الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُعَارَضَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْمُعَارَضَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَارَضَ، يُقَال: عَارَضَ فُلَانًا: نَاقَضَهُ فِي كَلَامِهِ وَقَاوَمَهُ، وَيُقَال: عَارَضْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ قَابَلْتَهُ بِهِ.
وَلِلْمُعَارَضَةِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ أُخْرَى (1) .
وَالْمُعَارَضَةُ اصْطِلَاحًا: إِِقَامَةُ الدَّلِيل عَلَى خِلَافِ مَا أَقَامَ الدَّلِيل عَلَيْهِ الْخَصْمُ (2) .
وَفِي هَذَا التَّعْرِيفِ وَغَيْرِهِ مِنَ التَّعْرِيفَاتِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الْمُنَاظَرَةُ
2 -
الْمُنَاظَرَةُ فِي اللُّغَةِ مِنَ النَّظِيرِ، أَوْ مِنَ النَّظَرِ بِالْبَصِيرَةِ.
وَاصْطِلَاحًا هِيَ: النَّظَرُ بِالْبَصِيرَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فِي النِّسْبَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِِظْهَارًا لِلصَّوَابِ (3) .
وَالْمُنَاظَرَةُ أَعَمُّ مِنَ الْمُعَارَضَةِ.
(1) المعجم الوسيط، والمصباح المنير.
(2)
التعريفات للجرجاني، وقواعد الفقه للبركتي.
(3)
التعريفات للجرجاني، وقواعد الفقه. والكليات 4 / 263.
ب -
الْمُنَاقَضَةُ:
3 -
الْمُنَاقَضَةُ لُغَةً: إِِبْطَال أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِالآْخَرِ.
وَاصْطِلَاحًا هِيَ: مَنْعُ مُقَدِّمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيل، إِِمَّا قَبْل تَمَامِهِ وَإِِِمَّا بَعْدَهُ (1) .
وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْمُعَارَضَةِ وَالْمُنَاقَضَةِ: الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُل مُنَاقَضٍ مُعَارَضٌ وَلَا عَكْسَ (2) .
الْحُكْمُ الإِِِْجْمَالِيُّ:
4 -
الْمُعَارَضَةُ مِنَ الاِعْتِرَاضَاتِ الَّتِي تُورَدُ عَلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ أَقْوَاهَا وَأَهَمُّهَا (3) .
وَهِيَ إِِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الأَْصْل، أَوْ فِي الْفَرْعِ، أَوْ فِي الْوَصْفِ.
3 -
وَصُورَةُ وُرُودِهَا فِي الأَْصْل: أَنْ يَذْكُرَ الْمُسْتَدِل عِلَّةً لِلْحُكْمِ فِي الأَْصْل. كَأَنْ يَقُول: إِِنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِيمَا يُقْتَاتُ: الْكَيْل فَلَا رِبَا فِيمَا لَا يُكَال: كَالْبِطِّيخِ فَيَقُول الْمُعْتَرِضُ: الدَّلِيل وَإِِِنْ دَل عَلَى مَا قُلْتَ فَعِنْدِي مَا يَنْفِيهِ، وَهُوَ أَنَّ فِي الأَْصْل وَصْفًا آخَرَ صَالِحًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ وَهُوَ: الطُّعْمُ وَهُوَ وَصْفٌ مُنَاسِبٌ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْجَدَلِيُّونَ فِي قَبُول مِثْل هَذِهِ
(1) التعريفات للجرجاني، والكليات 4 / 264.
(2)
البحر المحيط 5 / 333.
(3)
البحر المحيط 5 / 333، إرشاد الفحول 232.
الْمُعَارَضَةِ: فَقِيل: لَا يُقْبَل بِنَاءً عَلَى مَنْعِ التَّعْلِيل بِعِلَّتَيْنِ، قَال ابْنُ عَقِيلٍ: وَلأَِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ سُؤَالاً وَلَا جَوَابًا، لأَِنَّ لِلْمُسْتَدِل: أَنْ يَقُول: لَا تَنَافِي بَيْنَ الْعِلَّتَيْنِ بَل أَقُول بِهِمَا جَمِيعًا، وَقِيل: يُقْبَل، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيل بِعِلَّتَيْنِ.
