المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - باب الزجر عن الدخول إلى أرض وقع بها الطاعون - المطالب العالية محققا - جـ ١١

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌28 - كِتَابُ الطِّبِّ

- ‌1 - بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّدَاوِي

- ‌2 - بَابُ الْقِسْطِ

- ‌3 - بَابُ الْمِلْحِ

- ‌4 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ فِي الشَّمْسِ

- ‌5 - بَابُ الْمَاءِ الْبَارِدِ لِلْحُمَّى

- ‌6 - بَابُ التَّلْبِينَةِ

- ‌7 - بَابُ الْحِنَّاءِ

- ‌8 - بَابُ الرِّجْلَةِ

- ‌10 - بَابُ الذِّكْرِ الَّذِي يُذهب السَّقَمَ

- ‌13 - بَابٌ فِيمَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ

- ‌14 - بَابُ ذَمِّ مَنْ لَا يَمْرَضُ

- ‌15 - بَابُ فَضْلِ كِتْمَانِ الْمُصِيبَةِ

- ‌16 - بَابُ فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌17 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الدُّخُولِ إِلَى أَرْضٍ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ

- ‌18 - بَابُ النُّقْلَةِ مِنَ الْبَلَدِ الْوَبِيَّةِ

- ‌19 - بَابُ الرُّقَى

- ‌20 - بَابُ الْعَيْنِ

- ‌21 - بَابُ نَفْيِ الْعَدْوَى وَالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ وَالزَّجْرِ عَنِ الطِّيَرَةِ

- ‌22 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّعْرِ مِنَ الْأَنْفِ

- ‌24 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّدَاوِي بِالْحَرَامِ

- ‌25 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ السِّحْرِ

- ‌26 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ النَّظَرِ فِي النُّجُومِ

- ‌27 - بَابُ الْكِهَانَةِ

- ‌28 - بَابُ الْكَيِّ

- ‌29 - بَابُ الْحَجْمِ

- ‌29 - كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌2 - بَابُ التَّرْهِيبِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ

- ‌3 - بَابُ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ

- ‌4 - بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌5 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الِانْتِمَاءِ إِلَى غَيْرِ الْمَوَالِي والإِدعاء إِلَى غَيْرِ الْآبَاءِ وَعَنْ سَبِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌7 - بَابُ فَضْلِ الإِحسان إِلَى الْيَتِيمِ

- ‌8 - باب حُسن الخلق

- ‌30 - كِتَابُ الْأَدَبِ

- ‌1 - بَابُ جُمَلٍ مِنَ الْأَدَبِ

- ‌2 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ النِّسَاءِ الْحَمَّامَاتِ

- ‌3 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْعَفْوِ

- ‌4 - بَابُ الِاعْتِذَارِ

- ‌5 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ تَتَبُّعِ الْعَوْرَاتِ

- ‌6 - بَابُ أَدَبِ النَّوْمِ

- ‌7 - بَابُ كَرَاهَةِ النَّوْمِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌8 - بَابُ النَّظَرِ فِي الْمَرْآةِ وَأدَبِ الْكُحْلِ وَالتَّنَعُّلِ وَالتَّيَمُّنِ فِي ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ

- ‌10 - بَابُ الْعُطَاسِ وَالْأَدَبِ فِيهِ

- ‌11 - بَابُ الشِّعْرِ

- ‌12 - بَابُ إِعْطَاءِ الشَّاعِرِ

- ‌13 - باب الأمر بالتستر من الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ صَغُرَتْ

- ‌14 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي حِفْظِ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ

- ‌15 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْغَضَبِ

- ‌16 - بَابُ الْحَثِّ عَلَى شُكْرِ النِّعَمِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَادَ أَعْمَى

- ‌18 - بَابُ فَضْلِ زِيَارَةِ الإِخوان

- ‌19 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌20 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ

- ‌21 - بَابُ ذَمِّ الْكَذِبِ وَمَدْحُ الصِّدْقِ

- ‌22 - بَابُ التَّخَصُّرِ

- ‌23 - بَابُ أَدَبِ الرُّكُوبِ

- ‌24 - بَابُ الِاصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ

- ‌25 - باب التسمية على كل شيء

- ‌26 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّبْذِيرِ

- ‌27 - بَابُ الِاسْتِئْذَانِ

- ‌28 - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌30 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي كِتْمَانِ السِّرِّ

