الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1261 - (ت س ق) حَسَّان بْن بِلالٍ
(1)
قال المزي: كان فيه حسَّان بن بلال الأسلمي له صُحبة وذلك وهم، والصواب ما كَتبْنَاه، يعني: المزني البصري. انتهى كلامه.
وفيه نظر، من حيث إِنَّ صاحب "الكمال" لَمْ يذكره إِلا على الصواب، لم يتعرض لصحبته ألبتة، كذا هو في عِدَّة نُسخ صِحاح، واللَّه تعالى أعلم.
وكأن المزي اشْتَبَه عليه قول عبد الغني في بعض النسخ: ورجل من أسلم له صُحبة. يعني: روى عنه، فظنه هو أو يكون سقط من كاتب "الكمال" لنسخته.
وزعم المزي أنه رَوَى عن عَمَّار وهو عنده مشعر بثبوت ذلك عنه، وفي كتاب "الثقات" لابن حِبَّان ما يشعر بخلافه وهو: حسَّان بن بلال المزني، يروي عن عَمَّار إن كان سمع منه. وذكره ابن خلفون في "الثقات". وقال ابن حزم: مجهول ولا يعرف له لقاء عمار.
1262 - (خ م د س ق) حَسَّانُ بنُ ثابتِ بنِ المُنْذِرِ بنِ حَرَامٍ، الأنصاريُّ، النجاري، أبو عبد الرحمن، ويُقال: أبو الوليد، ويُقال: أبو الحسام
(2)
كذا ذكره المزي، والسهل وغيره يزعمون أن تكنيته بأبي الحسام، إنما هي وقت الحرب لا غير.
وفي "كتاب أبي الفرج": وقال مزرد بن ضرار أخو الشماخ يعرض بالحطيئة، فجعل حسان حسامًا من غير أن يلتفت:
فلست بحسان أبا حسام بن ثابت
…
ولست كشماخ دله كالمنخل
وقال ابن الأثير: كَنَّى بذلك؛ لمناضلته عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتقطيعه أعراض المشركين. وقال أبو عمر ابن عبد البر: وصفت عائشة رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
(1)
انظر: تهذيب الكمال 1/ 247، تهذيب التهذيب 2/ 246، تقريب التهذيب 1/ 161، خلاصة تهذيب الكمال 1/ 206، تاريخ البخاري الكبير 3/ 31، الجرح والتعديل 3/ 234، ميزان الاعتدال 1/ 478، لسان الميزان 7/ 196، مجمع الزوائد 4/ 226، الثقات 4/ 164.
(2)
انظر: تهذيب الكمال 1/ 248، تهذيب التهذيب 2/ 247، تقريب التهذيب 1/ 161، خلاصة تهذيب الكمال 1/ 206، الكاشف 1/ 216، تاريخ البخاري الكبير 3/ 29، الجرح والتعديل 3/ 1026، أسد الغابة 2/ 5، تجريد أسماء الصحابة 1/ 129، الإصابة 2/ 62، الاستيعاب 1/ 341، شذرات الذهب 1/ 41، 60، الوافي بالوفيات 11/ 516، سير الأعلام 1/ 512، طبقات الكبرى 9/ 48، البداية والنهاية 8/ 47، تفسير الطبري 8/ 8725، الثقات 3/ 71، أسماء الصحابة الرواة ت 819.
وَسَلَّمَ فقالت: كان واللَّه كما قال فيه شاعره حسان
(1)
: [الطويل]
مَتى يَبدُ في الداجي البَهيمِ جَبينُهُ
…
يَلُج مِثلَ مِصباحِ الدُجى المُتَوَقِّدِ
فَمَن كانَ أَو مَن ذا يَكونَ كَأَحمَدٍ
…
نِظامٌ لِحَقٍّ أَو نكالٌ لِمُلحِدِ
ولما قَالَ قَائِلٌ لِعَلِيٍّ: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يهَجَوْنَنا، فَقَال لي: ائذن لِي رَسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: فقالوا: يا رَسُولَ اللَّه؛ ائذن له. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ عليًّا لَيْسَ عِنْدَه ما يراد في ذلك". ثُمَّ قال: "مَا يَمْنَعُ الْقَوْمَ الَّذِينَ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِسِلاحِهِمْ، أَنْ يَنَصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ ! ". فقال حَسَّان: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ، فَقَالَ: واللَّه مَا يَسُرُّنِي بِهِ مِقَوْلا بين بُصْرَى وَصَنْعَاءَ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وَكَيْفَ تَهْجُوهُمْ، وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ ! "فقال: واللَّه لأسُلنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فقال له: "ائت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك"
(2)
. فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: إن هذا لشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة فقال حسان في أبي سفيان
(3)
: [الطويل]
أبلغ أبا سفيان أن محمدًا
…
هوَ الغُصْنَ ذو الأفنان لا الوَاحدُ الرعد
وما لكَ فيهمْ مجيد
…
مثلَ ما لصقَ القردُ
وَإنَّ سَنَامَ المَجْدِ في أهل هاشِمٍ
…
بَنُو بنتِ مخزومٍ وَوَالدُكَ العَبْدُ
ومن ولدتْ أبناء زهرةَ منهم
…
كرام ولم يقربْ عجائزكَ المجدُ
وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ ولا كابْنِ أُمه
…
ولكن لئيم لا يقوم له زند
وإن امْرَأ كانَتْ سُمَيةُ أُمَّهُ
…
وسمراء مغموز إذا بلغ الجهد
وأنت هجين نيط في آل هاشم
…
كما ينط خلف الراكب القدح الفرد
وفي "كتاب أبي الفرج الأصبهاني": عن أبي عبيدة قال: فضل حسَّان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النبوة، وشاعر اليمن في الإسلام، وأجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر: يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسَّان بن ثابت. وقال أبو عبيدة وأبو
(1)
انظر: ديوان حسان 1/ 50، الحماسة المغربية 1/ 3.