أَوْ أَنْ يَذْكُرَ الْمُسْتَدِل عِلَّةً لِلْحُكْمِ فِي الأَْصْل، وَيَذْكُرَ الْمُعْتَرِضُ عِلَّةً أُخْرَى فِيهِ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي الْفَرْعِ. كَأَنْ يَقُول الْمُسْتَدِل: يَصِحُّ صَوْمُ الْفَرْضِ بِنِيَّةٍ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ قَبْل الزَّوَال لأَِنَّهُ صَوْمُ عَيْنٍ فَتَأَدَّى بِنِيَّةٍ قَبْل الزَّوَال كَصَوْمِ النَّفْل، فَيَذْكُرُ الْمُعْتَرِضُ عِلَّةً أُخْرَى غَيْرَ الْعِلَّةِ الَّتِي عَلَّلَهَا الْمُسْتَدِل فِي حُكْمِ الأَْصْل، وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْفَرْعِ كَأَنْ يَقُول: إِِنَّ عِلَّةَ حُكْمِ الأَْصْل - وَهِيَ صِحَّةُ صَوْمِ النَّفْل بِنِيَّةِ قَبْل الزَّوَال - لَيْسَتْ بِمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّهُ صَوْمُ عَيْنٍ، بَل الْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ النَّفْل مِنْ عَمَل السُّهُولَةِ وَالْخَفَّةِ، فَجَازَ أَدَاؤُهُ بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنِ الشُّرُوعِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ (1) .
6 -
أَمَّا كَوْنُ الْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ: فَهِيَ أَنْ يُعَارِضَ الْمُعْتَرِضُ حُكْمَ الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَهُ، أَوْ ضِدَّهُ بِنَصٍّ أَوْ إِِجْمَاعٍ، أَوْ بِوُجُودِ
(1) البحر المحيط 5 / 334.
مَانِعٍ، أَوْ بِفَوَاتِ شَرْطٍ وَيَقُول فِي اعْتِرَاضِهِ: إِِنَّ مَا ذَكَرْتَ فِي الْوَصْفِ وَإِِِنِ اقْتَضَى ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ فَعِنْدِي وَصْفٌ آخَرُ يَقْتَضِي نَقِيضَهُ فَتُوقِفُ دَلِيلَكَ.
وَمِثَال النَّقِيضِ أَنْ يَقُول الْمُسْتَدِل: إِِذَا بَاعَ جَارِيَةً إِِلَاّ حَمْلَهَا صَحَّ فِي وَجْهٍ، كَمَا لَوْ بَاعَ هَذِهِ الصِّيعَانَ إِِلَاّ صَاعًا، فَيَقُول الْمُعْتَرِضُ لَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَارِيَةَ إِِلَاّ يَدَهَا.
وَمِثَال الضِّدِّ أَنْ يَقُول الْمُسْتَدِل: الْوِتْرُ وَاجِبٌ قِيَاسًا عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، بِجَامِعِ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَقُول الْمُعْتَرِضُ: فَيُسْتَحَبُّ قِيَاسًا عَلَى الْفَجْرِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُفْعَل فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ.
فَإِِِنَّ الْوِتْرَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرَ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ، وَلَمْ يُعْهَدْ مِنَ الشَّرْعِ وَضْعُ صَلَاتَيْ فَرْضٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
وَقَال ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: أَمَّا الْمُعَارَضَةُ فِي حُكْمِ الْفَرْعِ فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ إِِذَا ذَكَرَ الْمُعَلِّل عِلَّةً فِي إِِثْبَاتِ حُكْمِ الْفَرْعِ وَنَفْيِ حُكْمِهِ فَيُعَارِضُهُ خَصْمُهُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى تُوجِبُ مَا تُوجِبُهُ عِلَّةُ الْمُعَلِّل، فَتَتَعَارَضُ الْعِلَّتَانِ فَتَمْتَنِعَانِ مِنَ الْعَمَل إِِلَاّ بِتَرْجِيحِ إِِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى (1) .
(1) البحر المحيط 5 / 339.