الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} ، قال: لا يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة.
وعن ابن جريج قوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} ، قال: أمتان من وراء ردم ذي القرنين. وقال عمرو البكالي: إن الله جزأ الأنفس عشرة أجزاء، فتسعة منهم: يأجوج ومأجوج، وسائر الإنس جزء. وقال ابن زيد في قوله:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} ، قال: هذا مبتدأ يوم القيامة، {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} ، قال: اقترب يوم القيامة منهم، {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم يقولون:{يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} .
وعن النواس بن سمعان الكلابي قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات يوم فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في ناحية النخل فقال: «غير الدجال أخوفني عليكم فإن يخرج وأنا فيكم فإنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. وإنه شاب
جعد قطط، عينه طافية وإنه يخرج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينًا وشمالاً يا عباد اثبتوا» قلنا: يا رسول الله ما لُبْثُه في الأرض؟ قال: «أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم» ، قلنا: يا رسول الله فذاك اليوم الذي هو كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: «لا، اقدروا له قدره» ، قلنا: يا رسول الله فما إسراعه في الأرض؟ قال: «كالغيث اشتدت به الريح، قال: فيمرّ بالحيّ فيدعوهم
فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كانت ذرى، وأمدّه خواصر، وأسبغه ضروعًا، ويمر بالحيّ فيدعوهم فيردّون عليه قوله، فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء، ويمرّ بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل. قال: ويأمر برجل فيُقتل فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل إليه، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عز وجل المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعًا يديه على أجنحة ملكين، فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لدّ الشرقي، قال: فبينما هم كذلك إذ أوحى الله عز وجل إلى عيسى بن مريم عليه السلام: إني قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور، فيبعث الله عز وجل يأجوج ومأجوج، كما قال تعالى:{وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} .
فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل، فيرسل الله عليهم نغفًا في رقابهم فيصبحون موتى كنفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتًا إلا قد ملأه زَهَمُهُمْ ونَتَنُهُمْ، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل، فيرسل الله عليهم طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، قال: ويرسل الله مطرًا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر أربعين يومًا، فيغسل به الأرض حتى يتركها كالزلقة، ويقال للأرض: أنبتي ثمرك، ورُدّي بركتك. قال: فيومئذٍ يأكل النفر من الرمانة فيستظلّون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي الفخذ، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت، قال: فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عز وجل ريحًا طيّبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم - أو قال: مؤمن - ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحُمُر وعليهم تقوم الساعة» . رواه مسلم وغيره.
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليحجّن هذا البيت وليعتمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج» . رواه البخاري وغيره.
وقال كعب الأحبار: فبينما الناس كذلك - يعني: بعد هلك يأجوج ومأجوج -، إذ أتاهم الصريخ أن ذا السويقتين يريده، قال: فيبعث عيسى ابن مريم طليعة سبعمائة، حتى إذ كانوا ببعض الطريق بعث الله ريحًا يمانيّة طيبة، فيقبض فيها روح كل مؤمن، ثم يبقى عجاج الناس فيتسافدون كما تتسافد البهائم، فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه متى تضع.
عن ابن عباس: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} ، يقول: وقودها. وقال الضحاك: يُرمى بهم فيها. وقال ابن زيد في قوله: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} ، قال: العابد، والمعبود. وقال الحسن البصري: ثم استثنى فقال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} ، فقد عُبدت الملائكة من دون الله، وعزير، وعيسى من دون الله. وقال ابن إسحاق: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يومًا مع الوليد بن المغيرة فجاء النضر بن الحارث
حتى جلس معهم، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث وكلّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ألجمه ثم تلا عليه وعليهم:
…
{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ
هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} إلى قوله: {وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزّبَعْرى حتى جلس، فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزّبَعْرى: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفًا وما قعد، وقد زعم أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبد الله بن الزبعري: أما والله لو وجدته لخصمته، فسلوا محمدًا: أكل من عُبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عُزَيرًا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد بن المغيرة ومن كان في المجلس من قول عبد الله بن الزّبَعْرى، ورأوا أنه قاتد خاصم واحتجّ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قول ابن الزّبَعْرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم كل من أحب أن يُعبد من دون الله فهو مع من عبد، إنما يعبدون الشياطين ومن أمرهم بعبادتهم» ؟ فأنزل عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} إلى: {خالِدُونَ} ، أي: عيسى ابن مريم، وعُزير، ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله، فاتخذهم مَنْ بَعْدَهُمْ من أهل الضلالة أربابًا من دون الله، فأنزل الله فيما ذكروا أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} .
وقوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} ، قال ابن عباس: يقول: كطي الصحف. وروى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم:
…
«يقبض الله الأرض
ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟» وقد قال الله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
عن مجاهد في قوله: {الزَّبُورِ} قال: الكتاب، {مِن بَعْدِ الذِّكْرِ} ، قال: أم الكتاب عند الله. وقال ابن زيد: الزبور: الكتب التي أنزلت على الأنبياء، والذكر: أم الكتاب الذي تكتب فيه الأشياء قبل ذلك، {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} ، قال: الجنة، وقرأ قول الله جلّ ثناؤه:{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} .
وعن ابن عباس في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ، قال تمت الرحمة لمن آمن به في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن به عوفي مما أصاب الأمم قبل.
عن ابن جريج: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ} ، قال: الأجل. وعن
ابن عباس: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} ، يقول: لعل ما أقرب لكم من العذاب والساعة: أن يؤخر عنكم لمدتكم، {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} فيصير قولي ذلك لكم فتنة {قَالَ رَبِّ احْكُم
…
بِالْحَقِّ} ، قال: لا يحكم بالحق إلَاّ الله ولكن إنما استعجل بذلك في الدنيا يسأل ربّه على قومه.
وقال ابن كثير: وقوله: {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي: على ما يقولون ويفترون من الكذب. وقال البغوي: فإن قيل: كيف قال: {احْكُم بِالْحَقِّ} والله لا يحكم إلَاّ بالحق؟ ! قيل: الحق ها هنا بمعنى: العذاب، لأنه استعجل العذاب لقومه فعُذّبوا يوم بدر، نظيره قوله تعالى:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} .
* * *