الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَتَى حَضَرَتْ مَظْلَمَةٌ، فَكَانَ الْمَهْدِيُّ مَثَلاً يَجْلِسُ فِي كُل وَقْتٍ لِرَدِّ الْمَظَالِمِ (1) .
أَمَّا إِِنْ كَانَ قَاضِي الْمَظَالِمِ مُتَعَيِّنًا لِذَلِكَ، وَمُتَفَرِّغًا لَهُ، فَيَكُونُ نَظَرُهُ فِيهَا فِي جَمِيعِ الأَْيَّامِ، وَفِي جَمِيعِ الأَْوْقَاتِ (2) .
خَامِسًا: مَكَانُ الْمَظَالِمِ
18 -
كَانَ النَّظَرُ فِي الْمَظَالِمِ فِي مَكَانِ الْخَلِيفَةِ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، أَوْ مَكَانِ الْوَالِي، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمَّا أُفْرِدَتِ الْمَظَالِمُ بِدِيوَانِ خَاصٍّ، وَكِيَانٍ مُسْتَقِلٍّ خُصِّصَتْ لَهَا دَارٌ مُعَيَّنَةٌ يَقْصِدُهَا الْمُتَظَلِّمُونَ، وَتُعْقَدُ فِيهَا جَلَسَاتُ النَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ، وَيَجْتَمِعُ فِيهَا أَصْحَابُ الْعَلَاقَةِ فِي الأَْمْرِ.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ فِي أَيَّامِ الْعَبَّاسِيِّينَ خُصِّصَتْ دَارٌ لِلْمَظَالِمِ فِي بَغْدَادَ (3) ، ثُمَّ بَنَى السُّلْطَانُ الصَّالِحُ الْعَادِل نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زِنْكِيٍّ الشَّهِيدُ دَارَ الْعَدْل بِدِمَشْقَ لِكَشْفِ الظُّلَامَاتِ بِسَبَبِ مَا جَرَى فِيهَا مِنْ ظُلْمِ بَعْضِ أُمَرَائِهِ لِلنَّاسِ، فَكَانَ يُنْصِفُ مِنْ وُزَرَائِهِ وَأُمَرَائِهِ الرَّعِيَّةَ (4) ، وَكَذَلِكَ أَنْشَأَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسُ
(1) الفخري، لابن طباطبا ص 131.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 79، 80، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 76.
(3)
تاريخ الطبري 8 / 216 ط. دار المعارف، القاهرة 1960.
(4)
البداية والنهاية لابن كثير 12 / 280، تصوير مكتبة المعارف - بيروت، ومكتبة النصر - الرياض.
بِمِصْرِ دَارَ الْعَدْل، وَحَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَنْصَفَ الْمَظْلُومَ، وَخَلَّصَ الْحُقُوقَ (1) .
وَلِزِيَادَةِ التَّفْصِيل يُرْجَعُ إِِلَى مُصْطَلَحِ (قَضَاءٌ ف 37 وَمَا بَعْدَهَا) .
سَادِسًا: الدَّعْوَى فِي الْمَظَالِمِ
19 -
الأَْصْل فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الإِِِْمَامِ وَالْخَلِيفَةِ، وَالْوَالِي وَالأَْمِيرِ، وَالْمُحْتَسِبِ وَقَاضِي الْمَظَالِمِ، وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَخْذُهُ بِلَا دَعْوَى إِِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ.
قَال الْقَرَافِيُّ: كُل أَمْرٍ مُجْمَعٍ عَلَى ثُبُوتِهِ، وَتَعَيَّنَ الْحَقُّ فِيهِ، وَلَا يُؤَدِّي أَخْذُهُ إِِلَى فِتْنَةٍ وَتَشَاجُرٍ، وَلَا فَسَادِ عِرْضٍ أَوْ عُضْوٍ يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (2) .
سَابِعًا: الْقَضَاءُ بِالسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْمَظَالِمِ
20 -
إِِنَّ التَّحْقِيقَ وَالإِِِْثْبَاتَ فِي قَضَاءِ الْمَظَالِمِ أَوْسَعُ مِنَ الْقَضَاءِ الْعَادِيِّ، وَيَسْتَطِيعُ وَالِي الْمَظَالِمِ أَوْ قَاضِي الْمَظَالِمِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَامَّةِ فِي قَضَائِهِ، لِذَلِكَ قَال الْمَاوَرْدِيُّ: " فَأَمَّا نَظَرُ الْمَظَالِمِ الْمَوْضُوعُ عَلَى الأَْصْلَحِ فَعَلَى الْجَائِزِ، دُونَ الْوَاجِبِ، فَيَسُوغُ فِيهِ مِثْل هَذَا عِنْدَ ظُهُورِ الرِّيبَةِ وَقَصْدِ
(1) النجوم الزاهرة 7 / 163.
(2)
الفروق 4 / 76 - 77.