الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال قتادة: البروج: النجوم. وعن مجاهد قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} ، قال: هذا يخلف هذا وهذا يخلف هذا، {لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ} ذاك آية له، {أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} ، قال: شكر نعمة ربه عليه فيهما.
عن مجاهد: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} ، قال: بالوقار، والسكينة. وعن ابن عباس قوله:{يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} ، بالطاعة والعفاف والتواضع. وقال ابن زيد: لا يتكبّرون على الناس ولا يتجبّرون ولا يفسدون، وقرأ قول الله:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} .
وعن الحسن: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} ، قال: حلماء، وإن جُهل عليهم لم يجهلوا.
وقوله تعالى: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} قال
البغوي: يعني: مُلِحًّا دائمًا لازمًا غير مفارق من عُذّب به من الكفار، {إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} ، يعني: بئس موضع قرار وإقامة.
وعن ابن عباس قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} ، قال: هم المؤمنون لا يسرفون فينفقوا في معصية الله، ولا يقترون فيمنعون حقوق الله. وعن إبراهيم قوله:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} ، قال: لا يجيعهم ولا يعريهم، ولا ينفق نفقة يقول الناس: قد أسرف. وروى الإمام أحمد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من فقه الرجل قصده في معيشته» وهذه الآية كقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً} .
وقوله تعالى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} ، أي: وسطًا عدلاً، وقرئ: بكسر القاف، وهو ما تقام به الحاجة.
قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) } .
عن ابن مسعود قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أكبر؟ قال: «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك» ، قال: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك خشية أن يُطْعمَ معك» ، قال: ثم أي؟ قال: «تزاني حليلة جارك» قال عبد الله: وأنزل الله تصديق ذلك {وَالَّذِينَ
لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} الآية) . رواه أحمد وغيره. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلّ دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلَاّ الله وأني رسول الله إلَاّ بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» . وقال لقمان لابنه: يا بني إيّاك والزنا، فإن أوله مخافة وآخره ندامة.
وقوله تعالى: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} ، قال أبو عبيدة: الأثام العقوبة؛ وقال مجاهد: الأثام واد في جهنم. قرأ ابن كثير وحفص فيه: بإشباع الكسرة، وقرأ الباقون: بغير إشباع كنظائرها.
وقوله تعالى: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} ، قال ابن عباس:{فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} بالشرك إيمانًا، وبالقتل إمساكًا، وبالزنا إحصانًا. وقال سعيد ابن المسيب: تصير سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة. {وَمَن تَابَ وَعَمِلَ
صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً} ، أي: رجوعًا. قال ابن كثير: أي: فإن الله يقبل توبته، كما قال تعالى:{وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً} .
قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا
وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (76) } .
قال ابن جرير في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} ، لا يشهدون شيئًا من الباطل، لا شركًا ولا غناء ولا كذبًا ولا غيره، قال: واللغو في كلام العرب هو كل كلام أو فعل باطل لا حقيقة له، أو ما يُستقبح. وقال ابن كثير: أي: لا يحضرون الزور، وإذا اتفق مرورهم به مرّوا ولم يتدنّسوا منه بشيء، ولهذا قال:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} .
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً} ، قال البغوي:{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا} لم يقعوا ولم يسقطوا عليها، {صُمّاً وَعُمْيَاناً} كأنهم صمّ عمي، بل يسمعون ما يذكرون به فيفهمونه ويرون الحق فيه فيتبعونه؛ قال القتيبي: لم يتغافلوا عنها كأنهم صمّ لم يسمعوها وعمي لم يروها.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} ، عن ابن عباس قوله:{هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} ، يعنون: من يعمل لك بالطاعة فَتُقِرُّ بِهِمْ أعينًا في الدنيا والآخرة، {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} ، يقول: أئمة يُقتدى بنا. وقال مجاهد: أئمة نقتدي بمن قبلنا، ونكون أئمة لمن بعدنا.
وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} ، أي: الدرجة العالية. وهي: الفردوس أعلا الجنة، {بِمَا صَبَرُوا} على أمر الله تعالى طاعته، {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً} كما قال تعالى: {وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ
عُقْبَى الدَّارِ} ، {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} ، أي: موضع قرار وإقامة، كما قال تعالى:
…
قوله عز وجل: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً (77) } .
قال ابن كثير: أي: لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحّدوه. وقال الضحاك في قوله:{فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} ، الكفار كذّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} ، وهو يوم بدر. وعن ابن عباس: {فَسَوْفَ
يَكُونُ لِزَاماً} ، قال: موتًا. وقال الحسن البصري: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} ، أي: يوم القيامة. وقال ابن كثير: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} ، أي: فسوف يكون تكذيبكم لزامًا لكم. يعني: مقتضيًا لعذابكم، وهلاككم، ودماركم في الدنيا والآخرة.
* * *