وحديث ابن ماجه عن جابر -مرفوعًا-:"لا تَؤمَّنَّ امرأة رجلًا، ولا أعرابي مهاجرًا، ولا فاجر مؤمنًا، إلا أن يقهره بسلطان يخاف سطوته وسيفه"(2)، وسواء أعلن فسقه، أو أخفاه.

وتصح خلف نائبه العدل، ولا يؤم فاسق فاسقًا، ويعيد من صلى خلف فاسق مطلقًا، (إلا في جمعة وعيد، تعذرًا خلف غيره) أي: الفاسق، بأن تتعذر (3) أخرى خلف عدل للضرورة، وإن خاف -إن لم يصل خلف فاسق- أذى صلى خلفه، وأعاد نصًّا (4)، فإن وافقه في الأفعال منفردًا ولم ينو الاقتداء به، أو وافقه بإمام عدل خلفه، لم يعد؛ لأنه لم يقتد بفاسق.

وتصح صلاة فرض ونفل خلف أعمى أصم، وأقلف (5) غير مفتوق، أو مفتوق إذا غسل ما تحتها، وخلف أقطع يدين أو رجلين، أو أحدهما (6)، إذا أمكنه القيام وإلا فبمثله، وكذا مقطوع أنف فتصح إمامته كغيره، وتصح خلف كثير لحن لمن لم يحل المعنى، كجرِّ دال الحمد، وضم هاء للَّه، ونحوها.

(ولا) تصح (إمامة من حدثه دائم) كرعاف، وسلس، وجرح لا يرقأ (7) دمه، إلا بمثله؛ لأن في صلاته خللًا غير مجبور ببدل، وإنما تصح

(1) سورة السجدة، الآية:18.

(2)

ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فرض الجمعة (1/ 343)، والبيهقي، كتاب الصلاة، باب لا يأتم رجل بامرأة (3/ 171)، قال الحافظ في "التلخيص" (2/ 34): فيه عبد اللَّه بن محمد العدوي عن علي بن زيد بن جدعان. والعدوي اتهمه وكيع بوضع الحديث، وشيخه ضعيف. اهـ.

(3)

في الأصل: "تعذر" والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 257).

(4)

"الإنصاف"(4/ 358).

(5)

هو الذي لم يختن. ينظر: "المطعل"(ص 99).

(6)

في "شرح منتهى الإرادات"(1/ 257): إحداهما.

(7)

رقأ الدمع، كجعل، رقْئًا ورقوءًا: جف وسكن. "القاموس المحيط": (ص 52).

ص: 308

لنفسه ولمن مثله، للضرورة.

(و) لا تصح إمامة (أمِّي) -نسبة إلى الأم، كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها، وقيل: إلى أمة العرب- وأصله لغة: من لا يكتب (1)، (وهو) عرفًا (من لا يحسن الفاتحة) أي لا يحفظها، (أو يدغم فيها حرفًا لا يدغم)، كإدغام هاء للَّه في راء ربّ، وهو الأرتّ (2)، أو يبدّل منها (حرفًا) لا يُبدل وهو الألثغ (3)، لحديث:"ليؤمكم أقرؤكم"(4) رواه البخاري.

إلا ضاد "المغضوب"، وضاد "الضالين" بظاء، فلا يصير به أميًّا سواء علم الفرق بينهما لفظًا ومعنى أم لا، (أو يلحن فيها لحنًا يحيل المعنى) عجزًا عن إصلاحه، ككسر كاف "إياك" وضم تاء "أنعمت" وكسرها، لأنه عاجز عن فرض القراءة، فلا تصح إمامته (إلا بمثله)، فلا يصح اقتداء عاجز عن نصف الفاتحة الأول، بعاجز عن نصفها الأخير، ولا عكسه، ولا يصح اقتداء قادر على الأقوال الواجبة بعاجز عنها.

فإن تعمد غير الأميِّ إدغام ما لا يدغم، أو إبدال ما لا يبدل، أو اللحن المحيل للمعنى، أو قدر أمي على إصلاحه فتركه، أو زاد على فرض القراءة، وهو عاجز عن إصلاحه عمدًا، لم تصح صلاته، لأنه أخرجه بذلك عن كونه قرآنًا فهو كسائر الكلام.

وإن أحال المعنى في قراءة ما زاد على الفاتحة، سهوًا أو جهلًا صحت صلاته.

