الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَبْطُ الْمَعْفُوَّاتِ مِنَ الأَْنْجَاسِ
2 -
الأَْصْل أَنَّ كُل مَأْمُورٍ يَشُقُّ عَلَى الْعِبَادِ فِعْلُهُ سَقَطَ الأَْمْرُ بِهِ وَكُل مَنْهِيٍّ شَقَّ عَلَيْهِمُ اجْتِنَابُهُ سَقَطَ النَّهْيُ عَنْهُ.
وَالْمَشَاقُّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
- مَشَقَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا فَيُعْفَى عَنْهَا إِجْمَاعًا كَمَا لَوْ كَانَتْ طَهَارَةُ الْحَدَثِ أَوِ الْخَبَثِ تُذْهِبُ النَّفْسَ أَوِ الأَْعْضَاءَ.
- وَمَشَقَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا فَلَا يُعْفَى عَنْهَا إِجْمَاعًا، كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الشِّتَاءِ.
- وَمَشَقَّةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ، فَمُخْتَلَفٌ فِي إِلْحَاقِهَا بِالْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا فَتُؤَثِّرُ فِي الإِِْسْقَاطِ أَوْ بِالْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا فَلَا تُؤَثِّرُ، وَعَلَى هَذَا الأَْصْل يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّجَاسَاتِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ هَل يَشُقُّ اجْتِنَابُهَا أَمْ لَا؟ . (1)
وَفِيمَا يَلِي نَذْكُرُ آرَاءَ الْفُقَهَاءِ فِي ضَبْطِ الْمَعْفُوَّاتِ
أَوَّلاً: مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:
3 -
بِتَتَبُّعِ عِبَارَاتِ الْحَنَفِيَّةِ فِي مَسَائِل الْمَعْفُوَّاتِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَفْوَ عِنْدَهُمْ يَدْخُل عَلَى أَنْوَاعِ
(1) الذخيرة للقرافي 1 / 196 - 197 ط. دار الغرب الإسلامي.
النَّجَاسَاتِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُغَلَّظَةِ وَوَضَعُوا لِكُل نَوْعٍ تَقْدِيرَاتٍ وَضَوَابِطَ. فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ: مَا تَوَافَقَتْ عَلَى نَجَاسَتِهِ الأَْدِلَّةُ فَمُغَلَّظٌ سَوَاءٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَكَانَ فِيهِ بَلْوَى أَمْ لَا وَإِِلَاّ فَهُوَ مُخَفَّفٌ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمِّدٌ: مَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ بَلْوَى فَمُغَلَّظٌ وَإِِلَاّ مُخَفَّفٌ وَلَا نَظَرَ لِلأَْدِلَّةِ. (1)
4 -
أَمَّا النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ فَقَدْ عُفِيَ عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْهَا، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِيهِ: وَالصَّحِيحُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْوَزْنِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُتَجَسِّدَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَال، (2) وَبِالْمِسَاحَةِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ قَدْرُ مُقَعَّرِ الْكَفِّ دَاخِل مَفَاصِل الأَْصَابِعِ، (3) وَقَال مُنْلَا مِسْكِينْ: وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ تَغْرِفَ بِالْيَدِ ثُمَّ تَبْسُطَ فَمَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ فَهُوَ مِقْدَارُ الْكَفِّ. (4)
وَالْمُرَادُ بِالْعَفْوِ عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ هُوَ الْعَفْوُ عَنْ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِهِ وَإِِلَاّ فَكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ
(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 82.
(2)
الفتاوى الهندية 1 / 45.
(3)
مراقي الفلاح ص 84.
(4)
حاشية ابن عابدين 1 / 211.