الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَال فَأَنْكَرَ رَبُّ الْمَال. فَالْقَوْل قَوْل رَبِّ الْمَال مَعَ يَمِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، لأَِنَّ الْعَامِل قَبَضَ الْمَال لِنَفْعِ نَفْسِهِ فَلَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ، وَلأَِنَّ رَبَّ الْمَال مُنْكِرٌ وَالْقَوْل قَوْل الْمُنْكِرِ، وَلأَِنَّ الْمُضَارِبَ لَمْ يَقْبِضْ رَأْسَ الْمَال إِِلَاّ لِنَفْعِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ لِنَفْعِ رَبِّ الْمَال (1) .
انْفِسَاخُ الْمُضَارَبَةِ
الْمُضَارَبَةُ تَنْفَسِخُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا:
أَوَّلاً: مَوْتُ رَبِّ الْمَال أَوِ الْمُضَارِبِ
70 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَال أَوِ الْمُضَارِبِ، لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ كَالْوَكَالَةِ، أَوْ تَشْتَمِل عَلَيْهَا، وَالْوَكَالَةُ تَبْطُل بِمَوْتِ الْمُوَكِّل أَوِ الْوَكِيل، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِِنَّ رَأْسَ الْمَال إِِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ عَرَضًا فَإِِِنَّ لِلْمُضَارِبِ الْبَيْعَ لِتَنْضِيضِهِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ: إِِنْ مَاتَ عَامِل الْمُضَارَبَةِ قَبْل نَضُوضِ رَأْسِ مَالِهَا فَلِوَارِثِهِ الأَْمِينِ - لَا غَيْرِهِ - أَنْ يُكْمِل الْعَمَل عَلَى حُكْمِ مُوَرِّثِهِ، فَيَبِيعُ مَا بَقِيَ مِنْ سِلَعِ الْمُضَارَبَةِ وَيَأْخُذُ
(1) روضة القضاة للسمناني 2 / 594، والمدونة 5 / 128، وحاشية الدسوقي 3 / 536، وشرح الخرشي وحاشية العدوي 6 / 224، والمهذب 1 / 396، وروضة الطالبين 5 / 145، والمغني 5 / 77، والإنصاف 5 / 455
(2)
بدائع الصنائع 6 / 122، وحاشية ابن عابدين 4 / 489، ومغني المحتاج 2 / 319 - 320، ونهاية المحتاج 5 / 237، وكشاف القناع 3 / 522.
حَظَّ مُوَرِّثِهِ مِنَ الرِّبْحِ، وَلَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْمُضَارَبَةِ بِمَوْتِ الْعَامِل ارْتِكَابًا لأَِخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَهُمَا: ضَرَرُ الْوَرَثَةِ فِي الْفَسْخِ، وَضَرَرُ رَبِّ الْمَال فِي إِِبْقَائِهِ عِنْدَهُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَرَرَ الْوَرَثَةِ بِالْفَسْخِ أَشَدُّ لِضَيَاعِ حَقِّهِمْ فِي عَمَل مُوَرِّثِهِمْ.
وَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثُ الْعَامِل أَمِينًا أَتَى الْوَارِثُ بِأَمِينٍ، كَالْعَامِل الأَْوَّل الَّذِي مَاتَ فِي الأَْمَانَةِ وَالثِّقَةِ، يُكْمِل الْعَمَل فِي مَال الْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ بَصِيرًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بِخِلَافِ أَمَانَةِ الْوَارِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُسَاوَاتُهَا لأَِمَانَةِ الْمُوَرِّثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الأَْجْنَبِيِّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْوَارِثِ، قَال الدُّسُوقِيُّ: وَبَعْضُهُمُ اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الأَْمَانَةِ فِي الأَْجْنَبِيِّ وَإِِِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْل الأَْمَانَةِ فِي الأَْوَّل.
وَإِِِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَارِثُ أَمِينًا وَلَمْ يَأْتِ بِأَمِينٍ كَالأَْوَّل سَلَّمَ الْوَارِثُ الْمَال لِرَبِّهِ تَسْلِيمًا هَدَرًا، أَيْ بِغَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ رِبْحٍ أَوْ أُجْرَةٍ فِي نَظِيرِ عَمَل مَنْ مَاتَ، لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ كَالْجَعَالَةِ لَا يُسْتَحَقُّ جُعْلُهَا إِِلَاّ بِتَمَامِ الْعَمَل، أَيْ فَكَذَلِكَ عَامِل الْمُضَارَبَةِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إِِلَاّ بِتَمَامِ الْعَمَل فِيهَا، وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ (1) .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ - بَعْدَ مِثْل مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْصِيل لِلْمَالِكِيَّةِ - إِِنْ مَاتَ رَبُّ الْمَال فَهَؤُلَاءِ عَلَى مُضَارَبَتِهِمْ بِحَال مَا كَانُوا إِِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ،
(1) حاشية الدسوقي 3 / 536.