الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُقَاصَّةُ فِي الْوَدِيعَةِ
18 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِرَجُل عِنْدَ رَجُلٍ آخَرَ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودَعِ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ دَيْنٌ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ لَمْ تَصِرِ الْوَدِيعَةُ قِصَاصًا بِدَيْنٍ إِلَاّ إِذَا اجْتَمَعَا وَتَقَاصَّا حَالَةَ كَوْنِ الْوَدِيعَةِ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْوَدِيعِ حَقِيقَةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ فَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ حَتَّى يَذْهَبَ إِلَى مَكَانِ الْوَدِيعَةِ وَيَأْخُذَهَا (1) .
وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِقَوْلِهِ: إِذَا كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى الْفَقِيرِ دَيْنٌ، فَقَال جَعَلْتُهُ عَنْ زَكَاتِي لَا يَجْزِيهِ فِي الأَْصَحِّ حَتَّى يَقْبِضَهُ، ثُمَّ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ (2) .
الْمُقَاصَّةُ فِي الْوَكَالَةِ
19 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكَّل دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيل وَالْمُوَكَّل دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْمُوَكَّل أَيْضًا دُونَ دَيْنِ الْوَكِيل، حَتَّى لَا يَرْجِعَ الْمُوَكَّل عَلَى الْوَكِيل بِشَيْءِ مِنَ الثَّمَنِ، وَهَذَا لأَِنَّ الْمُقَاصَّةَ إِبْرَاءٌ بِعِوَضٍ فَتُعْتَبَرُ بِالإِْبْرَاءِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلأَِنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ قِصَاصًا
(1) الفتاوى الهندية 3 / 230، ومرشد الحيران المادة (228) ، وحاشية ابن عابدين 4 / 239.
(2)
المنثور في القواعد للزركشي 1 / 396.
بِدَيْنِ الْوَكِيل احْتَجْنَا إِلَى قَضَاءٍ آخَرَ، فَإِنَّ الْوَكِيل يَقْضِي لِلْمُوَكَّل، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْمُوَكَّل لَمْ نَحْتَجْ إِلَى قَضَاءٍ آخَرَ فَجَعَلْنَاهُ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْمُوَكَّل قَصْرًا لِلْمَسَافَةِ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا حُكْمًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُوَكَّل يَمْلِكُ إِسْقَاطَ الثَّمَنِ عَنِ الْمُشْتَرِي بِالإِْجْمَاعِ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْوَكِيل لأََثْبَتْنَا حُكْمًا مُخْتَلِفًا فِيهِ لأَِنَّ الْوَكِيل يَمْلِكُ الإِْبْرَاءَ عَنِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَيْسَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيل إِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ دَيْنٌ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لأَِنَّ الْوَكِيل يَمْلِكُ الإِْبْرَاءَ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَنِ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا، فَيَمْلِكُ الْمُقَاصَّةَ أَيْضًا، لأَِنَّهَا إِبْرَاءٌ بِعِوَضِ، فَتُعْتَبَرُ بِالإِْبْرَاءِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلْمُوَكَّل فِي الإِْبْرَاءِ وَالْمُقَاصَّةِ (1) .
الْمُقَاصَّةُ فِي السَّلَمِ
20 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ فِي عَقْدِ السَّلَمِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ دَيْنٌ مِثْل رَأْسِ الْمَال بِعَقْدِ مُتَقَدِّمٍ عَلَى
(1) نتائج الأفكار (تكملة فتح القدير) 6 / 25، 26، والمبسوط 12 / 207، والفتاوى الخانية على هامش الفتاوى الهندية 3 / 22.