الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاتَ مِنَ الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، إِِلَاّ أَنْ يُفَرِّطَ بِبَيْعِ مَنْ لَا يَوْثُقُ بِهِ أَوْ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ الَّذِي انْكَسَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِِِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ نَسَاءً فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، لأَِنَّهُ فَعَل مَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ، إِِلَاّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُول: يَقِفُ بَيْعُ الأَْجْنَبِيِّ عَلَى الإِِِْجَازَةِ فَهَاهُنَا مِثْلُهُ، وَيَحْتَمِل قَوْل الْخِرَقِيِّ صِحَّةَ الْبَيْعِ. وَعَلَى كُل حَالٍ يَلْزَمُ الْعَامِل الضَّمَانُ لأَِنَّ ذَهَابَ الثَّمَنِ حَصَل بِتَفْرِيطِهِ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِأَقَل مِنْ ثَمَنِ الْمِثْل وَلَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَإِِِنْ فَعَل فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ لأَِنَّ الضَّرَرَ يَنْجَبِرُ بِضَمَانِ النَّقْصِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ لأَِنَّهُ بَيْعٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الأَْجْنَبِيِّ، وَإِِِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ ضَمِنَ النَّقْصَ أَيْضًا، وَإِِِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ وَجَبَ رَدُّهُ إِِنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ قِيمَتُهُ إِِنْ كَانَ تَالِفًا، وَلِرَبِّ الْمَال مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنَ الْعَامِل وَالْمُشْتَرِي.
وَبَيْعُ الْمُضَارِبِ أَوْ شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: الأُْولَى: جَوَازُهُ إِِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَالرِّبْحُ حَاصِلٌ بِهِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَرَضًا بِعَرَضِ وَيَشْتَرِيهِ بِهِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِِِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَفَعَلَهُ فَحُكْمُهُ
حُكْمُ مَا لَوِ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْل، وَإِِِنْ قَال لَهُ: اعْمَل بِرَأْيِكَ فَلَهُ ذَلِكَ (1) .
الرَّابِعُ: مَا لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ عَمَلُهُ أَصْلاً
36 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِل شِرَاءُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ (2) لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَتَضَمَّنُ الإِِِْذْنَ بِالتَّصَرُّفِ الَّذِي يَحْصُل بِهِ الرِّبْحُ، وَالرِّبْحُ لَا يَحْصُل إِِلَاّ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، فَمَا لَا يُمْلَكُ بِالشِّرَاءِ لَا يَحْصُل فِيهِ الرِّبْحُ، وَمَا يُمْلَكُ بِالشِّرَاءِ لَكِنْ لَا يُقْدَرُ عَلَى بَيْعِهِ لَا يَحْصُل فِيهِ الرِّبْحُ أَيْضًا، فَلَا يَدْخُل تَحْتَ الإِِِْذْنِ، فَإِِِنِ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ لَا لِلْمُضَارَبَةِ، فَإِِِنْ دَفَعَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ يَضْمَنُ (3) .
الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ
37 -
قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ حَيْثُ أَثَرِهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ صِحَّةً أَوْ فَسَادًا.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي الْمُضَارَبَةِ إِِذَا كَانَ يُؤَدِّي إِِلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ فَإِِِنَّهُ يُفْسِدُ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ، وَإِِِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّي إِِلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ فَإِِِنَّهُ يَبْطُل، وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
(1) المغني 5 / 40 - 43.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 98، وروضة الطالبين 5 / 147، والمغني 5 / 51.
(3)
بدائع الصنائع 6 / 98.