الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ - الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ وَإِِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَحْصِيلِهِ كَنِفْطٍ وَكِبْرِيتٍ.
ب - وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنِيُّ هُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إِلَاّ بِعِلَاجٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ. (1)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَعَادِنِ:
مِلْكِيَّةُ الْمَعَادِنِ
5 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مِلْكِيَّةِ الْمَعَادِنِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا وُجِدَ مَعْدِنُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ وَكَذَا إِذَا وُجِدَ فِي الصَّحْرَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِعُشْرِيَّةٍ وَلَا خَرَاجِيَّةٍ. وَأَمَّا الْمَائِعُ كَالْقِيرِ وَالنِّفْطِ وَمَا لَيْسَ بِمُنْطَبِعٍ وَلَا مَائِعٍ كَالنُّورَةِ وَالْجِصِّ وَالْجَوَاهِرِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَكُلُّهَا لِوَاجِدِهَا.
وَلَوْ وَجَدَ فِي دَارِهِ مَعْدِنًا فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَال الصَّاحِبَانِ: فِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي لِوَاجِدِهِ.
وَإِِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِهِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ: رِوَايَةُ الأَْصْل: لَا يَجِبُ، وَرِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: يَجِبُ.
وَلَوْ وَجَدَ مُسْلِمٌ مَعْدِنًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي
(1) حاشية الشرقاوي على التحرير 1 / 181 - 182، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 235 - 236.
أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لأَِحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَلَا خُمُسَ فِيهِ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ بَعْضِهِمْ فَإِِنْ دَخَل عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ: وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ وَأَخْرَجَهُ إِلَى دَارِ الإِِْسْلَامِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ إِلَاّ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ وَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ.
وَإِِنْ دَخَل بِغَيْرِ أَمَانٍ يَكُونُ لَهُ مِنْ غَيْرِ خُمُسٍ (1) .
وَقَالُوا: لَيْسَ لِلإِِْمَامِ أَنْ يَقْطَعَ مَا لَا غِنَى لِلْمُسْلِمِينَ عَنْهُ مِنَ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ مَا كَانَ جَوْهَرُهَا الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِي جَوَاهِرِ الأَْرْضِ بَارِزًا كَمَعَادِنِ الْمِلْحِ وَالْكُحْل وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ، فَلَوْ أَقْطَعَ هَذِهِ الْمَعَادِنَ الظَّاهِرَةَ لَمْ يَكُنْ لإِِِقْطَاعِهَا حُكْمٌ، بَل الْمُقْطَعُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، فَلَوْ مَنَعَهُمُ الْمُقْطَعُ كَانَ بِمَنْعِهِ مُتَعَدِّيًا وَكَانَ لِمَا أَخَذَهُ مَالِكًا لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْمَنْعِ لَا بِالأَْخَذِ، وَكُفَّ عَنِ الْمَنْعِ وَصُرِفَ عَنْ مُدَاوَمَةِ الْعَمَل لِئَلَاّ يَشْتَبِهَ إِقْطَاعُهُ بِالصِّحَّةِ أَوْ يَصِيرَ مِنْهُ فِي حُكْمِ الأَْمْلَاكِ الْمُسْتَقِرَّةِ. (2)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْمَعَادِنَ أَمْرُهَا لِلإِِْمَامِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَرَى أَنَّهُ
(1) فتح القدير 2 / 180 ط. دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 2 / 45 - 46، وتبيين الحقائق 1 / 288، والفتاوى الهندية 1 / 185.
(2)
الدر المختار 5 / 278 - 279.
