الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَإِِِنَّ أَحْمَدَ كَرِهَ مُشَارَكَتَهُ وَمُعَامَلَتَهُ قَال: مَا أُحِبُّ مُخَالَطَتَهُ وَمُعَامَلَتَهُ، لأَِنَّهُ يَسْتَحِل مَا لَا يَسْتَحِل غَيْرُهُ (1) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ فَذَهَبُوا إِِلَى أَنَّ مُضَارَبَةَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ أَوْ مُشَارَكَتَهِ مَكْرُوهَةٌ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ بِحُرْمَةِ مُضَارَبَةِ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ
وَقَال مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِلرَّجُل أَنْ يُقَارِضَ رَجُلاً إِِلَاّ رَجُلاً يَعْرِفُ الْحَرَامَ وَالْحَلَال، وَإِِِنْ كَانَ رَجُلاً مُسْلِمًا فَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُقَارِضَ مِنْ يَسْتَحِل شَيْئًا مِنَ الْحَرَامِ (2) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِرَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ مِنَ الشُّرُوطِ:
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ شُرُوطٌ يَلْزَمُ تَحَقُّقُهَا فِي رَأْسِ الْمَال، وَهِيَ: أَنْ يَكُونَ نَقْدًا مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَنْ يَكُونَ عَيْنًا لَا دَيْنًا.
أَوَّلاً: كَوْنُ رَأْسِ الْمَال مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ
12 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - فِي الْجُمْلَةِ - عَلَى هَذَا
(1) المغني 5 / 4.
(2)
الشرح الصغير وحاشية الصاوي 3 / 455 - 458، والخرشي 6 / 203، والمدونة 5 / 107، ونهاية المحتاج 5 / 226، ومغني المحتاج 2 / 314.
الشَّرْطِ، وَاسْتَدَل بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بِالإِِِْجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْجُوَيْنِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ بِإِِِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَمَا قَال غَيْرُهُ مِنْهُمْ (1) .
وَلِلْفُقَهَاءِ فِيمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ مِنْ مُحَتَرَزَاتٍ وَصُوَرٍ وَمَسَائِل. خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ:
أ -
الْمُضَارَبَةُ بِالْعُرُوضِ
13 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ بِالْعُرُوضِ، مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً، وَلَهُمْ فِي الاِسْتِدْلَال عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَالتَّفْرِيعِ عَلَيْهِ بَيَانٌ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِِنَّ رِبْحَ مَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، لأَِنَّ الْعُرُوضَ تَتَعَيَّنُ عِنْدَ الشِّرَاءِ بِهَا، وَالْمُعَيَّنُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ قَبْل التَّسْلِيمِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَارِبِ، فَالرِّبْحُ عَلَيْهَا يَكُونُ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ (2) ، وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ يَكُونُ مَضْمُونًا عِنْدَ الشِّرَاءِ بِهِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَتِ الْعَيْنُ قَبْل التَّسْلِيمِ
(1) بدائع الصنائع 6 / 82، والشرح الصغير 3 / 682، ومغني المحتاج 2 / 310، وكشاف القناع 5 / 507.
(2)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن. . . ". ورد ضمن حديث عبد الله بن عمرو: " لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن ". أخرجه الترمذي (3 / 527) وقال: حديث حسن صحيح.