الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما ذكر المزي قول البخاري: ولا يُعرف لجابان سماع من عبد اللَّه ولا لسالم من جابان ولا لنبيط. رده بقوله: وهذه طريقة للبخاري قد سلكها في مواضع كثيرة، وعلل بها كثيرًا من الأحاديث الصحيحة، وليست هذه علة قادحة، وقد أحسن مسلم وأجاد في الرد على من ذهب هذا المذهب في مقدمة كتابه بما فيه كفاية. انتهى كلامه.
وعليه فيه مأخذان:
الأول: تركه ما ذكرناه من صحته متصلا منقولا، غير مردود بالعكازة التي يدعيها بعض المحدثين المتأخرين، إذا تكلموا على حديث يزعمون أن مذهب البخاري ثبوت اللقاء، ومذهب مسلم المعاصرة، انتهى. والبخاري لم يقل هذا وحده، إنما هي طريقة ينحوها ابن المديني وتلامذته.
الثاني: ما بالعهد من قدم، يا سبحان اللَّه! قبل هذا بثلاثة أوراق تقول أنت في ترجمة ثوبان: روى عنه الحسن البصري ولم يلقه، ورأيت أن كلامك هذا يكفي في انقطاع ما بينهما، وكلام البخاري لا يكفي، إن هذا لعجيب. أترى الحسن لم يعاصر ثوبان ولم يك رجلا في أيامه وأيام من هو أقدم وفاة منه؟ أو يكون الحسن قال له: أنا ما سمعت من ثوبان شيئًا، فلهذا جعله علة قادحةً، فلا بمذهب البخاري تمذهبت، ولا بقول مسلم أخذت، وكلامك في لحظةٍ نقضت.
ولعل قائلا يقول: يحتمل أن يكون المزي ثبت عنده بطريقة أنه لم يسمعها منه، وهو كلام لا يساوي سماعه، نقول: نسلم هذا للمزي ونترك نظيره للبخاري، إن هذا لحسن ظن غريب.
911 - (بخ م د س ق) جابر بن إسماعيل، الحضرمي، المصري
(1)
خرج أبو بكر ابن خزيمة حديثه في "صحيحه" مقرونًا بابن لهيعة، وقال: ابن لهيعة ليس ممَّن أُخرج حديثه في هذا الكتاب إذا انفرد بالرواية، وإنما أخرجت هذا الحديث؛ لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد.
912 - (ع) جابر بن زيد، أبو الشعثاء البصري، الجوفي
(2)
(1)
انظر: التاريخ الكبير 2/ 203، الثقات 8/ 163، الجرح والتعديل 2/ 501، تهذيب الكمال 4/ 434، تهذيب التهذيب 1/ 279.
(2)
انظر: تهذيب الكمال 1/ 178، تهذيب التهذيب 2/ 38، تقريب التهذيب 1/ 122، خلاصة تهذيب الكمال 11/ 156، الكاشف 1/ 176، تاريخ البخاري الكبير 2/ 204، تاريخ البخاري الصغير 1/ 157، 209، الجرح والتعديل 2/ 2032، 1/ 494، الوافي بالوفيات 11/ 32، طبقات الحفاظ 28، =
قال أبو سليمان ابن زبر: توفي سنة تسعين قبل أنس بن مالك. ولما ذكره أبو حاتم ابن حبان في جملة الثقات، قال: كان فقيهًا، وكانت الإباضية تنتحله، وكان هو يتبرأ من ذلك، ودُفن هو وأنس بن مالك في جمعة واحدة، وكان أعور، وكان من أعلم الناس بكتاب اللَّه تعالى، وكان أصله من الجوف ناحية عمان، ونزل في البصرة بالأزد في درب الجوف أيضًا.
وذكر أبو العباس في كتاب "المفجَّعين" تأليفه: لما احتُضر جابر تبرأ من قُرَنت وزَحَاف ومن الإباضية. وفي "تاريخ البخاري": ثنا علي، ثنا سفيان، قلت لعمرو: سمعت من أبي الشعثاء في أمر الإباضية، أو شيئًا ممَّا يقولون؟ قال: ما سمعت منه شيئًا قط، ولا أدركت أحدًا أعلم بالفُتيَا منه، ولو رأيته قلت: لا يحسن شيئًا.
حدثني صدقة، عن الفضل بن موسى، عن موسى بن عقبة، عن الضحاك، عن جابر بن زيد، قال: لقيني ابن عمر، فقال: يا جابر، إنك من فقهاء أهل البصرة وَستُسْتَفْتَى، فلا تفتين إلا بكتاب ناطق أو سُنَّة ماضية. وقال العجلي: تابعي ثقة، ثنا ابن أبي مريم، سمعت سفيان بن عيينة، وقال له إنسان: حدثك عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن علي بن أبي طالب؟ فقال: اسكت، ما حدث أبو الشعثاء عن علي بحديث قط.
وفي قول المزي: قال محمد بن سعد: مات سنة ثلاث ومائة. نظر، وذلك أن ابن سعد لم يقل هذا، وإنما رواه عن شيخه الواقدي قوله: قال محمد بن عمر وغيره: مات جابر بن زيد سنة ثلاث ومائة. وقال أبو نعيم: سنة ثلاث وسبعين مع أنس بن مالك في جمعته.
قال محمد بن سعد: وهذا خطأ وذهل أبو نعيم فيهما جميعًا، مات جابر بن زيد سنة ثلاث ومائة مجمع عليه، ومات أنس سنة إحدى وتسعين. وفي قوله أخطأ.
وقال الساجي: ثنا أحمد بن محمد، سمعت يحيى بن معين يقول: صالح الدهان قدري، وكان يُرمى بقول الخوارج، وذلك للزومه جابر بن زيد، وكان جابر إباضيًّا وعكرمة صُفريًّا، وكان عمرو بن دينار يقول ببعض قول جابر وبعض قول عكرمة.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: كان أحد الفقهاء العلماء الفضلاء، أثنى عليه ابن عباس بالعلم، وحسبك بذلك، انتحلته الإباضية وادعته، وأسندت مذهبها إليه، وهذا لا يصح
= البداية والنهاية 9/ 93، سير الأعلام 4/ 481، الثقات 4/ 101.
عليه، قال ابن سيرين: قد برأه اللَّه تعالى منهم.
وفي كتاب "الزهد" لأحمد بن حنبل: لما مات جابر بن زيد قال قتادة: اليوم دُفن علم أهل العراق. وقال جابر: كانت لي امرأتان، قلت: أعدل بينهما حتى أعد القُبل. وفي "الطبقات": قال أيوب: كان جابر لبيبًا لبيبًا لبيبًا، فيه حد.
وقال إياس بن معاوية: أدركت الناس وما لهم مفتٍ غير جابر بن زيد. وقال قتادة: لما سُجن أرسلوا إليه يستفتوه في الخنثى، فقال: تسجنوني وتستفتوني! انظروا مِن أيهما يبول فورّثوه.
وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة": عن سليمان: كان الحسن إذا غزى، أفتى الناس جابر بن زيد.
وقال سعيد بن يزيد: أتى جابرًا ناس من الإباضية فذكروا السلطان ونالوا منه، فقال: ما لكم وللسلطان؟ وأنكر قولهم. وقالت هند بنت المهلب: كان جابر يكثر الاختلاف إليَّ، فلا واللَّه إن سمعته يُضاهي في قوله شيئًا من أمر الإباضية ولا أمر الحرورية.
وقال عمرو: جاءه رجل يومًا فأثنى عليه ودعا، فقيل له: يا أبا الشعثاء؛ أتعرفه؟ قال: أراه بعض صُفرتهم هذه.
قال عمرو: وما أدركت أحدًا أعلم بالفُتيَا منه -يعني: جابرًا-. قال عمرو: قال جابر: كتب الحكم بن أيوب ناسًا للقضاء فكُتبتُ فيهم، فلو بُليت بشيء من ذلك ركبت راحلتي وذهبت في الأرض.
وقال محمد بن عتيق: ذُكر جابر عند ابن سيرين، فقال: كان مسلمًا عند الدراهم.
وقال عبد ربه ابن أبي راشد: كان جابر يختلف إلى جارة لنا إباضية، وكان جابر يُصَفِّر لحيته، وصلى عليه قطن بن مدرك الكلابي أمير البصرة، وكان الحسن مختفٍ إذ ذاك.
وفي "كتاب المنتجالي": قال ثابت: قلت للحسن وهو مختف عند أبي خليفة: إن أخاك جابر بن زيد في الموت. فقال: رويدك، فبعث في بغلته، فركبها وأردفني خلفه، فلم يزل الحسن عنده إلى السحر، فقام الحسن وكبَّر عليه أربع تكبيرات ثم انصرف.
قال المنتجالي: وكان يُفتي الناس وكان ثقة، دعاه يزيد ابن أبي مسلم يومًا، فسأله عن شيء من القرآن فحدثه به، فأمر بلحيته فغلفت بالغالية؛ قال: فلما خرج دخل نهرًا،