ومن اللحن المحيل للمعنى فتح همزة اهدنا، لأنه من أهدى الهدية، لا طلب الهداية.

(1) ينظر: "المفردات"(ص 87) و"المطلع"(ص 100) و"التوفيق"(ص 95).

(2)

الأرتّ: من يبدل الراء ياء. "معجم الوسيط"(1/ 327).

(3)

الألثغ: الذي يبدل حرفًا بحرف لا يبدل به، كالعين بالزاي وعكسه، أو الجيم بالشين أو اللام أو نحوه، وقيل: من أبدل حرفًا بغيره، "الإنصاف" مع الشرح الكبير (4/ 400).

(4)

تقدم (ص 305) أنه رواه أبو داود. وهو كذلك.

ص: 309

(وكذا) لا تصح إمامة (من به سلس بول) إلا بمثله (و) كذا (عاجز عن ركوع) أ (وسجود أو قعود ونحوها)، كاعتدال (أو اجتناب نجاسة، أو استقبال) إلا بمثله، (ولا عاجز عن قيام بقادر) في فرض، لأنه عاجز عن ركن الصلاة، كالعاجز عن القراءة، (إلا) إمامًا (راتبًا) بمسجد عجز عن القيام لعلة إذا (رُجِيَ زوال علته) فيجلسون خلفه ولو مع قدرتهم على القيام، لحديث عائشة:"صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاكٍ فصلى جالسًا، وصلى وراءه قوم قيامًا فأشار إليهم: أن اجلسوا. فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به" إلى أن قال: "وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين"(1) متفق عليه.

وتصح صلاتهم خلفه قيامًا، لأن القيام هو الأصل، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلى خلفه قائمًا بالإعادة.

(ولا) تصح إمامة (مميز لبالغ في فرض)، وتصح في النفل، كما تقدم.

(ولا) تصح (إمامة امرأة لرجال) لما روى ابن ماجه عن جابر -مرفوعًا-: "لا تؤمن امرأة رجلًا"(2) ولا تؤم خنثى -أيضًا- لاحتمال أن يكون ذكرًا، (و) لا تصح إمامة (خناثى) لرجال؛ لاحتمال أن يكونوا إناثًا.

(ولا) تصح الصلاة (خلف محدث) حدثًا أصغر أو أكبر يعلم ذلك (أو نجس) أي من ببدنه أو ثوبه أو بقعته نجاسة غير معفو عنها، يعلم ذلك (فإن جُهلا) -أي الإمام والمأموم- (حتى انقضت) الصلاة (صحت لمأموم) فقط دون إمام.

(وتكره إمامة لحَّان) لحنًا لم يحل المعنى كما تقدم.

(و) تكره إمامة الـ (فأفاء) بالمد وهو الذي يكرر الفاء، (ونحوه)

(1) البخاري، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به (1/ 169)، مسلم، كتاب الصلاة، (1/ 309).

(2)

تقدم تخريجه (ص 308).

ص: 310

كالتمتام الذي يكرر التاء (1)، وكمن لا يفصح ببعض الحروف، أو يصرع أحيانًا.

وإن ترك الإمام ركنًا، أو شرطًا مختلفًا فيه مقلدًا، صحت صلاته، ومن صلى خلفه معتقدًا بطلان صلاته أعاد، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد.

ومن اقتدى بمن لا يعرف حاله، لم يجب البحث عن كونه قارئًا، عملًا بالغالب، فإن قال بعد سلامه: سهوت عن الفاتحة، لزمه ومن معه الإعادة.

وكره أن يؤم رجل امرأة أجنبية فأكثر، لا رجل فيهن ولا ذات محرم، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن خلوة الرجل بالمرأة (2)، أو أن يؤم قومًا وهم له كارهون بحق، لخلل في دينه أو فضله، لحديث أبي أمامة:"ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون"(3) رواه الترمذي. فإن كرهوه بغير حق لم يكره أن يؤمهم.

ولا تكره إمامة ولد زنا، أو لقيط (4)، أو منفي بلعان، وخصي، وجندي، وأعرابي، إذا سلم دينهم وصلحوا لها، لعموم حديث:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه"(5)، وقالت عائشة في ولد الزنا:"ليس عليه من وزر أبويه شيء" قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ

(1)"الصحاح"(5/ 1878).

(2)

البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم (6/ 158) ومسلم، كتاب الحج (2/ 978).

