الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَضَاءَ بَيْنَهُمَا لَا يَكُونُ إِِلَاّ بَعْدَ تَقَدُّمِ النَّظَرِ، فَصَارَ الأَْمْرُ بِهِ مُتَضَمِّنًا لِلنَّظَرِ، لأَِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ.
ج - أَنْ يَخْلُوَ التَّوْقِيعُ مِنَ الْكَمَال وَالْجَوَازِ، بِأَنْ يَذْكُرَ فِي التَّوْقِيعِ: انْظُرْ بَيْنَهُمَا، فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَذَا التَّوْقِيعِ وِلَايَةٌ، لأَِنَّ النَّظَرَ بَيْنَهُمَا يَحْتَمِل الْوَسَاطَةَ الْجَائِزَةَ، وَيَحْتَمِل الْحُكْمَ اللَاّزِمَ، وَهُمَا فِي الاِحْتِمَال سَوَاءٌ، فَلَمْ تَنْعَقِدِ الْوِلَايَةُ بِهِ مَعَ الاِحْتِمَال.
أَمَّا إِِنْ قَال لَهُ: انْظُرْ بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ، فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، فَقِيل: إِِنَّ الْوِلَايَةَ مُنْعَقِدَةٌ، لأَِنَّ الْحَقَّ مَا لَزِمَ، وَقِيل: لَا تَنْعَقِدُ بِهِ، لأَِنَّ الصُّلْحَ وَالْوَسَاطَةَ حَقٌّ، وَإِِِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ.
كَيْفِيَّةُ رَدِّ الْمَظَالِمِ
25 -
رَغَّبَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَدِّ الْمَظَالِمِ إِِلَى أَهْلِهَا قَبْل أَنْ يُحَاسَبَ عَلَيْهَا، وَطَلَبَ مِمَّنِ ارْتَكَبَ مَظْلَمَةً أَنْ يَتَحَلَّلَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَسْرَعَ مَا يُمْكِنُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَِخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، أَوْ شَيْءٌ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْل أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ بِقَدْرِ مَظْلِمَتَهُ، وَإِِِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ
حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِل عَلَيْهِ (1) .
وَحَدَّدَ النَّوَوِيُّ كَيْفِيَّةَ رَدِّ الْمَظَالِمِ إِِلَى أَصْحَابِهَا فَقَال: " إِِنْ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ مَالِيٌّ، كَمَنْعِ الزَّكَاةِ، وَالْغَصْبِ، وَالْجِنَايَاتِ فِي أَمْوَال النَّاسِ، وَجَبَ مَعَ ذَلِكَ تَبْرِئَةُ الذِّمَّةِ عَنْهُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَيَرُدَّ أَمْوَال النَّاسِ إِِنْ بَقِيَتْ، وَيَغْرَمُ بَدَلَهَا إِِنْ لَمْ تَبْقَ، أَوْ يَسْتَحِل الْمُسْتَحَقَّ فَيُبْرِئَهُ، وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُسْتَحِقَّ بِالْحَقِّ إِِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَقِّ، وَأَنْ يُوَصِّلَهُ إِِلَيْهِ إِِنْ كَانَ غَائِبًا إِِنْ كَانَ غَصَبَهُ هُنَاكَ، فَإِِِنْ مَاتَ سَلَّمَهُ إِِلَى وَارِثِهِ، فَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ رَفَعَهُ إِِلَى قَاضٍ تُرْضَى سِيرَتُهُ وَدِيَانَتُهُ، فَإِِِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِنِيَّةِ الضَّمَانِ لَهُ إِِنْ وَجَدَهُ، وَإِِِنْ كَانَ مُعْسِرًا نَوَى الضَّمَانَ إِِذَا قَدَرَ، فَإِِِنْ مَاتَ قَبْل الْقُدْرَةِ فَالْمَرْجُوُّ مِنْ فَضْل اللَّهِ تَعَالَى الْمَغْفِرَةُ، وَإِِِنْ كَانَ حَقًّا لِلْعِبَادِ وَلَيْسَ بِمَالِيٍّ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَيَأْتِي الْمُسْتَحِقَّ وَيُمَكِّنَهُ مِنَ الاِسْتِيفَاءِ فَإِِِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِِِنْ شَاءَ عَفَا "(2) ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مَعَ
(1) حديث أبي هريرة: " من كانت له مظلمة من أخيه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 101) .
(2)
روضة الطالبين للنووي 11 / 246 ط. المكتب الإسلامي.