الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوَّلاً: نَفَقَةُ الْمُضَارِبِ
47 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَفَقَةِ الْمُضَارَبَةِ:
قَال الْكَاسَانِيُّ: يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ النَّفَقَةَ بِعَمَلِهِ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ، لأَِنَّ الرِّبْحَ فِي الْمُضَارَبَةِ يَحْتَمِل الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، وَالْعَاقِل لَا يُسَافِرُ بِمَال غَيْرِهِ لِفَائِدَةٍ تَحْتَمِل الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ مَعَ تَعْجِيل النَّفَقَةِ مِنْ مَال نَفْسِهِ، فَلَوْ لَمْ تُجْعَل نَفَقَتُهُ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ قَبُول الْمُضَارَبَاتِ مَعَ مِسَاسِ الْحَاجَةِ إِِلَيْهَا، فَكَانَ إِِقْدَامُ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَال عَلَى هَذَا الْعَقْدِ - وَالْحَال مَا ذَكَرَ - إِِذْنًا مِنْ رَبِّ الْمَال لِلْمُضَارِبِ بِالإِِِْنْفَاقِ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ، فَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الإِِِْنْفَاقِ دَلَالَةً، فَصَارَ كَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ بِهِ نَصًّا، وَلأَِنَّهُ يُسَافِرُ لأَِجْل الْمَال لَا عَلَى سَبِيل التَّبَرُّعِ وَلَا بِبَدَل وَاجِبٍ لَهُ لَا مَحَالَةَ فَتَكُونَ نَفَقَتُهُ فِي الْمَال.
وَشَرْطُ الْوُجُوبِ خُرُوجُ الْمُضَارِبِ بِالْمَال مِنَ الْمِصْرِ الَّذِي أَخَذَ الْمَال مِنْهُ مُضَارَبَةً، سَوَاءٌ كَانَ مِصْرَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَمَا دَامَ يَعْمَل بِهِ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ فَإِِِنَّ نَفَقَتَهُ فِي مَال نَفْسِهِ لَا فِي مَال الْمُضَارَبَةِ، وَإِِِنْ أَنْفَقَ مِنْهُ شَيْئًا ضَمِنَ، لأَِنَّ دَلَالَةَ الإِِِْذْنِ لَا تَثْبُتُ فِي الْمِصْرِ، وَكَذَا إِِقَامَتُهُ فِي الْحَضَرِ لَا تَكُونُ لأَِجْل الْمَال، لأَِنَّهُ كَانَ مُقِيمًا قَبْل ذَلِكَ، فَلَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ
الْمِصْرِ، سَوَاءٌ كَانَ خُرُوجُهُ بِالْمَال مُدَّةَ سَفَرٍ أَوْ أَقَل مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنَ الْمِصْرِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمِصْرِ لأَِجْل الْمَال، وَإِِِذَا انْتَهَى إِِلَى الْمِصْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، فَإِِِنْ كَانَ ذَلِكَ مِصْرَ نَفْسِهِ أَوْ كَانَ لَهُ فِي هَذَا الْمِصْرِ أَهْلٌ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ حَيْنَ دَخَل، لأَِنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِدُخُولِهِ فِيهِ لَا لأَِجْل الْمَال، وَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِصْرَهُ وَلَا لَهُ فِيهِ أَهْلٌ، لَكِنَّهُ أَقَامَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ مَا أَقَامَ فِيهِ، وَإِِِنْ نَوَى الإِِِْقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا، مَا لَمْ يَتَّخِذْ ذَلِكَ الْمِصْرَ الَّذِي هُوَ فِيهِ دَارَ إِِقَامَةٍ لأَِنَّهُ إِِذَا لَمْ يَتَّخِذْهُ دَارَ إِِقَامَةٍ كَانَتْ إِِقَامَتُهُ فِيهِ لأَِجْل الْمَال، وَإِِِنِ اتَّخَذَهُ وَطَنًا كَانَتْ إِِقَامَتُهُ لِلْوَطَنِ لَا لِلْمَال فَصَارَ كَالْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ، وَلَوْ خَرَجَ مِنَ الْمِصْرِ الَّذِي دَخَلَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ إِِلَى الْمِصْرِ الَّذِي أَخَذَ الْمَال فِيهِ مُضَارَبَةً فَإِِِنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ حَتَّى يَدْخُلَهُ، فَإِِِذَا دَخَلَهُ: فَإِِِنْ كَانَ ذَلِكَ مِصْرَهُ أَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَهْلٌ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ، وَإِِِلَاّ فَلَا.
