الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ كَفِيل الْمَدْيُونِ لَا مَعَ الْمَدْيُونِ (1) .
الْمُقَاصَّةُ فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ:
22 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا آجَرَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ - انْحَصَرَ رِيعُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِيهِ نَظَرًا وَاسْتِحْقَاقًا - أَرَاضِيَ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْل إِجَارَةً صَحِيحَةً مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَقَاصَصَهُ بِذَلِكَ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ بَاعَ مَال الصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِيرُ قِصَاصًا، إِذِ الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ أَخَوَانِ.
وَإِذَا كَانَ النَّاظِرُ مُسْتَحِقًّا لِلأُْجْرَةِ كُلِّهَا، وَتَمَّتِ الْمُدَّةُ، وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الأُْجْرَةِ فَلَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ التَّقَاصِّ بِالاِتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِبَعْضِهِمَا وَوَقَعَ التَّقَاصُّ بِهَا فَالتَّقَاصُّ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لَا يَصِحُّ التَّقَاصُّ (2)
(1) مرشد الحيران المادة (231) .
(2)
تنقيح الفتاوى الحامدية 1 / 224 نشر دار المعارف.
مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْمَقَامُ بِفَتْحِ الْمِيمِ: اسْمُ مَكَانٍ، مِنْ قَامَ يَقُومُ قَوْمًا وَقِيَامًا. أَيِ انْتَصَبَ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي تَعْرِفُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِي يُصَلُّونَ عِنْدَهُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ. وَقَال غَيْرُهُمْ: إِنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي ارْتَفَعَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام حِينَ ضَعُفَ عَنْ رَفْعِ الْحِجَارَةِ الَّتِي كَانَ إِسْمَاعِيل يُنَاوِلُهَا إِيَّاهُ فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ وَغَرِقَتْ قَدَمَاهُ فِيهِ.
وَقَال السُّدِّيُّ: الْمَقَامُ: الْحَجَرُ الَّذِي وَضَعَتْهُ زَوْجَةُ إِسْمَاعِيل تَحْتَ قَدَمِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام حِينَ غَسَلَتْ رَأْسَهُ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: وَالصَّحِيحُ فِي تَعْيِينِ الْمَقَامِ الْقَوْل الأَْوَّل (1) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ
2 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا فَرَغَ الطَّائِفُ مِنَ الطَّوَافِ يَأْتِي مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَيُصَلِّي
(1) المصباح المنير.
رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَقَامِ بِسَبَبِ الْمُزَاحَمَةِ يُصَلِّي حَيْثُ لَا يَعْسُرُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ.
وَهَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ وَاجِبَتَانِ عِنْدَنَا، يَقْرَأُ فِي الأُْولَى:{قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَلَا تَجْزِيهِ الْمَكْتُوبَةُ عَنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ فِي وَقْتٍ يُبَاحُ لَهُ أَدَاءُ التَّطَوُّعِ فِيهِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاجِبَتَانِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ نَفْلاً، وَقِيل: إِنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، وَسُنَّتَانِ فِي الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ.
وَيُنْدَبُ إِيقَاعُهُمَا بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَيْ خَلْفَهُ لَا دَاخِلَهُ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الأَْمَاكِنِ فِي الْمَسْجِدِ، إِلَاّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ خَلْفَ الْمَقَامِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَإِنْ تَرَكَ حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ الرَّكْعَتَيْنِ أَعَادَ الطَّوَافَ، ثُمَّ أَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّوَافِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَرْكَعُهُمَا وَلَا يُعِيدُ الطَّوَافَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَعَادَ كَانَ أَحَبَّ.
(1) الفتاوى الهندية 1 / 266، والاختيار 1 / 148، والدر المختار ورد المحتار 2 / 169 - 170.
فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ بِالْبُعْدِ عَنْ مَكَّةَ رَكَعَهُمَا وَأَهْدَى، وَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ أَتَى بِهِمَا عَلَى كُل حَالٍ، لأَِنَّهُمْ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِوَقْتِ مَخْصُوصٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِنَقْصِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالرَّكْعَتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (بَعْدَ الطَّوَافِ) وَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ وَالرَّاتِبَةُ كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أَفْضَل، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَاّهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ (2)، وَقَال: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (3) ، ثُمَّ فِي الْحِجْرِ، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ فِي الْحَرَمِ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الأَْمْكِنَةِ، مَتَى شَاءَ مِنَ الأَْزْمِنَةِ، وَلَا يَفُوتَانِ إِلَاّ بِمَوْتِهِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الأُْولَى مِنْهُمَا سُورَةَ {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ " الإِْخْلَاصِ " لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (4) ، وَلِمَا فِي
(1) المنتقى للباجي 2 / 288، والدسوقي 2 / 41، 42، والشرح الصغير 2 / 43.
(2)
حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الطواف خلف المقام. أخرجه مسلم (2 / 887) من حديث جابر بن عبد الله.
(3)
حديث: " خذوا عني مناسككم ". أخرجه مسلم (2 / 943) والبيهقي (5 / 125) من حديث جابر بن عبد الله، واللفظ للبيهقي.
(4)
حديث ذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي الطواف. أخرجه مسلم (2 / 888) من حديث جابر بن عبد الله.
قِرَاءَتِهِمَا مِنَ الإِْخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هَاهُنَا، لأَِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الأَْصْنَامَ فِيهِ.
وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا لَيْلاً قِيَاسًا عَلَى الْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ النُّسُكِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاجِبَتَانِ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَاّهُمَا، وَقَال:
خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَعَلَى الْقَوْل بِوُجُوبِهِمَا يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا، إِذْ لَيْسَا بِشَرْطٍ وَلَا رُكْنٍ لِلطَّوَافِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُصَلِّي الطَّائِفُ بَعْدَ تَمَامِ الطَّوَافِ رَكْعَتَيْنِ، وَالأَْفْضَل كَوْنُهُمَا خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، لِقَوْل جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَل ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَقَرَأَ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (2) فَجَعَل الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ.} (3)
وَقَالُوا: حَيْثُ رَكَعَهُمَا مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ، لِعُمُومِ حَدِيثِ: جُعِلَتْ لَنَا الأَْرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا (4) ،
(1) مغني المحتاج 1 / 479 - 490.
(2)
سورة البقرة / 125.
(3)
حديث: " استلام النبي صلى الله عليه وسلم الركن. . . ". أخرجه مسلم (2 / 887) .
(4)
حديث: " جعلت لنا الأرض كلها مسجدًا. . . ". أخرجه مسلم (1 / 371) من حديث حذيفة رضي الله عنه.
وَصَلَاّهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه بِذِي طُوًى.
وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ صَلَاتِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ.
وَهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يَقْرَأُ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: (قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) . (1)
وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَيَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الطَّائِفُونَ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَاّهُمَا وَالطُّوَّافُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ سُتْرَةٌ (2) ، وَيَكْفِي عَنْهُمَا مَكْتُوبَةٌ وَسُنَّةٌ رَاتِبَةٌ.
وَلِلطَّائِفِ جَمْعُ أَسَابِيعَ مِنَ الطَّوَافِ، فَإِذَا أَفْرَغَ مِنْهَا رَكَعَ لِكُل أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ، وَالأَْوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ لِكُل أُسْبُوعٍ عَقِبَهُ.
وَلَا يُشْرَعُ تَقْبِيل الْمَقَامِ وَلَا مَسْحُهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (3) .
(1) حديث: " أنه قرأ في الركعتين قل يا أيها الكافرون. . . ". أخرجه مسلم (2 / 888) من حديث جابر بن عبد الله.
(2)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الطواف. . ". أخرجه أبو داود (2 / 518) من حديث كثير بن المطلب ابن أبي وداعة، وفي إسناده جهالة.
(3)
كشاف القناع 2 / 484.