(2)
أخرجه أبو يعلى 7/ 341، رقم 4377، وابن عساكر 12/ 399.
(3)
انظر: العقد الفريد 2/ 316، خزانة الأدب 9/ 353، ديوان حسان 1/ 157.
عمرو ابن العلاء: أشعر أهل الحضر حسَّان.
وقال الأصمعي: الشعر نكد يقوى في الشرِّ وسهل، فإذا دخل في الخير ضعف، وكان حسَّان فحلا من فُحول الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره. وقال مرة أخرى: شعر حسَّان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل لحسَّان: لان شعرك في الإسلام يا أبا الحسام. فقال: إِنَّ الإسلام يمنع عن الكذب، والشعر إنما يُزينه الكذب.
وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول
(1)
: [الكامل]
يُغشَونَ حَتَّى ما تَهِرُّ كِلابُهُم
…
لا يَسأَلونَ عَنِ السَوادِ المُقبِلِ
وقال عبد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت حسَّان يعني هذا. وأما ما حكي من جبنه فأنكر جماعة من أهل العلم ذلك، وقالوا لو كان حَقًّا؛ لهجي به، فإنه قد هاجا قومًا فلم يهجه أحد منهم بالْجُبن، وقيل: إِنَّمَا أصابه الجبن مُذ ضربه صفوان بن المعطل بالسيف.
وقال ابن إسحاق: "أعطى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حسَّان عِوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر ابن حديلة، وأعطاه سيرين أخت مارية"، تُوفي قبل الأربعين في خلافة علي بن أبي طالب، وقيل: سنة خمسين. وكان أدرك النابغة الذبياني والأعشى أبا بصير وأنشدهما فقالا: إنك شاعر.
ومن جيد شعره ما ارْتَجَله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ وفد بني تميم ونادوه من وراء الحجرات
(2)
: [البسيط]
إِنَّ الذَوائِبَ مِن فِهرٍ وَإِخوَتَهُم
…
قَد بَيَّنوا سُنَّةً لِلناسِ تُتَّبَعُ
يَرضى بِها كُلُّ مَن كانَت سَريرَتُهُ
…
تَقوى الإلَهِ وَبِالأمرِ الَّذي شَرَعوا
قَومًا إِذا حارَبوا ضَروا عَدُوَّهُمُ
…
أَو حاوَلوا النَفعَ في أَشياعِهِم نَفَعوا
سَجِيَّةٌ تِلكَ مِنهُم غَيرُ مُحدَثَةٍ
…
إِنَّ الخَلائِقَ -فاعلم- شَرُّها البِدَعُ
لو كان في الناس سباقون بعدهم
…
فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يَرفعُ الناسُ ما أَوهَت أَكُفُّهُمُ
…
عِندَ الدِفاع وَلا يوهونَ ما رَقَعوا
(1)
انظر: الأغاني 9/ 329، العقد الفريد 1/ 110، العمدة 1/ 156، خزانة الأدب 2/ 364، دلائل الأعجاز 1/ 350.
(2)
انظر: الأغاني 4/ 155، المستطرف 1/ 294، جواهر الأدب 1/ 325، نهاية الأرب 18/ 26.
وَلا يَضنونَ عَن جارٍ مَولى بعضاهم
…
وَلا يمسهم في مَطمَعٍ طمع
أَعِفَّةٌ ذُكِرَت في الناس عِفَّتُهُم
…
لا يبخلون وَلا يريهم طيع
خذ مِنهُمُ ما أتوا عَفوًا إِذا عطفوا
…
وَلا يَكُن هَمَّكَ الأمرُ الَّذي مَنَعوا
فَإِنَّ في حَربِهِم -فَاترُك عَداوَتُهُم-
…
شَرًّا يُخاضُ عَلَيْهِ الصابُ وَالسَلَعُ
أَكرِم بِقَومٍ رَسولُ اللَّه شيعتهم
…
إِذا تَفَرَّقَتِ الأهواءُ وَالشِيَعُ
فقال التميميون عند ذلك: وربكم، إنُّ خطيبَ القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر مِنْ شاعرنا، وما انتصفنا ولا قاربنا.
