الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكْسَ، (1) وَلَا شَطَطَ، (2) وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ (3) ، وَلأَِنَّ الْقَصْدَ مِنَ النِّكَاحِ الاِسْتِمْتَاعُ وَالْوَصْلَةُ دُونَ الصَّدَاقِ، فَصَحَّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ كَالنَّفَقَةِ. (4)
أَقْسَامُ الْمُفَوِّضَةِ
قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ التَّفْوِيضَ إِلَى ضَرْبَيْنِ:
الضَّرْبُ الأَْوَّل: تَفْوِيضُ الْبُضْعِ:
4 -
التَّفْوِيضُ يَنْصَرِفُ إِلَى تَفْوِيضِ الْبُضْعِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ، وَهُوَ إِخْلَاءُ النِّكَاحِ عَنِ الْمَهْرِ كَأَنْ تَأْذَنَ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ بِقَوْلِهَا لَهُ: زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ عَاقِلَةً بَالِغَةً رَشِيدَةً ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا، فَيُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ وَيَسْكُتُ عَنِ الْمَهْرِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مِنَ التَّفْوِيضِ صَحِيحَةٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَوْ يَنْفِي الْمَهْرَ بِقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ بِغَيْرِ مَهْرٍ أَوْ زَوَّجْتُكَ بِغَيْرِ مَهْرٍ لَا فِي الْحَال وَلَا فِي الْمَآل، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِلنُّصُوصِ السَّابِقَةِ، وَلأَِنَّ الْقَصْدَ مِنَ النِّكَاحِ الْوَصْلَةُ وَالاِسْتِمْتَاعُ دُونَ الصَّدَاقِ، وَلأَِنَّ مَعْنَى
(1) الوكس: النقصان والخسارة، (انظر المصباح المنير) .
(2)
الشطط: الجور والظلم والزيادة، (انظر المصباح المنير) .
(3)
أثر ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا. أخرجه الترمذي (3 / 441) وقال: حديث حسن صحيح.
(4)
المغني لابن قدامة 6 / 712.
الصُّورَتَيْنِ وَاحِدٌ. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى بُطْلَانِ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لأَِنَّ الْتِزَامَ هَذَا الشَّرْطِ يَجْعَلُهَا كَالْمَوْهُوبَةِ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ وَقَعَ - النِّكَاحُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ - فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْل الدُّخُول بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَهُ مِنْ جِهَةِ صَدَاقِهِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُول بِصَدَاقِ الْمِثْل، وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ.
الأَْوَّل: يُفْسَخُ الْعَقْدُ قَبْل الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ عَقْدِهِ.
الثَّانِي: لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ قَبْل الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْل.
وَهَل يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِطَلَاقٍ؟ قَوْلَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُفْسَخُ - فِي حَال الْفَسْخِ - بِطَلَاقٍ، لأَِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وَفِي كُل الأَْحْوَال يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَيَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ لِوُجُودِ الْخِلَافِ. (2)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: وَفِي مَعْنَى إِسْقَاطِ الْمَهْرِ -
(1) بدائع الصنائع 2 / 274، وجواهر الإكليل 1 / 314، والقوانين الفقهية 207، ومغني المحتاج 3 / 228، وكشاف القناع 5 / 156، والحاوي 12 / 97.
(2)
الفواكه الدواني 2 / 47، وجواهر الإكليل 1 / 314، والحاوي الكبير للماوردي 12 / 99.
الْمَذْكُورِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ - إِرْسَال الْمَرْأَةِ لِلزَّوْجِ مَالاً عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ لَهَا صَدَاقًا فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ قَبْل الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِصَدَاقِ الْمِثْل، أَمَّا لَوْ سَكَتَا عَنِ الْمَهْرِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ دَخَلَا عَلَى التَّفْوِيضِ بِاللَّفْظِ أَوْ عَلَى تَحْكِيمِ الْغَيْرِ فِي بَيَانِ قَدْرِ الْمَهْرِ فَلَا فَسَادَ. (1)
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمُفَوِّضَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ كَأَنْ تَكُونَ سَفِيهَةً مَحْجُورًا عَلَيْهَا فَلَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهَا.
وَإِذَا زَوَّجَ الأَْبُ ابْنَتَهُ الْمُجْبَرَةَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ صَحَّ النِّكَاحُ وَبَطَل التَّفْوِيضُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْل بِالْعَقْدِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ هُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالتَّفْوِيضِ. (2)
قَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا فَوَّضَ الْوَلِيُّ نِكَاحَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ.
أَحَدِهِمَا: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ لَا يَنْكِحُ إِلَاّ بِإِذْنٍ كَسَائِرِ الأَْوْلِيَاءِ مَعَ الثَّيِّبِ وَغَيْرِ الأَْبِ مَعَ الْبِكْرِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهَا فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي التَّفْوِيضِ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلاً، فَإِنِ اسْتَأْذَنَهَا فِي النِّكَاحِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهَا فِي التَّفْوِيضِ صَحَّ النِّكَاحُ وَبَطَل التَّفْوِيضُ، وَكَانَ لَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرُ الْمِثْل.
(1) الفواكه الدواني 2 / 47، وجواهر الإكليل 1 / 314.
(2)
مغني المحتاج 3 / 229، والحاوي للماوردي 12 / 99، وكشاف القناع 5 / 156.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يُنْكِحَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ كَالأَْبِ مَعَ بِنْتِهِ الْبِكْرِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِغَيْرِ إِذْنِهَا فَأَمَّا صِحَّةُ التَّفْوِيضِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا فَمُعْتَبَرٌ بِاخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَإِنْ قِيل: إِنَّهُ الزَّوْجُ دُونَ الأَْبِ بَطَل تَفْوِيضُ الأَْبِ، وَإِنْ قِيل: إِنَّهُ الأَْبُ فَفِي صِحَّةِ تَفْوِيضِهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْل أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرُ الْمِثْل.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ قَوْل أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ صَحِيحٌ كَالْعُقُودِ وَلَيْسَ لَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرٌ. (1)
وَقَال النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ وَنَفَى الْمَهْرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرْضَى هِيَ بِمَهْرِ الْمِثْل، فَهُوَ كَمَا لَوْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْل، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ مُجْبَرًا فَهَل يَبْطُل النِّكَاحُ؟ أَمْ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْل؟ قَوْلَانِ.
وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُجْبَرٍ فَهَل يَبْطُل قَطْعًا أَمْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ (2) .
وَلَوْ أَنْكَحَهَا وَلِيُّهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَتُعْطِي زَوْجَهَا أَلْفًا فَهَذَا أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ، وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْل
(1) الحاوي الكبير للماوردي 12 / 99 - 100.
(2)
روضة الطالبين 7 / 280.