الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ تَكُونَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَوِ التَّابِعِينَ لَا مَحَالَةَ (1) .
وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْمَعَابِدِ الْقَدِيمَةِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أ -
الْمَعَابِدُ الْقَدِيمَةُ فِي الْمُدُنِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْمُسْلِمُونَ
13 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الْبِيَعَ وَالْكَنَائِسَ الْقَدِيمَةَ فِي السَّوَادِ وَالْقُرَى لَا يُتَعَرَّضُ لَهَا وَلَا يُهْدَمُ شَيْءٌ مِنْهَا، قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: إِِنَّ الْبِيَعَ وَالْكَنَائِسَ فِي السَّوَادِ لَا تُهْدَمُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، وَأَمَّا فِي الأَْمْصَارِ فَاخْتَلَفَ كَلَامُ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ: تُهْدَمُ الْقَدِيمَةُ، وَذَكَرَ فِي الإِِِْجَارَةِ: لَا تُهْدَمُ: وَعَمَل النَّاسِ عَلَى هَذَا، فَإِِِنَّا رَأَيْنَا كَثِيرًا مِنْهَا تَوَالَتْ عَلَيْهَا أَئِمَّةٌ وَأَزْمَانٌ وَهِيَ بَاقِيَةٌ لَمْ يَأْمُرْ إِِمَامٌ بِهَدْمِهَا، فَكَانَ مُتَوَارَثًا مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ مَصَّرْنَا بَرِّيَةً فِيهَا دَيْرٌ أَوْ كَنِيسَةٌ فَوَقَعَ دَاخِل السُّوَرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْدَمَ، لأَِنَّهُ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلأَْمَانِ قَبْل وَضْعِ السُّورِ، فَيُحْمَل مَا فِي جَوْفِ الْقَاهِرَةِ مِنَ الْكَنَائِسِ عَلَى ذَلِكَ لأَِنَّهَا كَانَتْ فَضَاءً فَأَدَارَ الْعُبَيْدِيُّونَ عَلَيْهَا السُّورَ، ثُمَّ فِيهَا الآْنَ كَنَائِسُ، وَيَبْعُدُ مِنْ إِِمَامٍ تَمْكِينِ الْكُفَّارِ مِنْ إِِحْدَاثِهَا جَهَارًا فِي
(1) الفتاوى الهندية 2 / 248.
جَوْفِ الْمُدُنِ الإِِِْسْلَامِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الضَّوَاحِي، فَأُدِيرَ السُّورُ عَلَيْهَا فَأَحَاطَ بِهَا، وَعَلَى هَذَا فَالْكَنَائِسُ الْمَوْضُوعَةُ الآْنَ فِي دَارِ الإِِِْسْلَامِ - غَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ - كُلُّهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُهْدَمَ، لأَِنَّهَا إِِنْ كَانَتْ فِي أَمْصَارٍ قَدِيمَةٍ، فَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَوِ التَّابِعِينَ حِينَ فَتَحُوا الْمَدِينَةَ عَلِمُوا بِهَا وَأَبْقَوْهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ فَإِِِنْ كَانَتِ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً حَكَمْنَا بِأَنَّهَا بَقَّوْهَا مَسَاكِنَ لَا مَعَابِدَ فَلَا تُهْدَمُ، وَلَكِنْ يُمْنَعُونَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ فِيهَا لِلتَّقَرُّبِ، وَإِِِنْ عُرِفَ أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا حَكَمْنَا بِأَنَّهُمْ أَقَرُّوهَا مَعَابِدَ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ فِيهَا بَل مِنَ الإِِِْظْهَارِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِِنَّ الْكَنَائِسَ الْقَدِيمَةَ تُتْرَكُ لأَِهْل الذِّمَّةِ فِيمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ فَسَكَنُوهُ مَعَهُمْ، وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يَجُوزُ الإِِِْحْدَاثُ مُطْلَقًا وَلَا يُتْرَكُ لَهُمْ كَنِيسَةً (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النَّارِ وَجُهِل أَصْلُهُ لَا يُنْقَضُ لاِحْتِمَال أَنَّهَا كَانَتْ قَرْيَةً أَوْ بَرِّيَةً فَاتَّصَل بِهَا عُمْرَانُ مَا أُحْدِثَ مِنَّا، بِخِلَافِ مَا
(1) فتح القدير 4 / 378، وحاشية ابن عابدين 3 / 273، والفتاوى الهندية 2 / 248.
(2)
الحطاب 3 / 384.