الْمَصْلَحَةُ وَلَيْسَتْ بِتَبَعٍ لِلأَْرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، مَمْلُوكَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ، وَلِلإِِْمَامِ أَنْ يَقْطَعَهَا لِمَنْ يَعْمَل فِيهَا بِوَجْهِ الاِجْتِهَادِ حَيَاةَ الْمُقْطَعِ لَهُ أَوْ مُدَّةً مَا مِنَ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْلِكَ أَصْلَهَا، وَيَأْخُذُ مِنْهَا الزَّكَاةَ عَلَى كُل حَالٍ، عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنَّهُ أَقْطَعَ بَلَال بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقِبْلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرْعِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَاّ الزَّكَاةُ (1) إِلَاّ أَنْ تَكُونَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ صَالَحُوا عَلَيْهَا فَيَكُونُونَ أَحَقَّ بِهَا يُعَامَلُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا فَإِِنْ أَسْلَمُوا رَجَعَ أَمْرُهَا إِلَى الإِِْمَامِ هَذَا مَا يَرَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ لأَِنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ اللَّذَيْنِ فِي الْمَعَادِنِ الَّتِي هِيَ فِي جَوْفِ الأَْرْضِ أَقْدَمُ مِنْ مِلْكِ الْمَالِكِينَ لَهَا فَلَمْ يُجْعَل ذَلِكَ مِلْكًا لَهُمْ بِمِلْكِ الأَْرْضِ، إِذْ هُوَ ظَاهِرُ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{إِنَّ الأَْرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ، (2) فَوَجَبَ بِنَحْوِ هَذَا الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ مَا فِي جَوْفِ الأَْرْضِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنَ الْمَعَادِنِ فَيْئًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ
(1) حديث: " أنه أقطع بلالاً. . " أخرجه أبو داود 3 / 235 ط. المكتبة التجارية بمصر.
(2)
سورة الأعراف / 128.
بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ آخَرَ: إِنَّهَا تَبَعٌ لِلأَْرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَإِِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ حُرَّةٍ أَوْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَوْ فِي الْفَيَافِي الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُمْتَلَكَةٍ كَانَ أَمْرُهَا إِلَى الإِِْمَامِ يُقْطِعُهَا لِمَنْ يَعْمَل فِيهَا أَوْ يُعَامِل النَّاسَ عَلَى الْعَمَل فِيهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا يَجُوزُ لَهُ وَيَأْخُذُ مِنْهَا الزَّكَاةَ عَلَى كُل حَالٍ، وَإِِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مُمْتَلَكَةٍ فَهِيَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ يَعْمَل فِيهَا مَا يَعْمَل ذُو الْمِلْكِ فِي مِلْكِهِ، وَإِِنْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ كَانَ أَهْل الصُّلْحِ أَحَقَّ بِهَا إِلَاّ أَنْ يُسْلِمُوا فَتَكُونُ لَهُمْ، هَذَا مَا قَالَهُ سَحْنُونٍ وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، لأَِنَّهُ لَمَّا كَانَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ثَابِتَيْنِ فِي الأَْرْضِ كَانَا لِصَاحِبِ الأَْرْضِ بِمَنْزِلَةِ مَا نَبَتَ فِيهَا مِنَ الْحَشِيشِ وَالشَّجَرِ. (2)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ لَا يُمْلَكُ بِالإِِْحْيَاءِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ وَلَا إِقْطَاعٍ، لأَِنَّهُ مِنَ الأُْمُورِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ
(1) المقدمات لابن رشد 1 / 224 - 226 ط. مطبعة السعادة وحاشية الدسوقي 1 / 487، والقوانين الفقهية ص 70.
(2)
المقدمات لابن رشد 1 / 225.
كَالْمَاءِ وَالْكَلأَِ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ الأَْبْيَضُ بْنُ حَمَّالٍ أَنْ يُقْطِعَهُ مِلْحَ مَأْرِبَ فَأَرَادَ أَنْ يُقْطِعَهُ أَوْ قَال الرَّاوِي أَقْطَعَهُ إِيَّاهُ فَقِيل لَهُ: إِنَّهُ كَالْمَاءِ الْعَدِّ أَيِ الْعَذْبِ قَال: فَلَا إِذَنْ، (1) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إِقْطَاعِ التَّمْلِيكِ وَإِِقْطَاعِ الإِِْرْفَاقِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ الَّذِي قَيَّدَ الْمَنْعَ بِالأَْوَّل.
