الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا الْمُسْلِمُ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي عِصْمَتِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَمَا إِذَا كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ بِعُقُودِ مُتَفَرِّقَةٍ.
فَإِذَا كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ جَمِيعِهِنَّ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ يَبْطُل فِي جَمِيعِهِنَّ؛ إِذْ لَيْسَ إِبْطَال نِكَاحِ وَاحِدَةٍ بِأَوْلَى مِنَ الأُْخْرَى فَبَطَل الْجَمِيعُ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ كَانَتِ الْعُقُودُ مُتَفَرِّقَةً وَجَهِل تَرْتِيبَهَا وَلَمْ يَدْرِ أَيُّ وَاحِدَةٍ هِيَ الْخَامِسَةُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْعُقُودُ مُتَرَتِّبَةً فَالأَْخِيرَةُ هِيَ الَّتِي يَجِبُ مُفَارَقَتُهَا وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ كَذَلِكَ (1) .
ثَانِيًا: الْجَمْعُ بَيْنَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ
18 -
إِذَا جَمَعَ الْمُسْلِمُ بَيْنَ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ كَمَا إِذَا عَقَدَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوِ امْرَأَةٍ وَخَالَتِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَطَل نِكَاحُهُمَا، وَإِنْ كَانَا فِي عَقْدَيْنِ بَطَل نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مُحَرَّمَاتُ النِّكَاحِ ف 23) .
(1) البدائع 2 / 314، ومنح الجليل 2 / 67، والشرح الصغير 1 / 400، 401 ط. الحلبي، ومغني المحتاج 3 / 181، وشرح منتهى الإرادات 3 / 31، والمغني 6 / 584.
أَمَّا مَنْ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ وَكَانَ مُتَزَوِّجًا بِمَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ كَأُخْتَيْنِ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً وَيُفَارِقَ الأُْخْرَى، وَسَوَاءٌ أَكَانَ تَزَوَّجَهُمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِعَقْدَيْنِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ دَخَل بِهِمَا أَوْ دَخَل بِإِحْدَاهُمَا، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أَسْلَمْت وَتَحْتِي أُخْتَانِ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ (1) .
وَلأَِنَّ الْمُبْقَاةَ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، فَجَازَ لَهُ اسْتِدَامَتُهُ كَغَيْرِهَا، وَلأَِنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا حَرُمَ الْجَمْعُ وَقَدْ أَزَالَهُ، وَلَا مَهْرَ لِلْمُفَارَقَةِ مِنْهُمَا قَبْل الدُّخُول، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا لأَِنَّ الْمَعْنَى فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ (2)، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ كَانَ دَخَل بِهِمَا وَاخْتَارَ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَةِ (3) .
وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
(1) حديث: " فيروز الديلمي: قلت: يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان. . . " أخرجه أبو داود (2 / 678) والترمذي (3 / 427) واللفظ لأبي داود وقال الترمذي: حسن.
(2)
شرح منتهى الإرادات 3 / 60، والمغني 6 / 626، ومنح الجليل 2 / 74، ومغني المحتاج 3 / 197.
(3)
المغني 6 / 626.