الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْمُصَلِّي مِنَ الْمُصْحَفِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّشَبُّهِ بِأَهْل الْكِتَابِ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي الْقِرَاءَةُ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ لِكَثْرَةِ الشَّغْل بِذَلِكَ، لَكِنَّ كَرَاهَتَهُ عِنْدَهُمْ فِي النَّفْل إِِنْ قَرَأَ فِي أَثْنَائِهِ، وَلَا يُكْرَهُ إِِنْ قَرَأَ فِي أَوَّلِهِ، لأَِنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي النَّفْل مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ (2)، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَرُوِيَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ.
وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ إِِنْ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا، لِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي مَوْلًى لَهَا اسْمُهُ ذَكْوَانُ كَانَ يَؤُمُّهَا مِنَ الْمُصْحَفِ (3) ، وَيُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ عَلَى الإِِِْطْلَاقِ، لأَِنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِِلَيْهِ فِيهِ، وَيُكْرَهُ لِلْحَافِظِ حَتَّى فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، لأَِنَّهُ يُشْغَل عَنِ الْخُشُوعِ وَعَنِ النَّظَرِ إِِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ (4) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ وَلَوْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ أَوْ غَيْرُ مُتَوَالٍ لَا يُشْعِرُ بِالإِِِْعْرَاضِ (5) .
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 419.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 316.
(3)
المغني 1 / 575.
(4)
شرح منتهى الإرادات 1 / 241.
(5)
أسنى المطالب 1 / 183.
أَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِِِنَّ الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ مُسْتَحَبَّةٌ لاِشْتِغَال الْبَصَرِ بِالْعِبَادَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى تَفْضِيل الْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، لأَِنَّهُ يَجْمَعُ مَعَ الْقِرَاءَةِ النَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ، وَهُوَ عِبَادَةٌ أُخْرَى، لَكِنْ قَال النَّوَوِيُّ: إِِنْ زَادَ خُشُوعُهُ وَحُضُورُ قَلْبِهِ فِي الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ فَهُوَ أَفَضْل فِي حَقِّهِ (1) .
اتِّبَاعُ رَسْمِ الْمُصْحَفِ الإِِِْمَامِ:
16 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الأُْمَّةِ إِِلَى وُجُوبِ الاِقْتِدَاءِ فِي رَسْمِ الْمَصَاحِفِ بِرَسْمِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، لِكَوْنِهِ قَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ (2) .
سُئِل الإِِِْمَامُ مَالِكٌ: أَرَأَيْتَ مَنِ اسْتُكْتِبَ مُصْحَفًا الْيَوْمَ، أَتَرَى أَنْ يَكْتُبَ عَلَى مَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنَ الْهِجَاءِ الْيَوْمَ؟ فَقَال: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُكْتَبُ عَلَى الْكِتْبَةِ الأُْولَى، وَرُوِيَ أَنَّهُ سُئِل عَنِ الْحُرُوفِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقُرْآنِ مِثْل الْوَاوِ وَالأَْلِفِ، أَتَرَى أَنْ تُغَيَّرَ مِنَ الْمُصْحَفِ إِِذَا وُجِدَتْ فِيهِ كَذَلِكَ؟ فَقَال: لَا، قَال الدَّانِيُّ: يَعْنِي
(1) التبيان في آداب حملة القرآن ص 55، والفتاوى الهندية 5 / 317.
(2)
المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار للداني، دمشق 1940م، البرهان في علوم القرآن للزركشي 1 / 379، ط عيسى البابي الحلبي، والإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2 / 166 وما بعدها.