الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالُوا: يُجْبَرُ أَيْضًا بِالرِّبْحِ مَا تَلِفَ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ بِسَمَاوِيٍّ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا أَخَذَهُ لِصٌّ أَوْ عَشَّارٌ، وَإِِِنْ وَقَعَ التَّلَفُ قَبْل الْعَمَل بِالْمَال، مَا لَمْ يَقْبِضْ رَبُّ الْمَال مِنَ الْعَامِل مَال الْمُضَارَبَةِ، فَإِِِنْ قَبَضَهُ نَاقِصًا عَنْ أَصْلِهِ ثُمَّ رَدَّهُ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مُضَارَبَةً مُسْتَأْنَفَةً، وَالْجَبْرُ إِِنَّمَا يَكُونُ إِِذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَصْل الْمَال، فَلَوْ تَلِفَ جَمِيعُهُ فَأَتَى لَهُ رَبُّهُ بِبَدَلِهِ فَلَا جَبْرَ لِلأَْوَّل بِرِبْحِ الثَّانِي (1) .
مَا يَسْتَحِقُّهُ رَبُّ الْمَال فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ
51 -
يَسْتَحِقُّ رَبُّ الْمَال فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ الرِّبْحَ الْمُسَمَّى إِِذَا كَانَ فِي الْمَال رِبْحٌ، وَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُضَارِبِ (2) .
زَكَاةُ مَال الْمُضَارَبَةِ
52 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ زَكَاةَ رَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ عَلَى رَبِّ الْمَال (3) .
وَأَمَّا زَكَاةُ الرِّبْحِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهَا خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاةٌ ف 96) .
(1) الشرح الصغير 3 / 690، 699، 700.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 108.
(3)
المبسوط للسرخسي 2 / 204، والقوانين الفقهية ص 108، والمدونة 5 / 98، والقليوبي 2 / 31، والمغني 3 / 38.
آثَارُ الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ
53 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِ الْمُضَارَبَةِ:
أ - أَنَّ الرِّبْحَ - إِِنْ حَدَثَ - يَكُونُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال، لأَِنَّ الرِّبْحَ نَمَاءُ مَالِهِ، وَإِِِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ شَطْرًا مِنْهُ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ إِِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الشَّرْطُ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُضَارِبُ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئًا، وَكَانَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال.
ب - أَنَّ الْمُضَارِبَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ - خَسِرَ الْمَال أَوْ رَبِحَ - لأَِنَّ عَمَلَهُ إِِنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُسَمَّى، فَإِِِذَا لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ، فَوَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْل، وَلأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ فِي مَعْنَى الإِِِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَالأَْجِيرُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الإِِِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِِِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْل (1) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْل عَمَلِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، رَبِحَ الْمَال أَوْ لَا، بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَال إِِذَا لَمْ يَرْبَحْ لَا أَجْرَ لِلْمُضَارِبِ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِِنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ لِئَلَاّ تَرْبُوَ الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ عَلَى الصَّحِيحَةِ، ثُمَّ قَال: الْخِلَافُ فِيمَا إِِذَا رَبِحَ، وَأَمَّا إِِذَا لَمْ يَرْبَحْ
(1) بدائع الصنائع 6 / 108، وروضة الطالبين 5 / 125، وكشاف القناع 3 / 511 - 512.