وَكُل مَنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ مِمَّنْ يُعِينُهُ عَلَى الْعَمَل فَنَفَقَتُهُ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ، كَأَجِيرٍ يَخْدُمُهُ أَوْ يَخْدُمُ دَابَّتَهُ، لأَِنَّ نَفَقَتَهُمْ كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ، لأَِنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ لِلسَّفَرِ إِِلَاّ بِهِمْ (1) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 105 - 106.
وَكُل مَا فِيهِ النَّفَقَةُ فَالنَّفَقَةُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ، وَلِلْعَامِل أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَال نَفْسِهِ مَا لَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَكُونُ دَيْنًا فِي الْمُضَارَبَةِ، حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، لأَِنَّ الإِِِْنْفَاقَ مِنَ الْمَال وَتَدْبِيرِهِ إِِلَيْهِ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى مَال الْمُضَارَبَةِ، لَكِنْ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَال، حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْمَال بِشَيْءِ - كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - لأَِنَّ نَفَقَةَ الْمُضَارِبِ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ، فَإِِِذَا هَلَكَ هَلَكَ بِمَا فِيهِ، كَالدَّيْنِ يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، وَالزَّكَاةُ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ.
وَتُحْتَسَبُ النَّفَقَةُ مِنَ الرِّبْحِ أَوَّلاً إِِنْ كَانَ فِي الْمَال رِبْحٌ، فَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَال، لأَِنَّ النَّفَقَةَ جُزْءٌ هَالِكٌ مِنَ الْمَال، وَالأَْصْل أَنَّ الْهَلَاكَ يَنْصَرِفُ إِِلَى الرِّبْحِ، وَلأَِنَّا لَوْ جَعَلْنَاهَا مِنْ رَأْسِ الْمَال خَاصَّةً أَوْ فِي نَصِيبِ رَبِّ الْمَال مِنَ الرِّبْحِ لَازْدَادَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ فِي الرِّبْحِ عَلَى نَصِيبِ رَبِّ الْمَال.
وَالْمُرَادُ مِنَ النَّفَقَةِ هُنَا: الْكِسْوَةُ وَالطَّعَامُ وَالإِِِْدَامُ وَالشَّرَابُ وَأَجْرُ الأَْجِيرِ، وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ، وَعَلْفُ دَابَّتِهِ الَّتِي يَرْكَبُهَا فِي سَفَرِهِ وَيَتَصَرَّفُ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ، وَغَسْل ثِيَابِهِ، وَدَهْنُ السِّرَاجِ وَالْحَطَبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَقَال: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ، لأَِنَّ الْمُضَارِبَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا، فَكَانَ الإِِِْذْنُ ثَابِتًا مِنْ رَبِّ
الْمَال دَلَالَةً، وَأَمَّا ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَالتَّنَوُّرِ وَالاِدِّهَانِ وَمَا يَرْجِعُ إِِلَى التَّدَاوِي وَصَلَاحِ الْبَدَنِ فَفِي مَالِهِ خَاصَّةً، لَا فِي مَال الْمُضَارَبَةِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ خِلَافَ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ عِنْدَهُ، وَذَكَرَ فِي الْحِجَامَةِ وَالاِطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ وَالْخِضَابِ قَوْل الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، لأَِنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لِلْمُضَارِبِ فِي الْمَال لِدَلَالَةِ الإِِِْذْنِ الثَّابِتِ عَادَةً، وَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ، وَعَلَى هَذَا إِِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ يَقْضِي بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَلَا يَقْضِي بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ، وَأَمَّا الْفَاكِهَةُ فَالْمُعْتَادُ مِنْهَا يَجْرِي مَجْرَى الطَّعَامِ وَالإِِِْدَامِ، وَقَال بِشْرٌ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ عَنِ اللَّحْمِ فَقَال: يَأْكُل كَمَا كَانَ يَأْكُل لأَِنَّهُ مِنَ الْمَأْكُول الْمُعْتَادِ.
وَإِِِذَا رَجَعَ الْمُضَارِبُ إِِلَى مِصْرِهِ فَمَا فَضَل عِنْدَهُ مِنَ الْكِسْوَةِ وَالطَّعَامِ رَدَّهُ إِِلَى الْمُضَارَبَةِ، لأَِنَّ الإِِِْذْنَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ كَانَ لأَِجْل السَّفَرِ، فَإِِِذَا انْقَطَعَ السَّفَرُ لَمْ يَبْقَ الإِِِْذْنُ، فَيَجِبُ رَدُّ مَا بَقِيَ إِِلَى الْمُضَارَبَةِ.