- ‌31 - بَابُ حُسْنِ الْوَجْهِ

- ‌32 - بَابُ فَضْلِ الْخُشُونَةِ

- ‌33 - بَابُ ذَمِّ النَّمِيمَةِ

- ‌34 - بَابُ الْغِيبَةِ

- ‌35 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْغِيبَةِ وَكَفَّارَاتُهَا

- ‌36 - بَابُ ذَمِّ الكِبر وَمَدْحِ التَّوَاضُعِ

- ‌37 - بَابُ فَضْلِ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌38 - بَابُ جَوَازِ الْبُزَاقِ

- ‌39 - بَابُ قَطْعِ الْجَرَسِ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌40 - بَابُ بِمَنْ يَبْدَأُ بِالْكِتَابِ

- ‌41 - بَابُ مَا لِلنِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ

- ‌42 - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كِتْمَانِ السِّرِّ

- ‌43 - بَابُ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

- ‌44 - بَابُ السَّلَامِ

- ‌45 - بَابُ إِكْرَامِ الْغَرِيبِ وَالْحَيَاءِ مِنَ الْكَبِيرِ

- ‌46 - بَابُ تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ يُصَلِّي

- ‌47 - بَابُ الِالْتِزَامِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالْمُصَافَحَةِ

- ‌48 - بَابُ تَقْبِيلِ الْيَدِ

- ‌49 - بَابُ الطِّيبِ

- ‌50 - بَابُ مَنْ دَعَا صَاحِبَهُ فَأَجَابَ بِلَبَّيْكَ

- ‌51 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْفُحْشِ

- ‌52 - بَابُ الْحَذَرِ وَالِاحْتِرَاسِ

- ‌53 - بَابُ كَرَاهِيَةِ السَّجْعِ

- ‌54 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ إِذَا آذَى الْأَحْيَاءَ

- ‌55 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِطَالَةِ فِي عِرض الْمُسْلِمِ

- ‌56 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ السِّعَايَةِ بِالْمُسْلِمِ وَالتَّرْهِيبِ مِنْ تَرْكِ نُصْرَتِهِ

- ‌57 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْغَيْرِ

- ‌58 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ مَدْحِ الْفَاسِقِ

- ‌59 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ عَيْبِ النَّاسِ

الفصل: ‌17 - باب الزجر عن الدخول إلى أرض وقع بها الطاعون

‌17 - بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الدُّخُولِ إِلَى أَرْضٍ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ

2475 -

[1] قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ.

[2]

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مُصَنَّفِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، [حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ](1)، قال حدثني عُرْوَةُ، عَنِ [الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ](2)، عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ] (3) قَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ بِالشَّامِ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِالْوَبَاءِ قَدْ [رُفع](4)، فَاكْتُبُوا إِلَيَّ، فَجِئْتُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَذَاكَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سَرْغ فَسَمِعْتُهُ لَمَّا قَامَ مِنْ نَوْمَتِهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رُجُوعِي إِلَى هنا من سَرْغ.

(1) ما بين المعكوفتين سقط بالكامل من جميع النسخ، وأثبته من مصنف ابن أبي شيبة.

(2)

تصحفت في جميع النسخ إلى (القاسم بن عبد الرحمن)، وما أثبته من فتح الباري (10/ 187)، وفي مصنف ابن أبي شيبة (القاسم) ولم يذكر اسم أبيه.

(3)

تصحفت في جميع النسخ إلى (عبد الرحمن بن عمرو) وما أثبته الصحيح من مصنّف ابن أبي شيبة، وبذل الماعون (ص 285).

(4)

في جميع النسخ (وقع) وما أثبته من إتحاف الخيرة.

ص: 127

2475 -

الحكم عليه:

إسناده حسن من أجل عروة بن رُويم وهشام بن سعد فهما صدوقان. =

ص: 127

= وذكره الحافظ ابن حجر في بذل الماعون (ص 285) وقال: سنده حسن، وفي الفتح (10/ 187)، وقال: سنده جيد.

ص: 128

تخريجه:

هو في مصنف ابن أبي شيبة (13/ 42) بنفس الإسناد والمتن.

