الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1297 - (س) الْحَسَنُ بن زيدٍ بن الْحَسَن بن عَلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أبو محمد المدني
(1)
قال أبو العبَّاس محمد بن يزيد الثمالي في الكتاب "الكامل": لما ولي الحسن المدينة قال لابن هرمة: إِنِّي لستُ كَمَنْ باع لك دينه رجاء مدحك أو خوف ذمك، قد رزقني اللَّه عز وجل بولادة نبيه صلى الله عليه وسلم المُمادح وجنَّبني القبائح، وإن من حقه عليَّ أَلا أغضي على تقصيرٍ في حق ربي عز وجل، وأنا أقسم لئن أتيت بك سَكران؛ لأضربنك حدًّا للخمرة وحدًّا للسكر، ولأزيدن لموضع حرمتك بي فليكن تركك لها للَّه عز وجل تعن عليه، ولا تدعها للناس فتوكل إليهم.
فمَضَى ابن هرمة وهو يقول: [الوافر]
نَهاني ابنُ الرسولِ عَن المُدامِ
…
وَأَدَّبَني بِآدابِ الكِرامِ
وَقالَ ليَ اصطَبِر عَنها وَدَعها
…
لِخَوفِ اللَّه لا خَوفِ الإمامِ
وَكَيفَ تَصَبُّر عَنها وَحُبِّي
…
لَها حُبٌّ تَمَكَّنَ في عِظامي
أَرى طيبَ الحَلالِ عَليَّ خُبثًا
…
وَطيبَ النَفسِ في خُبثِ الحَرامِ
وذكر أبو سليمان الخطَّابي في كتاب "المعالم": أن الحسنَ بن زيد عتب على كاتب له فحبسه وأخذ ماله.
فكتب إليه من الحبس:
أَشْكُو إِلى اللَّهِ مَا لَقِيتُ
…
أحببت قومًا بِهم شقيت
لا أشتم الصالحين جَهْرًا
…
ولا تشيعت ما بقيت
أمسح خفي ببطن كفي
…
ولو على جيفة وطيت
قال: فدعا به من الحبس وردَّ عليه ماله، وقال ابن سعد: ولد الحسن بن زيد، محمدًا، والقاسم، وعليًّا، وإبراهيم، وزيدًا، وعيسى، وإسماعيل، وإسحاق الأعور، وعبد اللَّه، وكان الحسن عابدًا، وكانت عنده أحاديث وكان ثقة.
ولَمَّا حيسه المنصور يعد عزله كتب المهدي -وهو وَلِي عهد- إلى عبد الصمد بن علي المتولي بعده سِرًّا: إياك إياك، وحسن بن زيد ارفق به ووسع عليه، ففعل ذلك عيد الصمد، فلمَّا ولي المهدي لم يزل معه؛ حَتَّى خرج المهدي سنة ثمان
(1)
انظر: الثقات 6/ 160، الجرح والتعديل 3/ 14، تهذيب الكمال 6/ 152، تهذيب التهذيب 2/ 243.
وستين ومائة يريد الحج، ومعه حسن بن زيد فكان الماء في الطريق قليلا فخشي المهدي على مَنْ معه العطش ورجع من الطريق ولم يحج تلك السنة، ومَضَى حسن يريد مَكَّة -شَرَّفها اللَّه تعالى- فاشتكى أيامًا، ثم مات بالحاجر. انتهى.
فقول الْمِزِّي: إنه مات في السنة التي حَجَّ فيها المهدي. على هذا غير صواب، وقد أوضح ذلك ابن حِبَّان بقول في كتاب "الثقات": مات بالحاجر، وهو يريد مكة من العراق في السنة التي رجع فيها المهدي سنة ثمان وستين.
وهذا مِمَّا يُبين لك أنَّ الْمِزِّي ما ينقل من كتاب من الكتب غير "تاريخ دمشق"، و"بغداد"، و"ابن أبي حاتم" غالبًا إلا بوساطة، وقد يكون في تلك الواسطة غير متقن، أو محترز فيما ينقله؛ إذ لو كان نقله لتوثيق ابن حِبَّان إيَّاه من كتابه لما أغفل ما ذكرناه، ولخلص من إيراد عليه، واللَّه تعالى أعلم.
وقال العجلي: الحسن بن زيد، مدني ثِقة، وذكره ابن خلفون في جملة "الثقات"، وقال ابن أبي مريم، عن يحيى بن معين: الحسن بن زيد ضعيف الحديث، وقال أبو أحمد ابن عدي: يروي عن أبيه وعكرمة أحاديث مُعضلة، وأحاديثه عن أبيه أنكر مِمَّا رواه في عِكْرمة.
وذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحرم مكي بن عثمان الشافعي: أَنَّ الحسن بن زيد هذا والد السيدة نفيسة رضي الله عنهما، مَدْفون بمصر. انتهى.
على يُمْنَة المار من القاهرة إلى مصر مزار يُنْسَب إلى الحسن هذا، وزعم زوَّاره أَنَّ ظهوره كان من قريب، فيحتمل أن يكون هو الذي قاله ابن عثمان.
وفي "تاريخ الطالبيين" للجعابي: روى عنه سعيد بن سليمان الماحقي، وفي "الأنساب" لابن جداع: كان الحسن نَاسِكًا، فاضلا، كثير الصوم والصلاة.
وقال أحمد بن أبي يعقوب: كان من جُلة أهل بيته. . .، ونُبلا وفضلا، وكان مع ذلك شديد الإقدام، فحكم بأحكام أنكرها أهل المدينة؛ فتظلَّم النَّاس مِنْهُ فَعُزِلَ سنة اثنين وخمسين، وتُوفي في السنة التي رجع فيها المهدي سنة ثمان.
وفي قول الْمِزِّي: وقال محمد بن سعد، وأبو حاتم بن حبَّان: مات بالحاجر -وهو يريد مكة من العراق- في السنة التي حَجَّ فيها المهدي سنة ثمان وستين. نظر لما بيَّناه من عندهما. واللَّه تعالى أعلم.
وفي قوله: (قال خليفة: أمه أم ولد) نظر؛ لأنه إِنَّمَا قال أمه. . . وهما واحد؛ ولكن. . .