الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِمْضَاءِ الْعَقْدِ أَوْ إِبْطَالِهِ، وَأَمَّا مُفَارَقَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي الْمُفَارَقَةِ إِذَا لَمْ يُوجَدِ التَّخَايُرُ، فَمُفَارَقَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَجْلِسَ الْعَقْدِ مِنْ أَسْبَابِ لُزُومِ الْعَقْدِ، أَمَّا قَبْل الْمُفَارَقَةِ فَإِنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ يَكُونُ جَائِزًا وَيَثْبُتُ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَفْتَرِقَا، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَيُسَمَّى الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ خِيَارَ الْمَجْلِسِ (1) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَقَعُ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَلِكُلٍّ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ مَا دَامَا مُجْتَمِعَيْنِ لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَرْزَةَ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَشُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُل وَاحِدٍ
(1) مغني المحتاج 2 / 43 - 45، والمجموع شرح المهذب 9 / 161 وما بعدها تحقيق المطيعي، والمغني 3 / 563، وشرح منتهى الإرادات 2 / 166، 167.
(2)
المغني 3 / 563، والمجموع 9 / 171 وما بعدها.
مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ (1) .
حُكْمُ مُفَارَقَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ
13 -
اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي حُكْمِ مُفَارَقَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمَا هُوَ مَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، إِلَاّ أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِل لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ (2) .
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمُفَارَقَةُ جَائِزَةٌ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَالْحِل الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى الإِْبَاحَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ.
وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ هُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُ مُفَارَقَةِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِصَاحِبِهِ، وَدَلِيل هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ إِذَا
(1) حديث: " إذا تبايع الرجلان فكل منهما. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 333) من حديث ابن عمر.
(2)
حديث: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. . . " أخرجه الترمذي (3 / 541) وقال: حديث حسن.