الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِِِْنْصَافِ: لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ دُخُول الْخَلَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ كَنِيفًا أَوْ غَيْرَهُ بِمُصْحَفٍ، كَامِلٍ أَوْ بَعْضِ مُصْحَفٍ، قَالُوا: لَكِنْ إِِنْ دَخَلَهُ بِمَا فِيهِ بَعْضٌ مِنَ الآْيَاتِ لَا بَال لَهُ - أَيْ مِنْ حَيْثُ الْكَثْرَةُ - فَالْحُكْمُ الْكَرَاهَةُ لَا التَّحْرِيمُ.
قَالُوا: وَإِِِنْ خَافَ ضَيَاعَهُ جَازَ أَنْ يَدْخُل بِهِ مَعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي سَاتِرٍ يَمْنَعُ وُصُول الرَّائِحَةِ إِِلَيْهِ، وَلَا يَكْفِي وَضْعُهُ فِي جَيْبِهِ، لأَِنَّهُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ (1) .
جَعْل الْمُصْحَفِ فِي قِبْلَةِ الصَّلَاةِ
14 -
يُكْرَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ جَعْل الْمُصْحَفِ فِي قِبْلَةِ الْمُصَلِّي لأَِنَّهُ يُلْهِيهِ، قَال أَحَمْدُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَجْعَلُوا فِي الْقِبْلَةِ شَيْئًا حَتَّى الْمُصْحَفَ، لَكِنَّ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَعَمُّدُ جَعْلِهِ فِي الْقِبْلَةِ لِيُصَلِّيَ إِِلَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ إِِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَاكَ مَوْضِعَهُ الَّذِي يُعَلَّقُ فِيهِ عَادَةً (2) .
وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِِنْ لَمْ يَكُنْ
(1) الفتاوى الهندية 1 / 50، وابن عابدين 1 / 119، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 107، والقليوبي على شرح المنهاج 1 / 38، وشرح منتهى الإرادات 1 / 30.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 255، وشرح منتهى الإرادات 1 / 197.
جَعَلَهُ لِيَقْرَأَ مِنْهُ، قَالُوا: لأَِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيمَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ فِي الصَّلَاةِ بِاعْتِبَارِ التَّشَبُّهِ بِعُبَّادِهَا، وَالْمُصْحَفُ لَمْ يَعْبُدْهُ أَحَدٌ، وَاسْتِقْبَال أَهْل الْكِتَابِ مَصَاحِفَهُمْ لِلْقِرَاءَةِ مِنْهَا لَا لِعِبَادَتِهَا، وَمِنْ هُنَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْمُصْحَفِ (1) .
الْقِرَاءَةُ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا
15 -
ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ، فَإِِِنْ قَرَأَ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، أَيْ قَلِيلاً كَانَ مَا قَرَأَهُ أَوْ كَثِيرًا، إِِمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ إِِلَاّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَافِظٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَعْلِيل قَوْلِهِ، فَقِيل: لأَِنَّ حَمْل الْمُصْحَفِ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَتَقْلِيبَ الأَْوْرَاقِ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَقِيل: لأَِنَّهُ تَلَقَّنَ مِنَ الْمُصْحَفِ، فَصَارَ كَمَا إِِذَا تَلَقَّنَ مِنْ غَيْرِهِ، وَصَحَّحَ هَذَا الْوَجْهَ فِي الْكَافِي تَبَعًا لِتَصْحِيحِ السَّرَخْسِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ إِِلَاّ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَلَّى بِلَا قِرَاءَةٍ فَإِِِنَّهَا تُجْزِئُهُ.
وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِِلَى تَجْوِيزِ الْقِرَاءَةِ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1 / 438.