وأورد الحديث الهندي في الكنز (ح 11751) وعزاه "إلى إسحاق بن راهويه.

وقصة رجوع عمر من سرغ ثابته في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عامر، وعبد الرحمن بو عوف.

أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فاخبروه أن الوباء وقع بأرض الشام. قال ابن عباس فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم، فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع في الشام فاختلفوا: فقال بعضهم قد خرجنا لأمر ولا نرى أن نرجع عنه. وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تقْدمهم على هذا الوباء فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم. فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مُصَبح على ظهر، فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت إن كانت لك إبل هبطت واديًا له عُدْوتان: إحداهما خصيبة، والأخرى جدبة، أليس أن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف، وكان متغيبًا في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علمًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه، =

ص: 128

= قال: فحمد الله عمر، ثم انصرف.

فأخرجه مالك في الموطأ (2/ 894)، ومن طريقه أحمد (1/ 194)، والبخاري (10/ 179 الفتح)، ومسلم (ح 2219)، وأبو يعلى (2/ 149)، وابن حبّان كما في الإحسان (4/ 265)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 303)، وابن خزيمة كما في بذل الماعون (ص 243)، وأخرجه معمر في كتاب الجامع (ح 20159).

ومن طريقه أحمد (1/ 194)، ومسلم (ح 2219)، وأخرجه البيهقي في الكبرى (7/ 217).

وأما حديث عبد الله بن عامر أن عمر خرج إلى الشام، فلما كان بسرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الحديث السابق.

فأخرجه مالك في الموطأ (2/ 896) ومن طريقه أحمد (1/ 193)، والبخاري (10/ 179، 12/ 344 الفتح)، ومسلم (ح 2219)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 304)، والنسائي في الكبرى (4/ 362)، والبيهقي في الكبرى (3/ 376)، والدارقطني في الغرائب كما في بذل الماعون (ص 247)، وأخرجه الطبراني في الكبير (1/ 310).

وأما حديث أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عبد الرحمن بن عوف أن عمر بن الخطاب حين خرج إلى الشام فسمع بالطاعون فتكركر عن ذلك، فقال له عبد الرحمن: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول وساق الحديث، فرجع عمر عن حديث عبد الرحمن بن عوف.

فأخرجه أبو يعلى (2/ 158). وابن خزيمة كما في بذل الماعون (ص 246)، إلَّا أن الحافظ ابن حجر قال بعد سوقه لهذا الطريق في بذل الماعون، وقد شذ هشام بن سعد فيه، والمحفوظ أن أول هذا من رواية ابن شهاب، عن سالم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر، عن عبد الرحمن بن عوف، وآخره من قول سالم. =

ص: 129

= قلت: هشام بن سعد تقدم في حديث الباب أنه صدوق وقد خالف من هو أوثق منه لذا فحديثه شاذ.

وأما حديث أنس رضي الله عنه قال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أقبل إلى الشام فاستقبله أبو طلحة، وأبو عبيدة بن الجراح فقالا: يا أمير المؤمنين إن معك وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيارهم وإنا تركنا من بعدنا مثل حريق النار فأرجع العام، يعني: فرجع عمر فلما كان العام المقبل، جاء فدخل يعني الطاعون.

فأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 303) وإسناده صحيح.

تنبيه: يتبادر إلى الذهن أن في حديث أنس معارضة لحديث ابن عباس ففي الأخير مراجعة أبي عبيدة لعمر وعدم رغبته في الرجوع، وفي الأول خلاف ذلك، ولرفع هذا الأشكال أنقل ما قاله الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون في فضل الطاعون" (ص 246) قال: ويمكن الجمع بان يكون أبو عبيدة أشار أولًا بالرجوع، ثم غلب عليه مقام التوكل، لما رأى الكثير من المهاجرين والأنصار جنحوا إليه، فرجع عن رأي الرجوع، فناظر عمر في ذلك، فلما أقام عليه الحجة تبعه، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف بالنص فرجعوا أجمعين.