(3)

الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء فيمن أم قومًا وهم له كارهون (2/ 193) وقال: هذا حديث حسن غريب.

(4)

في "المطلع"(ص 428): فعيل، بمعنى مفعول. . . الذي يوجد مرميًّا على الطريق ولا يعرف أبوه ولا أمه.

(5)

تقدم تخريجه (ص 307).

ص: 311

أُخْرَى (1)} (2) ولا بأس أن يأتم متوضئ بمتيمم لأنه متطهر، والمتوضئ أولى، ويصح ائتمام مؤدي صلاة بقاضيها وعكسه، إذا اتفقتا في الاسم، لا مفترض بمتنفل، ويصح العكس، لحديث:"ألا رجل يتصدَّق على هذا فيصلي معه"(3).

(وسن وقوف المأمومين) اثنان فأكثر (خلف الإمام) لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قام إلى الصلاة تقدم، وقام أصحابه خلفه (4)، إلا إمام العراة، فيقف بينهم وسطًا وجوبًا، إن لم يكونوا عميًا أو في ظلمة، وإلا امرأة أمت نساءً، فتقف وسطًا بينهن ندبًا، روي عن عائشة (5)، ورواه سعيد عن أم سلمة (6)، ولأنه أستر لها.

(والواحد) يقف (عن يمينه) أي: الإمام (وجوبًا)"لإدارته صلى الله عليه وسلم ابن عباس، وجابرًا إلى يمينه لما وقفا عن يساره" رواه مسلم (7). قال في "المبدع"(8): ويندب تخلفه قليلًا، خوفًا من التقدم، ومراعاة للمرتبة، فإن

(1) سورة فاطر، الآية:18.

(2)

ابن أبي شيبة، الصلاة، من رخص في إمامة ولد الزنا (2/ 216) وابن المنذر في "الأوسط"(4/ 161) وابن حزم في "المحلى"(4/ 299) والبيهقي، الصلاة، باب اجعلوا أئمتكم خياركم (3/ 91).

(3)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين (1/ 386) والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلى فيه مرة (1/ 427) وقال: حديث حسن. اهـ

(4)

أخرج مسلم، كتاب الزهد والرقائق (4/ 2305)، من حديث جابر، مطولًا:"أن جابرًا وجبَّارًا وقف أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره، فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه".

(5)

البيهقي، كتاب الصلاة، باب المرأة تؤم النساء فتقوم وسطهن (3/ 131)، الدارقطني، كتاب الصلاة، باب صلاة النساء جماعة وموقف إمامهن (1/ 404).

(6)

ابن أبي شيبة، الصلاة، المرأة تؤمن النساء (2/ 88، 89) وعبد الرزاق، الصلاة، باب المرأة تؤم النساء (3/ 140، 411) وابن المنذر في "الأوسط"(4/ 227).

(7)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، (1/ 526) و (1/ 532).

(8)

(1/ 230).

ص: 312

بان عدم مصافته له، لم تصح صلاته.

(والمرأة) تقف (خلفه) أي الإمام ندبًا، لحديث أنس:"أن جدَّته مُلَيْكةَ دعتْ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل ثم قال: قوموا لأصلِّي لكم. فقمت إلى حصير قد اسودَّ من طُول ما لبث، فنضحته بماء، فقام عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقمت أنا واليتيم وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف"(1) رواه الجماعة إلا ابن ماجه.

وإن أمَّ خنثى امرأة وقفت خلفه، لاحتمال أن يكون ذكرًا، فإن أمت أنثى أنثى، فعن يمينها، وإن وقفت المرأة عن يمين الإمام، صحت صلاتها، وصلاة من خلفها من الصفوف إن كان.

(ومن صلى) مأمومًا (عن يسار الإمام مع خُلُوِّ يمينه، أو) صلى (فذًّا ركعة) فأكثر (لم تصح صلاته)، لأنه خالف موقفه، "لإدارته صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابرًا، لما وقفا عن يساره"(2)، فإن كان عن يمينه أحد صحت عن يساره -أيضًا-.

وأما الفذ (3) فلا تصح صلاته، سواء كان عالمًا أو جاهلًا أو ناسيًا أو عامدًا، لحديث وابصة بن معبد:"أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة"(4) رواه الإمام أحمد، والترمذي وحسنه،

(1) البخاري، الصلاة، باب الصلاة على الحصير (1/ 100، 101) ومسلم، المساجد (1/ 457، 458) وأبو داود، الصلاة، باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون (1/ 408) والترمذي، الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال (1/ 454، 456) النسائي، الإمامة، باب إذا كانوا ثلاثة وامرأة (2/ 85، 86).

