الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ كَالْمُوَكَّل، وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَال الثَّمَنَ دُونَ التَّالِفِ لِفَوَاتِهِ، وَلِصَاحِبِ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ لِبَقَاءِ الإِِْذْنِ مِنْ رَبِّ الْمَال وَلِمُبَاشَرَةِ الْعَامِل، فَإِِنْ غَرِمَهُ رَبُّ الْمَال لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، لأَِنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَيَرَجِعُ بِهِ الْعَامِل إِِنْ غَرِمَهُ عَلَى رَبِّ الْمَال (1) .
خَامِسًا: اسْتِرْدَادُ رَبِّ الْمَال رَأْسَ مَال الْمُضَارَبَةِ:
76 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى أَنَّ اسْتِرْدَادَ رَبِّ الْمَال رَأْسَ مَال الْمُضَارَبَةِ كُلَّهُ تَنْفَسِخُ بِهِ الْمُضَارَبَةُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَال الَّذِي تَقُومُ عَلَيْهِ الْمُضَارَبَةُ، وَأَنَّ اسْتِرْدَادَهُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَال تَنْفَسِخُ بِهِ الْمُضَارَبَةُ فِيمَا اسْتَرَدَّ وَتَظَل قَائِمَةً فِيمَا سِوَاهُ.
قَال الْحَصْكَفِيُّ: إِِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَال بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُضَارِبِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى بَطَلَتْ إِِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَال نَقْدًا لأَِنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ، وَإِِِنْ صَارَ عَرَضًا لَا تَبْطُل لأَِنَّ النَّقْضَ الصَّرِيحَ لَهَا لَا يَعْمَل حِينَئِذٍ فَهَذَا أَوْلَى، ثُمَّ إِِنْ بَاعَ بِعَرَضٍ بَقِيَتْ وَإِِِنْ بِنَقْدِ بَطَلَتْ، لأَِنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْبَحْرِ: لَوْ بَاعَ رَبُّ الْمَال الْعُرُوضَ بِنَقْدٍ ثُمَّ اشْتَرَى عُرُوضًا كَانَ لِلْمُضَارِبِ حِصَّتُهُ مِنْ رِبْحِ الْعُرُوضِ الأُْولَى لَا الثَّانِيَةِ لأَِنَّهُ لَمَّا بَاعَ الْعُرُوضَ وَصَارَ الْمَال نَقْدًا فِي يَدِهِ كَانَ ذَلِكَ نَقْضًا
(1) كشاف القناع 3 / 518.
لِلْمُضَارَبَةِ فَشِرَاؤُهُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ بَاعَ الْعُرُوضَ بِعُرُوضٍ مِثْلِهَا أَوْ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَرَبِحَ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا (1) .
وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ وَقَالُوا: تَرْتَفِعُ الْمُضَارَبَةُ بِاسْتِرْجَاعِ الْمَالِكِ رَأْسَ الْمَال كُلِّهِ مِنَ الْمُضَارِبِ، وَلَوِ اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْضَ الْمَال قَبْل ظُهُورِ رِبْحٍ وَخُسْرَانٍ فِيهِ رَجَعَ رَأْسُ الْمَال إِِلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْمُسْتَرَدِّ، لأَِنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ غَيْرَهُ فَصَارَ كَمَا لَوِ اقْتَصَرَ فِي الاِبْتِدَاءِ عَلَى إِِعْطَائِهِ لَهُ، وَانْفَسَخَتِ الْمُضَارَبَةُ فِيمَا اسْتَرَدَّ.
وَإِِِنِ اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَال بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِل بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فَالْمُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَائِعٌ: رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ عَلَى النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ جُمْلَةِ الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَال، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ، وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُ الْعَامِل عَلَى مَا خَصَّهُ مِنَ الرِّبْحِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيهِ وَلَا يَسْقُطُ بِخُسْرٍ وَقَعَ بَعْدَهُ، مِثَالُهُ: رَأْسُ الْمَال مِائَةٌ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ وَاسْتَرَدَّ الْمَالِكُ عِشْرِينَ، فَالرِّبْحُ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَال وَهُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ وَهُوَ الْعِشْرُونَ سُدُسُهُ مِنَ الرِّبْحِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ، فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِل الْمَشْرُوطُ مِنْهُ - وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ إِِنْ شَرَطَ نِصْفَ الرِّبْحِ -
(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 490، والخرشي 6 / 215، وبلغة السالك 3 / 697، وروضة الطالبين 5 / 142، ومغني المحتاج 2 / 320، 321، وكشاف القناع 3 / 518 - 519.