قلت: كذلك قد يتبادر إلى الذهن أن في رواية عبد الله بن عامر مخالفة لرواية ابن عباس وليس كذلك قال الحافظ ابن حجر في بذل الماعون (ص 247) وما بعدها: دلت رواية عبد الله بن عامر على أن عمر كان رجح عنده الرجوع، لما قال للناس: إني مصبح، لكن لم يحزم بذلك، فلما أخبره عبد الرحمن بن عوف مما وافق اجتهاده، حمد الله على ذلك أي لولا ما أخبره به عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم لاستمر مترددًا في الرجوع وعدمه، فلذلك نُسب سبب رجوعه إلى حديث عبد الرحمن بن عوف؛ لأنه العمدة في ذلك، وإن كان الاجتهاد قد سبق على وقفه، وهذا مما ينبغي أن يضاف إلى موافقات عمر رضي الله عنه. اهـ. بتصرف يسير فإذا علمنا أن رجوع عمر رضي الله عنه كان بعد مشورة الصحابة إبتداءً، ثم عزمه الرجوع بعد سماع النص، =

ص: 130

= فلسائل أن يسأل: لماذا يندم عمر على رجوعه ويستغفر وكأنه اقترف ذنبًا؟ كما في حديث الباب.

وقد أشكل ذلك على القرطبي في المفهم، فقال: لا يصح ندم عمر على رجوعه، وكيف يندم على فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ويرجع عنه ويستغفر منه؟!.

ورد الزركشي في الجزء الذي جمعه في الطاعون: كما في بذل الماعون (ص 286) على القرطبي وقال: هذا إسناد صحيح وإني لأتعجب من القرطبي، كيف يرد الأخبار القوية بمثل هذا، مع إمكان الجمع!.

وقال الحافظ ابن حجر في بذل الماعون (ص 286): يحتمل أن يكون ندمه واستغفاره، لأنه خرج لأمر مهم من أمور المسلمين، فوصل إلى قريب البلد الذي كانت حاجته فيه، ثم رجع من ثم إلى المدينة، للحديث الذي سمعه في النهي عن القدوم عليه وكان يمكنه أن لا يفعل واحدًا من الأمرين، وهو أن لا يقدم على البلد الذي فيه الطاعون امتثالًا للحديث. ولا يرجع إلى المدينة في غير قضاء الحاجة التي خرج لها. ثم قال الحافظ: فلعله رأى أنه لو انتظر إلى أن يرتفع كان أولى من رجوعه، لما كان في رجوعه بالعسكر الذي كان يصحبه من المشقة عليهم وعليه، والخبر لم يرد بالأمر بالرجوع. وإنما ورد بالنهي عن القدوم. اهـ.

ص: 131

2476 -

وقال عبد: حثنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها قالت: إنها سمعت رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِي بَعْضَ أَهْلِهِ (1) فَقَالَ: وَإِنْ (2) أَصَابَ النَّاسَ مَوُتَان وَأَنْتَ فيهم فاثبت.

* الحديث منقطع.

(1) جاء في المنتخب من مسند عبد بن حميد (ص 462)، عن الزهري أن المُوصَى بهذه الوصية هو ثوبان.

(2)

سقطت "الواو" في (عم).

ص: 132

2476 -

الحكم عليه:

هذا إسناد ضعيف جدًا فيه علتان:

الأولى: عمرو بن سعيد الدمشقي نجهو ضعيف جدًا.

الثانية: الانقطاع بين مكحول وأم أيمن، فلم يسمع مكحول من أحد من الصحابة رضي الله عنهم إلَّا أنس، وواثلة بن الأسقع، وفضالة بن عبيد كما في جامع التحصيل (ص 285).

ص: 132

تخريجه:

هو في المنتخب من مسند عبد بن حميد (ح 1594) بنفس الإِسناد، عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها أَنَّهَا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي بعض أهله فقال: لا تشرك بالله شيئًا وإن قطّعت، أو حُرقت بالنار، ولا تفر يوم الزحف، فإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مالك، ولا تترك الصلاة متعمدًا، فإنه مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذمة الله، إياك والخمر فإنها مفتاح كل شيء، وإياك والمعصية فإنها تسخط الله، لا تنازع الأمر أهله وإن رأيت أنه لك، أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ طَوْلِكَ، وَلَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ، وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ عز وجل.