وَقَدْرُ النَّفَقَةِ يَكُونُ بِالْمَعْرُوفِ عِنْدَ التُّجَّارِ مِنْ غَيْرِ إِِسْرَافٍ، فَإِِِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ ضَمِنَ الْفَضْل، لأَِنَّ الإِِِْذْنَ ثَابِتٌ بِالْعَادَةِ فَيُعْتَبَرُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ (1) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 106، 107.
وَتَكُونُ نَفَقَةُ الْعَامِل فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ لَا الْفَاسِدَةِ، لأَِنَّهُ أَجِيرٌ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، إِِذْ إِِنَّ نَفَقَةَ الأَْجِيرِ عَلَى نَفْسِهِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ لِعَامِل الْمُضَارَبَةِ الإِِِْنْفَاقُ مِنْ مَالِهَا عَلَى نَفْسِهِ فِي زَمَنِ سَفَرِهِ لِلتِّجَارَةِ وَإِِِقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ وَفِي حَال رُجُوعِهِ حَتَّى يَصِل إِِلَى وَطَنِهِ، وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ بِشُرُوطٍ:
الأَْوَّل: أَنْ يُسَافِرَ فِعْلاً لِلتِّجَارَةِ، أَوْ يَشْرَعَ فِي السَّفَرِ، أَوْ يَحْتَاجَ لِمَا يَشْرَعُ بِهِ فِيهِ لِتَنْمِيَةِ الْمَال - وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ - مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَمَسْكَنٍ وَحَمَّامٍ وَحِجَامَةٍ وَغَسْل ثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى يَعُودَ لِوَطَنِهِ.
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْعَامِل فِي الْحَضَرِ، قَال اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنِ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا، أَيْ بِأَنْ كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ مَثَلاً يُنْفِقُ مِنْهَا فَعَطَّلَهَا لأَِجْل عَمَل الْمُضَارَبَةِ، فَلَهُ الإِِِْنْفَاقُ مِنْ مَالِهَا، قَال أَبُو الْحَسَنِ: وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَبْنِيَ بِزَوْجَتِهِ الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إِِلَيْهَا لِتَنْمِيَةِ الْمَال، فَإِِِنْ بَنَى بِهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ لأَِنَّهُ صَارَ كَالْحَاضِرِ، فَإِِِنْ بَنَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ.
(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 490، والاختيار 3 / 24.
الثَّالِثُ: أَنْ يَحْتَمِل مَال الْمُضَارَبَةِ الإِِِْنْفَاقَ بِأَنْ يَكُونَ كَثِيرًا عُرْفًا، فَلَا نَفَقَةَ فِي الْيَسِيرِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ لأَِجْل تَنْمِيَةِ الْمَال، أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِزَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَحَجٍّ وَغَزْوٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ، لَا فِي حَال ذَهَابِهِ وَلَا فِي حَال إِِقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إِِلَيْهَا، وَأَمَّا فِي حَال رُجُوعِهِ فَإِِِنْ رَجَعَ مِنْ قُرْبَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَإِِِنْ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ أَهْلٍ لِبَلَدِ لَهُ بِهَا أَهْلٌ فَلَهُ النَّفَقَةُ، لأَِنَّ سَفَرَ الْقُرْبَةِ وَالرُّجُوعَ مِنْهُ لِلَّهِ، وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الأَْهْل.
وَالنَّفَقَةُ بِالْمَعْرُوفِ تَكُونُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَال، وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَال نَفْسِهِ رَجَعَ بِهِ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ، فَإِِِنْ تَلِفَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ، وَكَذَا لَوْ زَادَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَال لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ بِالزَّائِدِ.
وَلِلْعَامِل أَنْ يَتَّخِذَ خَادِمًا مِنَ الْمَال فِي حَال سَفَرِهِ إِِنْ كَانَ أَهْلاً لأَِنْ يُخْدَمَ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ.
وَلَيْسَ لِلْعَامِل نَفَقَةُ الدَّوَاءِ، وَلَيْسَ مِنَ الدَّوَاءِ الْحِجَامَةُ وَالْحَمَّامُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ بَل مِنَ النَّفَقَةِ.
وَلِلْعَامِل أَنْ يَكْتَسِيَ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ إِِنْ طَال سَفَرُهُ حَتَّى امْتَهَنَ مَا عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتِ الْبَلَدُ الَّتِي أَقَامَ بِهَا غَيْرَ بَعِيدَةٍ، فَالْمَدَارُ عَلَى الطُّول بِبَلَدِ التَّجْرِ، وَالطُّول بِالْعُرْفِ، وَذَلِكَ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ.