الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَمْل الْمَدِينِ الْمُمَاطِل عَلَى الْوَفَاءِ
نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى طُرُقٍ تُتَّبَعُ لِحَمْل الْمَدِينِ الْمُمَاطِل عَلَى الْوَفَاءِ، مِنْهَا:
أ -
قَضَاءُ الْحَاكِمِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ جَبْرًا:
9 -
إِِذَا كَانَ لِلْمَدِينِ الْمُمَاطِل مَالٌ مِنْ جَنْسِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، فَإِِِنَّ الْحَاكِمَ يَسْتَوْفِيهِ جَبْرًا عَنْهُ، وَيَدْفَعُهُ لِلدَّائِنِ إِِنْصَافًا لَهُ، جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ إِِذَا امْتَنَعَ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَهُ مَالٌ فَإِِِنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، بِأَنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ وَالدَّيْنُ دَرَاهِمُ، فَالْقَاضِي يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ بِلَا خِلَافٍ (1) .
وَقَال الْقَرَافِيُّ: وَلَا يَجُوزُ الْحَبْسُ فِي الْحَقِّ إِِذَا تَمَكَّنَ الْحَاكِمُ مِنِ اسْتِيفَائِهِ، فَإِِِنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ مَالَهُ أَخَذْنَا مِنْهُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَنَا حَبْسُهُ (2) .
ب -
مَنْعُهُ مِنْ فُضُول مَا يَحِل لَهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ:
10 -
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ، وَرَأَى الْحَاكِمُ مَنْعَهُ مِنْ فُضُول الأَْكْل وَالنِّكَاحِ فَلَهُ ذَلِكَ، إِِذِ التَّعْزِيرُ لَا يَخْتَصُّ بِنَوْعِ مُعَيَّنٍ، وَإِِِنَّمَا يَرْجِعُ فِيهِ إِِلَى اجْتِهَادِ
(1) الفتاوى الهندية 3 / 419.
(2)
الفروق للقرافي 4 / 80، وانظر تبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 319، ومعين الحكام للطرابلسي ص 199
الْحَاكِمِ فِي نَوْعِهِ وَقَدْرِهِ، إِِذَا لَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ (1) .
ج -
تَغْرِيمُهُ نَفَقَاتِ الشِّكَايَةِ وَرَفْعِ الدَّعْوَى
11 -
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ، وَلَمْ يُوَفِّهِ حَتَّى شَكَا رَبُّ الْمَال، وَغَرِمَ عَلَيْهِ مَالاً، وَكَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ، وَمَطَل حَتَّى أَحْوَجَ مَالِكَهُ إِِلَى الشَّكْوَى، فَمَا غَرِمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَهُوَ عَلَى الظَّالِمِ الْمُمَاطِل، إِِذَا كَانَ غُرْمُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ (2) .
د -
إِِسْقَاطُ عَدَالَتِهِ وَرَدُّ شَهَادَتِهِ:
12 -
حَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِرِدِّ شَهَادَةِ الْمَدِينِ الْمُمَاطِل مُطْلَقًا، إِِذَا كَانَ غَنِيًّا مُقْتَدِرًا (3)، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ ظَالِمًا فِي قَوْلِهِ: مَطْل الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، (4) وَنَقَل الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مُقْتَرِفَ ذَلِكَ يُفَسَّقُ (5) .
وَلَكِنْ هَل يَثْبُتُ فِسْقُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِمَطْلِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَمْ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَصِيرُ عَادَةً؟
(1) الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية للبعلي ص 137.
(2)
انظر الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية ص 136، وكشاف القناع 3 / 419.
(3)
المنتقى للباجي 5 / 66.
(4)
حديث: " مطل الغني ظلم. . . " سبق تخريجه في ف (5) .
(5)
فتح الباري 4 / 466.