وأخرجه أحمد (6/ 421)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 887)، =

ص: 132

= والبيهقي في الكبرى (7/ 304)، وفي الشعب (6/ 188)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج 17/ ق 160)، كلهم من طريق سعيد بن عبد العزيز به، وفي رواية الإِمام أحمد الوصية لأم أيمن ولم يذكر فيها إلَّا النهي عن ترك الصلاة.

أخرجه أحمد عن الوليد بن مسلم قال أخبرنا سعيد بن عبد العزيز به. وهذا إسناد رجاله ثقات وصرح الوليد بن مسلم بالسماع إلَّا أن علته الانقطاع بين مكحول، وأم أيمن.

وتابع مكحول سليمان بن موسى، عن أم أيمن به بنحوه.

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ ق 642)، من طريق إبراهيم بن زبريق، حدّثنا إسماعيل بن عياش، حدّثنا عبيد الله بن عبيد الطلاعي، عن مكحول وسليمان بن موسى، عن أم أيمن به، وسليمان بن موسى هو الدمشقي، الأشدق، قال العلائي في جامع التحصيل (ص 190)، قال البخاري: لم يدرك سليمان أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذكره الترمذي عنه في العلل، وإبراهيم بن زبريق لم أجد له ترجمة.

وروي من وجه آخر مرسلًا من ثلاث طرق:

الأولى: عن محمد بن عجلان، عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أهله، فذكر الحديث.

أخرجه هناد في الزهد (2/ 483)، حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عجلان به، وحاتم بن إسماعيل، قال عنه في التقريب (ص 144): صدوق يهم، ومحمد بن عجلان، قال في التقريب (ص 496): صدوق فالإِسناد ضعيف.

الثانية: عن محمد بن إسحاق، عن مكحول بنحو الطريق الأولى.

أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 888)، وإسناده ضعيف من أجل عنعنة محمد بن إسحاق.

الثالثة: عن يزيد بن جابر، قال: سمعت مكحولًا يقول فذكره بنحوه. =

ص: 133

= أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج 17/ ق 161) من طريق ابن صاعد، حدّثنا الحسين بن الحسن، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن جابر به. وإسناده صحيح إلَّا أنه مرسل.

وجاءت هذه الوصية عن الرسول صلى الله عليه وسلم لعدد من الصحابة في أحاديث عن معاذ، وأبي الدرداء، وأميمة، وعبادة بن الصامت، وأبي ريحانة، وأبي المليح، وعلي رضي الله عنهم وإسماعيل بن أمية.

أما حديث معاذ رضي الله عنه فله عنه طريقان:

الأولى: عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، عن معاذ قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات، قال: لا تشرك باللهِ شيئًا وإن قتلت وحُرقْتَ، ولا تَعُقن والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، لا تتركن صلاة مكتوبة متعمدًا، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمرًا، فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية، فإن المعصية تحل سخط الله عز وجل، واياك والفرار من الزحف، وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت، وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبًا، وأخفهم من الله.

أخرجه أحمد (5/ 238) عن أبي اليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الله بن جبير به.

وذكره المنذري في الترغيب (1/ 383) وقال: إسناد أحمد صحيح لو سلم من الانقطاع فان عبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ.

قلت: وفيه عنعنة إسماعيل بن عياش وهو مدلس.

الثانية: عن أبي إدريس الخولاني، عن معاذ رضي الله عنه أن رجلًا قال:

يا رسول الله! علمني عملًا إذا عملته دخلت الجنة، قال: لا تشرك بالله شيئًا وإن حرقت، وأطع والديك وإن أخرجاك من مالك، ولا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر، ولا تتركن الصلاة متعمدًا، فإن من ترك الصلاة متعمدًا برئت منه ذمة الله، لا =

ص: 134

= تنازع الأمر أهله وإن رأيت أنه لك، أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ طَوْلِكَ، وَلَا تَرْفَعْ العصا عنهم، أخفهم في الله، لا تغلل، لا تفر من الزحف.

أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 82)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 309)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 890)، من طريق عمرو بن واقد، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني به.

وإسناده واهٍ، فيه عمرو بن واقد، قال في التقريب (ص 428): متروك.

وذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 148) وقال: رواه الطبراني من حديث عبادة ومعاذ وإسنادهما ضعيفان.

