الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَوَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ لأَِنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ دَفَعَ إِِلَيْهِ مَا لَا يَتَّجِرُ بِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَال رَبُّ الْمَال: كَانَ مُضَارَبَةً عَلَى النِّصْفِ - مَثَلاً - فَرِبْحُهُ بَيْنَنَا، وَقَال الْعَامِل: كَانَ قَرْضًا فَرِبْحُهُ كُلُّهُ لِي. فَالْقَوْل قَوْل رَبِّ الْمَال، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، فَيَحْلِفُ رَبُّ الْمَال، وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِِِنْ أَقَامَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ وَسَقَطَتَا، وَقُسِمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ مِلْكِ رَبِّ الْمَال عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الرِّبْحُ، لَكِنْ قَدِ اعْتَرَفَ بِنِصْفِ الرِّبْحِ لِلْعَامِل فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى الأَْصْل، وَالْمَذْهَبُ: تَقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَامِل (2) .
ب -
اخْتِلَافُهُمَا فِي كَوْنِ رَأْسِ الْمَال مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً:
59 -
لِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي اخْتِلَافِ طَرَفَيِ الْمُضَارَبَةِ فِي كَوْنِ رَأْسِ الْمَال مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ قَال رَبُّ الْمَال: دَفَعْتُ إِِلَيْكَ بِضَاعَةً وَقَال الْمُضَارِبُ: مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَالْقَوْل قَوْل رَبِّ الْمَال؛ لأَِنَّ الْمُضَارِبَ
(1) أسنى المطالب وحاشية الرملي 2 / 392.
(2)
كشاف القناع 3 / 523 - 524.
يَسْتَفِيدُ الرِّبْحَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَكَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَلأَِنَّ الْمُضَارِبَ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقًا فِي مَال الْغَيْرِ فَالْقَوْل قَوْل صَاحِبِ الْمَال.
وَلَوْ قَال الْمُضَارِبُ: أَقْرَضْتَنِي الْمَال وَالرِّبْحُ لِي، وَقَال رَبُّ الْمَال: دَفَعْتُهُ إِِلَيْكَ بِضَاعَةً فَالْقَوْل قَوْل رَبِّ الْمَال، لأَِنَّ الْمُضَارِبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّمْلِيكَ وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَإِِِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِِنِ ادَّعَى الْعَامِل أَنَّهُ مُضَارَبَةٌ، وَقَال رَبُّ الْمَال: بَل أَبْضَعْتُهُ مَعَكَ لِتَعْمَل لِي بِهِ، فَإِِِنَّ الْقَوْل حِينَئِذٍ قَوْل رَبِّ الْمَال بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُضَارَبَةٍ، وَيَكُونُ لِلْعَامِل أَجْرُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَلَا يُزَادُ، وَإِِِنْ نَكَل كَانَ الْقَوْل قَوْل الْعَامِل مَعَ يَمِينِهِ إِِذَا كَانَ مِمَّنْ يُسْتَعْمَل مِثْلُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ إِِنْ قَال رَبُّ الْمَال: كَانَ بِضَاعَةً فَرِبْحُهُ لِي، وَقَال الْعَامِل: كَانَ مُضَارَبَةً فَرِبْحُهُ لَنَا. حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إِِنْكَارِ مَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْكِرٌ لِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ عَلَيْهِ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُنْكِرِ، وَكَانَ لِلْعَامِل أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَال؛ لأَِنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ تَابِعٌ لَهُ (3) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 110.
(2)
المدونة 5 / 127، والخرشي 6 / 224.
(3)
كشاف القناع 3 / 24.