وَمَنْ أَخَذَ مِنَ الْمَعْدِنِ أَخَذَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ مِنْهُ، فَإِِنْ ضَاقَ نَيْل الْحَاجَةِ عَنِ اثْنَيْنِ مَثَلاً جَاءَا إِلَيْهِ قَدَّمَ السَّابِقَ لِسَبْقِهِ، وَيُرْجَعُ فِي الْحَاجَةِ إِلَى مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ، وَقِيل: إِنْ أَخَذَ لِغَرَضِ دَفْعِ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ مُكِّنَ مِنْ أَخْذِ كِفَايَةِ سَنَةٍ أَوِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَإِِنْ طَلَبَ زِيَادَةً عَلَى حَاجَتِهِ فَالأَْصَحُّ إِزْعَاجُهُ إِنْ زُوحِمَ عَنِ الزِّيَادَةِ لأَِنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ.
وَالثَّانِي يَأْخُذُ مِنْهُ مَا شَاءَ لِسَبْقِهِ.
فَلَوْ جَاءَا إِلَيْهِ مَعًا وَلَمْ يَكْفِ الْحَاصِل مِنْهُ لِحَاجَتِهِمَا وَتَنَازَعَا فِي الاِبْتِدَاءِ أَقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِي الأَْصَحِّ لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ وَالثَّانِي: يَجْتَهِدُ الإِِْمَامُ وَيُقَدِّمُ مَنْ يَرَاهُ أَحْوَجَ، وَالثَّالِثُ: يُنَصِّبُ مِنْ يَقْسِمُ الْحَاصِل بَيْنَهُمَا.
(1) حديث: " إقطاع الأبيض بن حمال. . " أخرجه الشافعي في الأم (4 / 42 ط شركة الطباعة الفنية) ، ويحيى بن آدم في (الخراج ص 110 ط. السلفية) وصححه أحمد شاكر في التعليق عليه.
وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ لَا يُمْلَكُ بِالْحَفْرِ وَالْعَمَل بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ فِي الأَْظْهَرِ، وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِذَلِكَ إِذَا قَصَدَ التَّمَلُّكَ.
وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهِ مَعْدِنٌ بَاطِنٌ كَذَهَبٍ مَلَكَهُ جَزْمًا، لأَِنَّهُ بِالإِِْحْيَاءِ مَلَكَ الأَْرْضَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَإِِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ فِي الْبُقْعَةِ الْمُحْيَاةِ مَعْدِنًا فَاتَّخَذَ عَلَيْهِ دَارًا فَفِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ مِلْكِهِ لِفَسَادِ الْقَصْدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ.
وَإِِذَا كَانَ الْمَعْدِنُ الَّذِي وُجِدَ فِيمَا أَحْيَاهُ ظَاهِرًا فَلَا يَمْلِكُهُ بِالإِِْحْيَاءِ إِنْ عَلِمَهُ لِظُهُورِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى عِلَاجٍ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْهُ فَإِِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (1)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمَعَادِنَ الْجَامِدَةَ تُمْلَكُ بِمِلْكِ الأَْرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، لأَِنَّهَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الأَْرْضِ فَهِيَ كَالتُّرَابِ وَالأَْحْجَارِ الثَّابِتَةِ. فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بَلَال بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ أَرْضَ كَذَا مِنْ مَكَانِ كَذَا إِلَى كَذَا وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَبَلٍ أَوْ مَعْدِنٍ، قَال: فَبَاعَ بَنُو بِلَالٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْضًا فَخَرَجَ فِيهَا مَعْدِنَانِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا بِعْنَاكَ
(1) مغني المحتاج 2 / 372 - 373.