الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَرَامًا، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَطْل الْمَنْهِيَّ عَنْهُ كَمَا قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَأْخِيرُ مَا اسْتُحِقَّ أَدَاؤُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ (1) ، وَهُوَ مَعْذُورٌ.
ثَالِثًا: مَطْل الْمَدِينِ الْمُوسِرِ بِلَا عُذْرٍ
8 -
مَطْل الْمَدِينِ الْمُوسِرِ الْقَادِرِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ بِلَا عُذْرٍ وَذَلِكَ بَعْدَ مُطَالَبَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَإِِِنَّهُ حَرَامٌ شَرْعًا، وَمِنْ كَبَائِرِ الإِِِْثْمِ، وَمِنَ الظُّلْمِ الْمُوجِبِ لِلْعُقُوبَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى الْوَفَاءِ (2)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَطْل الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، (3) قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْمَعْنَى أَنَّهُ مِنَ الظُّلْمِ، وَأَطْلَقَ ذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ مِنَ الْمَطْل (4)، وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَطْل الْغَنِيِّ ظُلْمٌ إِِذَا كَانَ وَاجِدًا لِجِنْسِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِ سَاعَةٍ يُمْكِنُهُ فِيهَا الأَْدَاءُ (5)، وَقَال الْبَاجِيُّ: وَإِِِذَا كَانَ غَنِيًّا فَمَطَل بِمَا قَدِ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ فَقَدْ ظَلَمَ (6) وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِل عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ، (7) وَمَعْنَى " يُحِل عِرْضَهُ "
(1) فتح الباري 4 / 465
(2)
فتح الباري 4 / 465 - 466، والزواجر عن ارتكاب الكبائر 1 / 249، وإحكام الأحكام لابن دقيق العيد 3 / 198
(3)
حديث: " مطل الغني ظلم. . . " تقدم تخريجه ف5.
(4)
فتح الباري 4 / 465.
(5)
عارضة الأحوذي 6 / 46.
(6)
المنتقى 5 / 66
(7)
حديث: " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته. . " أخرجه أحمد (4 / 222) من حديث الشريد بن سويد، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (5 / 64)
أَيْ يُبِيحُ أَنْ يَذْكُرَهُ الدَّائِنُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْمَطْل وَسُوءِ الْمُعَامَلَةِ (1) .
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ، أَنَّهُ يُعَاقَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ (2) .
وَالْعُقُوبَةُ الزَّاجِرَةُ هِيَ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ شَرْعًا، الْمَقْصُودُ مِنْهَا حَمْلُهُ عَلَى الْوَفَاءِ وَإِِِلْجَاؤُهُ إِِلَى دَفْعِ الْحَقِّ إِِلَى صَاحِبِهِ دُونَ تَأْخِيرٍ.
أَمَّا قَبْل الطَّلَبِ، فَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: هَل يَجِبُ الأَْدَاءُ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ، حَتَّى يُعَدَّ مَطْلاً بِالْبَاطِل قَبْلَهُ؟ وَحَكَى ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَمَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ إِِلَى تَرْجِيحِ عَدَمِ الْوُجُوبِ قَبْل الطَّلَبِ، لأَِنَّ لَفْظَ " الْمَطْل " فِي الْحَدِيثِ يُشْعِرُ بِتَقْدِيمِ الطَّلَبِ وَتَوَقُّفِ الْحُكْمِ بِظُلْمِ الْمُمَاطِل عَلَيْهِ (3) .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمَطْل يَثْبُتُ بِالتَّأْجِيل وَالْمُدَافَعَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (4) .
(1) الزواجر عن اقتراف الكبائر 1 / 249، وجامع الأصول 4 / 455، وشرح السنة للبغوي 8 / 195، والمنتقى للباجي 5 / 66.
(2)
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 92
(3)
إحكام الأحكام لابن دقيق العيد 3 / 198، وفتح الباري 4 / 466، والزواجر للهيتمي 1 / 249
(4)
الفتاوى الهندية 3 / 412.