الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1171 - (بخ) حبيب بن محمد، أبو محمد العجمي
(1)
قال ابن حبان في كتاب "الثقات": حبيب بن عيسى أبو محمد العجمي البصري أصله من فارس، روى عنه أهل البصرة، وكان عابدًا فاضلا، وَرعًا تقيًّا، من المجابين الدعوة في الأوقات، وأخباره في التقشف والعبادة مشهورة، تغني عن الإغراق في ذكرها.
وقال أبو المظفر السمعاني: ثقة. ولما ذكره ابن خلفون في كتاب "الثقات" وصفه بالزهد والعبادة.
وفي "كتاب المنتجالي": كان الحسن يقول: ليت لي مَسد حبيب. وفي كتاب "الزهد" لأحمد بن حنبل: ثنا ضمرة، عن السري بن يحيى -وكان ثقة-، قال: كان حبيب أبو محمد يُرى بالبصرة يوم التروية، ويرى بعرفة عشية عرفة.
ثنا يونس، قال: سمعت مشيخة يقولون: كان الحسن يجلس في مجلسه الذي يذكر فيه في كل يوم، وحبيب يجلس في مجلسه الذي يأتيه فيه أهل الدنيا للتجارة، وهو غافل عما فيه الحسن لا يلتفت إليه، إلى أن الْتَفت يومًا فسأل عنه، فأخبر فوقر في قلبة، فقال بالفارسية: اذهبوا بنا إليه. فلما جاء ذكره وزهده في الدنيا، فلم يزل في تبذير ماله حتى لم يبق على شيء، ثم جعل يستقرض على اللَّه تعالى.
وقال ابن أبي الدنيا في كتابه "الدعوة": ثنا محمد بن الحسين، ثنا العباس بن الفضل الأزرق، وقال: حدثني مجاشع الدبري، قال: ولدت امرأة من جيران حبيب العجمي غلامًا أقرع الرأس، فجاء به أبوه إلى حبيب بعد ما كبر الغلام، وأتت عليه ثنتا عشرة سنة، فقال: يا أبا محمد؟ أما ترى إلى ابني هذا وإلى حاله، وقد بقي أقرع الرأس كما ترى، فادع اللَّه له. قال: فجعل حبيب يبكي ويدعو للغلام، ويمسح بالدموع رأسه. قال: فواللَّه ما قام من بين يده حتى اسودَّ رأسه من أصول الشَّعر، فلم يزل بعد ذلك الشعر ينبت حتى كان كأحسن الناس شَعرًا. قال مجاشع: قد رأيته أقرع ورأيته أفرع.
قال أبو بكر: ثنا محمد بن الحسين، ثنا عبد اللَّه بن عيسى الطُفاوي، حدثني أبو عبد اللَّه الشحام، قال: أُتي حبيب أبو محمد برجل زمن في شق محمل، فقيل له: يا أبا محمد؛ هذا رجل زمن، وله عيال وقد ضاع عياله، فإن رأيت أن تدعو اللَّه عسى أن يُعافيه. فأخذ المصحف فوضعه في عنقه ثم دعا، قال -يعني: الشحام-: فما زال يدعو
(1)
انظر: التاريخ الكبير 2/ 322، الثقات 6/ 177، الجرح والتعديل 3/ 105، تهذيب الكمال 5/ 358، تهذيب التهذيب 1/ 353.
حتى عافى اللَّه الرجل، وقام فحمل المحمل على عُنقه، وذهب إلى عياله.
قال أبو بكر: وثنا خالد بن خداش، ثنا المعلى الوراق، قال: كنا إذا دخلنا على حبيب أبي محمد قال: افتح جونة المسك؛ وهات الترياق المجرب.
قال أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن عبيد ابن أبي الدنيا: حدثنى محمد بن الحسين، حدثني موسى بن عيسى، عن ضمرة بن ربيعة، عن السري بن يحيى، قال: اشترى أبو محمد حبيب طعامًا في مجاعة أصابت الناس، فقسَّمه على المساكين، ثم خاط أكيسة فجعلها تحت فراشه، ثم دعا اللَّه، فجاء أصحاب الطعام يتقاضونه، فأخرج تلك الأكيسة، فإذا هي مملوءة دراهم فوزنها، فإذا هي حقوقهم فدفعها إليهم.
وذكر ابن عساكر في "تاريخه": أن سبب تعبده كان على يد الحسن البصري، وجاءته امرأة تشكو الفقر، فصلى، فقال: يا رب، إن عبادك يحسنون بي الظن، وذلك من سترك عليَّ، فلا تخلف ظنهم، ثم رفع مصلاه فإذا بخمسين فى رهمًا وأعطاها إياها. ثم قال: يا حماد؛ اكتم عليَّ ما رأيت حياتي، وقال عبد الواحد بن زيد: كان في حبيب خصلتان من خصال الأتقياء: النصيحة والرحمة.
وقال الحسن ابن أبي جعفر: مرَّ الأمير يومًا فصاحوا: الطريق، وبقيت عجوز لا تقدر أن تمشي، فجاء بعض الجلاوزة فضربها بسوطه ضربة، فقال حبيب: اللهم اقطع يده. قال: ما لبثنا إلا ثلاثًا حتى أُخذ الرجل في سرقة فقُطعت يده.
وقال مسلم: جاء رجل إلى حبيب، فقال له: لي عليك ثلاث مائة درهم. قال حبيب: اذهب إلى غد. فلما كان الليل دعا عليه. قال: فجيء بالرجل محمولا قد ضرب شقه الفالج. فقال: ما لك؟ قال: أنا الذي جئتك أمس ولم يكن لي عليك شيء. فقال له: تعود؟ قال: لا. قال: اللهم إن كان صادقًا فعافه. فقام الرجل كأن لم يكن به شيء.
وقال ابن المبارك: كان حبيب يضع كيسه فارغًا فيجده ملآنًا. وذكر أخبارًا كثيرة من كراماته، اقتصرنا منها على هذه النبذة، وذكر أن أشعث الحداني، وإسماعيل بن زكريا رَويَا عنه.
وقال أبو عمر في كتاب "الاستغناء": كان عابدًا فاضلا، زاهدًا ثقة وفوق الثقة، ولكنه قليل الحديث.