الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَقَرَّ الأَْمْرُ عَلَى انْفِرَادِ الْمَظَالِمِ بِوِلَايَةِ مُسْتَقِلَّةٍ، وَيُسَمَّى الْمُتَوَلِّي: صَاحِبُ الْمَظَالِمِ، وَيَخْتَلِفُ اسْمُهُ حَسَبَ الأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ، وَصَارَ يَنْظُرُ فِي كُل أَمْرٍ عَجَزَ عَنْهُ الْقُضَاةُ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي اخْتِصَاصِهِ، وَصَارَ قَضَاءُ الْمَظَالِمِ مُلَازِمًا لِلدَّوْلَةِ الإِِِْسْلَامِيَّةِ طُوَال التَّارِيخِ، وَاسْتَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ (1) .
قَاضِي الْمَظَالِمِ
أَوَّلاً: تَعْيِينُ قَاضِي الْمَظَالِمِ
8 -
إِِنَّ الْمُتَصَدِّيَ لِلْفَصْل فِي الْمَظَالِمِ إِِمَّا أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةَ نَفْسَهُ، لأَِنَّهُ فِي الأَْصْل هُوَ قَاضِي الأُْمَّةِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ الأَْسَاسِيِّ فِي إِِقَامَةِ الْعَدْل، وَمَنْعِ الظُّلْمِ، وَالْفَصْل فِي الْمَظَالِمِ، وَهُوَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْبَيْعَةِ وَوِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِِلَى تَعْيِينٍ.
وَإِِِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَوَّل فِي نَظَرِ الْمَظَالِمِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ كَالْحُكَّامِ وَالْوُلَاةِ وَالأُْمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَحْتَاجُونَ فِي النَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ إِِلَى تَقْلِيدٍ وَتَعْيِينٍ، وَكَانَ لَهُمْ بِمُقْتَضَى وِلَايَتِهِمُ الْعَامَّةِ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ.
وَإِِِمَّا أَنْ يُعَيَّنَ شَخْصٌ خَاصٌّ لِقَضَاءِ الْمَظَالِمِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ، وَهَذَا يَحْتَاجُ إِِلَى
(1) مغني المحتاج 4 / 372، وانظر: الحسبة لابن تيمية ص 82 ط. المكتبة العلمية.
تَقْلِيدٍ مِنْ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ كَالْخَلِيفَةِ وَالْحُكَّامِ الْمُفَوَّضِ لَهُمْ ذَلِكَ (1) .
ثَانِيًا: شُرُوطُ قَاضِي الْمَظَالِمِ
9 -
يُشْتَرَطُ فِي قَاضِي الْمَظَالِمِ - بِالإِِِْضَافَةِ إِِلَى شُرُوطِ الْقَاضِي الْعَامِّ - أَنْ يَكُونَ جَلِيل الْقَدْرِ نَافِذَ الأَْمْرِ، عَظِيمَ الْهَيْبَةِ، ظَاهِرَ الْعِفَّةِ، قَلِيل الطَّمَعِ، كَثِيرَ الْوَرَعِ لأَِنَّهُ يَحْتَاجُ فِي نَظَرِهِ إِِلَى سَطْوَةِ الْحُمَاةِ وَتَثَبُّتِ الْقُضَاةِ فَيَحْتَاجُ إِِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ صِفَاتِ الْفَرِيقَيْنِ (2) .
قَال ابْنُ خَلْدُونٍ عَنْ وِلَايَةِ الْمَظَالِمِ: هِيَ وَظِيفَةٌ مُمْتَزِجَةٌ مِنْ سَطْوَةِ السَّلْطَنَةِ وَنَصَفَةِ الْقَضَاءِ فَتَحْتَاجُ إِِلَى عُلُوِّ يَدٍ وَعَظِيمِ رَهْبَةٍ تَقْمَعُ الظَّالِمَ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وَتَزْجُرُ الْمُعْتَدِيَ وَكَأَنَّهُ يُمْضِي مَا عَجَزَ الْقُضَاةُ أَوْ غَيْرُهُمْ عَنْ إِِمْضَائِهِ (3) .
وَتَفْصِيل شُرُوطِ الْقَاضِي فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاءٌ ف 18) .
ثَالِثًا: رِزْقُ قَاضِي الْمَظَالِمِ
10 -
الرِّزْقُ هُوَ مَا يُرَتِّبُهُ الإِِِْمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَال
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 77، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 73، وكشاف القناع 6 / 283.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 77، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 73
(3)
مقدمة ابن خلدون ص 571 ط. لجنة البيان العربي.