(2)

تقدم قبل قليل.

(3)

الفذُّ: الفرد "القاموس المحيط"(ص 429).

(4)

"المسند"(4/ 228) وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يصلي وحده خلف الصف (1/ 439)، والترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده (1/ 445، 446)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب صلاة الرجل خلف =

ص: 313

[ورواه](1) ابن ماجه، ورجاله ثقات.

وعن علي بن شيبان -مرفوعًا-: "لا صلاة لفرد خلف الصف"(2) رواه أحمد وابن ماجه، وإن ركع فذًّا لعذر كخوف فوت الركعة، ثم دخل الصف قبل سجود الإمام صحت صلاته، أو ركع فذًّا لعذر، ثم وقف معه آخر قبل سجود الإمام صحت أيضًا، لأن أبا بكرة -واسمه نفيع- ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"زادك اللَّه حرصًا ولا تعد"(3). رواه البخاري، وفعله زيد بن ثابت، وابن مسعود (4)، فإن لم يكن له عذر لم تصح، لأن الرخصة وردت في المعذور فلا يلحق به غيره.

(وإذا جمعهما) أي: الإمام والمأموم (مسجدٌ، صحت القدوة مطلقًا)، سواء رأى الإمام، أو رأى من وراءه، أو لم يره (بشرط العلم بانتقالات الإمام) ليتمكن من متابعته، وإن لم يجمعهما مسجد، كما إذا كان الإمام في المسجد والمأموم خارجه، أو بالعكس (شرط رؤية الإمام أو) رؤية (مَنْ وراءه أيضًا)، فلا يكفي سماع التكبير إذًا، (ولو) كانت الرؤية للإمام، أو مَنْ وراءه (في بعضها) أي: الصلاة.

وإن كان بين الإمام والمأموم نهر تجري فيه السفن، لم تصح، أو كان بينهما طريق ولم تتصل فيه الصفوف حيث صحت [فيه](5) كجمعة، وعيد،

= الصف وحده (1/ 321)، قال الترمذي: حديث حسن. اهـ ونقل الحافظ في "الفتح"(2/ 268) تصحيحه عن أحمد وابن خزيمة. اهـ.

(1)

ما بين المعقوفين من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 266).

(2)

أحمد في "المسند"(4/ 23)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب صلاة الرجل خلف الصف وحده (1/ 320)، البيهقي، كتاب الصلاة، باب من صلى خلف الصف وحده (3/ 105). وصححه البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 122).

(3)

البخاري، كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف (1/ 190).

(4)

البيهقي، الصلاة، باب من ركع دون الصف (1/ 90، 91).

(5)

ما بين المعقوفين سقط من الأصل. والمثبت من "شرح منتهى الإرادات"(1/ 266).

ص: 314

وجنازة، ونحوها، للضرورة، لم تصح، للآثار (1)، فإن اتصلت الصفوف حيث صحت فيه، صحت، أو كان المأموم في غير شدة خوف في سفينة، وإمامه بأخرى غير مقرونة بها، لم يصح الاقتداء.

(وكره علو إمام على مأموم) لحديث أبي داود، عن حذيفة -مرفوعًا-:"إذا أمَّ الرجل القوم، فلا يقومنَّ في مكان عال أرفع من مكانهم"(2) ومحل الكراهة إذا كان ارتفاعه (ذراعًا فأكثر) لا دونه، كدرجة منبر، فلا يكره، لحديث سهل بن سعد:"أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر في أول يوم وضع، فكبر وهو عليه، ثم ركع، ثم نزل القهقرى، فسجد وسجد الناس معه، ثم عاد حتى فرغ، فلما انصرف قال: يا أيها الناس إنما فعلت ذلك؛ لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتي" متفق عليه (3).

(ولا بأس) بالعلو (لمأموم، ولو كان كثيرًا) كما لو صلى على سطح والإمام تحته، لما روى الشافعي عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام (4)، (ولا) يضر (قطع الصف) خلف الإمام وعن يمينه (إلا) إذا كان (عن يساره، بقدر مقام ثلاثة) رجال فتبطل صلاته.