وأما حديث أسود الدرداء رضي الله عنه فلفظه: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع: إلا تشرك بالله شيئًا، وإن قطعت أو حرقت، ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدًا، ومن تركها متعمدًا برئت منه الذمة، ولا تشربن الخمر، فإنها مفتاح كل شر، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ، وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دنياك فأخرج لهما، ولا تنازعن ولاة الأمر وإن رأيت أنك أنت، ولا تفرر من الزحف وإن هلكت وفرّ أصحابك، وأنفق من طولك على أهلك، ولا ترفع عصاك على أهلك وأخفهم في الله عز وجل".

فأخرجه البخاري في الأدب المفرد (ح 18)، وابن ماجة (ح 4034)، ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (2/ 885)، والطبراني في الكبير كما في المجمع (4/ 216)، والبيهقي كما في إتحاف السادة (6/ 392)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (4/ 823)، كلهم طريق شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء به، وشهر قال في التقريب (ص 269): صدوق إلَّا أنه كثير الإرسال والأوهام. فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لأجله.

وذكره الحافظ في التلخيص الحبير (2/ 148) وقال: رواه ابن ماجه وفي إسناده ضعف.

وأما حديث أميمة مولاة النبي قال: كنت يومًا أفرغ على يديه أي الرسول صلى الله عليه وسلم =

ص: 135

= وهو يتوضأ إذ دخل عليه رجل، فقال يا رسول الله، إني أريد الرجوع إلى أهلي فأوصني بوصية أحفظها، فقال: لا تشركن باللهِ شيئًا وذكر نحوًا من حديث أبي الدرداء.

فأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 215) والطبراني في الكبير (24/ 190)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 886)، والحاكم (4/ 41)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (ج 2/ ق 336/ ب) كلهم من طريق يزيد بن سنان أبي فروة الرهاوي، حدّثنا أبو يحيى الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن أميمة الحديث.

وسكت عليه الحاكم وقال الذهبي: سنده واه.

وذكره الهيثمي في المجمع (4/ 271) وقال: فيه يزيد بن سنان الرهاوي وثقه البخاري وغيره وأكثر على تضعيفه وبقية رجاله ثقات. قلت: ذكر البخاري يزيد في التاريخ الكبير (8/ 337) وسكت عليه، فلا أدري أين وثّقه.

ويزيد قال عنه في التقريب (ص 605): ضعيف.

أما حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه فلفظه أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خلال، قال:"لا تشركوا باللهِ شيئًا وإن قطعتم وحرقتم وصلبتم، ولا تتركوا الصلاة متعمدين فمن تركها متعمدًا فقد خرج من الملة، ولا تركبوا المعصية، فإنها سخط الله، ولا تشربوا الخمر فإنها رأس الخطايا كلها، ولا تفروا من الموت وإن كنتم فيه، ولا تعص والديك وإن أمراك أن تخرج من الدنيا كلها فأخرج ولا تضع عصاك عن أهلك، وأنصفهم من نفسك". فأخرجه الطبراني في الكبير كما في إتحاف السادة المتقين (6/ 392)، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 889)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (2/ 822)، كلهم من طريق سلمة بن شريح، عن عبادة به. وذكره الهيثمي في المجمع (4/ 216) وقال: فيه سلمة بن شريح، قال الذهبي: لا يعرف، وبقية رجاله رجال الصحيح. =

ص: 136

= أما المنذري فقال في الترغيب (1/ 194) رواه الطبراني ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة بإسنادين لا بأس بهما.

قلت: سلمة بن شريح قال الذهبي في الميزان (2/ 191): لا يعرف، فإسناده ضعيف.

أما حديث أبي المليح فلفظه، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال عظني فقال: وذكر بنحو حديث عبادة.

فأخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (ح 258)، من طريق علي بن عاصم، عن عبد الله بن أبي المليح، عن أبي المليح به.

وعبد الله بن أبي المليح لم أجد له ترجمة، وأبو المليح تابعي فالحديث مرسل.

وبالجملة فالمتن بمجموع هذه الطرق ثابت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا أن حديث الباب لا يتقوى لضعفه الشديد.

ويشهد لقوله صلى الله عليه وسلم وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت، أحاديث النهي عن الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون.

ص: 137