الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ مَالٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، فَيُؤْمَرُ رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ السِّجْنِ، وَيَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلاً بِنَفْسِهِ عَلَى قَدْرِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ، وَيُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ وَيَبِيعَ مَالَهُ وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ، فَإِِِنْ أُخْرِجَ مِنَ السِّجْنِ، فَلَمْ يَفْعَل ذَلِكَ، أُعِيدَ حَبْسُهُ (1) .
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَمَنْ حُبِسَ بِدَيْنِ، وَلَهُ رَهْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَجَبَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ إِِمْهَالُهُ حَتَّى يَبِيعَهُ، فَإِِِنْ كَانَ فِي بَيْعِهِ وَهُوَ فِي الْحَبْسِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ، وَجَبَ إِِخْرَاجُهُ لِيَبِيعَهُ، وَيَضْمَنُ عَلَيْهِ، أَوْ يَمْشِي مَعَهُ الدَّائِنُ أَوْ وَكِيلُهُ (2) .
ز -
ضَرْبُ الْمَدِينِ الْمُمَاطِل
15 -
قَال ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ، أَنَّهُ يُعَاقَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، وَنَصُّوا عَلَى عُقُوبَتِهِ بِالضَّرْبِ (3)، ثُمَّ قَال مُعَلِّقًا عَلَى حَدِيثِ: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِل عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ (4) : وَالْعُقُوبَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْحَبْسِ، بَل هِيَ فِي الضَّرْبِ أَظْهَرُ مِنْهَا فِي الْحَبْسِ (5) .
(1) الفتاوى الهندية 3 / 420
(2)
مختصر الفتاوى المصرية ص 346.
(3)
الطرق الحكمية ص 92.
(4)
حديث: " لي الواجد. . . " تقدم تخريجه ف 7.
(5)
الطرق الحكمية ص 93.
وَجَاءَ فِي شَرْحِ الْخَرَشِيِّ: إِِنَّ مَعْلُومَ الْمَلَاءَةِ إِِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالنَّاضِّ الَّذِي عِنْدَهُ، فَإِِِنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهُ، وَيَضْرِبُهُ بِاجْتِهَادِهِ إِِلَى أَنْ يَدْفَعَ، وَلَوْ أَدَّى إِِلَى إِِتْلَافِ نَفْسِهِ، وَلأَِنَّهُ مُلِدٌّ (1) .
ح -
بَيْعُ الْحَاكِمِ مَال الْمَدِينِ الْمُمَاطِل جَبْرًا
16 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِِلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ مَال الْمَدِينِ الْمُمَاطِل جَبْرًا عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.
غَيْرَ أَنَّ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافًا فِي تَأْخِيرِهِ عَنِ الْحَبْسِ، أَوِ اللُّجُوءِ إِِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَبْسِ الْمَدِينِ، أَوْ تَرْكِ الْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ فِي اللُّجُوءِ إِِلَيْهِ عِنْدَ الاِقْتِضَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ إِِذَا امْتَنَعَ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ - وَلَهُ مَالٌ - فَإِِِنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ جَنْسِ الدَّيْنِ، بِأَنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ وَالدَّيْنُ دَرَاهِمَ، فَالْقَاضِي يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِِِنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ خِلَافِ جَنْسِ دَيْنِهِ، بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ وَمَالُهُ عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا أَوْ دَنَانِيرَ، فَعَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَبِيعُ الْعُرُوضَ وَالْعَقَارَ، وَفِي بَيْعِ الدَّنَانِيرِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَدِيمُ حَبْسُهُ إِِلَى أَنْ يَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَيَقْضِيَ الدَّيْنَ، وَعِنْدَ مُحَمِّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ يَبِيعُ الْقَاضِي دَنَانِيرَهُ وَعُرُوضَهُ رِوَايَةً
(1) الخرشي على خليل 5 / 278.
وَاحِدَةً، وَفِي الْعَقَارِ رِوَايَتَانِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَعِنْدَهُمَا فِي رِوَايَةٍ: يَبِيعُ الْمَنْقُول وَهُوَ الصَّحِيحُ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الْمَدِينَ إِِنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ مَالَهُ، أَخَذْنَا مِنْهُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَنَا حَبْسُهُ، وَكَذَلِكَ إِِذَا ظَفِرْنَا بِمَالِهِ أَوْ دَارِهِ أَوْ شَيْءٌ يُبَاعُ لَهُ فِي الدَّيْنِ - كَانَ رَهْنًا أَمْ لَا - فَعَلْنَا ذَلِكَ، وَلَا نَحْبِسُهُ، لأَِنَّ فِي حَبْسِهِ اسْتِمْرَارَ ظُلْمِهِ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَأَمَّا الَّذِي لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيَجِبُ أَدَاؤُهُ إِِذَا طَلَبَ، فَإِِِذَا امْتَنَعَ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِهِ، فَإِِِنِ امْتَنَعَ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ (3) .
قَال النَّوَوِيُّ: قَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالأَْصْحَابُ: إِِذَا امْتَنَعَ الْمَدِينُ الْمُوسِرُ الْمُمَاطِل مِنَ الْوَفَاءِ، فَالْحَاكِمُ بِالْخِيَارِ: إِِنْ شَاءَ بَاعَ مَالَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِِذْنِهِ وَإِِِنْ شَاءَ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَعَزَّرَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ (4) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِِنْ أَبَى مَدِينٌ لَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ الْحَال الْوَفَاءِ، حَبَسَهُ الْحَاكِمُ، وَلَيْسَ لَهُ إِِخْرَاجُهُ مِنَ الْحَبْسِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ، أَوْ يَبْرَأَ
(1) الفتاوى الهندية 3 / 419.
(2)
الفروق للقرافي 4 / 80.
(3)
روضة الطالبين 4 / 137.
(4)
المرجع السابق
مِنْ غَرِيمِهِ بِوَفَاءٍ أَوْ إِِبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ، أَوْ يَرْضَى الْغَرِيمُ بِإِِِخْرَاجِهِ مِنَ الْحَبْسِ، لأَِنَّ حَبْسَهُ حَقٌّ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ، فَإِِِنْ أَصَرَّ الْمَدِينُ عَلَى الْحَبْسِ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ (1) .
(1) كشاف القناع 3 / 419، 420.