قلت: ظاهر عبارات الأصحاب أن ذلك إذا كان عن يسار الإمام في الصف الذي يقف فيه الإمام، بخلاف قطع الصف الذي خلفه من يساره فلا يضر، ولم أقف على من صرح بذلك.

(و) كره (صلاته) أي: الإمام (في محراب يمنع مشاهدته) روي ذلك

(1) قوله: (حيث صحت فيه) أي تلك الصلاة في الطريق، بأن كانت صلاة على جنازة أو نحوها فما يصح في الطريق بشرطه. ينظر:"معونة أولي النهى"(2/ 190).

(2)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يقوم مكانًا أرفع من مكان القوم (1/ 400)، وفيه رجلٌ مجهول.

(3)

البخاري، كتاب الجمعة، باب الخطة على المنبر (1/ 220)، مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 386، 387).

(4)

والبيهقي -أيضًا- كتاب الصلاة، باب صلاة المأموم في المسجد أو على ظهره (3/ 111).

ص: 315

عن ابن مسعود، وغيره (1)، فيقف عن يمين المحراب، نصًّا (2)، إن لم يكن حاجة، وإن لم يمنع مشاهدته لم يكره.

(و) كره (تطوعه) أي: الإمام (موضع المكتوبة) نصًّا (3)، لحديث المغيرة بن شعبة -مرفوعًا-:"لا يصلِّ الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة، حتى يتنحى عنه"(4) رواه أبو داود، ولأن في تحوله إعلامًا بأنه صلى، فلا ينتظر.

(و) كره لإمام (إطالته الاستقبال بعد السلام) إن لم يكن ثَم نساء، لحديث عائشة:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام"(5) رواه مسلم، ويستحب للمأموم أن لا ينصرف قبله؛ للخبر (6).

(و) كره (وقوف مأموم بين سوار تقطع الصفوف عرفًا) لقول عمر: "كنا نتقي هذا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(7) رواه الإمام أحمد، وغيره، قال

(1) كعلقمة والأسود. ذكره في "الشرح الكبير"(4/ 457).

(2)

"الإنصاف"(4/ 458).

(3)

المصدر السابق.

(4)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يتطوع في مكانه (1/ 409، 410)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في صلاة النافلة حيث تصلى المكتوبة (1/ 459). قال أبو داود عقبه: عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة. اهـ

(5)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها.

(6)

أخرج مسلم، في كتاب الصلاة (1/ 320)، عن أنس قال: صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلما قضى الصلاة، أقبل علينا بوجهه، فقال:"أيها الناس إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي ومن خلفي".

(7)

أحمد في "المسند"(3/ 131) وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الصفوف بين السواري (1/ 436)، الترمذي، كتاب الإمامة، باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري (1/ 443)، والنسائي، كتاب الإمامة، باب الصف بين السواري (2/ 94) من حديث أنس. قال الترمذي: حديث حسن.

ص: 316

أحمد: لأنه يقطع (1). فإن كان الصف صغيرًا قدر ما بين الساريتين، لم يكره (إلا لحاجة في الكل) من قوله:(وكره علو إمام) إلى هنا.

(وينحرف إمام إلى مأموم) بعد صلاته استحبابًا؛ لحديث سمرة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة، أقبل علينا بوجهه"(2) رواه البخاري، (جهة قصده) إن قصد جهة (وإلا عن يمينه) فتلي يساره القبلة.

(و) كره (حضور مسجد و) حضور (جماعة لمن رائحته كريهة، من بصل أو غيره)، كثوم، وكراث، (وفجل حتى يذهب ريحه) للخبر (3)، ولو لم يكن بالمسجد أحد لتأذي الملائكة، ويستحب إخراجه. وفي معناه من به نحو صُنان (4) أو جُذام (5).

ومن الأدب وضع إمام نعله عن يساره، ومأموم بين يديه، لئلا يؤذي.

(1)"الفروع"(1/ 502) ونص العبارة فيه: قال أحمد: لأنها تقطع الصف.

(2)

البخاري، كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم (1/ 290).

(3)

مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 395).

(4)

الصُّنان: الذَّفَر -الريح الكريهة- تحت الإبط وغيره. "مختار الصحاح"(ص 477) و"المعجم الوسيط"(2/ 526).

(5)

الجُذام، كغُراب: علّة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيأتهُا، وربما انتهى إلى تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرّح. "القاموس المحيط"(ص 1404).

ص: 317