وزعم أبو عبيدة في كتاب "المثالب": أَنَّ حَسَّانَ كان لا يعيش له ولد، فلما أَعْطَاه صلى الله عليه وسلم سيرين قال له:"اتخذ هذه أم ولد، فإني أرجو أن تصيب منها ولد" فجاءت بعبد الرحمن. ذكره استطرادا.
وفي "كتاب يعقوب الفسوي": عاش مائة وأربع سنين وكذلك أبوه وجده وجد أبيه.
وفي "كتاب العسكري": وُلِدَ قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو قديم الإسلام، "كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمر عبد اللَّه بن رواحة أَنْ يهجو المشركين فعم قريشًا بالهجاء، فقال
(1)
:
فخبروني أثمان العباء متى
…
كنتم مقاويل أو دانت لكم مضر
فاشتد على النبي صلى الله عليه وسلم حين جعل قومه أثمان العبا، فأمر كعب بن مالك أن يهجوهم فلم يبلغ مبلغًا، فأمر حسان بهجائهم فأخرج لسانه وضرب به أرنبته وقال: يا نبي اللَّه؛ لو وضعته على شعر لحلقه، أو على صخر لفلقه". ووفد على النعمان بن المنذر ومدحه، ومات بعد الأربعين في خِلافة يزيد بن معاوية، وكان عثمانيًّا.
ولما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] جاء هو وابن رواحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَبْكِيان، فلمَّا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227]، قال:"أنتم"، {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} قال:
(1)
انظر: الأغاني 9/ 329، العقد الفريد 1/ 110، العمدة 1/ 156، خزانة الأدب 2/ 364، دلائل الأعجاز 1/ 350.
"أنتم"، {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} قال:"أنتم".
وقال ابن قانع: مات سنة خمس وثلاثين. وقال خليفة في كتاب "الطبقات": تُوفي قبل الأربعين.
وفي "كتاب البغوي": عن أسماء، أَنَّ الزبير بن العوام مَرَّ بمجلس من الصحابة وحسان ينشدهم من شعره، وهم غير نشاط لما يسمعون من ذلك، فقال لهم: ما لي أَرَاكُم غير أذنى لما تسمعون من شعر ابن الفُريعة، لقد كان يُنشده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيعجبه، ويُحسن استماعه، ويجزل عليه ثوابه، ولا يشتغل عنه بشيء، فقال حسان في ذلك
(1)
: [الطويل]
أَقامَ عَلى عَهدِ النَّبِيِّ وَهَديِهِ
…
حَوارِيُّهُ وَالقَولُ بِالفِعلِ يُعدَلُ
أَقامَ عَلى مِنهاجِهِ ولَم
…
يُوالي وَلِيَّ الحَقِّ وَالحَقُّ أَعدَلُ
هُوَ الفارِسُ المَشهود وَالبَطَلُ
…
الَّذي يَصولُ إِذا ما كانَ يَومٌ مخجل
إِذا كَشَفَت عَن ساقِها الحَربُ
…
حَشَّها بِأَبيَضَ سَبّاقٍ إِلى المَوتِ يَرفُلُ
وِإنَّ امرَأً كانَت صَفِيَّةُ أُمُّهُ
…
وَمِن أَسَدٍ في بَيتِها لَمُرَفَّلُ
لَهُ مِن رَسولِ اللَّه قُربى قَريبَةٌ
…
وَمِن نصره الإسلامِ مَجدٌ مُؤَثَّلُ
وقال ابن حبان: مات وهو ابن مائة وأربع سنين أيام قُتِل علي بن أبي طالب، ومات أبوه وهو ابن مائة وأربع سنين وجده كذلك. وفي تاريخ أبي زرعة النصري: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستين سنة.
وفي "الطبقات": قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ الْمُسْلِمِينَ؟ "، فَقال ابن رواحة: أَنَا، وَقال كعب: أَنَا، وَقال حَسَّانُ: أَنَا، فَقال:"اهْجُهُمْ فَإِنَّ رُوحُ الْقُدُسِ سَيُعِينُك".
وقال ابن قتيبة في كتاب "الطبقات": عمي في آخر عُمره، وكانت له بنت شاعرة، وانقرض ولده فلم يبق له عقب.
وقال أبو الفرج: هو فحلٌ مِنْ فحولِ الشعراءِ وأحد المخضرمين، وكان يخضب شاربه وعنفقته بالحناء ولا يخضب سائر لحيته، فقال له ابنه: يا أبتِ، لِمَ تفعل هذا؟ قال: لأكون كأني أسد والغ في دم.
(1)
انظر: الأغاني 4/ 155، المستطرف 1/ 294، جواهر الأدب 1/ 325، نهاية الأرب 18/ 26.