الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صُورَةً تَفِيدُ جَوَازَ إِعْطَاءِ الْمُعَلِّمِ زِيَادَةً، قَال فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: مُعَلِّمٌ طَلَبَ مِنَ الصِّبْيَانِ أَثَمَانَ الْحُصْرِ فَجَمَعَهَا فَشَرَى بِبَعْضِهَا وَأَخَذَ بَعْضَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ لأَِنَّهُ تَمْلِيكٌ لَهُ مِنَ الآْبَاءِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ أَنَّهُمْ لَا يَتَأَمَّلُونَ مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُشْتَرَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ غَالِبًا بِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يَزِيدُ، وَالْحَاصِل أَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ (1) .
وُجُوبُ تَحَرِّي الْحَلَال فِي الأَْجْرِ:
7 -
الْمُعَلِّمُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ الأَْجْرَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِمَّنْ يُعَلِّمَهُ يَكْتَسِبُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ بِسَبَبٍ حَرَامٍ مِنْ مَكْسٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا يَأْخُذْ مِمَّا أَتَى بِهِ الصَّبِيُّ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ شَيْئًا، اللَّهُمَّ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ يَأْتِيهِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْجِهَاتِ الْمُحَذَّرِ مِنْهَا مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مِثْل أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَيْءٍ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ وَجْهٍ مَسْتُورٍ بِالْعِلْمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ جِهَةُ الْحَلَال فَلَا يَأْخُذْ شَيْئًا وَيَحْذَرُ مِنْ هَذَا جَهْدَهُ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْل أَمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل إِذْ إِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهُ مِنْ أَرْبَابِهِ بِالظُّلْمِ بِالْمُصَادَرَةِ وَالْقَهْرِ وَهُوَ يَأْخُذُهُ عَلَى ظَاهِرِ أَنَّهُ حَلَالٌ فِي زَعْمِهِ، وَهَذَا أَعْظَمُ فِي التَّحْرِيمِ مِنَ الأَْوَّل وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ حَرَامًا (2) .
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 5 / 271.
(2)
المدخل ابن الحاج 2 / 320.
وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ قَبُول هَدِيَّتِهِمْ أَوْ يَسْتَخْدِمُهُمْ أَوْ يُرْسِلُهُمْ إِلَى نَحْوِ جِنَازَةٍ أَوْ مَوْلُودٍ لِيَقُولُوا شَيْئًا وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ مَا يُدْفَعُ لَهُمْ فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ كَانَ جَرْحَهُ فِي شَهَادَتِهِ وَإِمَامَتِهِ إِلَاّ مَا فَضَل مِنْ غِذَائِهِمْ مِمَّا تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ غَالِبًا وَإِلَاّ مَا كَانَ مِنَ الْخِدْمَةِ مُعْتَادًا وَخَفَّ بِحَيْثُ لَا يَشْغَل الْوَلَدَ فَيَجُوزُ (1) .
مَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ الْمُعَلِّمُ
8 -
يَنْبَغِي لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَكُونَ عَامِلاً بِعِلْمِهِ فَلَا يُكَذِّبُ قَوْلَهُ فِعْلُهُ لأَِنَّ الْعِلْمَ يُدْرَكُ بِالْبَصَائِرِ، وَالْعَمَل يُدْرَكُ بِالأَْبْصَارِ، وَأَرْبَابُ الأَْبْصَارِ أَكْثَرُ فَإِنْ خَالَفَ الْعَمَل الْعِلْمَ مَنَعَ الرُّشْدَ، وَكُل مَنْ تَنَاوَل شَيْئًا وَقَال لِلنَّاسِ لَا تَتَنَاوَلُوهُ فَإِنَّهُ سُمٌّ مُهْلِكٌ سَخِرَ النَّاسُ بِهِ وَاتَّهَمُوهُ وَزَادَ حِرْصُهُمْ عَلَى مَا نُهُوا عَنْهُ فَيَقُولُونَ لَوْلَا أَنَّهُ أَطْيَبُ الأَْشْيَاءِ وَأَلَذُّهَا لَمَا كَانَ يَسْتَأْثِرُ بِهِ قَال تَعَالَى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} (2) .
وَلِذَلِكَ كَانَ وِزْرُ الْعَالِمِ فِي مَعَاصِيهِ أَكْثَرَ مِنْ وِزْرِ الْجَاهِل إِذْ يَزِل بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ كَثِيرٌ وَيَقْتَدُونَ بِهِ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِل بِهَا (3) .
(1) الفواكه الدواني 2 / 165.
(2)
سورة البقرة / 44.
(3)
إحياء علوم الدين 1 / 58، 59.