الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَثَرُ ظُهُورِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ
إِنْ ظَهَرَ الْمَفْقُودُ حَيًّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِاعْتِبَارِهِ مَيِّتًا، فَإِنَّ لِذَلِكَ آثَارًا بِالنِّسْبَةِ لِزَوْجَتِهِ، وَبِالنِّسْبَةِ لأَِمْوَالِهِ.
أَوَّلاً: بِالنِّسْبَةِ لِزَوْجَتِهِ:
25 -
لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَفْقُودَ إِنْ عَادَ، وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ قَدْ تَزَوَّجَتْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ: إِنَّ زَوْجَتَهُ لَهُ. (1)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمَفْقُودَ إِنْ عَادَ قَبْل نِكَاحِ زَوْجَتِهِ غَيْرَهُ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْل الْمَشْهُورُ الْمَعْمُول بِهِ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ:
الأُْولَى: إِنْ عَادَ قَبْل الدُّخُول، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الثَّانِي، وَأَمَّا إِنْ عَادَ بَعْدَ الدُّخُول، فَالثَّانِي عَلَى نِكَاحِهِ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ.
الثَّانِيَةُ: إِنْ عَادَ الْمَفْقُودُ، فَوَجَدَ زَوْجَتَهُ قَدْ تَزَوَّجَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ.
وَقَدْ أَخَذَ بِكُلٍّ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ طَائِفَةٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ بِأَنَّ أَقْوَى
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 300.
الْقَوْلَيْنِ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (1) وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُوَطَّأِ (2)
وَقَوْل الشَّافِعِيَّةِ يَخْتَلِفُ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ:
فَفِي الْقَوْل الْقَدِيمِ: إِنْ قَدِمَ الْمَفْقُودُ بَعْدَ زَوَاجِ امْرَأَتِهِ، فَفِي عَوْدَتِهَا إِلَيْهِ قَوْلَانِ، وَقِيل يُخَيَّرُ الأَْوَّل بَيْنَ أَخْذِهَا مِنَ الثَّانِي، وَتَرْكِهَا لَهُ وَأَخْذِ مَهْرِ الْمِثْل مِنْهُ.
وَفِي الْقَوْل الْجَدِيدِ: هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِ الْمَفْقُودِ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، تَعُودُ لِلأَْوَّل بَعْدَ انْتِهَاءِ عِدَّتِهَا مِنَ الثَّانِي. (3)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَفْقُودَ إِنْ قَدِمَ قَبْل أَنْ تَتَزَوَّجَ امْرَأَتُهُ، فَهِيَ عَلَى عِصْمَتِهِ.
فَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَدْخُل بِهَا، فَهِيَ زَوْجَةُ الأَْوَّل فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ الصَّحِيحُ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ.
فَإِنْ دَخَل بِهَا الثَّانِي، كَانَ الأَْوَّل بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ زَوْجَتَهُ بِالْعَقْدِ الأَْوَّل، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مَهْرَهَا وَبَقِيَتْ عَلَى نِكَاحِ الثَّانِي.
فَإِنِ اخْتَارَ الْمَرْأَةَ، وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنَ
(1) المدونة 2 / 449، 450، 451، ومواهب الجليل 4 / 157، والشرح الكبير 2 / 480.
(2)
الموطأ 2 / 28.
(3)
مغني المحتاج 3 / 397 - 398، وحاشية القليوبي 4 / 51.