الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ وَلَا لِحُصْرِهَا، وَلَا لِقَنَادِيلِهَا وَنَحْوِهِ، وَلَا لِبَيْتِ نَارٍ وَلَا لِبِيعَةِ وَلَا صَوْمَعَةٍ وَلَا لِدَيْرٍ وَلَا لإِِِِصْلَاحِهَا وَشُغْلِهَا وَخِدْمَتِهَا، وَلَا لِعَمَارَتِهَا وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، لأَِنَّ ذَلِكَ إِِعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْوَصِيَّةِ تَدَارُكُ مَا فَاتَ فِي حَال الْحَيَاةِ مِنَ الإِِِْحْسَانِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي جِهَةِ مَعْصِيَةٍ.
وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ عَدَمَ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِمَا إِِذَا كَانَتِ الْكَنِيسَةُ لِلتَّعَبُّدِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ أَوْ مَوْقُوفَةً عَلَى قَوْمٍ يَسْكُنُونَهَا، أَوْ جَعْل كِرَاءِهَا لِلنَّصَارَى أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي بُنْيَانِ الْكَنِيسَةِ مَعْصِيَةٌ إِِلَاّ أَنْ تُتَّخَذَ لِمُصَلَّى النَّصَارَى الَّذِينَ اجْتِمَاعُهُمْ فِيهَا عَلَى الشِّرْكِ (1) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَعَدُّوا مِنَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَعْصِيَةِ مَا إِِذَا أَوْصَى لِدُهْنِ سِرَاجِ الْكَنِيسَةِ، لَكِنْ قَيَّدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: الْمَنْعَ بِمَا إِِذَا قَصَدَ تَعْظِيمَ الْكَنِيسَةِ، أَمَّا إِِذَا قَصَدَ تَعْظِيمَ الْمُقِيمِينَ أَوِ الْمُجَاوِرِينَ بِضَوْئِهَا فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءِ لأَِهْل الذِّمَّةِ (2) .
(1) حاشية الجمل 4 / 43، 71، وروضة الطالبين 6 / 98، 315، والأم 4 / 213، وأسنى المطالب 3 / 30، وكشاف القناع 4 / 364، والمغني 6 / 105.
(2)
روضة الطالبين 6 / 99.
حُكْمُ الْمَعَابِدِ بَعْدَ انْتِقَاضِ الْعَهْدِ
34 -
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: مَتَى انْتُقِضَ عَهْدُ أَهْل الذِّمَّةِ جَازَ أَخْذُ كَنَائِسِ الصُّلْحِ مِنْهُمْ فَضْلاً عَنْ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ، كَمَا أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ لِقُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَمَّا نَقَضُوا الْعَهْدَ، فَإِِِنَّ نَاقِضَ الْعَهْدِ أَسْوَأُ حَالاً مِنَ الْمُحَارَبِ الأَْصْلِيِّ، وَلِذَلِكَ لَوِ انْقَرَضَ أَهْل مِصْرٍ مِنَ الأَْمْصَارِ وَلَمْ يَبْقَ مَنْ دَخَل فِي عَهْدِهِمْ فَإِِِنَّهُ يَصِيرُ جَمِيعُ عَقَارِهِمْ وَمَنْقُولِهِمْ مِنَ الْمَعَابِدِ وَغَيْرِهَا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ (1) .
(1) أحكام أهل الذمة 2 / 684.