الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس السابع عشر بعد المائتين
[سورة السجدة]
مكية، وهي ثلاثون آية
…
في الصحيحين عن أبي هريرة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة: آلم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان) .
بسم الله الرحمن الرحيم
{آلم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (5) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا
تَشْكُرُونَ (9) وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ
صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (14) إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (22) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً
تَأْكُلُ مِنْهُ
أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ (30) } .
* * *
عن قتادة قوله: {آلم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ} لا شك فيه، وإنما معنى الكلام: أن هذا القرآن الذي أنزل على محمد لا شك فيه أنه من عند الله، وليس بشعر ولا سجع كاهن، ولا هو مما تخرّصه محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما كذّب جلّ ثناؤه بذلك قول الذين {قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} ، وقول الذين قالوا:{إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} .
وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} ، قال قتادة: كانوا أمّة أمّية لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (5) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7)
ثُمَّ جَعَلَ
نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (9) } .
عن قتادة قوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في اليوم السابع، {مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} .
قال ابن كثير: أي: بل هو المالك لأزمة الأمور، الخالق لكلِّ شيء، المدبّر لكلّ شيء، القادر على كلّ شيء، فلا وليّ لخلقه سواه، ولا شفيع إلا من بعد إذنه {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} ، يعني: أيها العابدون غيره المتوكّلون على من عداه، تعالى وتقدس وتنزّه أن يكون له: نظير، أو شريك، أو وزير، أو نديد، أو عديل. لا إله إلا هو ولا ربَّ سواه.
وقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} ، قال مجاهد: يعني بذلك: نزول الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، وذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} ، قال مجاهد: أتقن كل شيء خلقه. وقال ابن عباس: أتقنه وأحكمه. وعن قتادة: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ} وهو
خلق آدم، {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ} والسلالة هي: الماء المهين الضعيف، قال مجاهد: نطفة الرجل.
وقوله تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ} .
قال البغوي: ثم سوّى خلقه {وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ} . ثم عاد إلى ذرّيتّه فقال: {وَجَعَلَ لَكُمُ} بعد أن كنتم نطفًا {السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} ، يعني: لا تشكرون رب هذه النعم فتوحّدونه.
عن مجاهد: {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} ، يقول: أئذا هلكنا. وعن قتادة: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} ، قال: قالوا: أئذا كنا عظامًا ورفاتًا أئنا لمبعوثون خلقًا جديدًا؟ وقال الضحاك: يكفرون بالبعث.
وعن قتادة: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} قال: ملك الموت يتوفاكم ومعه أعوان من الملائكة. وقال مجاهد: طويت له الأرض فجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث شاء. وقال ابن زيد في قوله
…
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ} ، قال: قد حزنوا واستحيوا. وعن قتادة: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} ، قال: لو شاء الله لهدى الناس جميعًا، لو شاء الله لأنزل عليهم من السماء آية فظّلت أعناقهم لها خاضعين. {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} حقّ القول عليهم.
وقوله تعالى: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ} ، قال ابن عباس: تركناكم. وقال قتادة: نُسوا من كل خير، وأما الشر فلم يُنْسَوْا منه. وعن
أنس بن مالك: إن هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى القمّة. وعن مجاهد قوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} يقومون يصلّون من الليل. وقال ابن عباس: {تَتَجَافَى} لذكر الله، كلما استيقظوا ذكروا الله تعالى، إما في الصلاة، وإما في قيام، أو في قعود، أو على جنوبهم، ثم يذكرون الله. وروى الإمام أحمد وغيره من حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
«ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، - ثم قرأ -: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} » . وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر» . قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} . متفق عليه.
عم ابن عباس: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} ، يقول: مصائب الدنيا
وأسقامها وبلاؤها مما يبتلي الله به العباد حتى يتوبوا. وعن مجاهد:
{دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} يوم القيامة، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، قال أبو العالية: يتوبون.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} ، أي: لا أظلم ممن ذَكَّرَه الله بآياته وبيّنها له، ثم بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها وتناساها كأنه لا يعرفها. قال قتادة: إياكم والإعراض عن ذكر الله، قال: من أعرض عن ذكره فقد اغترّ أكبر الغرة وأعوز أشد العَوَز، وعظم من أعظم الذنوب، ولهذا قال تعالى متهدّدًا لمن فعل ذلك:{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} ، أي: سأنتقم ممن فعل ذلك أشدّ الانتقام.
عن ابن عباس قال: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُ ليلة أُسْرِيَ بي موسى بن عمران رَجُلاً آدم طوالاً أجعد كأنهُ من رجالِ شَنُوءَةَ، ورأيْتُ عيسى مَربُوعَ الخَلْق إلى الحُمرة والبياضِ سَبْطَ الرأسِ، ورأيْتُ مالِكًا خازن النَّارِ، والدَّجَّالَ فِي آياتٍ» أرَاهنَّ اللهُ إيَّاهُ. {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ} ، أنه قد رأى موسى، ولقي موسى ليلة أُسري به. رواه ابن جرير وغيره. وعن قتادة:
{وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً يَهدُونَ بأمْرِنا} ، قال: رؤساء في الخير. {لَمَّا صَبروا وكانُوا بآياتِنا يُوقِنُونَ} ، قال بعض العلماء: بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.
عن ابن عباس: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} أو لم يتبيّن لهم، {كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ} ، قال قتادة: عاد وثمود، وأنهم إليهم لا يرجعون؟ .
وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} ؟ قال قتادة: الجُرُز: المغبّرة. وقال ابن عباس: الجُرُز: التي لا تمطر إلا مطرًا لا يغني عنها شيئًا، إلا مايأتيها من السيول.
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ} ، أي: متى تُنْصَرُون علينا {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ؟ {قُلْ} لهم يا محمد: {يَوْمَ الْفَتْحِ} ، أي: إذا حلّ بكم العذاب، {لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ * فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ} ولا تبال بكلامهم، {وَانتَظِرْ} موعد النصر {إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ} حوادث الزمان عليك، وسترى عاقبة صبرك. قال تعالى:{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} ، وقال تعالى:{فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَاّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ * ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} .
* * *