الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّلَمِ، بِأَنْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ بَاعَ مِنَ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضِ الْعَشَرَةَ حَتَّى أَسْلَمَ إِلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي حِنْطَةٍ، فَإِنْ جَعَل الدَّيْنَيْنِ قِصَاصًا أَوْ تَرَاضَيَا بِالْمُقَاصَّةِ يَصِيرُ قِصَاصًا، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.
وَأَمَّا إِنْ وَجَبَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ بِعَقْدٍ مُتَأَخِّرٍ عَنِ السَّلَمِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا وَإِنْ جَعَلَاهُ قِصَاصًا.
هَذَا إِذَا كَانَ وُجُوبُ الدَّيْنِ بِالْعَقْدِ، وَأَمَّا إِذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَالْقَرْضِ وَكَانَ الدَّيْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ قِصَاصًا، سَوَاءٌ جَعَلَاهُ قِصَاصًا أَمْ لَا، بَعْدَ أَنْ كَانَ وُجُوبُ الدَّيْنِ الآْخَرِ مُتَأَخِّرًا عَنْ عَقْدِ السَّلَمِ.
وَأَمَّا إِذَا تَفَاضَل الدَّيْنَانِ: بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَل وَالآْخَرُ أَدْوَنَ، فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالنُّقْصَانِ، وَأَبَى الآْخَرُ، فَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الأَْفْضَل لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الأَْدْوَنِ يَصِيرُ قِصَاصًا (1) .
وَقَال الْكَرَابِيسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي السَّلَمِ، فَإِذَا قَال شَخْصٌ لآِخَرَ أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ
(1) الفتاوى الهندية 3 / 188، 189.
قِصَاصًا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ لَمْ يَجُزْ، لأَِنَّ عَقْدَ السَّلَمِ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُ الْعَقْدِ إِلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ إِلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَنْقُدْهُ فِي الْمَجْلِسِ بَطَل كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ (1) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْقُول عَنِ الأُْمِّ مَنْعُ التَّقَاصِّ فِي السَّلَمِ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ فِي الدُّيُونِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (2) .
وَعَدَمُ الْجَوَازِ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَاتِ الْحَنَابِلَةِ حَيْثُ قَالُوا: وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ السَّلَمِ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيَجْعَلُهُ رَأْسَ مَال سَلَمٍ، لأَِنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنِ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ النَّهْيِ (3) .
الْمُقَاصَّةُ فِي الْكَفَالَةِ
21 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِكَفِيل الْمَدْيُونِ دَيْنٌ عَلَى الدَّائِنِ الْمَكْفُول لَهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمَكْفُول بِهِ، فَالدَّيْنَانِ يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمَا.
وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمَكْفُول فَلَا يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا إِلَاّ بِتَرَاضِي الدَّائِنِ الْمَكْفُول لَهُ
(1) الفروق للكرابيسي 2 / 102.
(2)
المنثور في القواعد للزركشي 1 / 393، 394.
(3)
كشاف القناع 3 / 304.