الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُضَارَبَةَ عِنْدَهُمْ إِِجَارَةٌ عَلَى التَّجْرِ بِمَالٍ - أَيِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِتَحْصِيل الرِّبْحِ - بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَالإِِِْجَارَةُ تَكْفِي فِيهَا الْمُعَاطَاةُ كَالْبَيْعِ، فَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ فِي انْعِقَادِ الْمُضَارَبَةِ كَذَلِكَ (1)
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِينَ مِنَ الشُّرُوطِ:
10 -
يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ - وَهُمَا رَبُّ الْمَال وَالْعَامِل - شُرُوطٌ لَا بُدَّ مِنْهَا لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ تَقَعَ مِنْ أَهْل التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيل وَالتَّوَكُّل، أَيِ الْمُتَأَهِّل لأََنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ وَيَتَوَكَّل لِغَيْرِهِ، لأَِنَّ الْعَاقِدَيْنِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَيْلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَمُوَكِّلٌ لِصَاحِبِهِ، فَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّل وَيَتَوَكَّل جَازَ لَهُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ، وَمَنْ لَا فَلَا، وَعَلَى ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ مِنْ عَبْدٍ إِِلَاّ بِإِِِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ.
وَقَال الرَّمْلِيُّ: وَيَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ أَنْ يُضَارِبَ مَنْ
(1) بدائع الصنائع 6 / 80 - 81، والشرح الصغير وحاشية الصاوي 3 / 682 - 683، وحاشية الدسوقي 3 / 517، وروضة الطالبين 5 / 124 وما بعدها، ونهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي 5 / 266، وكشاف القناع 3 / 508، وشرح منتهى الإرادات 2 / 327 - 328.
يَجُوزُ إِِيدَاعُهُ الْمَال الْمَدْفُوعَ إِِلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَمْ جَدًّا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا أَمْ أَمِينَهُ، وَمَحَل ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ عَقْدُ الْمُضَارَبَةِ الإِِِْذْنَ فِي السَّفَرِ، فَإِِِنْ تَضَمَّنَ الإِِِْذْنَ فِي السَّفَرِ اتَّجَهَ كَوْنُهُ كَإِِِرَادَةِ الْوَلِيِّ السَّفَرَ بِنَفْسِهِ.
وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلِسِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُضَارِبَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَامِلاً.
وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ مِنَ الْمَرِيضِ وَلَا يَحْسِبُ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْل مِنَ الثُّلُثِ، لأَِنَّ الْمَحْسُوبَ مِنْهُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَالِهِ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ حَتَّى يَفُوتُهُ، وَإِِِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ، وَإِِِذَا حَصَل كَانَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِل (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي رَبِّ الْمَال وَالْمُضَارِبِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيل وَالْوَكَالَةِ لأَِنَّ الْمُضَارِبَ يَتَصَرَّفُ بِأَمْرِ رَبِّ الْمَال وَهَذَا مَعْنَى التَّوْكِيل، فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكَّل أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَمْلِكُ فِعْل مَا وُكِّل بِهِ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ التَّوْكِيل تَفْوِيضُ مَا يَمْلِكُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ إِِلَى غَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيل مِنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِل أَصْلاً، لأَِنَّ الْعَقْل مِنْ شَرَائِطِ الأَْهْلِيَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ التَّصَرُّفَ بِأَنْفُسِهِمَا.
(1) الشرح الصغير وحاشية الصاوي 3 / 457 - 458، وشرح الخرشي وحاشية العدوي 6 / 203، والمدونة 5 / 107، ومغني المحتاج 2 / 314، ونهاية المحتاج 5 / 15، 226.