الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّ الْمُنْهَدِمِ فِي الْعَنْوِيِّ (مَا فُتِحَ عَنْوَةً) وَفِي الصُّلْحِيِّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ (1) .
نَقْل الْمَعْبَدِ مِنْ مَكَانٍ إِِلَى آخَرَ
18 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَقْل الْمَعْبَدِ مِنْ مَكَانٍ إِِلَى مَكَانٍ آخَرَ عَلَى أَقْوَالٍ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لأَِهْل الذِّمَّةِ أَنْ يُحَوِّلُوا مَعَابِدَهُمْ مِنْ مَوْضِعٍ إِِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، لأَِنَّ التَّحْوِيل مِنْ مَوْضِعٍ إِِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فِي حُكْمِ إِِحْدَاثِ كَنِيسَةٍ أُخْرَى (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَوْ شَرَطُوا النَّقْل فِي الْعَقْدِ يَجُوزُ وَإِِِلَاّ فَلَا (3) .
وَفَصَّل ابْنُ الْقَيِّمِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فَقَال: وَالَّذِي يُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَال: إِِنْ مَنَعْنَا إِِعَادَةَ الْكَنِيسَةِ إِِذَا انْهَدَمَتْ، مَنَعْنَا نَقْلَهَا بِطَرِيقِ الأَْوْلَى، فَإِِِنَّهَا إِِذَا لَمْ تَعُدْ إِِلَى مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَنْشَأُ فِي غَيْرِهِ؟ وَإِِِنْ جَوَّزْنَا إِِعَادَتَهَا فَكَانَ نَقْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ، لِكَوْنِهِمْ يَنْقُلُونَهَا إِِلَى مَوْضِعٍ خَفِيٍّ لَا يُجَاوِرُهُ مُسْلِمٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا رَيْبٍ، فَإِِِنَّ هَذَا مَصْلَحَةٌ
(1) الشرح الصغير 2 / 314، وشرح الزرقاني 3 / 145، والخرشي 3 / 148.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 114، وحاشية ابن عابدين 3 / 271، وفتح القدير 4 / 377، والفتاوى الهندية 2 / 248.
(3)
حاشية الدسوقي 2 / 204.
ظَاهِرَةٌ لِلإِِِْسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فَلَا مَعْنَى لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ، وَأَمَّا إِِنْ كَانَ النَّقْل لِمُجَرَّدِ مَنْفَعَتِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، لأَِنَّهُ إِِشْغَال رَقَبَةِ أَرْضِ الإِِِْسْلَامِ بِجَعْلِهَا دَارَ كُفْرٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادُوا جَعْلَهَا خَمَّارَةً أَوْ بَيْتَ فِسْقٍ.
فَلَوِ انْتَقَل الْكُفَّارُ عَنْ مَحَلَّتِهِمْ وَأَخْلَوْهَا إِِلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى فَأَرَادُوا نَقْل الْكَنِيسَةِ إِِلَى تِلْكَ الْمَحَلَّةِ، وَإِِِعْطَاءَ الْقَدِيمَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِِذَا نَقَل الإِِِْمَامُ النَّصَارَى الْمُعَاهَدِينَ مِنْ مَكَانِهِمْ إِِلَى مَكَانٍ آخَرَ يُبَاحُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بُنْيَانُ بِيعَةٍ وَاحِدَةٍ لإِِِِقَامَةِ شَرْعِهِمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ ضَرْبِ النَّوَاقِيسِ فِيهَا (2) .
اعْتِقَادُ الْكَنِيسَةِ بَيْتَ اللَّهِ وَاعْتِقَادُ زِيَارَتَهَا قُرْبَةً
19 -
نَصَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَنَائِسَ بُيُوتُ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ يُعْبَدُ فِيهَا، أَوْ أَنَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ وَيَرْضَاهُ فَهُوَ كَافِرٌ لأَِنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ كُفْرٌ، أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَى فَتْحِ الْكَنَائِسِ وَإِِِقَامَةِ دِينِهِمْ، وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ قُرْبَةً أَوْ طَاعَةً، وَكَذَلِكَ
(1) أحكام أهل الذمة 2 / 704.
(2)
التاج والإكليل على هامش مواهب الجليل 3 / 384.